«البركة المصرفية» تحتفل بـ 3 عقود من تجمعها السنوي.. وسط أزمات مالية عالمية

تعقد ندوتها الثلاثين لبحث ملفات «الإجارة» و«المشتقات» و«التأمين» خلال الأسبوع الأول من رمضان

إحدى جلسات ندوة البركة التي نظمت في الأعوام الماضية («الشرق الأوسط»)
TT

ما أن يحل شهر رمضان المبارك، إلا ويتذكر العاملون في القطاع المصرفي الإسلامي، ندوة البركة المصرفية، التي تعقد في الأسبوع الأول من شهر رمضان في كل عام. ونمت وكبرت ندوة البركة المصرفية على مدى 29 عاما، وانطلقت قبل نحو ثلاثين عاما، إذ انعقدت ندوة البركة الأولى للاقتصاد الإسلامي في المدينة المنورة في الفترة من 17 إلى 20 من شهر رمضان 1403هـ الموافق 27 وحتى 30 حزيران (يونيو) 1983، وكبر معها كثير ممن كانوا يحضرونها، وكبر وهرم كثير ممن يقوم على تنظيمها من العاملين في مجموعة البركة، ثم توالى انعقاد ندوات البركة بين تونس والجزائر وتركيا ومكة المكرمة وجدة وغيرها لتبلغ هذا العام عامها الثلاثين.

وسجلت الندوة شهادة تأكيد في العمل الخيري، واعتبرها البعض مساهمة من مجموعة البركة في دفع الصناعة إلى الأمام، وآخرون يرونها ضمن برامج «المسؤولية الاجتماعية».

وكانت الندوة في بدايتها أثناء شباب وحيوية مؤسسها صالح كامل، وكان عدد من يحضرها لا يتجاوز أصابع اليد، حيث كانت تنظم في البدايات في قاعات صغيرة، أما اليوم فالندوة أصبحت مقصدا لكل مهتم بالمصرفية الإسلامية، بل ومرجعا رئيسيا في الصناعة المالية الإسلامية.

ويرى كثير من خبراء المصرفية الإسلامية وعلماء الشريعة، أن الندوة ساهمت بشكل كبير في مناقشة قضايا كثيرة وحساسة، أهمها مقاصد ومآلات الشريعة التي كانت أحد محاور الندوة العام الماضي.

وساهمت الندوة في تأصيل فقه المعاملات في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وباتت تحظى بحضور كبار علماء العالم الإسلامي ممن تمرسوا في المصرفية الإسلامية إلى جانب تخصصهم في الشريعة. وأثمر التمازج بين خبرات العلماء نتائج إيجابية على العمل المصرفي الإسلامي، وذلك من خلال حرص الندوة على استقطاب أبرز الشخصيات في هذا المجال، إلى جانب حضور كثير من المديرين التنفيذيين في العديد من البنوك الإسلامية أو التقليدية ولديها فروع في المصرفية الإسلامية. ولم يغفل صالح كامل الذي يتكفل بكافة مصاريف الندوة في كل عام أهمية أن تكون الندوة مسايرة لتقدم القطاع المصرفي الإسلامي الذي هو الآخر عمره قريب من عمر الندوة، فكان من نتائج ذلك إقناع كثير من الأنظمة المالية في كثير من دول العالم بأهمية تبني نظام مصرفي إسلامي منذ إنشاء الندوة قبل 29 عاما.

وتعقد مجموعة البركة المصرفية ندوتها هذا العام يومي الأربعاء والخميس الخامس والسادس من رمضان 1430هـ الموافقين للسادس والعشرين والسابع والعشرين من أغسطس 2009 في فندق هيلتون جدة.

وقال عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية، إن انعقاد ندوة البركة الاقتصادية السنوية يأتي في أعقاب انطلاق الهوية الجديدة لمجموعة البركة المصرفية التي تم الإعلان عنها في اجتماع حاشد بالعاصمة البحرينية المنامة.

ويشارك في المداولات التي تلي العرض والتعقيب جمهور المدعوين من العلماء والمفكرين والباحثين والمهتمين بشؤون الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية إلى جانب التنفيذيين في المؤسسات المالية الإسلامية من داخل المملكة وخارجها. وأضاف يوسف، أن انعقاد ندوة البركة بهذه الصورة الدورية المنتظمة يعتبر فرصة سانحة لكبار المسؤولين والتنفيذيين في بنوك البركة للالتقاء المباشر وتبادل الخبرات والتشاور في كل ما يتعلق بسير العمل المصرفي الإسلامي في وحداتهم، والاستفادة من ذلك كله في تطوير أعمالهم ومواجهة ما قد يعترضهم من مشكلات طارئة، والتعامل مع المستجدات التي تطرأ على النظام المصرفي العالمي.

وستشكل ندوة البركة المصرفية الـ 30 منعطفاً مهماً في مسيرة الاقتصاد الإسلامي، وذلك لتصديها لجملة من القضايا الآنية المرتبطة بالأسواق المالية العالمية، حيث ستناقش الندوة أربعة محاور رئيسية يأتي في مقدمتها (المشتقات ودورها في الأزمة المالية العالمية)، ويشارك في هذا المحور كل من الدكتور توبي بيرش المدير التنفيذي لـ«هيرش المحدودة للأصول» ومؤلف كتاب «الانهيار الأخير»، والدكتور إغناسيو دي لاتور خبير التمويل الإسلامي من إسبانيا، إلى جانب الدكتور سامي السويلم نائب رئيس معهد البحوث والتدريب التابع لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية. فيما ستناقش الجلسة الثانية «التطبيقات العملية للإجارة الموصوفة في الذمة «بمشاركة كل من الدكتور عبد الستار أبوغدة رئيس وأمين الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية، والدكتور أحمد محيي الدين أحمد من دلة البركة المصرفية، ثم يعقب الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء في السعودية. وفي اليوم الثاني من الندوة يناقش العلماء (تأمين الضمان والدين) تستهل ببحث عثمان الهادي، والدكتور علي القرة داغي، ثم تعقيب للدكتور عبد الرحمن الطيب طه، والدكتور حسين حامد حسان. وتحفل الجلسة الرابعة في ثاني أيام ندوة البركة المصرفية بأهمية خاصة لبحثها «مدى قبول القوانين الوضعية مرجعاً لاتفاقيات وعقود تكون المؤسسات المالية الإسلامية طرفاً فيها»، وتقدم فيها بحوث لكل من الدكتور عبد الستار الخويلدي، الدكتور أحمد علي عبد الله، ثم تعقيب للشيخ محمد المختار.

وبلغ عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية اليوم والعاملة في أكثر من 60 دولة في القارات الخمس نحو 300 مؤسسة ومصرف إسلامي حول العالم، ويتركز نحو 40 في المائة منها في الدول العربية وتحديداً في دول الخليج، وتوسعت قاعدة موجوداتها لتصل اليوم إلى أكثر من 520 مليار دولار، تشكل حصة دول الخليج منها نحو 90.8 في المائة من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية عام 2007، والسعودية وحدها تشكل حصة نسبتها 49.5 في المائة من إجمالي حصة دول الخليج، والإمارات نحو 20 في المائة، بينما الكويت نحو 17.4 في المائة.