لماذا نتفاءل؟

TT

لأننا مسلمون فنحن مأمورون بالتفاؤل، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة» متفق عليه. والطيرة هي التشاؤم، ونهى الإسلام عن اليأس والقنوط فجاءت الآيات الكثيرة في القرآن الكريم تحث على التعلق بالله وصدق الإيمان به والتوكل عليه فقال تعالى «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل» آل عمران 173. وقال حكاية عن نبي الله يعقوب «يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» يوسف 87. وفي أعظم مواطن الخوف والضعف كان صلى الله عليه وسلم متفائلا واثقا في ربه قال تعالى «إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم» التوبة 40. فالتفاؤل هو سمة المؤمنين والقنوط واليأس هو سمة الكافرين والمنافقين، ولا ينبغي للمسلم الوقوف عند التفاؤل بحدوث الأمور المحبوبة له بل يجب عليه العمل وبذل الأسباب لحصولها مع صدق التوكل على الله، والإيمان المطلق بالقدر خيره وشره. ومن هنا فإنني أرى أن دعوة مصرف الإنماء السعودي في حملته التسويقية التي أطلقها قبل أيام، التي تدعوا للتفاؤل هي دعوة إيجابية تنطلق من مبادئ ديننا الحنيف وتنهل من معينه الصافي، إلا أنها ستبقى مجرد كلمات ما لم يكن خلفها برامج تمويل تحقق هذا التفاؤل وهو ما لم تبينه الحملة التسويقية. فهل لدى المصرف مثلا برامج لتمويل المهنيين الذين هم في أمس الحاجة لمثل هذا التمويل حيث لا يوجد لهم أي نصيب من برامج التمويل لدى المصارف المحلية مما جعل مساهمة القطاع المهني لا يتجاوز 7.7 من الناتج المحلي السعودي في عام 2008م وفقا لدراسة حديثة أجرتها الغرفة التجارية والصناعية بالرياض. أم هل لدى المصرف برامج لتمويل المساكن لذوي الدخل المتوسط والمنخفض، وذلك عبر التعاون مع مطورين عقاريين قادرين على توفير الوحدات العقارية بتكاليف تتناسب مع قدرات هذه الشرائح وليس عبر طرح برامج تمويل مماثلة لما هو موجود في المصارف الأخرى. أم هل لدى المصرف برامج لتمويل الأسر المنتجة وهل لدى المصرف برامج لتمويل الشركات المتوسطة والصغيرة.

لقد كنت متفائلا بما ورد في هذه الحملة التسويقية للمصرف فقمت بزيارة لموقع المصرف الإلكتروني وكلي أمل في أن أجد البرامج التمويلية التي تدعو للتفاؤل بوجود مصرف إسلامي يحقق الغاية من وجوده، وذلك بإيجاد برامج تمويل على نسق ما ذكرت سابقا بحيث يحل معضلات التمويل لدينا، التي أعاقت التنمية في المملكة العربية السعودية وحدت من إنتاجية المجتمع وقضت على دواعي الإبداع فيه حيث لا تمويل بدون ملاءة مالية أو ضمانات عينية، إلا أنني لم أجد أيا من هذه البرامج التمويلية التي تدعوا للتفاؤل. ومع ذلك فإنني ما زلت متفائلا بأن مصرف الإنماء سيكون عند حسن الظن به وسيكون مختلفا عن غيره من المصارف عبر إطلاق البرامج التمويلية ذات البعد التنموي، التي ستوفر ولو جزئيا التمويل لمن يحتاجه من شرائح وقطاعات المجتمع التي أهملتها المصارف الأخرى، فإن لم يفعل فإن رسالته التي أراد بثها في المجتمع ستكون وبالا عليه، لا سيما أن المجتمع كان يتوقع منه الكثير قبل إطلاقه حملته التسويقية وتعززت هذه الآمال بعد إطلاقه هذه الحملة، فيصدق عليه قول الشاعر قد عينوك لأمر لو فطنت له ـ فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل. اسأل الله أن يوفق القائمين عليه إلى ذلك.

* مستشار في المصرفية الإسلامية