فرنسا وإندونيسيا والبحرين تعتزم إصدار صكوك تزيد قيمتها على ملياري دولار

مع توقعات بانتعاش الأسواق العالمية لها خلال 6 أشهر

توقعات بانتعاش سوق الصكوك الإسلامية بعد ستة أشهر
TT

تعتزم إندونيسيا بيع سندات إسلامية مقيّمة بالدولار الأميركي في الخارج لأول مرة، حيث بدأت أخيراً قياس طلب المستثمرين على عملية البيع من أجل جمع ما مقداره 650 مليون دولار، وذلك وفقاً لمصادر مطلعة.

وقالت المصادر إن الحكومة تستهدف المستثمرين في آسيا ـ بما في ذلك المستثمرون في إندونيسيا وسنغافورة ومستثمرو الشرق الأوسط ـ بإصدار سندات متوافقة مع الشريعة الإسلامية يحل أجلها في العام 2014. وأكدت وزيرة المالية سري مولياني إندراواتي أن إندونيسيا بصدد بيع سندات إسلامية عالمية، ولكن دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وتقترض حكومة الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو مزيداً من الأموال مع زيادة الإنفاق على مشروعات الأشغال العامة من أجل مساعدة الاقتصاد. وقد جمعت الدولة الجنوب شرق آسيوية ـ التي تعد أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان ـ في فبراير (شباط) ثلاثة مليارات دولار من بيع سندات دولارية تقليدية للمساعدة في سد العجز في الميزانية الذي تتوقع الحكومة أن يرتفع إلى 139.5 تريليون روبية (12.9 مليار دولار) هذا العام.

وتلتزم السندات الإسلامية، المعروفة باسم الصكوك، بأحكام الشريعة الإسلامية من خلال استخدام عوائد الأصول للدفع للمستثمرين بدلا من الفائدة. وقالت شركة «الأهلي كابيتال» السعودية، الشهر الماضي، إن مبيعات الأوراق المالية ربما ترتفع إلى مستوى قياسي هذا العام، ويتصدرها مصدرون من الخليج العربي في ظل انجذاب المستثمرين للعوائد المرتفعة.

من جهته بيّن تيم كوندون رئيس أبحاث الأسواق المالية الآسيوية في «آي إن جي غروب إن في» أنه كان للحكومة دائماً يد ثابتة في إرشاد الاقتصاد، مما عزز الثقة، وبدأ هذا الاتجاه يؤتي ثماره في الوقت الحالي، والتغير الذي شهدته البيئة العالمية سلط مزيداً من الأضواء الإيجابية على إندونيسيا، ويرى المستثمرون هذا في الوقت الحالي. وقد جاء إصدار هذه الصكوك في الوقت المناسب. انخفضت مبيعات الصكوك في عام 2008، حيث أدى تراجع أسعار النفط الخام إلى تقليص الطلب من دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط فتراجعت من مستواها القياسي البالغ 31 مليار دولار في عام 2007 إلى 13.9 مليار دولار، وذلك وفقاً لبيانات قامت بجمعها «بلومبيرغ». يشار إلى أن إندونيسيا باعت سندات إسلامية في السوق المحلية، حيث جمعت قرابة 10.3 تريليون روبية من عمليتي بيع في شهري أغسطس (آب) وفبراير (شباط). وحققت السندات الإندونيسية التقليدية المقومة بالدولار بأجل خمس سنوات عائداً بلغ 10.375 في المائة، التي يحل أجلها في عام 2014، وعائداً مقداره 8.26 في المائة أخيراً، أي بزيادة مقدارها 6.6 نقطة مئوية عن سندات الخزانة الأميركية بأجل الاستحقاق نفسه، وذلك وفقاً لأسعار مجموعة «رويال بنك أف سكوتلاند»، بالإضافة إلى أن إندونيسيا أصدرت أيضاً سندات ذات أجل 5 سنوات بقيمة 1 تريليون دولار بعائد 10.5 في المائة، أو بزيادة 8.474 نقطة عن ديون الخزانة الأميركية في 27 فبراير(شباط).

ورفض دهلان سيامات، مدير سياسة التمويل الإسلامي في وزارة المالية الإندونيسية، التعليق، في حين تعذر الوصول إلى رحمة والويانتو، مدير عام مكتب إدارة الدين الحكومي.

وقال والويانتو في أغسطس (آب) الماضي إن «إتش إس بي سي هولدنغز» و«ستاندرد تشارترد» و«باركليز» سوف تساعد إندونيسيا في بيع الصكوك التي تصدرها الدولة.

ومنحت وكالة موديز «إنفستور سيرفيس» الديون الإندونيسية بالعملة الأجنبية تصنيف (Ba3)، بينما أعطتها وكالة «ستاندرد أند بورز تصنيف» ـBB ، أي أقل بثلاثة مستويات من الدرجة الاستثمارية وعلى نفس مستوى تركيا.

ورفعت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيف إندونيسيا خمس مرات منذ منتصف عام 2002 وقالت في بيان لها إن تصنيفات الدولة «تدعمها التحسينات المستمرة في مركز الدين العام والمركز المالي للدولة والتحسن في مستوى سيولتها الخارجية على مدى السنوات العديدة الماضية».

وذكرت وزيرة المالية سري مولياني أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الإندونيسي نمواً بنسبة تتراوح بين 4 في المائة و4.5 في المائة خلال العام الجاري، حيث يظهر «بعض المقاومة» تجاه الركود الاقتصادي العالمي. ويمكن أن تؤدي إجراءات الحوافز الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة بقيمة 71.3 ترليون روبية إلى رفع الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل حوالي ثلثي الاقتصاد الإندونيسي.

ومن جهتها، قالت الناطقة باسم البنك المركزي البحريني نائلة على الخليفة في 14 أبريل (نيسان) أن البحرين تخطط لجمع 1.16 مليار دولار من خلال بيع سندات مقومة بالدولار وبالعملة المحلية. وسوف تبدأ الدولة في بيع سندات متوافقة مع الشريعة الإسلامية ذات أجل 5 سنوات بقيمة 500 مليون دولار اعتباراً من 27 مايو (أيار) المقبل.

وأعلن محافظ البنك المركزي الباكستاني سيد سالم رضا في 17 آذار (مارس) أن باكستان أيضاً تخطط لجمع 500 مليون دولار خلال الاثني عشر شهراً المقبلة من خلال سندات تستهدف مستثمري الشرق الأوسط؛ نظراً لأن بيع الدين في الأسواق الخارجية الأخرى سيكون مكلفاً أكثر مما ينبغي.

ويبلغ متوسط العائد على صكوك الشركات والصكوك الحكومية 11.8 في المائة، محققاً انخفاضاً من مستواه القياسي عند 14.9 في المائة في 11 في فبراير (شباط)، وذلك وفقاً لمؤشري إتش إس بي سي / ناسداك دبي. وقد انخفض الفارق فوق سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن (الليبور) إلى 9.6 نقطة مئوية من أعلى مستوى له خلال عام وهو 12.3 نقطة مئوية في 11 فبراير (شباط).

وقال الرئيس التنفيذي لذراع الاستثمارات الإسلامية لبنك ستاندارد تشارترد، آفاق خان، أمس، إن سوق الصكوك ستنتعش في غضون ستة أشهر وسيجمع مصدرون سياديون ومن الشركات عشرة مليارات دولار على الأقل في عام 2009. وقال الرئيس التنفيذي لـ«صادق» وهي ذراع المعاملات الإسلامية لبنك ستاندارد تشارترد، إن إصدار الصكوك سينخفض من نحو 15 مليار دولار في العام الماضي لكن القطاع ما زال يملك إمكانيات نمو كبيرة.

وتباطأ إصدار الصكوك على مستوى العالم بحدة العام الماضي مع تدهور توقعات الاقتصاد العالمي ونقص السيولة بسبب خفض البنوك للإقراض.

وقال خان إن الاهتمام لم يتبدد تماماً، وأوضح أن ستاندارد تشارترد يجري محادثات مع العديد من المصدرين المحتملين، وانخفضت إصدار السندات الجديدة بنسبة الثلثين إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات في عام 2008 مع انخفاض المبيعات في ماليزيا السوق الرئيسة بنسبة 78 في المائة، حسب بيانات خدمة معلومات التمويل الإسلامي.

وأفاد «نحن نشهد نطاقاً أوسع من المصدرين يتحدثون معنا وفي مختلف أرجاء السوق.. المؤسسات المالية والصناديق السيادية والشركات ذات السجل السابق في مثل هذه التعاملات تتطلع لإصدار صكوك».

وقالت البحرين، أخيراً، إنها تعتزم إصدار صكوك قيمتها 550 مليون دولار في 27 مايو (أيار) المقبل، في حين اختارت دبي وقطر إصدار سندات تقليدية الشهر الماضي.

وقال خان إن الأصول في قطاع التمويل الإسلامي تبلغ قيمتها ما بين 750 مليار و900 مليار دولار، مضيفاً أن القطاع ما زال ينمو بما بين 15 و20 في المائة سنوياً.

وقال البنك المركزي في البحرين إنه يعتزم إصدار سندات سيادية قيمتها 250 مليون دينار (663.3 مليون دولار) بأجل ثلاث سنوات بعد أسابيع من إعلانها عن إصدار بقيمة 500 مليون دولار لجمع المال لتعويض انخفاض إيرادات النفط.

وقال محافظ بنك البحرين المركزي، الشهر الماضي، إن البلاد تستكمل إصدار صكوك قيمتها 500 مليون دولار نصفها سيوجه لسداد سندات قائمة تستحق في يونيو (حزيران) المقبل.

وقال البنك المركزي إن السندات المقومة بالدولار سيبلغ أجلها خمس سنوات وستصدر يوم 27 مايو (أيار) المقبل ولم يتحدد عائدها بعد. وقال البنك، في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني، إن البحرين لم تحدد موعداً بعد للسندات ذات الأجل ثلاث سنوات، ولم يوضح المجالات التي ستنفق فيها هذه الأموال.

إلى ذلك، قال مسؤول بمؤسسة باريس يوروبليس، التي تروج للعاصمة الفرنسية كمركز مالي، إن مؤسسة مالية فرنسية ستصدر سندات إسلامية (صكوك) بقيمة مليار يورو (1.32 مليار دولار) بحلول يونيو (حزيران) على أقرب تقدير، فيما يرجح أن يكون أول إصدار صكوك في أوروبا. وقال جيلي سان مارك، رئيس لجنة التمويل الإسلامي في باريس يوروبليس، إن من المنتظر أن تصدر المؤسسة، التي لم يكشف عن اسمها، الصكوك نظرياً قبل نهاية يونيو (حزيران)، لكن المؤكد أن يكون ذلك بحلول أكتوبر(تشرين الأول). ومن جهة أخرى، قال بنك «أوف نيويورك ميلون كورب» إن الأزمة المالية العالمية قد تشكل ضغوطاً على قطاع التمويل الإسلامي في منطقة الخليج ليطور منتجاته ويوجد سوقاً ثانوية.

وازدهر قطاع التمويل الإسلامي في الخليج، وبخاصة في البحرين والإمارات، مع توسع البنوك الإسلامية في الإقراض للأفراد والشركات وبيع الصكوك وهي سندات إسلامية قابلة للتحويل.

لكن على عكس بعض الدول في آسيا تفتقر منطقة الخليج لأسواق محلية تتسم بالسيولة للأدوات الإسلامية قصيرة الأجل مثل الصكوك. وقال جيامباتيستا اتزيني المدير الإقليمي بالبنك إن الأزمة المالية العالمية قد تكون عاملا مساعداً لتغيير ذلك كما فعلت الأزمة الآسيوية في أواخر تسعينات القرن الماضي.

وأضاف: «ماليزيا طورت سوق الأدوات الإسلامية عقب الأزمة مباشرة، فأنشأت سوقاً للصكوك وسوقاً ثانوية».