مؤسسات مالية تنتظر موافقة مقاطعات كندية على تصاريح إقامة بنوك إسلامية

رغم الصعوبات.. قطاع المصرفية الإسلامية يتأهب لاقتحام السوق الكندية

تسعى بعض المؤسسات في المقاطعات الكندية لاستقطاب المصرفية الإسلامية وطرحها أمام المجتمع اختياريا («الشرق الأوسط»)
TT

تنتظر مؤسسات مالية عالمية موافقة مقاطعات كندية للاستفادة من تشريعات تتم دراستها حاليا تسمح بالترخيص لإقامة بنوك إسلامية في المقاطعة.

ويتزامن هذا التحرك في وقت تمضي فيه بعض الحكومات الغربية والشرقية، وتحديدا المملكة المتحدة واليابان للاستفادة من الأموال الواردة من منطقة الشرق الأوسط عن طريق الديون العائمة مثل الصكوك أو السندات المطابقة للشريعة الإسلامية. ووفقا لمجلة كندين بيزنس Canadian Business، فقد رفضت الحكومة الفدرالية الكندية حتى الآن الإفصاح عن عدد طلبات الانضمام إلى هذه السوق التي تلقتها من المؤسسات التي تسعى لاحتلال الصدارة بين المؤسسات الكندية فيما يتعلق بإنشاء بنوك تعتمد ركيزتها على المعاملات الإسلامية في البلاد، في وقت توقع المراقبون أن هناك أكثر من 6 طلبات لدى وزارة المالية.

وقال ستيف وات، أحد الشركاء في مجموعة «كي.بي.إم.جي» للاستشارات المالية في تورنتو ومشارك بأحد الطلبات، إنه قلق من أن تتخلف الحكومة الكندية عن بقية الحكومات فيما يتعلق باستحداثها هذا القطاع الجديد، مستشهدا بمدينة لندن التي قررت أن تكون لها الأسبقية في التحول إلى «مركز للتميز» في عالم المعاملات المالية الإسلامية. وأضاف وات «أن ذلك يمثل النقلة التالية الكبيرة في عالم التجزئة المصرفية للمجتمع الإسلامي على المستوى العالمي حين استشراف مستقبل البنوك الإسلامية، لافتا إلى توجه بعض دول العالم لتطبيقات المصرفية الإسلامية متسائلا لماذا لا تستطيع القوانين الكندية استيعاب هذه الفكرة؟».

يشار إلى أن الطلب العادي عادة يستغرق ما يقرب من 12 شهرا لإبداء المرئيات حوله؛ أما الطلبات الإسلامية فما زالت معلقة لدى الحكومة منذ فترة تتراوح بين العامين والثلاثة أعوام، بينما أطلق مؤشر «ستاندرد آند بور» في كندا أخيرا، مؤشرا مطابقا للشريعة الإسلامية أدى بالفعل إلى خلق أول صندوق تداول إسلامي في البلاد. وزاد وات، أن التأخيرات البيروقراطية أدت إلى قصور اللوائح في هذا القطاع في وقت يتمتع الكنديون العاديون بالحماية، مستطردا أن اللوائح غائبة عن هذا القطاع، إضافة إلى أن الأمر ينطوي على الانتقال بضعف اللوائح المنظمة حاليا إلى التوجه السائد. وقالت المجلة في عددها الصادر بتاريخ 16 يونيو (حزيران) الجاري: «من المثير للاهتمام أن الطلبات تم تقديمها للمصادقة عليها إلى مكتب مراقب المؤسسات المالية، وهو الإجراء الطبيعي في مثل هذه الحالة، لكن تمت إحالة جميع الطلبات لاحقًا إلى وزارة المالية الكندية». وأفاد التقرير أنه منذ 4 سنوات، وجدت الحكومة الكندية نفسها منغمسة في نقاش حول تبني مشروع قانون مطابق للشريعة الإسلامية في محاكم المقاطعات؛ لكن هذه الخطة وجهت بمقاومة شعبية ضروس.

أمام ذلك، يرى مراقبون في قطاع المعاملات المالية الإسلامية أنه لا يوجد ما يستدعي العجلة فيما يتعلق باستخراج رخص مصرفية ومن بينهم عمر كالير، رئيس شركة «يو. إم» للمعاملات المالية ورئيسها التنفيذي. وتقدم شركته رهونا إسلامية، كما تقترح إقامة صندوق للمؤشرات المتداولة. ولكن باعتباره من أوائل الداعين إلى هذه الحركة في كندا، يتمنى كالير أن يرى المزيد من التطور في السوق أولاً قبل المصادقة على إقامة بنك مستقل، مضيفا أن السوق ليست مستعدة لهذه الخطوة بعد، وقال: «حقيقة أن البنوك الكندية لا تقدم هذه الخدمات دليلا على ذلك»، معتبرا أن الطلبات المقدمة لدى وزارة المالية بعيدة كل البعد عن مؤسسات الشرق الأوسط الساعية لحجز مقعد لها في كندا.

ويتمنى وات أن تلحق كندا بركب المملكة المتحدة التي عجلت بعملية الاعتماد في قطاع المعاملات المالية الإسلامية تحت شعار «لا للعراقيل، ولكن لا للحساب»؛ أي أن الحكومة لن تقف في سبيل هذا القطاع لارتباط كلمة «إسلامي» به فحسب، مضيفا إذا كانت المنتجات مطابقة للتشريعات الحالية، فلا بأس أن تحصل البنوك على رخصة.

ويعتقد العاملون في قطاع المعاملات المالية الإسلامية أن الطريق صار الآن ممهدًا للانطلاق، حيث من أبرز التطورات في القطاع المالي الغربي التي أدت إلى الأزمة الاقتصادية الراهنة التوسع في الائتمانات الاستهلاكية التي امتدت 24 عاما، مضيفين أن رفع الضوابط الحكومية ونشأة النظام المصرفي الافتراضي الخارجي والتوجهات الثقافية من الديون، أفضت إلى زيادة حادة في كمية الديون التي بحوزة كل فرد. وجاء في التقرير أن أنصار المعاملات المالية الإسلامية يزعمون أنه لو كان العالم اتبع مبادئ هذه المعاملات، لكنا تجنبنا الأزمة المحققة التي نعيشها الآن. فالحظر الذي تفرضه هذه المعاملات لا يقتصر على فوائد صناعة المنتجات الإباحية والكحوليات، بل امتد أيضًا إلى مستويات الديون غير المستقرة. ومن المتوقع أن تلقى هذه الفكرة صدى لدى عدد كبير من الناس في الغرب، خاصة في أعقاب الانهيار المالي الحالي. وتوقع وات أن الكنديين غير المسلمين قد يعقدون آمالا بعد أن يدركوا مميزات قطاع المصرفية الإسلامية، على اقتحام عالم الخدمات المالية الإسلامية، بالضبط كما قرر عدد من الكنديين غير المسلمين تناول الأطعمة «الحلال».