مصرفيون يعتبرون قرار «المركزي المصري» بالرقابة على البنوك الإسلامية متأخرا كثيرا

طالبوا بتبادل الخبرات وتطوير المنتجات التي تقدمها البنوك الإسلامية

قرار البنك المركزي المصري بتدشين وحدة خاصة للرقابة والإشراف على البنوك الإسلامية من شأنه أن يزيد من انتشار الصناعة في أكبر بلد عربي («الشرق الأوسط»)
TT

اعتبر مصرفيون مصريون قرار البنك المركزي المصري تدشين وحدة خاصة للرقابة والإشراف على البنوك الإسلامية خلال الفترة القادمة، متأخرا بشكل كبير، في الوقت الذي تسابقت فيه دول كثيرة لذلك.

وقالوا إن التباطؤ في إصدار القرار أعاق التوسع في نشاط الصيرفة الإسلامية في مصر والتي بدأت منذ أكثر من 50 عاما، وإن دولا كثيرة سبقت مصر في إنشاء تشريعات لتقنن عمل المصارف الإسلامية في حين أن عمر الصيرفة الإسلامية بها لا يتعدى الخمس سنوات.

وأكد المصرفيون أن البنوك الإسلامية العاملة في مصر إلى جانب البنوك التجارية التي لديها فروع تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية هي التي حملت البنك المركزي لوضع معايير جديدة خاصة بالبنوك الإسلامية.

وقالوا إن الفروق الواضحة بين البنوك التجارية والإسلامية توجب خضوع الأخيرة لمعايير وإجراءات مختلفة عن البنوك التجارية، مضيفين أن مثل هذه الوحدات أصبحت موجودة في معظم دول العالم التي لديها فروع للمعاملات الإسلامية.

وتخضع البنوك الإسلامية في مصر للأحكام العامة لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003 ولائحته التنفيذية، ولم يتضمن هذا القانون أي نصوص تنظم عمل البنوك الإسلامية، ومن ثم تخضع للقواعد والشروط نفسها التي تخضع لها البنوك التقليدية سواء فيما يتعلق بنسب الاحتياطي والسيولة ومعدلات كفاية رأس المال ومتطلبات الحد الأدنى لرأس المال.

وطالب خبراء بضرورة توافق المعايير التي ستصدر قريبا لضبط عمل البنوك الإسلامية مع طبيعة العمل داخل هذه البنوك والتي تقوم على نظام المرابحة وليس سعر الفائدة، وفي الوقت ذاته طالبوا بوضع إطار منظم لطرح منتجات الصيرفة الإسلامية إلى جانب صياغة معايير محاسبية إسلامية يمكن الرجوع إليها في إعداد ميزانيات تلك البنوك.

وكان خبراء ومصرفيون قد أشادوا في وقت سابق باتجاه الحكومة المصرية نحو إنشاء وحدة بالبنك المركزي المصري للرقابة والإشراف على البنوك الإسلامية معتبرين أن ذلك يعد أول اعتراف رسمي من الحكومة والبنك المركزي، بوجود فروق واضحة بين البنوك التقليدية والإسلامية ووجوب خضوع الأخيرة لمعايير وإجراءات مختلفة عن البنوك التقليدية.

وقال مصرفيون إن مثل هذه الوحدات أصبحت موجودة في معظم دول العالم التي لديها فروع للمعاملات الإسلامية، مؤكدين أن إنشاء الوحدة الجديدة لا يتطلب تعديلا تشريعيا أو تغييرا في نصوص قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 والذي خلا تماما من أي نصوص خاصة بالبنوك الإسلامية.

وأوضح الخبراء أن الوحدة الجديدة يمكن أن تمارس عملها من خلال إجراءات ومعايير يحددها البنك المركزي المصري، متوقعين أن يكون هناك تنسيقا كبيرا بين الوحدة وهيئات الرقابة الشرعية بالبنوك الإسلامية بما يخدم في النهاية الصيرفة الإسلامية في مصر، ويدفعها نحو مزيد من الانطلاق والجودة خلال الفترة المقبلة.

وأشار الخبراء إلى أن هناك إقبالا كبيرا من المتعاملين للاتجاه إلى المصارف الإسلامية وذلك للبعد عن شبه الربا، إلا أن الدكتور مصطفى زكي خبير اقتصادي شكك في قيام البنوك الإسلامية بتقديم خدمات إسلامية بشكل صحيح ورأى أن تطبيق الشريعة في التعاملات يعتبر تطبيقا جزئيا وليس كليا.

واتفق معه محمد دقدوق المدير العام للبنك الوطني المصري، مؤكدا أن غياب الرقابة على التعاملات الإسلامية أدى إلى عدم وضوح الرؤية في قيام البنوك أو الفروع بتقديم معاملات إسلامية خالصة خلال الفترة الحالية. وأكد دقدوق أنه لا يوجد إحصاء عن حجم الصيرفة الإسلامية في مصر، لكنه حددها بأنها لن تتعدي 3 في المائة من إجمالي حجم الأعمال المصرفية في مصر، وهو حجم ضئيل جدا مقارنة بالدول الأخرى.

ورأى أن هذا التراجع في حجمها يرجع في الأساس إلى غياب الرقابة عليها إلى جانب أن البنوك الإسلامية في مصر تقدم منتجات تقليدية وقديمة ولا تتماشى مع العصر الحالي، وقال: «إذا وُجدت لجنة تحت إشراف البنك المركزي وتضم أعضاء من البنوك فإن ذلك سيعزز تبادل الخبرات ومن ثم التوسع في حجم الصيرفة الإسلامية بمصر». في حين يرجع مصطفى زكي تدني حجم الصيرفة الإسلامية في مصر إلى عدم ثقة بعض المتعاملين في البنوك الإسلامية إلى جانب اعتقاد البعض أن البنك المركزي لا يساند المصارف الإسلامية بالرغم من أن بنك الاعتماد والتجارة عندما أفلس في مطلع الثمانينات من القرن الماضي تم تعويض كامل المودعين، وأشار إلى أنه في حالة وجود رقابة معلنة وبنود عريضة تحكم عمل تلك المصارف، فإن هذا سيعمل على نمو حجم التعاملات الإسلامية في مصر.

وأشار مصطفى إلى أنه في حالة نمو أعمال المصارف الإسلامية سيعود على الاقتصاد بشكل عام، لأن هذا معناه اجتذاب كثير من المودعين الجدد والدخول في مشروعات جديدة، وقال إن البنوك الإسلامية فائدتها في الأساس هو عدم تحميل الشركات عبء تمويلها ولكنها تقوم بالدخول في المشروعات المختلفة وتتقاسم معها أرباحها أو خسائرها. وقال مصطفى إن التأخر في إنشاء وحدة الرقابة يرجع بشكل أساسي إلى عدم وجود تعريف محدد للبنوك الإسلامية من قبل البنك المركزي وتعاملاتها في السوق، مشيرا إلى أن لجوء البنوك التجارية لإنشاء فروع إسلامية جاءت لجذب أموال المودعين الممتنعين من التعامل مع البنوك التجارية لاعتبارها بأنها تعاملاتها ربوية، وهذا ما ساهم بالفعل في جذب المزيد من العملاء.

وبدوره يؤكد أحمد قورة الخبير المصرفي أن هناك رقابة بالفعل تتم على البنوك الإسلامية من البنك المركزي، ولكن للتأكد من سلامة هيكلها ولكن من حيث المضمون فهناك مشكلة في الرقابة، وأشار إلى أن هناك إقبالا متزايدا من قبل البنوك التجارية لإنشاء فروع للتعاملات الإسلامية ولكن البنك المركزي بقراره العام الماضي أوقف عملية التوسع التي كانت تنويها بعض البنوك. ويري قورة أن تدشين وحدة الرقابة قد تكون سلاحا ذا حدين إما ستعمل على زيادة التعاملات الإسلامية المصرفية بمصر، أو ستعمل على تقليص تلك التعاملات أو إبقائها كما هي عليه.