فرنسا تخطب ود المصرفية الإسلامية بدعوة هيئات شرعية لتسهيل تطبيقها

تتزامن مع توقيع اتفاقية لهيئة المحاسبة والمراجعة للترويج للصناعة المالية الإسلامية

د. محمد الشعار
TT

باتت فرنسا تدرك مدى أهمية المصرفية الإسلامية، وحرص كثير من الدول الغربية على الحصول على حصة الأسد من التمويل الإسلامي، خصوصا وأن هذه الصناعة لا تزال في مأمن من الأزمة المالية العالمية.

وأكدت مصادر عاملة في صناعة المصرفية الإسلامية، أن فرنسا باتت تتحرك كثيرا في الفترة الأخيرة نحو المصرفية الإسلامية، خصوصا وأن دولا كبرى كثيرة تحاول أن تكون عاصمة للتمويل الإسلامي، كالمملكة المتحدة التي تحتضن العديد من المؤسسات المالية الإسلامية، ولديها توجه كبير نحو احتضان هذه السوق.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور علي محيي الدين القره داغي الباحث الإسلامي وعضو الهيئات الشرعية لكثير من البنوك الإسلامية، إن وزيرة المال والاقتصاد الفرنسية، دعت خلال الأيام الماضية عددا من العلماء، لتقديم نموذج للمصرفية الإسلامية، بحيث تكون اقتصادا بعيدا عن الربا والغرر، وغيرها من المسميات التي أثقلت كاهل العالم وسببت له أزمة مالية كبيرة. وأضاف القره داغي، الذي شارك في ملتقى التأمين التعاوني في السعودية أخيرا، أن انطلاق المصرفية الإسلامية في فرنسا يعني الشيء الكثير لهذه الصناعة، مشيرا إلى أهمية دولة مثل فرنسا، في انتشار هذه الصناعة، خصوصا في جانب التأثير الثقافي والاقتصادي على كثير من الدول من حولها.

وشدد الدكتور القره داغي على أهمية استثمار هذه الفرصة وعدم تفويتها، وأن التوجه العالمي نحو المصرفية الإسلامية يجب أن يستثمر أفضل استثمار، وعدم تفويت الفرصة بذلك، على اعتبار أنه يمكن، على مدى العقود القليلة القادمة، تطبيق هذه الصناعة على كثير من اقتصاديات الدول الغربية. وتتزامن هذه الخطوة مع خطوة أخرى، أبرمتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، تتمثل في توقيع اتفاقية تعاونية مع منظمة «Paris – Europlace» المالية، تهدف إلى دعم تطوير التمويل والصيرفة الإسلامية في فرنسا.

وضمن هذه الاتفاقية، تقوم «Paris – Europlace» بالترويج في فرنسا للمعايير التي تقوم هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بإصدارها، وذلك من أجل تعزيز وتطوير المبادرات في مجالات إدارة الأصول والصيرفة والتمويل والأنشطة التأمينية. وستقوم كل من «Paris - Europlace» وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، بتنظيم اجتماعات وعقد منتديات وتنظيم دورات تدريبية وتقديم المشورة والندوات، في كل من باريس والبحرين، من أجل الترويج والتوعية بالممارسات المتعلقة بالصيرفة والتمويل الإسلامي.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد نضال الشعار أمين عام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، إن الهيئة سعت منذ أكثر من عام للترويج لمعاييرها المحاسبية والشرعية، وذلك بهدف الترويج للعمل المصرفي الإسلامي ضمن أهداف الهيئة.

وأضاف الشعار أن الهيئة وضعت باعتبارها مكانة فرنسا بين الدول الأوروبية، والدول المحيطة بها، أو التي تتأثر ثقافيا بها، مشيرا إلى أن الهيئة تعتزم كذلك توقيع عدة اتفاقيات مع عدد من الجهات في دول العالم المتقدم، وأنه قريبا سيتم التوقيع مع اليابان بهدف التعريف بفرص العمل المصرفي الإسلامية.

وجاء توقيع الاتفاقية خلال زيارة فريق يقوده كريستيان نوير محافظ البنك المركزي الفرنسي، الذي يزور بعض بلدان المنطقة، يرافقه عدد من المشاركين الفرنسيين، بمن فيهم كبار ممثلي المستثمرين من بين المؤسسات والسلطات الرقابية والإشرافية والقطاعات المصرفية والاستثمارية ومكاتب المحاماة، وذلك مع كبار ممثلي المجتمع المالي في البحرين، من أجل مناقشة تبعات الأزمة المالية وتوصيات مجموعة الدول العشرين والاستراتيجيات التي تنفذها المراكز المالية الدولية.

وفي شأن ذي صلة، أعلنت كلية إدارة الأعمال في ستراسبورغ في فرنسا، عن استحداثها شهادة جامعية خاصة بالمالية الإسلامية، لتصبح الجامعة الفرنسية الأولى التي تخرج متخصصين في التمويل الإسلامي.

وتهدف الجامعة من الشهادة، التي يتطلب الحصول عليها خمس أعوام، إلى تزويد المؤسسات المالية بالكوادر المتخصصة في مجال المصرفية الإسلامية، فضلا عن أن التعددية الثقافية تتيح انتشار مثل هذا التخصص في الدراسات المالية.