سورية: شركات التكافل الإسلامي تلجأ لخطباء المساجد لنشر الوعي التأميني

خبراء يؤكدون أن ذلك سيساعد على الوصول إلى أكبر شريحة

TT

تعتزم شركات التأمين التكافلي الإسلامي في سورية إلى نشر جذب المزيد من العملاء خلال الفترة المقبلة، مما حدا بها بالتحركات إلى نشر ثقافتها بطرق مختلفة، والتي دفعت شركة جديدة للتوجه نحو خطباء المساجد لنشر التوعية.

ويأتي ذلك بعد عزم شركة العقيلة وهي أول شركة تأمين تكافلي في سورية، نشر التوعية بين خطباء المساجد ابتداءً من ريف العاصمة دمشق وتوسعاً نحو باقي المحافظات. وجاءت تلك التحركات في الوقت الذي تشهد فيه السوق السورية إقبالاً واضحاً لافتتاح مصارف إسلامية فيها، إذ يتوقع أن يبلغ عدد المصارف الإسلامية العاملة فيها العام المقبل 5 مصارف، فإن التأمين التكافلي لا يبدو بنفس الحركة، ويبدو أنه سيقتصر على شركتين فقط على الأقل في هذه المرحلة بعد أن ألغت شركة نور ترخيصها وهي التي كانت تخطط لأن تكون ثالث شركة تأمين تكافلي في سورية. ويعمل في السوق السورية حالياً شركتان، هما «العقيلة» بشراكة كويتية، و«الإسلامية السورية» بشراكة قطرية. ولا تبدو مهمة الشركتين سهلة. على أن الصعوبة تنبع من ضعف الوعي التأميني في سورية بشكل عام واحتدام المنافسة بين 13 شركة دفعة واحدة، مما أثر على الأسعار والمستوى الفني للخدمات المقدمة.

وتدرك شركات التأمين التكافلي ضرورة فتح جبهات توعية خاصة بالخدمات التي تقدمها، ومع إدراكها أن العمل شاق لأن المطلوب منها هو ممارسة الإقناع بجدوى التأمين أولاً ومن ثم تعزيز الأمر بالخدمات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ويرى فراس العظم مدير عام احدى شركات التأمين، أنه من المهم التوجه نحو نشر الوعي التأميني التكافلي،خاصة مع وجود شريحة واسعة من السوريين الذين لا يؤمنون بالتأمين، في الوقت الذي يوجد في البلاد مستثمرون، يستثمرون في معامل ضخمة على مستوى المنطقة، ومع ذلك لا يملكون عقداً تأمينياً واحدا، إلا في حال اجبروا عليه -التأمين الإلزامي-، وهؤلاء لابد من حسن مخاطبتهم عبر أشخاص ضليعين في التأمين أولاً والشريعة ثانياً حتى نتمكن من إقناعهم بضرورة التأمين والحاجة الماسة له. ومن أجل ذلك يقول العظم إنهم يخططون لإقامة ندوات ودورات تدريبية تستهدف خطباء الجوامع والعلماء والأئمة من اجل خلق معرفة تأمينية تتعلق بنشأة التأمين التقليدي والتكافلي والفروق الجوهرية بينها، وإطلاعهم على أركان عقد التأمين التكافلي والغرر في التأمين والفائض التأميني وغيرها من المواضيع التي يمكن أن تساعد هؤلاء الخطباء ورجال الدين لاحقاً في نشرها بين الناس وتعريفهم بها وحثهم عليها.

وأوضح العظم في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الندوة الأولى ستكون الشهر المقبل وتم التنظيم لها بالتعاون مع وزارة الأوقاف السورية التي تبدي مساندة لافتة للخدمات المصرفية والتأمينية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وأشار إلى أن أكثر ما يواجه شركات التأمين التكافلي وحتى المصارف الإسلامية هو النقص الحاد في عدد علماء الدين المتخصصين في التأمين والمصارف، والذين يمكن أن يلعبوا دوراً مهماً ليس في الإشراف على المنتجات الإسلامية، وإنما في إقناع الناس بها بالنظر إلى دورهم في المجتمع.

إلى ذلك يرى إياد الزهراء رئيس هيئة الإشراف على التأمين في سورية أن شركات التأمين الإسلامية تواجه تحدياً كبيراً لصعوبة إقناع الناس بخدماتها، خاصة أولئك الذين لا يؤمنون بالتأمين أصلاً.

وأضاف الزهراء في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» تبدو فكرة التوجه نحو خطباء المساجد موفقة نظراً للدور الذي يمكن أن يساهموا به لاحقاً في نشر وإقناع الناس بفكرة التأمين، خاصة أن التأمين الإسلامي يقوم على مبدأ التكافل، وبالتالي فإنه يعبر عن بعد إنساني محض لأنه يعزز التعاون والتعاضد في المجتمع، الأمر الذي يمكن من دافع مؤازرة الآخرين والمساعدة في عمليات الإقناع الموجه للمجتمع بفكرة التأمين التكافلي وتقبلها، ودون أن ينسى البعد الربحي في الأمر، مما يمكن المؤمن من وجود فرصة للربح من البوليصة التي يحملها دون أن يعاني من مخالفة الشريعة وهذا أمر مهم للغاية.

الزهراء أكد أن سورية بحاجة للقيام بنشر الوعي التأميني في فرعيه التجاري والإسلامي، وهو ما يجب العمل عليه بروح جماعية نظراً لتلاقي المصالح بين الشركات كافة تجارية وإسلامية من جهة، ولاتساع السوق التأمين السوري قياساً بما يغطيه التأمين حالياً.

وأشار إلى أن التأمين التكافلي يمتلك قاعدة واسعة جداً ولابد لشركات التأمين التكافلي من إيجاد السبل الكفيلة بالوصول إلى هذه الشريحة، ولعل خطباء المساجد قد يكونون بداية موفقة نظراً لتأثيرهم على الناس، إلا أنه بالمحصلة لابد من اللجوء إلى وسائل أخرى عبر التأهيل وتدريب وإنشاء مؤسسات متخصصة بدراسة الجمهور واتجاهاته ودون أن ننسى دور الإعلام في عملية نشر الوعي التأميني العادي والتكافلي على حدٍ سواء.

الدكتور علاء الدين الزعتري أمين الفتوى في وزارة الأوقاف وعضو الهيئة الشرعية في شركة العقيلة والأستاذ في الاقتصاد الإسلامي تحدث عن مغزى التوجه نحو خطباء المساجد وتبنيه للفكرة، وذلك نظراً لأهميتها في نشر الوعي التأميني بشكل صحيح وعلمي خاصة، لافتاً أن أغلب خطباء المساجد هم أناس ضليعون في الشريعة، ولديهم تحصيل علمي، وبالتالي فإنه يمكن الاعتماد عليهم في نشر الوعي التأميني المتوافق مع الشريعة الإسلامية. ورأى الزعتري أن التوجه نحو الخطباء هو عمل مستمر ويجب أن يكون وفق خطة مدروسة بعناية وأن تتم متابعتها وصولاً إلى النتائج المطلوبة، وقال «نحن كرجال دين يهمنا أن تصل الأمور بطريقة صحيحة وتخاطب العقل والمعرفة عند الناس».