خبير مصرفي: نعمل على تفعيل المصرفية الإسلامية في الأسواق العالمية لتتجاوز الأزمة المالية

الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية: نسعى إلى استقرار صناعة خدماتنا

البروفيسور رفعت عبد الكريم («الشرق الأوسط»)
TT

أوضح مسؤول في مجلس الخدمات المالية الإسلامية، عن سعي المجلس لتحقيق تطور كبير في مجال صناعة الخدمات المالية الإسلامية على مستوى قطاع المصارف، وسوق المال، والتأمين التكافلي.

وبين البروفيسور رفعت عبد الكريم، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، الذي يقع مقره في العاصمة الماليزية كوالالمبور، أن تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية شمل عددا من المحاور، أهمها إصدار المعايير الرقابية والمبادئ الإرشادية لضمان سلامة صناعة الخدمات المالية الإسلامية ومتانتها، وإعداد البحوث، بالإضافة إلى تنظيم ندوات وعقد مؤتمرات علمية للسلطات الرقابية وأصحاب الاهتمام في مواضيع تتعلق بأهداف المجلس. وقال في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» من سنغافورة، على هامش المؤتمر السادس للمجلس، إن المعايير والمبادئ الإرشادية التي يصدرها المجلس على الرغم من أنها تُبنى على المعايير الدولية الموجودة، إلا أنها تتناول خصوصية المصرفية الإسلامية، وبهذا تعتبر المعايير والمبادئ الإرشادية الصادرة عن المجلس بديلاً متجانساً ومكملاً للمعايير الرقابية الدولية، التي تُمكن مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية والمصرفية الإسلامية من المنافسة العادلة مع نظيراتها التقليدية.

وقال إن المجلس أصدر حتى الآن 7 معايير ومبادئ إرشادية رئيسة بالإضافة إلى ثلاث مسودات مطروحة حالياً للمناقشة العامة، التي يتوقع إقرارها بنهاية هذا العام، وعندها سيكون المجلس قد اصدر عشرة معايير ومبادئ إرشادية خاصة بالمصارف، وسوق المال والتأمين التكافلي، وأشار إلى أن المجلس يستمد قوته من إيمانه بمستقبل صناعة المصرفية الإسلامية، بالإضافة إلى أمور عديدة تحدث عنها في الحوار.

> إلى أي مدى ساهم مجلس الخدمات المالية الإسلامية في تطوير المصرفية الإسلامية، وما عدد المعايير التي أصدرها في هذا الصدد حتى الآن؟ ومن أين يستمد قوته في بناء القدرات المنوطة به؟

- يعمل مجلس الخدمات المالية الإسلامية منذ إنشائه على تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية، التي تضم بصفة عامة قطاع المصارف، وسوق المال، والتأمين التكافلي، وساهم المجلس، منذ بدء العمل في عام 2003، في تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية على عدد من المحاور، تتمثل في إصدار المعايير الرقابية والمبادئ الإرشادية لضمان سلامة صناعة الخدمات المالية الإسلامية ومتانتها، وإعداد البحوث، بالإضافة إلى تنظيم ندوات وعقد مؤتمرات علمية للسلطات الرقابية وأصحاب الاهتمام في مواضيع تتعلق بأهداف المجلس. أما المعايير والمبادئ الإرشادية التي يصدرها المجلس، فعلى الرغم من أنها تُبنى على المعايير الدولية الموجودة، إلا أنها تتناول خصوصية المصرفية الإسلامية، وبهذا تعتبر المعايير والمبادئ الإرشادية الصادرة عن المجلس بديلاً متجانساً ومكملاً للمعايير الرقابية الدولية، التي تُمكن مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، والمصرفية الإسلامية من المنافسة العادلة مع نظيراتها التقليدية.

وأصدر المجلس حتى الآن 7 معايير ومبادئ إرشادية رئيسة، بالإضافة إلى 3 مسودات مطروحة حالياً للمناقشة العامة، التي يتوقع إقرارها بنهاية هذا العام، وعندها سيكون المجلس قد اصدر عشرة معايير ومبادئ إرشادية خاصة بالمصارف، وسوق المال والتأمين التكافلي.

أما فيما يتعلق بقوة المجلس، فإنه يستمدها من إيمانه بمستقبل هذه الصناعة، ومن عضويته التي تتكون من المصارف المركزية، وسلطات رقابية وإشرافية أخرى، ومنظمات إقليمية، وهيئات دولية ومؤسسات مالية ومهنية في القطاع الخاص، ويبلغ عدد الأعضاء حتى الآن 185 عضواً من 34 دولة. > ما شكل التعاون الذي يقيمه المجلس مع المؤسسات الشبيهة له في النظام التقليدي كلجنة بازل والبنك الدولي وصندوق النقد؟

- المجلس يقيم علاقات وطيدة مع المؤسسات الدولية النظيرة في النظام التقليدي، كلجنة بازل للإشراف المصرفي ممثلة ببنك التسويات الدولية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وكلهم أعضاء مشاركون في المجلس. وتنص اتفاقية تأسيس المجلس، من ضمن أمور أخرى، على ضرورة التعاون والتنسيق مع المؤسسات الدولية النظيرة لتحقيق أهداف المجلس. وتتمثل أوجه التعاون المشترك بين المجلس والمنظمات والهيئات الدولية في تبادل الخبرات من خلال مشاركة ممثلين عن هذه المنظمات والهيئات الدولية المذكورة في مجموعات عمل، ومشاركة متحدثين عنهم في الفعاليات التي ينظمها المجلس، بالإضافة إلى استضافتهم للندوات والمحاضرات والمؤتمرات التي يعقدها المجلس.

كما يشمل التعاون تمويل هذه المنظمات والهيئات مشاريع ونشاطات يقوم بها المجلس، فهناك عدد من مشاريع المجلس تمّ تمويلها من قبل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية. وبالمثل يشارك المجلس في فعّاليات هذه المنظمات والهيئات بإرسال متحدثين في ندواتهم ومؤتمراتهم أو المشاركة في مجموعات عمل، فعلى سبيل المثال هناك عضو منتدب عن المجلس لحضور اجتماعات في واحدة من لجان لجنة بازل.

> ما الدور المأمول من مجلس الخدمات المالية الإسلامية على المديين القريب والبعيد؟

- سيبقى هدف تعزيز استقرار صناعة الخدمات المالية الإسلامية ومتانتها هو الهدف الرئيس للمجلس، إلا أن دور المجلس لتحقيق هذا الهدف قد يتغير وفقا لمتطلبات وتداعيات المرحلة، ففي المدى القريب سيركز دور المجلس في دعم صناعة الخدمات المالية الإسلامية بكلّ الإمكانات المتاحة والمتمثلة ليس فقط في إصدار المعايير، بل أيضاً في المساعدة على تطبيق المعايير الصادرة عن المجلس.

لكن في ظلّ التحديات والأزمات الحالية التي تواجه الأسواق المالية العالمية، يتوقع من المجلس الكثير، فبجانب الدور الرئيس الذي يلعبه المجلس حالياً، يتوقع أن يكون للمجلس دور اكبر وأكثر فعالية في المستقبل يتعلق بالاستقرار المالي لصناعة الخدمات المالية الإسلامية، خاصة مع النمو السريع لصناعة الخدمات المالية الإسلامية. > هل هناك إستراتيجية للمجلس يعمل على توظيفها في كيفية استثمار انفتاح العالم الغربي على المصرفية الإسلامية، كما هو الحال في كل من فرنسا وبريطانيا وغيرهما؟

- لا شكّ أنّ من أهداف المجلس التي نصت عليها اتفاقية التأسيس هو أن يعمل المجلس على تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية، وضمان سلامتها من خلال تقديم معايير دولية ذات جودة عالية أو أي أمور أخرى تقع ضمن أهدافه، وعليه فإن مجلس الخدمات المالية الإسلامية عقد فعاليات في دول أوروبية عديدة مثل لوكسنبيرغ، وألمانيا ومؤخراً فرنسا لتعريف تلك الدول بالتحديات التي سوف تواجهها عند تقديمها الخدمات المالية الإسلامية، كما ساعد المجلس دولاً عديدة في آسيا مثل اليابان، وهونغ كونغ، وكوريا بالتعريف على صناعة الخدمات المالية الإسلامية وذلك بعقد ندوات لهم عن الخدمات المالية الإسلامية.

> كيف تنظر إلى أهمية مشاركة البنوك المركزية الإسلامية في مؤتمر مجلس الخدمات المصرفية الإسلامية السادس الذي عقد أخيرا بسنغافورة، وما نوع وشكل الخدمة التي تتطلع إليها البنوك المركزية المشاركة في هذا المجلس؟

- بالتأكيد مشاركة البنوك المركزية في الدول الإسلامية الأعضاء ذات أهمية قصوى، فهي في الأصل، أي البنوك المركزية في الدول الإسلامية، هي التي أسست هذا المجلس منذ أكثر من 6 سنوات، ليساهم في تطوير صناعة المصرفية الإسلامية وصناعة الخدمات المالية الإسلامية، وذلك بوضع أسس وضوابط تمكّن هذه الصناعة من القيام على أسس متينة، حتى تحميها من التعرض لهزّات مستقبلية، مع وضع أسس للرقابة المصرفية وأسس لكيفية تمكين الخدمات المصرفية من التطور من دون التعرض لمخاطر كثيرة، مع أهمية استيعاب المتغيرات والمستجدات التي تطرأ بين الفينة والأخرى لسبب أو لآخر.

كما أن مجلس الخدمات المالية الإسلامية يمثل بصورة أو بأخرى، بالنسبة للنظام المصرفي الإسلامي ما يشبه (لجنة بازل) بالنسبة للنظام المصرفي التقليدي، حيث يقوم بوضع وتطوير المعايير المعروفة كمعايير الرقابة المتعلقة ككفاية رأس المال وكيفية إدارة المخاطر، والحوكمة، ومن ثم تقوم البنوك المركزية للدول الإسلامية بتطبيقها ومتابعتها، حتى تقوم البنوك الإسلامية بنفس المستوى في تلك التطبيقات، لتصبح أفضل أداء وأمانا من رصيفاتها التقليدية، وتساهم بشكل فعال في تهيئة مناخ صحّي لمستقبل الصناعة المصرفية الإسلامية.

> ذكرت أن المجلس سيكون قد أصدر 10 معايير ومبادئ إرشادية خاصة بالمصارف بنهاية هذا العام، لكن ماذا أنجز منها حتى الآن؟

- هناك الكثير من الإنجازات التي حققها المجلس كما ذكرت سابقا، لكن بشكل أدقّ فقد قطع المجلس شوطا كبيرا جدا في تطوير صناعة المصرفية الإسلامية، فقد أصدر حتى الآن 15 معيارا، كما أنه انتقل من مرحلة إصدار هذه المعايير إلى مرحلة المساعدة في تطبيقها، ببناء القدرات، ويتلقى في هذه الأثناء دعما كبيرا من البنك الإسلامي للتنمية وبنوك التنمية الأخرى، وهناك تعاون كبير جدا بين المجلس والمؤسسات الشبيهة في النظام التقليدي كلجنة (بازل)، وكذلك الحال مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كما سلف ذكره، وكل هذه القطاعات أعضاء في المجلس، حيث له أنواع مختلفة من العضوية، فهناك العضوية الكاملة وهذه تكون في حالة البنوك المركزية للدول الإسلامية، والسلطات الرقابية للدول التي بها نظام مصرفي إسلامي، كما أن هناك عضوية مراقبين وعضوية منتسبين وآخرين، وجميعهم يساهمون في تطوير وتحقيق الكثير من النجاحات التي يزمع المجلس على تحقيقها.

> برأيكم ما أبرز التحديات التي تواجهها صناعة المصرفية الإسلامية في ظل المتغيرات الأخيرة وبالأخص الأزمة المالية العالمية؟

-بعد أن أثبتت المصرفية الإسلامية جدواها وأداءها المالي المتميز بشهادة الكثيرين من خبراء المال والاقتصاد في العالم الغربي والشرقي، فقد بدأت كثير من التحديات التي كانت تواجهها في بداية مسيرتها في طريقها للزوال، غير انه بلا شك هناك تحديات متبقية وقد تكون برزت نتيجة لإفرازات وانعكاسات الأزمة المالية العالمية التي أصبحت فيما بعد أحد أهم أسباب تقديمها للعالم كأحد الحلول الناجعة لمشكلات النظام المالي العالمي.

وفي اعتقادي أن أهم هذه التحديات يكمن في كيفية تمكين الصناعة المصرفية الإسلامية في أن يكون لها أثر وحضور قوي في إعادة بناء النظام المالي الدولي الذي يتهاوى الآن، إذ إن الأزمة المالية العالمية أثبتت فشل النظام المالي العالمي، وهناك مشاورات لإعادة بناء هذا النظام، وهذه فرصة حقيقية للمصرفية الإسلامية للمساهمة في عمليات معالجات أبعاد تلك المشكلة، التي أصبحت الآن مطلبا مصرفيا عالميا لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي المتهالك، خاصة أن لدى المصرفية الإسلامية الكثير من المقوّمات التي يمكنها أن تقدم نموذجا ماليا عالميا محصنا بموانع الانهيار.

لذلك لا بد من البحث بجدية في كيفية تطوير النظام المصرفي الإسلامي حتى من داخله، ليواكب التغيير المتسارع في النشاط الاقتصادي والنشاط المالي وفي احتياجات الناس، مع المحافظ على أسسه الشرعية، علما أن هذه التحديات التي تقف في وجه المصرفية الإسلامية قد شكّل لها المجلس لجان عمل خاصة لبلورة الرؤية ومن ثم معالجة ومواجهة التحديات بمهارة واقتدار كبيرين.