البنك الإسلامي للتنمية يكشف عن رصد 2,4 مليار دولار لتمويلات في 2009

رئيس البنك لـ«الشرق الأوسط»: الأزمة المالية هيأت أمام المصرفية الإسلامية فرصة إنشاء بنوك استثمارية عالمية

د. أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية («الشرق الاوسط»)
TT

كشف البنك الإسلامي للتنمية عن رصده مبلغ 2,47 مليار دولار كمخصص لتمويل عملياته خلال العام الجاري، تمثل نسبة نمو بنحو 15% من حجم تمويلات البنك للعام الماضي، في إشارة واضحة إلى عدم تأثر عمليات البنك جراء أزمة الأسواق المالية العالمية.

وقال الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تحدث عن المشهد الثقافي الكويتي مستعرضا التحولات التي مر بها د. سليمان الشطي: النشاط الفكري والثقافي مغامرة محفوفة بالمخاطر لـ«الشرق الأوسط»، إن مبلغ 2,09 مليار دولار من هذه المخصصات سيُستخدم للتمويل العادي، و381 مليون دولار للتمويل الميسر، لاستخدامها ببرامج ومشاريع بالدول الأعضاء، مضيفا أنه سيتم تخصيص مبلغ 357 مليون دولار من التمويل الميسر في شكل قروض، في إطار صندوق التضامن الإسلامي للتنمية، بهدف محاربة الفقر.

وحسب آخر إحصائية صدرت عن البنك، فقد بلغ المجموع الإجمالي التراكمي للتمويلات التي اعتمدتها مجموعة البنك، حتى تاريخه، نحو 56,9 مليار دولار، لصالح 56 دولة عضوا، و72 مجتمعا من المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء.

وأوضح علي أن المصرفية الإسلامية جذبت انتباه العالم، في ظل الأزمة التي طالت وهددت كبريات المؤسسات المالية العالمية، كما حققت خلال العقود الماضية منجزات عديدة، ولا يزال أمامها الكثير لإنجازه في ما يتعلق بالبدائل الشرعية لبعض المنتجات المصرفية.

وأكد الدكتور أحمد علي أن استقرار الصناعة المالية الإسلامية يتطلب أن تجمع الأدوات والمنتجات المقدمة بين سلامة الصيغة وصحة الهدف والمآل، لا سلامة الصيغة وحسب، مشيرا إلى أن الأزمة العالمية هيأت لها فرصة، وعليها أن تغتنمها بإنشاء بنوك استثمارية عالمية تحقق رسالة الاقتصاد الإسلامي، وتقدم للعالم رؤية جديدة ومنهجا جديدا مختلفا في إدارة الأصول واستثمار الأموال وابتكار المنتجات، التي تحقق قيمة مضافة إلى الاقتصاد، هذا بجانب تفعيل المؤسسات الإسلامية غير الربحية، مثل الزكاة والأوقاف، للقيام بدورها الاقتصادي والاجتماعي.

وعن رؤية البنك المستقبلية والأساليب التي يلجأ إليها لزيادة موارده بغرض مواجهة التزاماته، قال الدكتور أحمد علي إن البنك يسعى باستمرار إلى تحديث أساليب أدائه، ولهذا استعان بمجموعة من أصحاب الخبرة والمعرفة، لمعاونته في وضع رؤية استراتيجية حتى عام 2020م، تحت عنوان «رؤية من أجل كرامة الإنسان».

وتابع علي أن مَن رأس اللجنة العليا التي صاغت تلك الرؤية الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي السابق، وهي رؤية تتيح فرصة فريدة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتخفيف من وطأة الفقر وخفض نسبة المعوزين الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، بمقدار ثلاثة أرباع بنهاية الفترة.

وأكد أن البنك اعتمد هذه الرؤية التي يقوم بتنفيذها في الوقت الحاضر عبر عمليات الإصلاح الداخلي، ليحافظ على وضعه كمؤسسة تنموية من الدرجة الأولى على المستوى العالمي.

أما الوسائل التي لجأ إليها البنك لتفعيل موارده فيشير إلى أنها تمثلت في مضاعفة رأس المال المصرح به إلى 30 مليار دينار إسلامي (الدينار الإسلامي يعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة)، والمكتتب به من 8,1 إلى 15 مليار دينار إسلامي، حيث أكدت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء إسهامها في هذه الزيادة، الأمر الذي سيمكنه من تلبية احتياجات التنمية المتزايدة للدول الأعضاء.

ويفيد علي أن البنك يقوم أيضا بإدارة أرصدته السائلة بما يمكنه من تمويل مختلف الأنشطة ومقابلة المتطلبات النقدية، كما وضع سياسة عامة لإدارة المخاطر ذات الصلة بالقروض والعمليات والسوق، سواء ما يخص المخاطر القطرية أو مخاطر إدارة السيولة.

ويضيف رئيس البنك أنه من التطورات التي ميزت نشاط البنك في ما يتعلق بتعبئة الموارد، إطلاقه لعمليات تمويل بالعملة المحلية عن طريق الصكوك، من أجل دعم وتنفيذ مشاريع البنية التحتية في الدول الأعضاء. وبدأ ذلك فعلا في ماليزيا حيث بلغ حجم الإصدار الأول 300 مليون رنجت ماليزي، وهي خطوة حصلت على رد فعل إيجابي وقوي من جانب المؤسسات المالية الماليزية، وقد تمثل ذلك في تجاوز الاكتتاب لما هو مطروح.

وأكد أن ما يساعد البنك في أنشطته هذه، حصوله على أعلى التصنيفات الائتمانية من مؤسسات التصنيف العالمية الثلاث: «ستاندارد آند بورز» و«موديز» و«فيتش»، إلى جانب اعتماده ضمن مجموعة البنوك التنموية متعددة الأطراف. وحول ما قدمه البنك للوضع في غزة، أوضح علي أن اللجنة الإدارية لصندوقَي القدس والأقصى، اللذين يديرهما البنك، أعدت برنامج إغاثة بمبلغ 25 مليون دولار لتوفير معونات إغاثة عاجلة من الأدوية والمستلزمات الطبية والأغذية، بالإضافة إلى أعمال التأهيل السريعة لإغاثة المتضررين من العدوان الإسرائيلي في غزة.

وأضاف علي أن البنك لم يتأثر من الأزمة المالية العالمية، لا يوجد تأثير يذكر على البنك، وأن جميع موجودات البنك وإمكاناته المالية وقدراته التمويلية في مأمن ولم تتأثر بالأزمة حتى هذه اللحظة، نظرا إلى متانة مركزه المالي وطبيعة نشاطاته واستثماراته الموجهة إلى الأنشطة الاقتصادية الحقيقية. وأكد في الوقت نفسه أن للأزمة المالية العالمية انعكاساتها على الكثير من الدول الأعضاء بالبنك، خصوصا الدول الأقل نموا، مشيرا إلى أن «هذا الجانب هو محور اهتمامنا وتركيزنا من أجل مساعدة الدول الأعضاء على مواجهة الانعكاسات المترتبة عن الأزمة».

وعن وسائل البنك لمتابعة الأزمة وسبل تعامله مع تداعياتها، قال إن البنك أولى اهتماما كبيرا بهذا الموضوع، ونظم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي منتدى حول تأثير الأزمة المالية العالمية على الصناعة المالية الإسلامية، بحضور عدد من المديرين التنفيذيين للبنك والعلماء والخبراء والمفكرين والمتخصصين في الصناعة المالية الإسلامية، وتم خلال المنتدى تحديد أبعاد المشكلة وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد العالمي وعلى اقتصاديات الدول الأعضاء بالبنك.

وتابع أنه لمواجهة تلك التحديات، وبناء على توصيات المنتدى، تم تشكيل فريق عمل من الخبراء والمختصين، بهدف متابعة ما توصل إليه المنتدى من رؤى، لمواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على المصارف الإسلامية واقتصاديات الدول الأعضاء بالبنك، ومتابعة تطورات الأزمة وتداعياتها أولا بأول.

كما تتضمن مواجهة التحديات العمل على تبادل المعلومات المتعلقة بالأزمة، بما يساعد على مواجهة آثارها السلبية، ومن مهام فريق العمل إعداد أوراق عمل تحدد رؤية المصارف الإسلامية لمعالجة الأزمة التي يشهدها العالم اليوم، ويتم تقديم هذه الأوراق لكل الجهات الرسمية والخاصة التي تشارك في الاجتماعات والندوات واللقاءات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية كافة.

وعن دور البنك في دعم الصناعة المصرفية الإسلامية، أكد أن البنك ظل منذ تأسيسه، داعما رئيسيا للصناعة المصرفية الإسلامية، خصوصا ما يقوم به المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب من نشاط بحثي متميز وجهود متواصلة من أجل بناء قدرات المؤسسات المالية الإسلامية، فضلا عن ما تقوم به الإدارات المختلفة لمجموعة البنك من دعم في هذا الاتجاه.

وأضاف أن الصناعة المصرفية الإسلامية وما تقوم عليه من معاملات حقيقية قد جذبت انتباه العالم في ظل الأزمة التي طالت وهددت كبريات المؤسسات المالية العالمية، مفيدا أن المصرفية الإسلامية حققت خلال العقود الماضية منجزات عديدة، ولا يزال أمامها لكثير لإنجازه في ما يتعلق بالبدائل الشرعية لبعض المنتجات المصرفية.

وأكد علي أن استقرار الصناعة المالية الإسلامية يتطلب أن تكون الأدوات والمنتجات التي نقدمها تجمع بين سلامة الصيغة وصحة الهدف والمآل، لا سلامة الصيغة وحسب.

ودعا علي إلى ضرورة اقتناص الصناعة المالية الإسلامية للفرصة التي أتاحتها الأزمة العالمية، من خلال إنشاء بنوك استثمارية عالمية تحقق رسالة الاقتصاد الإسلامي، وتقدم للعالم رؤية جديدة ومنهجا جديدا مختلفا في إدارة الأصول واستثمار الأموال وابتكار المنتجات، التي تحقق قيمة مضافة إلى الاقتصاد، هذا بجانب تفعيل المؤسسات الإسلامية غير الربحية، مثل الزكاة والأوقاف، للقيام بدورها الاقتصادي والاجتماعي.

وحول أهداف وبرامج صندوق التضامن الإسلامي للتنمية، الهادف إلى محاربة الفقر في الدول الإسلامية، قال إن الصندوق الذي بدأ نشاطه العام الماضي، يمثل آلية تستهدف الإسهام في معالجة قضايا رئيسية تواجه دولا أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، مثل تخفيف وطأة الفقر، والقضاء على الأمية، واستئصال الأمراض المعدية الرئيسية كالملاريا والسل والإيدز، وتوفير فرص العمل، وبناء القدرات.

وأضاف أنه حتى الآن أعلنت 33 دولة من الدول الأعضاء عن إسهاماتها المبدئية في الصندوق، بمبلغ نحو 1,6 مليار دولار، وذلك كما هي في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2008.

وسوف يسهم البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ بليون دولار في الصندوق خلال 10 سنوات، ليبلغ مجموع الإسهامات 2,612 مليار دولار.

وتناول رئيس البنك خلفية إنشاء الصندوق، وأنه صدر خلال الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامية في مكة المكرمة في ديسمبر (كانون الأول) 2005.

وأضاف أنه بناء على ذلك قرر مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية في اجتماعه السنوي الواحد والثلاثين المنعقد في الكويت في مايو (أيار) 2006، إنشاء صندوق خاص، وكلف مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية بمهمة وضع كل التفاصيل وإعداد كل الوثائق ذات الصلة بالصندوق.

وتابع أن مجلس المحافظين تولى في اجتماعه السنوي الثاني والثلاثين المنعقد في داكار في السنغال في مايو (أيار) 2007 انطلاق صندوق التضامن الإسلامي للتنمية على هيئة وقف، برأسمال مبدئي قدره 10 مليارات دولار.

وأكد رئيس البنك أن الموارد المعبأة للصندوق تمثل «بذرة رأس المال»، وسوف تعزز بموارد إضافية، بما فيها مشاركة شركاء آخرين من القطاعين العام والخاص في تمويل مشروعات وبرامج تخفيف حدة الفقر.

كما اعتمد مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية، وثيقة سياسية شاملة بشأن تخفيض حدة الفقر، وضعت في ضوء خبرة البنك وخبرة مؤسسات أخرى مهتمة في هذا المسعى.

وحول المبادئ الأساسية للأسلوب المتبع في إدارة الصندوق، قال إن برامج تخفيض حدة الفقر يجب أن توجَّه قُطريا وتهتم بالنتائج، وهي قائمة على خدمة المجتمع، وتؤكد على الأثر والفاعلية، وتهتم بالقدرة على تكرار المشروعات والبرامج، على أساس متعدد السنوات ومتعدد القطاعات، مضيفا أن مجلس المديرين التنفيذيين اعتمد أيضا استراتيجية الصندوق الأولى للخمس السنوات القادمة (2008 - 2012) بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 14 مليار دولار، من خلال برامج متعددة القطاعات ومتعددة المحاور، تعالج مختلف أسباب الفقر في ضوء الطبيعة المتعددة الأبعاد للفقر بالدول المستهدفة. وتشمل هذه البرامج، في خلال فترة الاستراتيجية، برامج التدريب المهني من أجل تخفيض حدة الفقر بواقع 500 مليون دولار، وتقديم القروض الصغيرة بواقع 500 مليون دولار، ومكافحة الأمراض المعدية كالملاريا والإيدز بواقع 2,25 مليار دولار، والصرف الصحي بواقع مليار دولار.