تقرير: التمويل الإسلامي أقل القطاعات تأثرا بالأزمة العالمية.. وتوقعات بتزايد الإقبال عليه

أرجع ذلك لنظامه الذي يحظر التصرفات التي ساهمت في أزمة الائتمان

TT

مع تفاقم الأزمة المالية العالمية يظهر أن أقل القطاعات تأثرا هي تلك التي تدار بموجب النظام المالي الإسلامي. ويرجع تقرير شركة «ادفانتج» للاستشارات الكويتية، السبب لكون هذا النظام يحظر التصرفات التي ساهمت في أزمة الائتمان، مثل الاستثمارات في الأصول المسمومة، والاعتماد على صناديق الجملة. ويقول: «استنادا إلى جملة من التقارير، من المتوقع أن تنمو أصول البنوك الإسلامية في الخليج العربي بين 35 في المائة، و40 في المائة في عام 2009، بالرغم من توقع وجود أثر سلبي من الأزمة المالية على بعض الأصول العقارية. ويعود سبب هذا النمو إلى أن عددا من البنوك التقليدية يحتمل أن تحول أصولها إلى أصول إسلامية. كما من المتوقع أن تقوم كافة البنوك التقليدية في منطقة الخليج بتحويل أنشطتها بالكامل إلى النظام المصرفي الإسلامي قبل عام 2015». ويرجع التقرير أسباب محدودية تأثير الأزمة المالية العالمية على البنوك الإسلامية، لكون القطاع المصرفي الإسلامي صغيرا وحديث النشأة نسبيا، ولعدم استفادة البنوك الإسلامية من سوق الأموال المتداولة بين البنوك التقليدية، ولأن ليس لديها أموال مستثمرة في قروض ومشتقات مالية مكشوفة وغير مضمونة. وتشير مؤشرات السوق إلى أن التمويل الإسلامي قد تفوق في أدائه على التمويل التقليدي، ماعدا الفترة التي تمتد طوال الربعين الأخيرين من عام 2008، ويرجع هذا إلى الانخفاض الذي شهده سوق الصكوك بنسبة 56 في المائة خلال العام. ويظهر مؤشر مورجان ستانلي كابيتال التفوق النسبي للتمويل الإسلامي على النظام التقليدي. وطوال الربع الأخير من عام 2008 وأوائل عام 2009، كانت التغيرات في المؤشرات سالبة بشكل كبير لكل من التمويل الإسلامي والنظام التقليدي. ومع ذلك، فإن مقدار الخسائر أقل كثيرا بالنسبة للتمويل الإسلامي مقارنة بالنظام التقليدي. ومع تزايد انتشار التمويل الإسلامي في كافة أنحاء العالم، نجد أن هذه الصناعة التي كانت تقدر بحوالي 729 مليار دولار أميركي في عام 2007، وما يقدر بمبلغ 840 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2008، يتوقع أن ينمو إلى حوالي 3.5 تريليون دولار أميركي خلال الخمس سنوات القادمة.

ولقد حققت البنوك الإسلامية مثل بنك الراجحي، وبنك قطر الإسلامي، مراكز متقدمة على البنوك التقليدية، مثل باركليز، وستاندرد تشارترد، فيما يتعلق بنسب عوائدها على حقوق الملكية والسعر إلى الأرباح، وتعد هذه الاتجاهات بمثابة دليل قوي على الوثوق بالتمويل الإسلامي، مقارنة بالنظام المالي التقليدي. كما نجد أن نسب العائد على حقوق الملكية والسعر إلى الأرباح بالنسبة للتمويل الإسلامي أعلى كثيرا عن النسب الخاصة بالنظام التقليدي. وبحسب تقرير «ادفانتج»، تبلغ قيمة الأصول المصرفية الإسلامية في منطقة آسيا والمحيط الهادي حوالي 450 مليار دولار أميركي بنسبة 60 في المائة من سوق المصارف الإسلامية العالمي. وتمتلك المملكة المتحدة حتى الآن أكبر عدد من البنوك الإسلامية. بينما قامت المؤسسات المصرفية الرائدة، التي تضم باركليز وRBS ومجموعة لويدز المصرفية بإنشاء فروع خاصة أو شركات تابعة لها، تركز على الصيرفة الإسلامية. وتصل قيمة أصول البنوك الإسلامية في بريطانيا إلى 18 مليار دولار أميركي، وهو مبلغ ضخم يزيد عن مقدار الأصول الإسلامية في الدول التي يشكل فيها الإسلام الدين الرئيسي، مثل باكستان وبنجلادش وتركيا ومصر. فبينما تقوم البنوك التقليدية بمعالجة خسائرها، التي تبلغ ما يقرب من 400 مليار دولار، تظل البنوك الإسلامية غير متضررة فعليا. وبذلك تكون الأزمة العالمية الحالية قد أتاحت للتمويل الإسلامي الفرصة ليظهر للعالم ما يستطيع فعله. ويتوقع التقرير بأن يقود الضرر الذي أوقعته الأزمة العالمية على المستثمرين إلى اختيار قواعد أكثر صرامة وتشددا. «فكثير من الخبراء ينظرون للتمويل الإسلامي بأنه الحل الأمثل للأزمة المالية. ويرجع ذلك ببساطة إلى أن العوامل التي ساهمت في الأزمة المالية محرمة تحريما صريحا في التمويل الإسلامي. وخير مثال على ذلك مسألة المشاركة في تحمل المخاطر في التمويل الإسلامي، حيث كان يمكن أن تكون البنوك التجارية أكثر حذرا عند اختيار الصفقات التي تمولها، إذا كانت مطالبة بمشاركة الأرباح والخسائر مع عملائها، حيث إن العوائد المالية للبنوك ترتبط ارتباطا مباشرا بأداء المشروعات التي تمولها. عندما تقوم البنوك باستخدام الإقراض المعتمد على الفوائد الذي يتم تأمينه بضمان للقرض، فإنها تعزل نفسها عن مخاطر عملائها، ويتسبب هذا في تضارب حاد في المصالح. وفي معظم الحالات فإن المسؤول المصرفي الذي يوقع على صفقة قرض يحصل مسبقا على مكافأته، ويتقاعد بحلول الوقت الذي تسوء فيه حالة الصفقة. ولهذا فإن التمويل المعتمد على مشاركة المخاطر يعمل على تجنب هذه الصراعات، ويوفر استقرارا أكبر للنشاط الاقتصادي». ويلفت التقرير إلى الحاجة الملحة اليوم لتطوير بيئة للتمويل الإسلامي تمكنه من النمو، «إذ يجب على مراكز التمويل الإسلامي، التي ساهمت في نموه كصناعة، الالتزام بتطوير القطاع بالاستعانة بسبل أفضل للتدريب والتسويق. فقد يبدو المفهوم الإسلامي غريبا بقواعده الصارمة وطبيعته المحافظة، ولكن يمكن التغلب على هذه العوامل بالتوجيه الصحيح لممارساته المالية، ويمكن تسهيل ذلك عن طريق البدء في تقديم برامج تعليمية تلقي الضوء على الجوانب الفنية للتمويل الإسلامي». ويتوقع التقرير أن يزداد قبول التمويل الإسلامي في المزيد من أنحاء العالم عندما يتعافى العالم من تأثيرات الأزمة المالية.