رئيس مجلس إدارة بنك «الكويت والشرق الأوسط»: تحوُّلنا إلى بنك إسلامي في مراحله الأخيرة

المرزوقي لـ «الشرق الأوسط»: بعض المؤسسات المحلية تواجه مصاعب مالية طويلة الأجل

حمد المرزوقي
TT

أكد خبير مصرفيّ كويتي أن البنوك الإسلامية كانت الأقل تأثرا بتداعيات الأزمة العالمية نظرا إلى عدم انكشافها على المشتقات المالية المتعلقة بقروض السكن الخاص الأميركية ذات الجودة المتدنية، والتي تتسم بارتفاع الرافعة المالية وذلك لأسباب شرعية. وقال حمد المرزوقي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك «الكويت والشرق الأوسط»، أن تداعيات الأزمة المالية العالمية على الأسواق الإقليمية المالية، وبخاصة العقارية، سيكون له بلا شك آثار سلبية على بعض البنوك الإسلامية. وبيّن المرزوقي في حديثه مع «الشرق الأوسط» في الكويت أن بعض الشركات الاستثمارية الإسلامية والتقليدية المحلية واجهت مصاعب بسبب افتقارها إلى مصادر مالية طويلة الأجل ومستقرة مقابل أصول تتركز في مشاريع طويلة الأجل، بالإضافة إلى انقطاع الخطوط الائتمانية عنها من جراء الأزمة. وإليكم تفاصيل الحوار:

* كيف نشأت فكرة تحول بنك «الكويت والشرق الأوسط» من العمل المصرفي التقليدي إلى العمل المصرفي الإسلامي؟

- في ظل النمو السنوي المتزايد للعمل المصرفي الإسلامي على المستوى العالمي، وإقبال الكثير من المؤسسات المالية العالمية على التعاملات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبناء على توجيهات المساهمين الرئيسيين في البنك، قامت إدارة بنك «الكويت والشرق الأوسط» بدراسة وطرح فكرة التحول للعمل المصرفي الإسلامي، حيث حظيت بالقبول والدعم من قبل عملاء البنك ومساهميه. وبالفعل تقدمنا بطلب إلى بنك الكويت المركزي للموافقة على التحول إلى بنك يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية. وبعد أن وافق بنك الكويت المركزي على طلب التحول، كان لا بد من الإعداد لذلك وعقد جمعية عمومية للبنك لأخذ موافقة المساهمين على التحول إلى بنك يعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

* هل السوق الكويتية تستوعب المزيد من البنوك الإسلامية في ظل وجود ثلاثة بنوك إسلامية؟ - السوق الكويتية تشهد نموا كبيرا في الإقبال على التعاملات المالية الإسلامية حيث إنه باستثناء بنك إسلامي واحد فإن البقية إما حديثة التأسيس وإما تم تحولها قبل فترة قصيرة. والميزة التي يتمتع بها بنك «الكويت والشرق الأوسط» عن غيره من البنوك الإسلامية الأخرى، قدرته على الوصول إلى عملاء في دول الخليج من خلال شبكة مجموعة «البنك الأهلي المتحد».

وسوف يعتمد البنك استراتيجية تمكنه من تحقيق أهدافه كثاني أكبر بنك إسلامي في الكويت من حيث عدد العملاء والفروع والانتشار بعد «بيت التمويل الكويتي»، وسوف يعتمد البنك في انتشاره الخارجي والإقليمي ـ كما ذكرت ـ على مجموعة البنك الأهلي المتحد الذي يعد أكبر مالك لبنك «الكويت والشرق الأوسط»، ولديه فروع إسلامية حاليا في بعض الدول الخليجية، من خلال بنكه التابع له في قطر (عدد الفروع خمسة) والبحرين (عدد الفروع خمسة).

* إلى أين وصلت مراحل التحول لبنك «الكويت والشرق الأوسط» إلى بنك إسلامي؟ وما حجم أصوله وحجم ودائع العملاء لدى البنك؟ - بدأت عملية الإعداد للتحول إلى بنك إسلامي منذ شهر يونيو (حزيران) 2008، وحتى الآن تم الحصول على موافقة أكثر من 70 في المائة من عملاء البنك لتحويل تعاملاتهم لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى 90 في المائة في الفترة القليلة القادمة. ويتوجب على البنك التقدم إلى بنك الكويت المركزي بتقرير يفيد جاهزيته للتحول وفق نسب إنجاز ومؤشرات أداء محددة مسبقا، ومن المتوقع موافقة بنك الكويت المركزي على ذلك بعد الفحص والتأكد، والمتوقع أن تكون خلال شهر يوليو القادم، ويلي ذلك مرحلة إتمام المتطلبات الأخرى من اجتماع للجمعية العمومية واستصدار المرسوم الأميري وتسجيل البنك في سجل البنوك الإسلامية لدى بنك الكويت المركزي. ونتوقع أن يبدأ العمل الفعلي للبنك وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية نهاية عام 2009 أو بدايات عام 2010.

* هل تم الاستعانة بشركات استشارية أجنبية للتحول إلى بنك إسلامي أم بشركات محلية؟

عمليات التحول كافة تتم من خلال كوادر البنك ومستشارين محليين متخصصين في نظام العمل المصرفي الإسلامي، حيث يتوقع أن ينتهي الفريق وفقا للخطة المرسومة من عمليات التحول نهاية العام الجاري على أن يبدأ البنك في ممارسة نشاطه المصرفي الإسلامي مع نهاية العام الحالي أو بدايات العام القادم.

* هل سيؤدي تغيير طبيعة العمل المصرفي للبنك من تقليدي إلى إسلامي إلى الاستغناء عن العمالة الحالية في البنك واستقطاب عمالة متخصصة في العمل الإسلامي؟ وهل تم تعيين هيئة شرعية للبنك؟

- من ضمن الاستراتيجية الأساسية للبنك الاحتفاظ بالعمالة المدربة الحالية وتنميتهم لأنهم رأسمال البنك الحقيقي، مع وضع برامج تدريبية متخصصة في نظام العمل الإسلامي لتأهيلهم التأهيل الشرعي والفني المطلوب، علما بأننا بدأنا في ذلك من قبل فترة طويلة، وأن هذا الأمر يتطلب الاستمرارية نظرا إلى متطلبات الاستراتيجية التوسعية التي يتبناها البنك في السوق المحلية. وفي ما يتعلق بالهيئة الاستشارية الشرعية فقد تم الاستعانة بثلاثة علماء أفاضل متخصصين في هذا المجال، وهم الشيخ أحمد بزيع الياسين والدكتور عبد العزيز القصار والدكتور خالد المذكور.

* في ظل المنافسة على الخدمات الإسلامية بين البنوك الإسلامية المحلية، هل سيقدم البنك خدمات إسلامية جديدة ومبتكرة لجذب عملاء جدد؟

- من أهم سمات العمل المصرفي والإسلامي توفير المرونة في التعاملات المالية، وبالتالي توسيع مجال الابتكار في الأدوات المالية والاستثمارية، وفتح مجالات الإبداع، فالإدارة العليا للبنك سوف تحرص على تقديم خدمات مصرفية إسلامية جديدة تُطرح لأول مرة في السوق الكويتية، ولن تقتصر خطط البنك على الخدمات المصرفية الإسلامية، بل التعدد والتنوع في تقديم خدمات استثمارية جديدة متوائمة وأحكام الشريعة الإسلامية.

* كيف يستفيد بنك «الكويت والشرق الأوسط» في تحوله إلى بنك إسلامي من البنك الأهلي المتحد؟ - البنك الأهلي المتحد يمتلك 75 في المائة من بنك «الكويت والشرق الأوسط»، ويهدف إلى تعزيز مكانته الإقليمية من خلال انتشار شبكة فروعه وبنوكه التابعة في ستة دول خليجية وعربية، هذا وسيتمكن بنك «الكويت والشرق الأوسط» من الموارد البشرية والمالية والتقنية المتاحة للمجموعة بحكم انتشارها المذكور. وتجدر الإشارة إلى أن حجم ميزانية مجموعة الأهلي المتحد تقدر بنحو 23.5 مليار دولار، في حين تقدر الودائع بنحو 18 مليار دولار، وتدير المجموعة أصول لصالح الغير تقدر بنحو 7 مليارات دولار من خلال البنك وشركاته التابعة المتخصصة في إدارة أصول الغير وبخاصة شركة «الكويت والشرق الأوسط للاستثمار المالي». وأشير كذلك إلى التطور الملحوظ لبنك «الكويت والشرق الأوسط» ذاته خلال السنوات الثلاث الماضية من حيث الحصة السوقية في السوق المصرفي الكويتي وعدد عملاء البنك، حيث ارتفعت مرتبة البنك من حيث عدد العملاء من المرتبة الثامنة إلى المرتبة الخامسة خلال الثلاث السنوات، والتي زادت خلالها كذلك ودائع العملاء لدى البنك حيث بلغت في نهاية 2008 مليارا ونصف مليار دينار تقريبا.

* كيف تقيّمون تأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على المؤسسات المالية الإسلامية؟ - البنوك الإسلامية كانت الأقل تأثرا بتداعيات الأزمة العالمية نظرا إلى عدم انكشافها على المشتقات المالية المتعلقة بقروض السكن الخاص الأمريكية ذات الجودة المتدنية والتي تتسم بارتفاع الرافعة المالية وذلك لأسباب شرعية. إلا أن تداعيات الأزمة المالية العالمية على الأسواق الإقليمية المالية، وبخاصة العقارية، سيكون له بلا شك آثار سلبية على بعض البنوك الإسلامية. على الصعيد المحلي، فإن تعرُّض بعض الشركات الاستثمارية الإسلامية والتقليدية لمصاعب كان بسبب افتقارها إلى مصادر مالية طويلة الأجل ومستقرة مقابل أصول تتركز في مشاريع طويلة الأجل، بالإضافة إلى انقطاع الخطوط الائتمانية عنها جراء الأزمة.

* كيف تقيّمون دور البنك المركزي للحد من تداعيات الأزمة العالمية على الشركات الكويتية؟ - سارع البنك المركزي بتقديم قانون لمجلس الأمة لضمان الودائع لدى البنوك المحلية والذي تم الموافقة عليه بشكل سريع من قِبل الحكومة ومجلس الأمة، كما سارعت الحكومة بتكليف محافظ بنك الكويت المركزي بتشكيل فريق لمعالجة تداعيات الأزمة والذي قام بإعداد مشروع قانون أطلق عليه «مشروع قانون الاستقرار المالي»، يناقش حاليا في اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة تمهيدا لرفعه بشكله النهائي إلى مجلس الأمة لمناقشته وإقراره، ولكن الوضع السياسي الأخير ربما أدى إلى تأخر إقرار مشروع قانون الاستقرار المالي من قِبل مجلس الأمة.

كما يسجل بنك الكويت المركزي قيامه باتخاذ العديد من الإجراءات الضرورية لاحتواء الأزمة منها برنامج لتحفيز البنوك على تقديم تسهيلات ائتمانية لشركات الاستثمار.

* هل مشروع قانون الاستقرار المالي كافٍ لمعالجة الأزمة من وجهة نظركم؟

- القانون يشكل شبكة أمان لبعض البنوك المحلية، ولكن بنك «الكويت والشرق الأوسط» لا يحتاج إلى حماية بسبب وضعه المالي القوي والمتين. وعلى الرغم من ضرورة إقرار مشروع القانون المذكور فإنه يتعين أن يواكب ذلك برنامج إنفاق حكومي لتحفيز الاقتصاد المحلي والاستفادة في تطوير البنية التحتية للبلاد وكذلك المشاريع الإسكانية والصحية والتعليمية.