مصرفي لبناني: منشآت صغيرة مقترضة من بنوك إسلامية نجت من الأزمة المالية

مطرجي مدير بيت التمويل العربي اللبناني لـ «الشرق الأوسط»: سنطرح منتجات متوافقة مع الشريعة تضاهي المنتجات العالمية

فؤاد مطرجي («الشرق الاوسط»)
TT

أكد خبير مصرفي لبناني أن المصارف الإسلامية لن تطرح نفسها بديلاً للنظام المصرفي القائم في لبنان، إلا انه أكد أنها ستلعب دوراً في تقويم بعض الاعوجاج الموجود في مصارف تقليدية وليس كلها.

وقال الدكتور فؤاد مطرجي المدير العام وعضو مجلس إدارة بيت التمويل العربي في لبنان «مصرف إسلامي»، إن أنظمة الضبط القائمة في المصرف الإسلامي هو الذي يعطي الاقتصاد حجمه الحقيقي، الأمر الذي جعلها بعيدة عن التأثر بالأزمة، وذلك نظراً لطبيعة عملها والحصانة الكبيرة التي تتمتع بها.

وبين أن المصرف الإسلامي لا يتعاطى بتجارة الديون ولا يبيع ما لا يملك، مشيراً الى أن المصارف الإسلامية التي دخلت في صلب الاقتصاد العالمي من خلال إدارتها لأصول تجاوزت التريليون دولار ونمو بمعدل 20 في المائة سنوياً، تلقفتها جميع الدول العالمية الأمريكية والأوروبية والعربية، ومنها لبنان الذي لا يستطيع أن يبقى بعيداً عن صناعة مصرفية جديدة.

واعتبر مطرجي أن المصارف الإسلامية في لبنان تتمتع بكامل الشفافية والوضوح وحسن الممارسة وهي تعمل لخلق فرص عمل جديدة، وتفعيل المشاركة المنتهية بالتمليك حيث لبنان اليوم بحاجة ماسة وضرورية إلى هذا النوع من التمويل، إذ إن معظم المؤسسات اللبنانية صغيرة ومتوسطة الحجم استدانت لإعادة الهيكلة حتى تتمكن من المنافسة بأسعار مرتفعة جداً.

وتابع المدير العام لبيت التمويل العربي أن المصارف اللبنانية تعمل اليوم على تسديد الفوائد وليس على تسديد جزء من أصل الدين، مشيراً الى أنه في حال أتيح لهذه المؤسسات التمويل من مصارف إسلامية عبر ضخ رساميل فيها لكان وضعها مختلفاً.

ولفت الى أن الأمر من أسس العمل المصرفي الإسلامي، أما الميزة الأهم فيها هي المشاركة في المخاطرة، لقاء المردود الذي تجنيه، حيث عمل بيت التمويل العربي على إعادة جدولة بعض المستحقات على بعض المدينين، والذين أصبحوا متعثرين نتيجة الأحداث التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة وذلك لفترات مختلفة وبحسب حاجة كل متعثر من دون أي هوامش أرباح جديدة كون ذلك محرّما شرعاً.

وعن نجاة المصارف اللبنانية من الأزمة العالمية وتداعياتها، أشار مطرجي إلى أن القطاع المصرفي اللبناني كان في منأى عما حصل نتيجة القرارات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان وتعاميمه الاحترازية منذ سنتين، لكن الاقتصاد اللبناني لن يكون في منأى عن ترددات الأزمة، فالقطاع المصرفي شيء والنظام الاقتصادي شيء آخر، ولذلك سيكون التأثر اللبناني غير مباشر، أي بترددات الانكماش الاقتصادي العالمي.

وأكد أن الانكماش الذي حصل له تأثيرات كبيرة في العالم، حيث سيتأثر بها الجميع، أما القطاعات المحصنة فستكون أقل تأثراً تبعاً للإصابات وحجمها، لذا فإن لبنان سيتجاوز تداعيات الركود الاقتصادي العالمي بسبب قوة قطاعه المصرفي.

وعن استراتيجية بيت التمويل العربي، الذي يرتبط مباشرة بمصارف خليجية قطرية وكويتية أوضح الدكتور مطرجي أن البنك يعمل برأسمال 100 مليون دولار، وحاز على جوائز عالمية بوصفه الأسرع نمواً وفق مؤسسة «يورومني» وأفضل مصرف إسلامي عامل في لبنان وفق «غلوبل فايننس»، وسيفتتح فروعاً جديدة لتضاف إلى شبكة منتشرة في العديد من المناطق اللبنانية.

وأضاف أن بيت التمويل العربي اللبناني يعتزم طرح منتجات مصرفية إسلامية تضاهي مثيلاتها لدى كبريات الشركات العالمية أهمها، إنشاء صناديق استثمارية، تأسيس عقود إجارة منتهية بالتمليك للعديد من الأدوات التي تستخدم في المرافق العامة والخاصة، إطلاق برنامج تمويلي خاص بالشباب لتحقيق طموحاتهم، دخول المصرف في مشاريع الخصخصة.

وأضاف أنهم يتجهون إلى الاستثمار في الأملاك الوقفية لبناء مساكن شعبية للشباب وبيعها بالتقسيط، تطوير عدد من الأملاك الوقفية في مناطق سياحية مميزة، وإطلاق المشاريع التي لا تخالف الوجه الشرعي وتوقيع تفاهم مع مؤسسة أمين للقروض الصغيرة والمتوسطة.

وحول أرباح البنوك الإسلامية، أوضح مطرجي أن هذه الأرباح في مختلف دول العالم ما زالت تظهر بشكل مميز، وأن كثيرا من هذه البنوك أرباحها عالية، وتعتبر جيدة.

وعن آثار الأزمة المالية العالمية على البنوك الإسلامية، أوضح مطرجي، أن المجالات التي يمكن أن تتأثر هي تدني أسعار الأصول، وليس ضياع الأصول، مبينا أن مشكلة كثير من المصارف التقليدية العالمية التي واجهتها هي ضياع الأصول بكاملها، أما في المصارف الإسلامية، فإن تدني أسعار الأصول هو المشكلة فقط، ولكن ليس الأصل بحد ذاته، ولا حتى ربحيته. وأضاف أن بيت التمويل العربي سيدخل في استثمارات ومشاركات في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي ستكون المحرك لعجلة الاقتصاد اللبناني، كون هذه الطريقة تتعاطى مع شركات ليس لها تصنيفات ائتمانية من قبل، وبالتالي إنعاش هذا القطاع. واعتبر مطرجي خطوة التوجه إلى القطاعات الصغيرة توزيعا للمخاطر، وأنه من خلال المشاركة مع هذه المؤسسات يتم إنعاش هذا القطاع، وإدخاله ضمن منظومة القطاع الاقتصادي اللبناني، متوقعا أن يستمر الإقبال على المصارف الإسلامية كما كان في السابق، بل وأكثر من ذلك، لأن أزمة الرهن العقاري التي حصلت في العالم هي ما جعل العملاء يتوجهون إلى مصارف آمنة.

وفيما يتعلق بالسيولة في البنوك الإسلامية، أكد أن المصارف الإسلامية لا تعاني من السيولة، بل لديها فائض في ذلك، وأن موضوع الشح كان أثناء تقييم البنوك التقليدية في المنطقة.