سنغافورة تخطط لتكون لاعبا رئيسا في سوق الصيرفة الإسلامية

TT

تقع سنغافورة في جنوب شرقي آسيا عند الطرف الجنوبي من جزيرة الملايو وتبلغ مساحتها 620 كيلومترا وعدد سكانها 4.5 مليون نسمة. وتبلغ نسبة المسلمين منهم 15% تقريباً ويبلغ الناتج المحلي حوالي 240 مليار دولار. ويصل متوسط دخل الفرد السنوي إلى 49700 ألف دولار. وهي احد النمور الآسيوية وينظر إلى سنغافورة باعتبارها مركزا ماليا مهما حيث تحرص كبريات المؤسسات المالية في العالم مثل بنك باركليز وإتش.إس.بي.سي وبنك أوف نيويورك.. الخ على ان يكون لها موطئ قدم بها مما خلق منها سوقا ماليا ضخما، إذ يوجد بها حوالي 114 مصرفا تجاريا منها 6 محلية فقط والباقي أجنبية أو مختلطة، إضافة إلى المئات من المؤسسات المالية الأخرى مثل شركات التأمين والوساطة المالية وشركات الصرافة والاستشارات المالية، مما جعلها من بين الأسواق الخمسة الكبار في مجال تداول العملات. وعرفت سنغافورة الصناعة المالية الإسلامية عبر بنك ماي بنك الماليزي عام 2001 عبر صندوق النمو الأخلاقي المتوافق مع الشريعة الإسلامية. ومن ثم استطاع هذا البنك تقديم خدمة الحسابات الادخارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية عبر الانترنت عام 2005. وفي عام 2003 انضمت سنغافورة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، ومقره ماليزيا كعضو مراقب. وفي عام 2005 حصلت على العضوية الكاملة. وحصل بنك أو سي بي سي على أول رخصة لتقديم خدمة الودائع المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية عام 2006 وكان البنك يستهدف الشركات المملوكة من قبل المسلمين والمؤسسات المالية والمؤسسات الخيرية. وفي 7 مايو (أيار) عام 2007 صدر أول ترخيص لبنك إسلامي بالكامل في سنغافورة هو البنك الإسلامي الآسيوي. ولا شك ان دولة بهذه الأهمية من حيث كونها مركزا ماليا عالميا لا يمكن لصانعي القرار بها ان يغفلوا عن ملاحظة النمو الذي تمر به صناعة الخدمات المالية الإسلامية واستشراف ما ستكون عليه في المستقبل لاسيما وهي تجاور أيقونة الصيرفة الإسلامية ماليزيا. لذا فإن سنغافورة تخطط لتكون لاعبا رئيسيا في سوق الصيرفة الإسلامية، وذلك عبر توفير البنية القانونية والتشريعية الملائمة لعملها. ففي عام 2006 سمحت هيئة النقد السنغافورية للبنوك بالدخول في الأنشطة التجارية مثل بيع السلع وذلك لتسهيل عمليات التمويل بالمرابحة. كما ان الجهات الرقابية لاحظت ان الكثير من العقود المالية الإسلامية يتم فرض ضرائب عليها أكثر من العقود المالية التقليدية، وذلك بحكم طبيعة هيكلتها المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مثل ضريبة المبيعات وضريبة الدخل، مما دعا الحكومة لإجراء بعض التعديلات وإدخال بعض الاستثناءات على القوانين الضريبية لتكون المعاملات المالية الإسلامية مساوية للمعاملات المالية التقليدية في الوعاء الضريبي.

هذا في الجانب القانوني والضريبي، أما في جانب الخدمات المساندة فقد أوجدت مؤشرا إسلاميا للسوق المالية السنغافورية رغبة منها في استقطاب الأموال الإسلامية، وعلى وجه الخصوص الأموال الخليجية. كما سمحت بإدراج الصناديق الإسلامية في البورصة. وقد فطنت السلطات الرقابية لأهمية وجود الكفاءات البشرية المؤهلة في صناعة الصيرفة الإسلامية لوضع سنغافورة على خارطة مراكز صناعة الصيرفة الإسلامية في العالم، فسعت لتأهيل العاملين في القطاع المالي السنغافوري في المصرفية الإسلامية عبر التعاون مع رابطة علماء المسلمين السنغافورية والمعهد الدولي للمالية الإسلامية بماليزيا.

لا شك ان خبرة سنغافورة المتراكمة التي اكتسبتها عبر كفاحها المستمر لجعل البلد مركزا ماليا عالميا كفيل بتحقيق النجاح لها في جعلها مركزا للصيرفة الإسلامية. إنني عندما أرى سعي سنغافورة لتكون مركزا ماليا للصيرفة الإسلامية وبذلها الجهود الحثيثة لتحقيق ذلك مع افتقارها للكثير من الامكانات المتاحة لدينا لأعجب اشد العجب من تقاعسنا عن أخذ زمام المبادرة لجعل الرياض مركزا ماليا للصيرفة الإسلامية، وهي المؤهلة لذلك، لاسيما وقد اعترف العالم اليوم بنجاح الصيرفة الإسلامية وصلابة الأسس التي تقوم عليها. والله الموفق

* مستشار في الصيرفة الإسلامية [email protected]