العلوي لـ«الشرق الأوسط» : يمكننا استثمار مليار دولار.. والمؤسسات الغربية تتهافت على المنتجات الإسلامية

رئيس «ثروات للاستثمار»: الرقابة الصارمة طوق النجاة للمصرفية الإسلامية من الأزمة العالمية

عارف العلوي («الشرق الأوسط»)
TT

قال عارف العلوي، الرئيس التنفيذي لدار ثروات للاستثمار، إن الرقابة الصارمة كانت بمثابة طوق النجاة للمصرفية الإسلامية من آثار الأزمة المالية، والتي ضربت صناعة المال في أنحاء العالم، داعياً إلى أهمية المحافظة على المصرفية الإسلامية، وذلك من خلال تقوية مكاسبها التي سجلتها طوال ثلاثة عقود ماضية. وكشف العلوي في حوار مع «الشرق الأوسط» بالرياض أن «ثروات» تسعى إلى أن تكون رائدة الاستثمار بمجالات الزراعة والصناعة والعقار في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بإمكانية الدخول باستثمارات تصل إلى مليار دولار.

> كيف تقيم واقع المصرفية الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية؟

ـ الحقيقة أن الأزمة المالية الحالية دعمت المصرفية الإسلامية، وجاءت متناسقة مع توجهات رواد هذه الصناعة الذين كانوا يسعون على مدى عقود لتوصيل رسالة المصرفية الإسلامية للعالم، وعلى الرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي العالمي إلا أن المصرفية الإسلامية أثبتت سلامتها من الأزمة لما تتمتع به من رقابة صارمة. وكما شاهدنا في المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الذي عقد قبل شهر في المنامة مدى إقبال غير المسلمين وبالذات من الدول الغربية الكبرى كبريطانيا على المصرفية الإسلامية والمشاركة في المؤتمر، وذلك بهدف الاستفادة من هذه الصناعة لما تتمتع به من مميزات حمتها من الأزمات المالية التي عصفت بالقطاع المالي العالمي. ونحن بحاجة حالياً إلى تقوية المصرفية الإسلامية والمحافظة على مكاسبها من خلال تنسيق الجهود على أرض الواقع. > ما هي قصة تأسيس شركة «ثروات»؟

ـ دار ثروات للاستثمار («ثروات) تم تدشينها نهاية شهر يوليو (تموز) 2008 كشركة استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية برأسمال مصرح به 100 مليون دولار، وبرأسمال مدفوع يبلغ 33.25 مليون دولار، وهي تعمل تحت مظلة مصرف البحرين المركزي. وتركز «ثروات» التي تتخذ من البحرين مقراً لها، على تقديم منتجات استثمارية تشمل قطاعات رئيسية وهي الصناعة، والزراعة، والخدمات. ودار «ثروات» يمتلكها عدد من المستثمرين الخليجيين من عدة دول، ومساهموها موزعون على السعودية بنسبة 32.48 في المائة، وقطر بنسبة 46.92 في المائة والبحرين بنسبة تبلغ 14.59 في المائة، والإمارات بنسبة تبلغ 6.01 في المائة. أما الكويت فلم يدخل أحد كمساهم رئيسي لأننا في الشركة نحتاجهم في الدخول في محافظ استثمارية كبيرة إلى جانب عدد من المستثمرين السعوديين. وحصلت «ثروات» على رخصة العمل في شهر يوليو وأغسطس (آب) بدأنا العمل فعلياً عن طريق استقطاب الكفاءات المتميزة في القطاع المصرفي الإسلامي، والآن وصل عدد أفراد الفريق إلى أكثر من 20 موظفا من الكفاءات والخبرات الإدارية والاقتصادية. وتأتي محدودية حجم فريق العمل تبعاً إلى طبيعة عمل الدار والذي يركز على الاستثمار في قطاعات مختلفة. نحن لا نصنف على أننا بنوك، وإنما شركة استثمارية لأن القانون في البحرين لا يعطي رخصة بنك لمن هو أقل من 100 مليون دولار كرأسمال، والشركات الاستثمارية دائما لا تحتاج إلى أكثر من هذا المبلغ، لذلك نحن نسعى من خلال رأسمال الدار إلى استثمار جزء بسيط من المبلغ والباقي نضعه في محفظة وندخل فيها عددا من المساهمين، ونستطيع من خلال ما لدينا من إمكانات الدخول في استثمارات تصل إلى مليار دولار. ودائما ما تعتمد مثل هذه الاستثمارات على هيكلة المشروع المراد الاستثمار فيه. > تنوون الاستثمار في القطاع الزراعي برغم ما يمر به هذا القطاع من ظروف اقتصادية؟

ـ نحن نعمل على السعي للاستفادة من أوجه التكامل داخل محفظة «ثروات»، وتطوير منتجات استثمارية مبتكرة ومتنوعة تؤدي إلى تحسين العوائد لدى العملاء، واستكشاف الفرص المتوافرة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتسعى الشركة إلى ابتكار المنتجات من خلال تأسيس المشاريع الاستثمارية، والاستثمار في أسهم الشركات الخاصة، والمشاريع المدعومة بالعوائد النقدية، وخدمات إدارة الموجودات، وخدمات إدارة الثروات، وخدمات الاستشارات المصرفية الاستثمارية الإسلامية. وفي المجال الزراعي تركيزنا سيكون على منطقة الخليج، بحيث يكون دخولنا للاستثمار الزراعي عن طريق تطوير الاستثمارات الزراعية من خلال جلب التقنية الحديثة التي تساعد على نمو القطاع الزراعي الذي سنستثمر فيه لأن الزراعة اليوم أصبحت فيها تقنيات حديثة ومتطورة تساعد على ترشيد استهلاك المياه وتساعد على زيادة الإنتاج وإنجاح الإدارة الزراعية. وسيكون تركيزنا على عدة دول في الخليج العربي كالسعودية مثلا، وكذلك بعض الدول العربية مثل مصر والسودان وسورية واليمن إلى جانب عمان. ودخولنا في الاستثمار الزراعي يأتي لكون بعض المزارع أو الشركات الزراعية الموجودة حاليا تكون ناجحة في الإنتاج وناجحة في النمو لكن قد تعاني بعض هذه الشركات من سوء الإدارة أو قد لا تكون قادرة على المنافسة في السوق، ومن هذا السبب نرى أن ندخل في عدد من الشركات الزراعية سواء عن طريق الاستحواذ الكامل أو الدخول بحصة كبيرة كشريك. وقد نشتري شركة أو شركتين وندمجهما مع بعض بما يعطي قوة للشركة الجديدة. وما يتعلق بمستقبل القطاع الزراعي في دول المنطقة، فقد زرنا عددا من المدن في هذه الدول للوقوف على أرض الواقع لمستقبل هذا القطاع، وكانت الزيارات موفقة إلى حد كبير، حيث زرنا منطقة الأحساء في السعودية، وزرنا القصيم وعددا من المدن، ووجدنا أن الفرص متاحة للاستثمار هناك، حيث تحتاج بعض المزارع الكبيرة فقط إلى استيراد التقنية الحديثة لأن الماء متوفر هناك، وقد تكون تلك المزارع لم تدر بشكل جيد مما جعلها تعاني من صعوبات كبيرة في تسويق منتجاتها. > وماذا عن الاستثمار الصناعي؟

ـ كما أن الاستثمار في القطاع الصناعي هو الآخر لن نغفله، فلدينا خطط للاستثمار في هذا المجال بقطر مع وجود كميات كبيرة من الغاز هناك، وكذلك أبوظبي والسعودية وعمان، ولذلك نحن نعمل على الاستثمار في مجال الصناعة والخدمات المساندة له، مثل مواد البناء التي تقوم بها كثير من الشركات. ومن المنتظر أن تبدأ أول مشاريعنا خلال عام 2009، بعد أن بدأنا فعليا العمل كفريق في الشركة أواخر 2008.

> كثير من البنوك والشركات التي تعمل في الاستثمار تتجه نحو الشركات الخاصة للاستثمار فيها.. هل «ثروات» لديها نفس التوجه؟

ـ بالنسبة للشركات الخاصة لدينا توجه للاستثمار فيها، وبخاصة الشركات الصناعية والزراعية وشركات الخدمات. وطريقتنا في الاستثمار في الشركات الخاصة تكون عن طريقين؛ أحدهما الاستحواذ الكامل على الشركات، والآخر شراء حصة كبيرة من الشركة، وذلك لأن تأسيس شركة جديدة يحتاج إلى وقت طويل، وظروف السوق اليوم مناسبة لمن يرغب في شراء أو تملك حصة كبيرة في الشركات، لأن قيمتها منخفضة حالياً. وكما قلت هناك شركات متخصصة في البناء والخدمات وشركات أخرى عقارية وهذه الشركات لها اسمها في السوق، لكن لظروف السوق أو ربما الإدارة هو ما يجعل من التملك فيها فرصة مناسبة، لأن مثل هذه الشركات قد تكون بحاجة إلى إدارة أو تسويق لأن وضعها جيد. كما أننا نبحث عن الشركات العامة التي لها أسهم في السوق. لأنه من خلال السوق نستطيع شراء ما نسبته 10 إلى 15 في المائة من الأسهم. وقد نبحث عن مستثمرين يبحثون عن بيع حصصهم في الشركات سواء الخاصة أو العامة.

الاستثمار حالياً رغم الأوضاع التي تمر بها الأسواق جراء الأزمة المالية يحتاج إلى السيولة فقط؛ فالذي لديه سيولة مالية يستطيع الاستثمار واغتنام الفرص، ونحن بدأنا والشركات في انخفاض وكثير من الفرص فقط تحتاج إلى السيولة، ونحن حالياً لدينا السيولة الكافية التي تمكنا من اقتناص الفرص المتاحة. ونعمل حالياً على إنشاء محفظة استثمارية بحدود 10 في المائة من رأسمال الشركة نحو 5 ملايين دولار لشراء عدد من أسهم الشركات التي لديها مستقبل واعد كشركات الأسمنت والمدن الصناعية التي بدأت أخيرا، وغيرها من الشركات الناجحة بحيث تكون الأسهم منوعة.

> هل هناك توجه نحو القطاع العقاري رغم ما يعانيه حالياً من أزمة؟

ـ فيما ما يتعلق بالقطاع العقاري والذي يعاني من هبوط وتخوف من مستقبله، فأؤكد لك أن توجهنا الاستثماري فيه سوف يكون نحو القطاع السكني، خاصة مع النمو الكبير بحجم الطلبات على السكن المحلي. وقمنا باجتماعات تنسيقية مع وزارة الإسكان في البحرين، لأن المباني السكنية تحتاج إلى أراض خام، لأن المشاريع ستكون كبيرة، وكذلك قمنا بالالتقاء بمستثمرين في قطاع البناء من تركيا والصين ووجدنا فرصاً كبيرة للتعاون والاستثمار في القطاع السكني متى ما توفرت التكنولوجيا المتطورة. فمثلا وجدنا عند بعض الشركات مبانيَّ جاهزة أو شبه جاهزة من خلال بناء الوحدة السكنية في فترة وجيزة جدا تصل إلى نحو أسبوع مع استخدام التقنية الحديثة للبناء، وتقديم ضمانات للتمديدات الداخلية للوحدة السكنية. والاستثمار في القطاع السكني ينمو سنويا في معظم دول المنطقة. معظم استثمارات «ثروات» بمنطقة الخليج والدول العربية تبلغ حدود 70 في المائة من إجمالي الاستثمارات. > على الرغم من حداثة دار «ثروات» الاستثمارية، إلا أنكم أطلقتم حملة تعريفية كبيرة ما الهدف من ذلك؟

ـ بالفعل، أطلقنا حملة كبيرة بهدف التعريف باسم «ثروات» كشركة جديدة في السوق المصرفي الإسلامي، فضلا عن أن الشركة بادرت بالمشاركة في عدد من المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية، إيمانا منا بأهمية الحضور في مثل هذه المحافل. كما أن الشركة قامت بتنظيم حملة توعية بالحج في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ووجدت أصداء كبيرة من عدد كبير من الجهات، وهذا العمل يأتي في إطار تأسيس منظومة العمل في المسؤولية الاجتماعية للشركة. وقام وفد رفيع المستوى من دار «ثروات» للاستثمار، الأسبوع الماضي، بزيارة وزارة الشؤون الإسلامية البحرينية. وأكدنا من خلال لقائنا مع الوزارة أن الشركة لن تتوانى عن المشاركة في دعم الفعاليات والأنشطة الاجتماعية التي تخدم المجتمع. وبناءً على نجاح الحملة التوعوية التي رعتها «ثروات» طرحنا فكرة القيام بأسبوع توعوي خليجي يشمل جميع دول الخليج العربية بحيث تعم الفائدة الجميع ولا تقتصر على دولة واحدة، وتشارك فيه المؤسسات الخاصة بهذه الدول تأكيدا على انتمائها والتزامها بما فيه خير هذه البلاد وأهلها.