شركة أميركية تتوقع بلوغ أصول التمويل الإسلامي 4 تريليونات دولار عام 2015

السعودية تستحوذ على 40% من الأصول المالية الإسلامية

المؤسسات المالية الإسلامية شرعت في إدخال منتجات مبتكرة ومتنوعة («الشرق الأوسط»)
TT

في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق المالية العالمية، أصبحت المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية خيارا متزايد الجاذبية بالنسبة للمستثمرين والمؤسسات المالية في الغرب؛ حيث أصدرت شركة الاستشارات الإدارية «آرثر دي ليتل» الأميركية، مؤخرا، تقريرا جديدا بعنوان «التمويل الإسلامي يبلغ مرحلة النضج» تناولت فيه الطفرة التي شهدتها أنشطة التمويل الإسلامي كافة باعتباره فرصة واعدة لصناعة الخدمات المالية العالمية وهي تخرج من حالة الركود الحالية. وتبلغ أصول التمويل الإسلامي حاليا نحو 800 مليار دولار، وتتوقع «آرثر دي ليتل» أن يرتفع هذا الرقم خلال السنوات الست المقبلة، ليصل إلى 4 تريليون دولار في عام 2015، وهو ما يمثل فرصة كبيرة للمؤسسات المالية الغربية التي تسعى إلى تطوير شراكات جديدة وأسواق عالمية. وتناول تقرير «آرثر دي ليتل» الأخير 10 أسواق رأسمالية في دول إسلامية مختارة، وكل منها يتيح فرصا مختلفة للمستثمر الغربي نتيجة لمستوياتها المتنوعة من النضج والتطور السوقي.

وتصنف «آرثر دي ليتل» الأسواق العشر ضمن ثلاث مجموعات، وبذلك تساعد اللاعبين الماليين على تحديد أفضل الاستراتيجيات لدخول كل واحدة من أسواق التمويل الإسلامي، ويشتمل التقرير الكامل على تحليل مفصل لوضع التطور الحالي في أسواق رأس المال العشر.

وتتضمن المجموعة الأولى «الأربعة الكبار»: السعودية والكويت والإمارات وماليزيا، وهذه الدول لديها أسواق رأسمالية متطورة جدا، وتلقى دعما من كل من الحوافز الحكومية ومبادرات القطاع الخاص لنشر التوعية المالية وتنويع تشكيلة المنتجات المالية المتوافرة.

وعلى سبيل المثال، تمتلك السعودية والكويت أكبر تركيزات للأصول المالية الإسلامية، حيث تبلغ 40 في المائة، و21 في المائة على التوالي.

أما المجموعة الثانية فأطلق عليها التقرير اسم «دول التحدي»، وهي قطر والبحرين وعمان باعتبارها اقتصادات شرق أوسطية سريعة النمو، وقد أدى النمو السوقي، علاوة على تقديم تشكيلة من الحوافز الحكومية، إلى صعود هؤلاء اللاعبين الناشئين سريعا في مراتب التمويل الإسلامي العالمي. وبالنسبة للاعبين الجدد ـ المجموعة الثالثة ـ فقد أعلنت المغرب وتونس عن أسواق التمويل الإسلامي في عام 2007، إلى جانب مصر التي دخلتها المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في العام الماضي. وعلى الرغم من ذلك، فإن اللاعبين الجدد يحظون بدعم الحكومة، وفي حالتي تونس ومصر نجد أن صناع السياسة يبذلون كل ما في وسعهم لتشجيع تدفق الاستثمارات. ولكن ليس هذا هو الحال مع المغرب، حيث ما زالت اللوائح التنظيمية صارمة.

وجاء في التقرير أنه على الرغم من الانكماش الذي يعانيه سوق التمويل الإسلامي وتعرضه لنوع من المخاطر بسبب انفتاحه على القطاع العقاري؛ فإن الأسواق الشرق أوسطية تظل جاذبة للمستثمرين الغربيين. وتوقع التقرير أن تستعيد أسواق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي عافيتها في النصف الثاني من العام الحالي 2009 بسبب احتياطيات السيولة الضخمة التي تراكمت خلال الأعوام الأخيرة.

وأشار التقرير إلى أن التطورات الأخيرة زادت من جاذبية المنطقة؛ فالحكومات بدأت تولي اهتماما كبيرا بالنظام التعليمي وتستثمر فيه أموالا ضخمة وتمت تقوية المعايير المحاسبية وأصبح هناك اهتمام أكبر باللوائح؛ الأمر الذي يوفر مزيدا من الشفافية، بالإضافة إلى أن المؤسسات المالية الإسلامية شرعت في إدخال منتجات مبتكرة ومتنوعة، لجذب المزيد من المستثمرين المحليين وعبر الحدود.

وأفاد التقرير أن السندات الإسلامية «الصكوك» لا تزال النوع الأكثر شيوعا وانتشارا، بيد أن التراجع الحاد في سوق الصكوك في العام الماضي 2008 تسبب في تآكل ثقة المستثمرين، الأمر الذي حدا بهم إلى البحث عن فرص أخرى، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الفرص البديلة في دول الخليج وماليزيا، في حين أن نطاق الخيارات يضيق في مصر والمغرب وتونس.

وقال الدكتور جيريت سايدل، المدير العام والرئيس العالمي للخدمات المالية في شركة «آرثر دي ليتل»: «خلف انهيار الأسواق المالية التقليدية كثيرا من المستثمرين المتضررين يسعون إلى العودة إلى الممارسات المالية المتحفظة والأخلاقية، ونحن نعتقد أن التمويل الإسلامي يعد حاليا واحدا من أكثر بدائل التمويل التقليدي جاذبية في هذا الصدد، ولكن المخاطر الملازمة لهذه المنتجات المهيكلة الأخرى يجب دراستها جيدا».

وأضاف سايدل: «في ظل هذا النمو الهائل على مدى العقدين الماضيين، نجد أن أسواق رأس المال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاهزة للتألق على الساحة الدولية، وسوف يتحرك المستثمرون الأذكياء من الغرب بسرعة لتحقيق أقصى استفادة من هذه الأسواق البديلة».

وفيما يتعلق بالفرص والتحديات أمام اللاعبين في السوق، أوضح التقرير أنه إذا تم الأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الحالي، يتبين أن البنوك تتوخى حذرا مبررا تجاه الاستثمار في التشكيلات الكبيرة من المنتجات الجديدة، ولكن هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات والخدمات يشملها طيف التمويل المالي، التي من المرجح أنها تتسع أكثر وأكثر مع تطور هذه الصناعة، وأشار إلى أنه علاوة على الصكوك (السندات الإسلامية) الشهيرة، يوضح أن القروض المشتركة وتمويل المشروعات وإعادة التمويل وأسواق الأسهم كلها تمثل فرصا حقيقية للنمو.

ومع ذلك، وبالرغم من التقدم الهائل الذي حققته صناعة التمويل الإسلامي في السنوات الأخيرة، فإن أسواق رأس المال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما زالت تواجه كثيرا من التحديات، وفقا للتقرير. وبحسب التقرير، فإن تلك التحديدات تتضمن التعرض للصدمات الخاصة بهذا القطاع، مستشهدا بأن التقلبات في الصناعة العقارية أو صناعة النفط ستؤثر على التمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدرجة كبيرة. ومنها أيضا التضخم؛ فكثير من اللاعبين الكبار في مجال التمويل الإسلامي لا يتبنون سياسات فعالة لمكافحة التضخم. بالإضافة إلى البيئة القانونية والمؤسسية والتنظيمية؛ فعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، لا تزال كثير من أسواق التمويل الإسلامي تعمل في ظل أنظمة رقابة والتزام جديدة نسبيا أو منقوصة، مما يهدد الشفافية والتشغيل السلس لأسواق رأس المال. وأضاف الدكتور جيريت سايدل، المدير العام والرئيس العالمي للخدمات المالية في شركة الاستشارات الأميركية أنه «يمكن أن تكتسب البنوك الخاصة الغربية ومديرو الثروات مصداقية في التمويل الإسلامي بتقديم تقارير بحثية قوية متخصصة حول الأسواق المحلية العربية، أو حتى بالتطوع باستضافة برامج تبادل لمساعدة اختصاصيي الأسواق المالية من البنوك الإسلامية على اكتساب معرفة بالسوق المالية التقليدية، حيث يمكن أن يكون التعاون فيما بين البنوك الغربية العريقة وصناعة التمويل الإسلامي سريعة النمو مفيدا للطرفين. لقد شهدنا من قبل لاعبين كبار مثل (دويتشه بنك)، و(باركليز كابيتال)، و(إتش إس بي سي) يطلقون شراكات من هذا القبيل».