«موديز» تتوقع تريليون دولار حجماً للأصول المدارة بالاستثمار المتوافق مع الشريعة

وسط تقديرات بقدرة استيعابية دنيا لقيمة السوق المصرفية الإسلامية العالمية بـ 5 تريليونات دولار

التقديرات تأتي في وقت لا تزال تعيش فيه المصارف الإسلامية تحفظا كبيرا بالاعتماد على قاعدة السيولة («الشرق الأوسط»)
TT

حملت تنبؤات حديثة بقدرة المصرفية الإسلامية على استيعاب 5 تريليونات دولار كقيمة دنيا لحجم الصناعة في العالم خلال الوقت الراهن، مقدرة قيمة الأصول المدارة بالمصرفية الإسلامية إلى تريليون دولار بحلول عام 2010، مقابل مجموع الأصول التي تحتفظ بها البنوك الإسلامية على المستوى العالمي البالغة نحو 840 مليار دولار في نهاية عام 2008. وقالت مؤسسة موديز في تقرير متخصص حصلت عليه «الشرق الأوسط» ان هذه التقديرات تأتي في وقت لا تزال تعيش فيه المصارف الإسلامية تحفظا كثيرا بالاعتماد على قاعدة السيولة المفرطة، وإبقاء فائض الأصول السائلة، موضحا أنه رغم ذلك تواجه الصناعة آثار أزمة الائتمان وتعاني من ويلات صناعة متطورة تتميز بمعدلات نمو مرتفعة للغاية وإدارة الشركات مرتبكة وضعف في إدارة المخاطر.

وذكر التقرير الذي هدف لتقييم مستوى السيولة والمفاضلة للبنوك الإسلامية في بيئة متغيرة، أنه في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وتركيا تكمن 10 مصارف إسلامية سجلت معدلات تقييم ائتمان عالية تراوحت بين درجات AA3 إلى BAA2 وتعتبر ضمن فئة الدرجة الاستثمارية، بينما حصلت جميع البنوك على نسبة احتمالات مستقبلية مستقرة.

وجاءت، وفقا للتقرير، جملة من المؤشرات التي عززت من وضع المصارف الإسلامية تدعمها وفرة السيولة، ورأس المال ذو القواعد المرنة، وارتفاع العائدات والأصول وتمويل تكاليف منخفضة نسبيا، مقابل سياق محدود لتوفير سيولة كافية، وتدني مستوى التنافسية وهوامش الربح، موضحا أن تصنيف جل المصارف يوازي الأداء المالي لهذه الصناعة ويبلغ متوسط درجات تؤيد احتمالات مستقبلية مستقرة في معظم الحالات.

ويرى التقرير أن هناك قوة جزئية لدى البنوك الإسلامية في المنطقة تتمثل في معدل نمو الموجودات لكن ذلك تقابله مسؤوليات وتحديات تواجه إدارة الخصائص النوعية مثل إدارة الشركات، وإدارة المخاطر التي تواجه من ناحيتها التقلب في الأسواق الناشئة. وزاد التقرير أن القطاع المصرفي الإسلامي رغم ذلك يملك أدوات الربحية العالية على الرغم من أنها قد لا تكون مستدامة. مفيدا أن ذلك ربما لن يؤثر على التصنيف في نهاية المطاف بالنظر إلى أن التقييمات الائتمانية للبنوك تتأثر بتنويع أصول وعدم كفاءة إدارة الشركات والهياكل.

وبين التقرير أن السيولة تتجه إلى أن تكون ركيزة المالية للبنوك الإسلامية، لتكون بذلك مماثلة إلى حد ما مع المؤسسات المالية التقليدية التي تعتمد على مستويات عالية من النقد والأصول السائلة كحل أمثل لحماية مصالح المودعين والمستثمرين والمساهمين على الائتمان ونقص السيولة التي تعاني من الاضطرابات.

وقال التقرير، إن المصارف الإسلامية ترى في السيولة المفرطة المكتسبة والمعروفة لديها باسم «حسن السيولة» مقللة من مخاطر الكساد الاقتصادي، بينما تستند إلى المحافظة على القيم الأساسية التي لا تشجع على استخدام غير متناسب لمستويات الديون لتمويل الأصول، فضلا عن المضاربة والاستثمار من المشكوك فيه، التي حالت من دون هذه الصناعة من حيث استخدامها للضغط.

وفي الوقت نفسه، يؤمن التقرير أن المصارف الإسلامية باتت تدرك أن فائض السيولة في المؤسسات المالية الدولية قد أدى إلى ضعف إدارة الأصول والخصوم الذي ترجم إلى سيولة خطرة نبع عنه ندرة متوسطة وطويلة الأجل للحد من الفجوة بين الأصول والخصوم. وأفصحت معلومات التقرير أن المؤسسات المالية الدولية الديناميكية التنظيمية اتجهت إلى التناسب مع تطور الصناعة المالية الإسلامية، كاشفا أن كبار اللاعبين في هذا القطاع حاليا يجاهدون حاليا لتطوير فئات أعمال أصولها التي تسمح لأكثر كفاءة استثمار الفائض النقدي من دون التقليل من القوانين الأساسية التي تحتاج إليها لوضع الأهداف الاجتماعية والأخلاقية قبل الربح.

وتعتقد «موديز» أن واحدة من المشاكل الأساسية للمؤسسات المالية الدولية هي عدم قدرتها على رصد المخاطر بكفاءة، ومخاطر السيولة في المقام الأول، مما يؤدي إلى وجود تحدي إدارة السيولة على الدوام أمام المؤسسات المالية العالمية. موضحا أنه يجري الآن تفاقم أوجه القصور في هذه الصناعة الوليدة (المصرفية الإسلامية) عيوب مثل ندرة الأدوات السائلة، وعدم الاتساق والتنظيمية المتخلفة مع الطابع الإسلامي لسوق المال. وأكد تقرير «موديز» الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن معظم المؤسسات المالية العالمية عملت من أجل البقاء على خفض أسعار العقارات وتترقب انتعاش الدعم الحكومي في النظام وانتظار عودة الأسواق المالية العالمية، بيد أن مخاطر السيولة ما زالت قائمة ما لم يتم التصدي لها من خلال حلول مبتكرة مثل استحداث مجموعة من الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وإدارة الأصول والخصوم المتوافقة مع تعاليمها لتغطية النقص في الأموال طويلة الأجل. وكشف تقرير موديز عن توجه مؤسسات المصرفية العالمية الإسلامية وكذلك بعض المصارف الأصغر حجما مثل «مصرف الراجحي» في المملكة العربية السعودية و «بيت التمويل الكويتي» في الكويت فضلت حماية الأصول والسيولة والرسملة وسمعتها على حساب النمو والربحية.

وتوسع التقرير في امتداح السياسة المالية للمصارف الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي حيث نجحت في تقديم نموذج مشترك فيما يتعلق ببعض المقاييس المالية الرئيسية والاتجاهات الجديدة الناشئة عن الآثار العالمية للأسواق.

وأضاف أن تلك التطورات أدت إلى انخفاض طفيف في السيولة، على الرغم من أن النسب المسجلة أفصحت عن استقرار في جملة التكاليف والتمويل عن طريق الودائع بالجملة والنمو السريع في الإقراض، الأمر الذي حدا بـ«موديز» إلى تقديم نظرة مستقرة بالنسبة لغالبية التقييمات الائتمانية للبنوك في المنطقة. وعرج التقرير الطويل على الصكوك، حيث لفت إلى أنه رغم تزايد انتشار الصكوك وتعرضها لتراجع في عملة الإصدار والاستثمار بنسبة ملموسة قوامها 50 في المائة قد تراجع وهجها بعد أن كان ينظر إلى قدرتها بأن تكون لها ريادة مالية أكبر من وضعها الحالي. ويعتقد بعض المحللين ـ بحسب التقرير- أن أحد رادعات النمو في سوق الصكوك ومشتقاته من الصكوك فضلا عن الأزمة الاقتصادية، هو الشكوك حول عدم الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية. مشيرا إلى أن بعض المحللين يرون أن النقطة الرئيسية هي الاحتياج إلى مزيد من الشفافية في استخدام الأدوات التي هي أكثر تركيزا اجتماعيا واقتصاديا من أجل الربح المحض للمنتجات. وأبان التقرير أن الفجوة التي خلفتها الصكوك بوضعها الحالي، دعا إلى شق الشركات الخاصة للمشاريع طريقها في الوقت الراهن للاستفادة من آلية الصكوك وإضافة مستويات عالية من رأس المال والسيولة بالتعاون مع المؤسسات المالية الإسلامية لزيادة النوعية الهائلة من الأوراق المالية، وتقديم فرصة الأسهم الخاصة الإسلامية للمشاريع لتسجل نجاحا مؤخرا وتتزايد في ارتفاع الطلب عليها.

ويرى التقرير إمكانية نمو هذه النوعية من الصكوك حيث ان المصارف الإسلامية تمكنت من الحصول على خصخصة لكثير من الشركات والكيانات الأخرى، مثل الشركات المرتبطة بالحكومة وجزئيا خصخصة الشركات المحلية والأجنبية.

ووفقا لأحد التقديرات ـ نقلا عن التقرير- فإن قيمة هذا السوق مبدئيا هو 3 مليارات دولار للولايات المتحدة مع وجود 180 تكتلا في دول مجلس التعاون الخليجي يبحث عن الأسهم الخاصة.

وعلى الرغم من كافة التطورات في سوق الصكوك والسندات في العموم، إلا أن سوق الصكوك ليس عميقا أو يمتلك قوة سيولة كما في سوق السندات التقليدية، بغض النظر عن تغذيتها بالطلب المتزايد على البنوك والشركات والحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي، معترفا بوجود نقص في الإمدادات التمويلية.

وزاد التقرير، بالإضافة إلى ذلك فإن سوق الصكوك لا يزال راكدا مع محاولة حائزي السندات الناضجين على الحفاظ على سندات ليوجد قدرا ضئيلا نسبيا من التداول في السوق الثانوي، في وقت تعتبر القدرة على التبادل التجاري والمحافظ على السندات أقوى حافز لإعطاء المصارف المرونة لتعديل أصولها وتفعيل مسؤولية إدارة عملياتها ضد الحركات المفاجئة في أسعار الأصول عن طريق مطابقة مدد على كلا الجانبين. علاوة على ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية المستمرة حدت من الطلب في سوق الصكوك، وإصدار الدين العام المحلي بشكل عام، مما أدى إلى انتشار واتساع ركود وتهيّب الحركة في البنوك الإسلامية مما عزز من التراجع أمام تصاعد مستويات السيولة.