المدير التنفيذي لـ«ساكسو بنك» دبي: المصرفية الإسلامية قادرة على الاستفادة من الاضطراب الاقتصادي العالمي

روبين باتيل لـ «الشرق الأوسط» : نهتم كثيرا بهذه الصناعة لسرعة نموها العالمي

روبين باتيل («الشرق الأوسط»)
TT

كشف بنك «ساكسو» في دبي عن اهتمامه بالعمل في قطاع المصرفية الإسلامية، وذلك لما تتمتع به من نمو سريع، مبينا أن الخدمات المصرفية الإسلامية قادرة على الاستفادة من الاضطراب الاقتصادي الأخير في أسواق رأس المال لا سيما في القطاع المالي.

وأكد روبين باتيل المدير التنفيذي لـ«ساكسو بنك» دبي المحدودة في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الخدمات المصرفية الإسلامية حسب تعريفها عبارة عن توجه أقل اجتناباً للمخاطر لا على مستوى متطلباتها الرأسمالية فحسب، وإنما من حيث أساليبها في مزاولة الأعمال كذلك. وأكد أن المصرف لديه ما يقارب ملياري دولار في صورة أصول، حيث يقدم المصرف خدماته في سوق صرافة العملات الأجنبية والعقود مقابل الفروقات والأسهم والعقود الآجلة (بما في ذلك السلع مثل الذهب والنفط) وصناديق الاستثمار المتداولة. وفي ما يلي تفاصيل الحوار

* حدثنا عن بنك «ساكسو» من حيث التأسيس والأهداف؟

ـ مصرف «ساكسو بنك» هو مصرفٌ استثماري عالمي يحظى بحضور قوي في أوساط العملاء على مستوى العالم، كما تنتشر مكاتبه وفروعه في أرجاء المعمورة. ويمثل مكتب دبي أحدث فروع المصرف، إذ لم يمض على افتتاحه سوى شهر واحد، ويزاول هذا المكتب نشاطه بصفته المكتب الإقليمي الأول للمصرف. ولأننا في عصر التخصص، يركز المصرف قدراته ومجالات عمله في المتاجرة عبر الإنترنت، فهو يقوم بدور الوسيط ونقطة عبور إلى الأسواق المالية العالمية لآلاف العملاء المباشرين المنتمين للقطاع الخاص والمؤسسات المالية. ويقدم المصرف أشمل باقة من الأدوات التجارية في العالم، وهي الخدمة التي تحمل اسم «ساكسو تريدر» التي تتيح للعملاء التعامل في الأسهم العالمية والعقود مقابل الفروقات وصرافة العملات والعقود الآجلة، كل هذا من حساب واحد ومن نافذة تجارية واحدة. ورغم امتلاك المصرف ترخيصاً كاملا لأنشطة المصرفية، فقد قررنا في المصرف التركيز على المتاجرة عبر الإنترنت، ومن ثمّ لا نباشر أي أنشطة مصرفية ذات طابع جزئي أو أنشطة الإقراض أو ما شابه، غير أننا نعتزم الاهتمام أكثر في مجال إدارة الأصول في المستقبل، فقد اشترينا شركة أقل حجماً من المصرف متخصصة في إدارة الأصول، وتعمل هذه الشركة حالياً على توفير عرض يجري تدشينه حالياً في سوقنا الأصلية بالمنطقة الإسكندنافية استعداداً للإعلان عن إطلاق نشاط الشركة عالمياً في وقت لاحق من العام الجاري.

ولا يزال المصرف يعمل باعتباره شركة تعود ملكيتها للقطاع الخاص، إذ يمتلك معظمها رئيسا مجلس الإدارة اللذين أسسا الشركة وهما كيم فورنيس ولارس سيجير كريستنسن. جدير بالذكر أن المصرف لديه ما يقارب 2 مليار دولار في صورة أصولٍ قيد الإدارة.

* ما المنتجات المصرفية التي يسعى «ساكسو» من خلالها إلى جذب أكبر عدد من العملاء؟

ـ يقدم المصرف خدماته في سوق صرافة العملات الأجنبية والعقود مقابل الفروقات والأسهم والعقود الآجلة (بما في ذلك السلع مثل الذهب والنفط) وصناديق الاستثمار المتداولة.

ويتمثل عملاء المصرف في نوعين، أولهما الأفراد الذين يديرون استثماراتهم من خلال برامج المصرف، وثانيهما المؤسسات التي تستعين بخدمات المصرف للمتاجرة الداخلية والمتاجرة مع العملاء. كما يحظى المصرف ببرامج شراكة تتيح للمصارف المحلية تمكين عملائها من الاستفادة من نظام المتاجرة الخاص بمصرف «ساكسو بنك» في إطار منظومة تكفل لتلك المصارف هذه الاستفادة بأسمائها وبشعاراتها، وهو ما يعرف باسم شراكة البطاقة البيضاء، واليوم يبلغ عدد شركاء مصرف «ساكسو بنك» في إطار هذا النوع من الشراكة ما يزيد على 100 شريك موزعين حول العالم، علماً بأن مصرف «سيتي بنك» واحد من هؤلاء الشركاء.

* ما نظرة بنك «ساكسو» لواقع المصرفية الإسلامية؟ وما تقييمكم لتجربتكم حول المنتجات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية؟

ـ يهتم مصرف «ساكسو» بالخدمات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وما زال هذا الجانب في مهده حالياً، لكننا نعكف في الآونة على استكشاف مختلف الوسائل لتوسيع نطاق معروضنا من الخدمات واستحداث حل ذكي مناسب من شأنه مساعدة المستثمرين الباحثين عن منتجات تجارية متوافقة مع أحكام الشريعة. أما حالياً فيقتصر معروضنا في هذا الصدد على القليل من صناديق الاستثمار المتداولة، لكننا نبحث مع كبار العلماء والمعنيين بهذه الجوانب المالية كيفية إتمام ما نصبو إليه في هذا الشأن على أكمل وجه وبأفضل صورة. وهكذا نرى أن الخدمات المصرفية الإسلامية من أهم الخدمات المصرفية وأسرعها نمواً، فضلا عن كونها صورة من صور التنمية التي نود المشاركة فيها والإضافة إليها، غير أنه يتعين إنجاز ذلك بالطريقة الصحيحة وبأيدي أناس يعتبرون الأنسب في هذا المجال.

* هل هناك أي نية لتعديل السياسة المصرفية للبنك وما أثر ذلك على النشاط المصرفي الإسلامي من جهة وعلى الاقتصاد الدولي من جهة أخرى؟

ـ يلتزم المصرف بتوقعاته الاقتصادية الخاصة به على مدار العام، والتي تفيد بتحقيق النمو المستمر حتى وإن كان بمعدلات متوسطة، وقد أجرينا بعض التعديلات ذات الصلة بالتكاليف خلال العام المنصرم، وسنظل على متابعتنا للموقف شأننا شأن أي شركة أخرى حول العالم. ونرى أن الخدمات المصرفية الإسلامية قادرة على ـ بل وستحقق ـ الاستفادة من الاضطراب الاقتصادي الأخير في أسواق رأس المال لا سيما في القطاع المالي. ولا يخفى أن الخدمات المصرفية الإسلامية حسب تعريفها عبارة عن توجه أقل اجتناباً للمخاطر لا على مستوى متطلباتها الرأسمالية فحسب، وإنما من حيث أساليبها في مزاولة الأعمال كذلك. ومن ثمّ، فإنها في مجملها قد نجت من العاصفة الاقتصادية بسلام، فضلا عن استعدادها للمستقبل الذي سيولي قدراً أكبر من التركيز على إدارة المخاطر.

* تقدم بعض المصارف الغربية المصرفية الإسلامية.. ما تقييمكم لذلك وهل هناك استراتيجية تعاون في هذا المجال مع مؤسسات ومصارف مالية غربية؟

ـ لقد أنشأنا جانباً كبيراً من أعمالنا استناداً إلى الشراكة مع المؤسسات المالية الأخرى، وهذا المجال لن يختلف عما سواه، وذلك من حيث ابتكار الحل الواقعي المناسب وكذلك بعد وضعه موضع التنفيذ. غير أننا نود التأكيد مجدداً على أن هذا القطاع ما زال في مهده، لذا فإنه من السابق لأوانه تحديد تاريخ بعينه أو إصدار تأكيد محدد يتعلق بتوقيت استعدادنا لطرح المعروض المتوافق مع أحكام الشريعة.

* من وجهة نظركم ما تحديات العمل المصرفي الإسلامي وكيف ترون مقارنته مع نظيره التقليدي؟ وما تحديات ومخاطر التمويل الإسلامي تحديدا؟

ـ نرى أن أكبر التحديات التي تواجه قطاعات العمل المصرفي التقليدية بصفة عامة تتمثل في استعادة الثقة في هذه القطاعات ككل، ولا حاجة لنا في هذا الصدد إلى مزيد من اللوائح والقوانين، بل إلى الحكمة في تنفيذها، وبذلك لا بد للكثير من المصارف من التركيز على أعمالها الرئيسة. وفيما يتعلق بالخدمات المصرفية الإسلامية، فإن القول بالخبرة العريضة لا محل له هنا، لكننا نستشف من معطيات السوق أنه ثمة حاجة إلى المزيد من المنتجات والشفافية في هذا الشأن. ونحن على ثقة من توفر هذين العنصرين بمرور الوقت، غير أن الناس يميلون إلى نسيان أن الخدمات المصرفية الإسلامية ما تزال في مهدها، علماً بأن المصارف الإسلامية الأولى قد افتتحت أبوابها منذ عقود قليلة. أما الخدمات المصرفية التقليدية فتحظى بخبرة تمتد على مدار قرون مضت.

* ما خطط البنك الاستراتيجية؟ وما المشاريع التي يزمع تنفيذها حاليا؟

ـ سيعمل مصرف «ساكسو بنك» مستقبلاً على مواصلة افتتاح فروع ومكاتب له حول العالم للوصول إلى عملائه في كل مكان، ونحن نرى في خططنا المستقبلية لتنمية أنشطة المصرف ضرورة الانتقال من فضاء الإنترنت غير الملموس إلى الحضور الفعلي على أرض الواقع لتقديم أفضل ما في العالمين: الخدمة عبر الإنترنت مصحوبة بالدعم والتوجيه وجهاً لوجه. وسنعمل كذلك في المستقبل على زيادة معروضنا من المنتجات وإطلاق منتجات جديدة في نظامنا التجاري، ومن ذلك العقود مقابل الفروقات في السلع، وخيارات الاستثمار المتداولة التي ستتوفر في المستقبل القريب. أما التحدي في نشاطنا المستقبلي فيتمثل في إدارة معدلات النمو والاستثمار لدينا بما يتفق والمناخ المالي الحالي.

* كيف ترون آثار الأزمة المالية العالمية على العمل المصرفي عالميا وخليجيا؟

ـ أتوقع نهاية فورية للأزمة المالية العالمية، إذ أن تكديس الاحتياطيات المتواصل لدى البنوك الغربية كفيل بإحباط جهود السياسات العامة لتحريك دوائر الإقراض المتوقفة، وقد بات من الواضح حالياً أن هذا النمط الاقتصادي - المتمثل في زيادة المدخرات والحد من الإنفاق ـ متجه إلى جانب المستهلك باعتباره طرفاً في المعادلة الاقتصادية. ونحن ما زلنا في انتظار اكتمال الآثار، لكننا سندهش حقاً إذا استطعنا تنقية هذه الأجواء العصيبة في غضون عام واحد.

أما فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي فنرى أن المنطقة تطبق الاستراتيجية السليمة في ظل تزايد الهياكل والأسس التنظيمية المناسبة لنمو الأعمال على المستويين التنظيمي والضريبي. وفي الوقت الذي تتعرض فيه الكثير من الدول ـ التي دأبت على اتباع سياسة جاذبة للأعمال من حيث الاعتبارات الضريبية والمصرفية ـ مثل سويسرا لضغوط من الدول الصناعية، فإن دول الخليج في موضع يؤهلها لاجتذاب الثروات التي تبحث حالياً عن مقاصد جديدة وجاذبة من الناحية الضريبية. علاوة على ذلك، استطاعت دول المجلس على مر الأعوام بناء احتياطيات هائلة ستسهم في التعاطي مع الأزمة الراهنة، فوجود الاحتياطي يقف حائلاً أمام ظروف الافتقار إلى السيولة التي تعاني منها مناطق أخرى في العالم، كما يمد المنطقة بالموارد اللازمة لتأمين الاستثمارات والممتلكات الاستراتيجية في الأسواق العالمية. وبذلك، فإنه لا سبيل إلى تجاوز الحقيقة الماثلة أمامنا بأن النمو في المنطقة ما زال معتمداً اعتماداً كبيراً على أسعار النفط، ومع وصول أسعار النفط الخام إلى ثلث ما كانت عليه من الأسعار القياسية خلال العام الماضي، وفي ظل الهبوط المتواصل في معدل الطلب على الطاقة عالمياً، فإن تراجع أسعار النفط يؤثر مباشرة في خطط النمو لدى دول الخليج العربي.

* ما آلياتكم المصرفية الخاصة بمصرف «ساكسو» للتصدى لآثار الأزمة المالية على عملياتكم المصرفية والاستثمارية الخاصة بكم؟

ـ تعامل مصرف «ساكسو بنك» مع الأزمة الاقتصادية باقتدار، بل إن عام 2008 شهد تحقيق أرباح غير مسبوقة في تاريخ المصرف، ذلك أن اهتمامنا بالتخصص في مجال أعمالنا، وعدم انخراطنا في مجالات مثل الإقراض، قد ساعدنا كثيراً في هذا الصدد. ومع ذلك، فإننا توقعنا حدوث الأزمة الاقتصادية واستبقناها بإعادة الهيكلة وإجراءات التدريب على خفض التكاليف منذ عام مضى، وذلك لضمان عنصر المرونة والكفاءة في المصرف. ويشهد الواقع اليوم بذكائنا في هذه الإجراءات وهذا التفكير.

* هل لديكم توجه لدخول السوق السعودية؟

- كما ذكرنا سابقاً، تم افتتاح مكتب دبي منذ فترة قصيرة للغاية ليكون المكتب الإقليمي الرئيس لمصرف «ساكسو بنك». وفي الوقت الذي نفتقر فيه لخطط فورية لافتتاح مكاتب إضافية في المنطقة، إلا إننا نرى أن السعودية سوقاً رئيسة بالنسبة لنا، وسننظر بجدية في إمكانية افتتاح فرع هناك مستقبلاً. لكننا في الوقت الراهن نستثمر بصورة مباشرة من خلال توفير خدماتنا وإمكانياتنا التقنية للمصارف المحلية والشركات المالية المسجلة في المملكة، كما نتطلع إلى زيادة عدد شركائنا هناك.