ألمانيا سوق خصبة للصيرفة الإسلامية

لاحم الناصر

TT

يعتبر الاقتصاد الألماني أقوى اقتصاد في منطقة اليورو وقد حققت الصادرات الألمانية في عام 2007 م للمرة الخامسة على التوالي رقما قياسيا بلغ 969 مليار يورو متفوقة بذلك على الصين في حين بلغت الواردات 770 مليار يورو وبذا حققت فائضا تجاريا بلغ 198 مليار يورو. وتشكل منطقة اليورو الشريك الاقتصادي الأول لألمانيا حيث بلغت الصادرات والواردات منها ولها ثلثي هذه الأرقام ( وفقا للمركز الإعلامي بوزارة الخارجية الألمانية). وقد نالت ألمانيا هذه المكانة لما تتميز به من موقع جغرافي وسيط في قلب أوربا، ما جعلها مركز استقطاب للشركات العالمية. وقد نالت مدينة برلين لقب مدينة المستقبل لعام 2006/20007 م الذي تمنحه سنويا مجلة الاستثمار الخارجي المباشر التابعة لمجموعة الـ«فيننشال تايمز» حيث تمنح هذا اللقب للمدينة الأوربية التي تتوافر فيها أفضل الفرص لنجاح الاستثمار الأجنبي. كما تتميز ألمانيا بكثرة مراكز البحث العلمي التي تساعد على رعاية الإبداع والابتكار والشركات ذات العلامات التجارية المميزة مثل «ديملر بينز» وBMW و«سيمنز» التي تستثمر سنويا 250 مليون يورو في البحث العلمي والتطوير، والذي من ثمراته ان أصبحت الشركة تحصل في المتوسط على اختراعين كل يوم عمل. ونتيجة هذا التعاون بين النشاط الاقتصادي والبحث العلمي حصدت برلين المركز الثاني على مؤشر الإبداع الأوربي.

كما تتميز ألمانيا بالاستقرار الاجتماعي وسيادة القانون، هذا فيما يتعلق بالاقتصاد والبيئة الاستثمارية في ألمانيا، أما فيما يتعلق بالمسلمين والصيرفة الإسلامية في ألمانيا فقد بلغ عدد المسلمين في ألمانيا وفقا للإحصائية الحكومية لعام 2007م نحو 3.4 مليون نسمه يشكلون 4.1 في المائة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 82 مليون نسمة مما يجعل الإسلام الديانة الثانية في ألمانيا بعد المسيحية. وتشهد ألمانيا في الآونة الأخيرة إقبالا من مواطنيها على اعتناق الإسلام حيث يدخل الدين الإسلامي في المتوسط رجل وامرأة كل أسبوع .

وقد سجلت ألمانيا في مجال الصيرفة الإسلامية سبقا تاريخيا كأول دولة أوربية تصدر صكوكا إسلامية سيادية وذلك بإصدار ولاية ساكسون انهالت في عام 2004 م صكوكا إسلامية بقيمة 100 مليون يورو.

إلا ان الخدمات المالية الإسلامية كانت قد بدأت في ألمانيا قبل ذلك وذلك بإطلاق مصرف (كوميرس بنك) صندوقا استثماريا باسم الصقور استهدف مستثمري منطقة الخليج، وقد أغلق الصندوق في عام 2005م بعد ان انخفضت أصول الصندوق من 40 مليون يورو في عام 2000م إلى 4 ملايين عند إغلاقه. كما ان «دويتشه بنك» وهو اكبر البنوك الألمانية الخاصة ينشط في هذا المجال حيث أطلق خمسه صناديق إسلامية في دبي إلا أنها غير موجهة للسوق الألمانية. كما تنشط بعض مؤسسات التأمين الألمانية في تقديم خدمة التأمين التكافلي الإسلامي خارج ألمانيا وتعتبر شركة «ري هانوفر» أول شركة أوربية تقدم خدمة إعادة التأمين التكافلي الإسلامي لشركات التأمين التكافلي الإسلامي وهكذا نلاحظ ان جميع الخدمات المالية الإسلامية التي تقدمها المؤسسات المالية الألمانية هي موجهة للخارج وعلى الأخص دول الخليج وماليزيا وليست موجهة للداخل وبالتالي فإن المسلمين في ألمانيا والذين يتمتعون بطاقة ادخارية عالية يفتقرون إلى مؤسسات مالية إسلامية تقدم لهم خدمات متكاملة مثل المصارف وشركات التأمين الإسلامية. علما بأن المؤسسات المالية الإسلامية التي ستكون في ألمانيا ستخدم المسلمين في ألمانيا ومنطقة اليورو على وجه الخصوص ومسلمي أوربا الذين يقدر عددهم بـ 18 مليون مسلم على وجه العموم وذلك بحكم موقع ألمانيا الجغرافي وقوتها الاقتصادية.

ولعل هذا الوقت هو انسب وقت بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية والمستثمرين المسلمين للتحرك بهذا الاتجاه حيث أصبح العالم منفتحا على النظام المصرفي الإسلامي نتيجة للازمة المالية العالمية التي يمر بها العالم اليوم، والله الموفق.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]