خبير: كينيا ستصبح مركز المصرفية الإسلامية الأفريقية خلال الأعوام الخمسة القادمة

البنوك المحلية تقترح إنشاء مجلس للرقابة على المصارف والمنتجات الإسلامية

تأمل كينيا أن تكون مركزاً مالياً إسلامياً خلال الأعوام الخمسة المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

قال خبير مصرفي إن الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم حاليا ما كان ليحدث أبدا لو أن القطاع المصرفي استند في أنشطته على مبادئ المصرفية الإسلامية.

وأضاف نجم الحسن المدير التنفيذي للبنك الأفريقي الخليجي في كينيا، أن أيا من البنوك الـ 375 التي تمارس المصرفية الإسلامية حول العالم لم يتأثر بالأزمة حتى الآن.

وعزا الحسن السبب في ذلك إلى أن المصرفية الإسلامية لا تتعامل في المنتجات التي أدت إلى انهيار هذه البنوك، لافتا إلى «بنك سوسيتيه جنرال» الذي خسر المليارات في معاملات مضاربة، كما خسرت شركة سوميتو كوربوريشن لأنها كانت تضارب على أسعار النحاس.

وزاد الحسن أن هذه هي عين الأشياء التي تحظر المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ممارستها. مشيرا إلى أن المصرفية الإسلامية لا ترتكز على المضاربة ولا على الفائدة، بل على النمو الحقيقي.

وأوضح أن كافة العمليات التجارية التي تتم في هذا العالم لا تستند إلى الفائدة، وأن هناك تجارة حقيقية تمارس. حيث تشتري بعض الأصول، وتضاف بذلك قيمة، ثم تباع تلك الأصول، وهذا هو ما تفعله البنوك الإسلامية على حد تعبيره.

وأفاد الحسن أن البنوك الإسلامية تشتري الأصول وتبيعها بأثمان آجلة وتحقق أرباحها من خلال المشاركة في نشاط اقتصادي حقيقي في أي مجتمع، في مقابل البنوك التقليدية التي تحقق أرباحها من الإقراض الكسري الذي وصفه بأنه «تجارة على الورق».

وذكر الحسن في كلمة ألقاها أمام أول مؤتمر في كينيا حول المصرفية الإسلامية نظم أخيرا، أن أكبر تحدّ يواجه المصرفية الإسلامية في البلد يتمثل في توضيح هذا المفهوم. مبينا أن معظم الناس يصوروننا في قالب نمطي، ويجعلون مفهوم المصرفي يبدو كما لو كان هناك تميز بين الناس على أساس الدين. هذا ليس بصحيح. مبيناً أنهم منفتحون على الجميع. ولفت الحسن إلى أن المؤتمر يهدف إلى توفير معرفة شاملة وعملية حول أنظمة المنتجات المالية الإسلامية وتطبيقاتها العملية، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية، وإطارها التنظيمي والقضايا القانونية المتعلقة بها، والخيارات المتاحة للاستثمار في أسواق الأسهم، وتحليل شامل لمنتجات المصرفية الإسلامية والتقليدية ونماذج التأمين الإسلامي، ومسائل أخرى.

وفي هذه الأثناء، أعرب الخبير المصرفي الكيني عن أمله في أن يسارع البنك المركزي الكيني بإنشاء إدارة تخدم قطاع المصرفية الإسلامية المتنامي في البلد.

وقال، «أظن أن كينيا تتمتع بإمكانية هائلة يمكن أن تجعل منها مركز المصرفية الإسلامية في المنطقة الأفريقية خلال السنوات الخمس المقبلة، ولندن وباريس تتنافسان على هذه المكانة كل في منطقته».

من جهة أخرى، اقترحت البنوك المحلية التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية في كينيا تشكيل مجلس قومي مستقل للرقابة على البنوك الإسلامية وكذلك على البنوك التقليدية الأخرى التي تقدم منتجات إسلامية. وذكر قاضي قضاة كينيا الشيخ حمد قاسم أن هذا المجلس سيضمن عمل البنوك وفقًا للمبادئ الإسلامية.

ومن جهتها، قالت روز ديثو المسؤولة عن شعبة مراقبة البنوك في البنك المركزي الكيني، إن مفهوم البنوك الإسلامية حقق نجاحا باهرا، موضحة أن البنكين اللذين يعملان وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بشكل كامل وهما بنك فيرست كوميونيتي وبنك الخليج الأفريقي، قد جمعا أصولا قدرها 8 مليارات شلن كيني، وبلغ حجم الإيداعات 5 مليارات شلن كيني ( المائة دولار أمريكي تعادل نحو 8 آلاف شلن كيني)، وذلك بعد سنة واحدة من الترخيص لهما.

وعاد الخبير المصرفي الكيني ليؤكد نجاحهم في زيادة إيداعاتهم إلى 4 مليارات شلن كيني في أقل من سنة، الأمر الذي يعتبره إنجازا ضخما. يذكر أنه توجد 5 بنوك تقليدية أخرى تقدم منتجات تتوافق مع أحكام وتعاليم الشريعة الإسلامية، حسبما ذكرت ديثو.

وكان الحسن قد ألقى خطابا، مؤخرا، في مومباسا عندما افتتح البنك فرعه الثاني في المدينة، ليصبح لدى بنك الخليج الأفريقي حاليا اثنا عشر فرعا في كينيا، سبعة منها في نيروبي.

وجاء في خطاب الحسن «إننا نتطلع إلى إنشاء 15 فرعا بحلول نهاية هذا العام». مضيفا أن التركيز في الوقت الحالي سيقع على مناطق أخرى بها عدد ضخم من السكان الذين لا يتعاملون مع البنوك أو على الأحرى الذين لا يتم تقديم خدمات مصرفية لهم.

إلى ذلك، أعربت الخزانة الكينية عن شكوكها في مدى استعداد البنوك المحلية للتعامل مع الأثر المحتمل للأزمة المالية العالمية.

ورأى مساعد وزير المالية الكيني أوبورو أودينجا أنه رغم عدم تأثير الأصول السامة على المؤسسات المالية المحلية، فإن جودة أصول البنوك ربما لا تستطيع تجنب الموجة الثانية من الأزمة التي ألقت بالدول الأميركية والأوروبية في هوة الركود الاقتصادي.

وحذر أوبورو في كلمة ألقاها أمام أحد المؤتمرات الإقليمية حول المصرفية الإسلامية في العاصمة نيروبي مؤخرا، من أن البنوك المحلية ربما تتأثر تأثيرا غير مباشر من خلال تراجع أنشطة الأعمال، الذي من المحتمل أن يقلص مستوى الثقة لدى المستثمرين.

وقال أوبورو، إن الانخفاض المتوقع في الطلب على الصادرات وضعف الإيرادات من السياحة والتراجع في تدفقات رؤوس الأموال الخاصة، التي ربما تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، وتقليل ثقة الأعمال، وإضعاف الثقة، وتسفر عن حدوث تدهور في قيمة الأصول بالنسبة للبنوك. وأوضح أوبورو «نتوقع كذلك أن تؤدي الشروط الائتمانية الصارمة إلى تقليص تدفقات المحافظ، وذلك إذا آثر المستثمرون الفرار إلى الملاذات الآمنة».

وأشار مساعد وزير المالية إلى ان العديد من أسواق الأوراق المالية في الدول الناشئة ـ ومن ضمنها كينيا ـ تراجعت لأن المستثمرين يفضلون حيازة السندات الأميركية حتى عندما تكون العوائد عليها منخفضة. وأضاف أن الحكومة سوف تواصل مراقبتها الدقيقة للسيولة وتوافر الائتمان في النظام المصرفي، على أن تنفذ في الوقت نفسه الإجراءات اللازمة للتعامل مع أي ضغوط يواجهها القطاع المصرفي.

وقال أوبورو، إن البنك المركزي سيواصل تعزيز دوره الإشرافي على القطاع المصرفي من خلال العمل عن قرب مع الجهات التنظيمية الأخرى بالقطاع المالي، وأبرزها أسواق المال.