العضو المنتدب للبنك الوطني للتنمية: ندرس إنشاء بنك استثماري ونسعى لتصفية بعض استثماراتنا

نيفين لطفي لـ «الشرق الأوسط»: البنوك الإسلامية في مصر لا تحتاج إلى قوانين جديدة

نيفين لطفي
TT

يسعى البنك الوطني للتنمية (أحد البنوك المصرية التي تم طرحها في برنامج الخصخصة المصري عام 2007) إلى تحويل تعاملاته المصرفية كافة إلى إسلامية، بعد أن استحوذ بنك أبو ظبي الإسلامي على حصة فيه، ليكون البنك الثالث في مصر الذي يقدم تعاملات إسلامية إلى جانب بنك فيصل الإسلامي وبنك التمويل المصري السعودي.

وفي لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع نيفين لطفي العضو المنتدب للبنك تحدثت عن أوضاع البنوك بشكل عام وعن البنوك الإسلامية في مصر بشكل خاص، ورؤيتها للتشريعات التي تنظمها، وكانت إجابتها مخالفة للرأي السائد في السوق، حيث رأت أن التشريعات التي تنظم البنوك التجارية كافية للتعامل مع البنوك الإسلامية. وأوضحت أن البنك يعتزم طرح منتجات إسلامية جديدة خلال ثلاثة أشهر، إلى جانب وجود خطة لديه لإنشاء بنك استثماري، ولكنها كانت متحفظة في الحديث عن أرباح البنك.

ونيفين لطفي ليست من عائلة مصرفية فحسب، فوالدها إبراهيم لطفي من مؤسسي أول بنك عمل بالنظام الإسلامي في مصر والعالم وهو بنك ناصر الاجتماعي ورأس مجلس إدارته لسنوات، وشقيقتها فاطمة لطفي نائب رئيس بنك الإسكندرية. إلى نص الحوار:

* ما رؤيتك للسوق المصرفي في مصر؟

ـ السوق المصرفية المصرية تُعتبر من أكبر وأعمق أسواق المنطقة العربية، ولذلك فإن أول استحواذ قام به بنك أبو ظبي الإسلامي كان في مصر لأن السوق تنمو بشكل كبير، وطبقا لإحصائياتنا فإن عدد المتعاملين مع المصارف بلغ نحو 12 مليون شخص، وهذا معدل صغير جدا بالنسبة إلى عدد السكان، لذا فإن معدلات النمو المتوقعة كبيرة خصوصا مع تغير أنماط الحياة والتي تتطلب التعامل بشكل أكبر مع المصارف.

* هل تحتاج البنوك الإسلامية في مصر إلى تشريعات خاصة بها أو قانون خاص ينظم عملها؟ ـ لا أعتقد ذلك، وأرى أن التشريعات والرقابة على كل البنوك يجب أن تكون واحدة، لأن هدف التشريعات هو خلق سوق مصرفية أكثر شفافية، فهي تشترط أن يكون رأسمال البنوك والاحتياطيات كافية، لكي يوفي بالتزاماته للمودعين، ويجب أن يكون لديه سيولة كافية لكي يقابل السحوبات، ويجب أن يكون عنده أرباح كفاية لكي يغذي رأس المال، كما ينبغي أن يكون هناك ترتيب للمخاطر بطريقة معينة، وذلك بهدف حماية المودعين والبنوك، وهذا لا يختلف بين البنوك سواء إسلامية أو تقليدية.

* لكن البنوك الإسلامية تقدم منتجات مختلفة عن باقي البنوك التجارية، فكيف يتأكد البنك المركزي من تقديم تلك المنتجات بشكل سليم دون وجود تشريع ينظمها؟

مطابقة المنتجات للشريعة الإسلامية هي اختيار البنك في الأساس وداخليا يكون هناك هيئة شرعية مستقلة عن البنك، وتكون تابعة لرئيس مجلس إدارة البنك لا للإدارة التنفيذية، وتكون مهمتها مراقبة التعاملات كافة التي يقوم بها البنك، وأرى أنها كافية للتأكد من مطابقة المنتجات والخدمات التي نقدمها للشريعة الإسلامية.

* ما مدى تقبل البنوك الإسلامية في مصر؟ ـ تقبُّل الاختيار الإسلامي للعميل في مصر كبير جدا، كلفنا العام الماضي شركة استشارية لعمل دراسات على المجتمع المصري لمعرفة مدى تقبله للمنتجات الإسلامية، وأظهرت أن أغلب المبحوثين يحبذون البنوك الإسلامية ولكن بشرط أن تكون الخدمة المقدمة في تلك البنوك مثل باقي البنوك التجارية في مصر. ولذلك بدأنا بتقديم خدمة متميزة للعملاء، وقالت إن البنك حريص على تقديم خدمة مصرفية إسلامية متميزة لا تختلف في جوهرها عن البنوك التجارية الكبرى في مصر، ولكن في مضمونها فإنها خاضعة للشريعة الإسلامية.

* متى ستتحول تعاملاتكم كافة إلى إسلامية؟

ـ من المتوقع أن تتحول تعاملاتنا كافة إلى إسلامية منتصف العام المقبل، وكل عمليات التمويل سواء للمشروعات أو للأفراد مطابقة للشريعة، والعائق الوحيد الذي يواجهنا في تحويل التعاملات كافة إلى إسلامية هم العملاء الذين لديهم ودائع في البنك وهم موجودون قبل عملية الاستحواذ ويتعاملون بطريقة تقليدية.

* هل عرضتم على العملاء الحاليين منتجاتكم الإسلامية؟

ـ بالفعل بدأنا نخاطب العملاء الموجودين حاليا، وتوعيتهم بالمنتجات الإسلامية التي يقدمها البنك، ولكننا في انتظار تطوير أنظمة الحاسب الآلي في البنك حتى يستوعب العملاء كافة، وفي حالة عدم موافقتهم على التحويل، سيستمرون بالنظام التقليدي في البنك، وسيتم تحويل أرباحهم إلى الأعمال الخيرية بعد خصم تكلفة الأموال.

* ما حصتكم في السوق المصرفية المصرية؟

ـ بالنسبة إلى السوق المصرفية ككل فحصة البنك الآن تبلغ نحو 2%، أما بالنسبة إلى حصتنا في التعاملات الإسلامية في مصر، فإن لتحديدها صعوبة كبيرة، وذلك لتعدد البنوك التجارية التي تقدم تلك الخدمات التي يبلغ عددها حتى الآن تسعة بنوك، ولا يظهر في ميزانيات تلك البنوك حجم تعاملاتهم الإسلامية، وبذلك لا نستطيع تحديد حصتنا في سوق المصرفية الإسلامية.

* ما التحديات التي تواجه البنك الآن؟

ـ أكبر التحديات التي تواجه البنك الآن هو إعادة هيكلة البنك، وهي تحتاج إلى فترة، وذلك لأن البنك استمر في العمل لمدة 25 عاما دون أي تطوير، وعلى الرغم من أن التطور في العمل المصرفي سريع جدا، فلم يتم تطوير التكنولوجيا، ولم يتم الاستثمار في الموظفين، إلى جانب عدم انفتاح البنك على البنوك المحلية أو العربية أو العالمية، مع غياب بعض الإدارات في البنك، ولذلك فإن التحدي الأكبر هو إعادة الهيكلة لتحويل البنك إلى منافس رئيسي مع البنوك العاملة في السوق.

* البعض يرى أن مصر تفتقر إلى العاملين المؤهلين للعمل في المصارف الإسلامية. ما رأيك؟ ـ لا أعتقد ذلك، العاملون في البنك الآن مؤهلون بشكل كبير، ويتم تدريبهم مع المنتجات التي يقدمها البنك، وهناك جاذبية من قِبل المصرفيين للعمل في البنك الآن، ويوجد في البنك عدة منتجات إسلامية تم تدريب العاملين عليها، مثل المرابحة، ولها أشكال متعددة، وهناك منتج الوكالة ومنتج المضاربة، ونعمل على زيادة المنتجات الإسلامية التي نقدمها الآن.

* ما الأولوية للمشروعات التي تقومون بتمويلها؟ ـ كل المشروعات التي نقوم بتمويلها والتي يتم التركيز عليها في الوقت الحالي، تنموية بالكامل، مثل الكهرباء والبترول والأسمنت والعقارات، وبخاصة عقارات محدودي الدخل، ويمكن تمويل المشروعات غير التنموية ولكن ليس الآن.

* ولكنكم أعلنتم أنكم ستمولون إحدى الشركات السياحية وبها شبهة مخالفة للشرع.

ـ تم عرض التمويل على البنك ولكننا رفضنا تمويله، ولكن ليس كل المشروعات السياحية محرما شرعا، فالكثير من تلك المشروعات تنموية، سواء لبناء فنادق أو تمويل أتوبيسات سياحية وغيرها.

* وكيف تدرسون الدخول في مشروعاتكم؟

ـ لا تختلف دراستنا للمشروع عن أي بنك تقليدي؛ يجب دراسة الجدارة الائتمانية للعميل والسيولة الموجودة لديه، وهل يستطيع أن يدفع الأقساط في حالة المرابحة أم لا، وبعدها يتم عرض الموضوع على الهيئة الشرعية، ثم تقرر قبول تمويل هذا المشروع أو رفضه.

* ما المنتجات التي تقدمونها الآن بالنسبة إلى التجزئة المصرفية (تمويل الأفراد)؟

ـ بالنسبة إلى التجزئة المصرفية، نركز على الأشياء ذات الجدارة الائتمانية المجزية التي توافق عليها الهيئة الشرعية، فنقوم حاليا بتمويل شراء السيارات بنظام المرابحة، ولكننا لن نقتصر على ذلك، فهناك خطة لتقديم خدمات أخرى سيتم طرحها خلال ثلاثة أشهر مثل منتج «الترحال»، وهو من نوع مرابحة الخدمات، يهدف إلى تمويل المسافرين للحج والعمرة، ويتم شراء تلك المنتجات من الشركات السياحية ثم بيعها للعميل، هذا إلى جانب منتجات أخرى لتمويل مصاريف التعليم للمدارس والجامعات، هذا إلى جانب الفيزا الإسلامية.

* متى سيتم طرح البطاقات الائتمانية الإسلامية في السوق؟ ـ في القريب العاجل، وأتوقع أن نستحوذ على 50% من حجم البطاقات الائتمانية الإسلامية في مصر حيث لا يوجد إلا البنك المتحد الذي يقدمها، ومن الصعب التنبؤ بالحصة السوقية لتلك البطاقات بالنسبة إلى السوق كلها.

* أعلن البنك عن نيته لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، متى سيتم بدء تقديم تلك الخدمة؟ وأي المشروعات ستهتمون بتمويلها حاليا؟ ـ نهدف في الأساس إلى المشروعات التنموية، ولكننا أرجأنا تمويل المشروعات الصغيرة فترة حتى تتم إعادة عملية الهيكلة، لأن الدخول في عمليات تمويل تلك المشروعات يحتاج إلى بنية تحتية كبيرة جدا، وهو لا يتوافر في البنك حاليا.

* هل لديكم نية للدخول في تمويل العقارات؟

ـ هذا الموضوع تحت الدراسة الآن، ولا أعتقد أننا سنقدم هذا المنتج قبل عام من الآن، لأن تركيزنا الآن على منتجات معينة، لكي نقدمها بشكل متميز، وبعدها نفكر في تقديم منتجات أخرى.

* لدى البنك العديد من الاستثمارات التابعة، وهي متنوعة بين شركات مالية وشركات مقاولات، ما توجه البنك حاليا لتلك الاستثمارات؟

ـ جزء كبير من الشركات التابعة للبنك تحت التصفية مثل شركة الطوب الطفيلي بالإضافة إلى شركة ألبان متوقفة منذ فترة، سيتم تصفيتها، ولكننا نركز حاليا على الأعمال المصرفية، والبنك المركزي يحد الآن من التوسع في الأعمال غير المصرفية للبنوك، وإلى جانب ذلك نستهدف التوسع في شركات الوساطة المالية، وإلى جانب ذلك نهدف إلى الدخول في نشاط التأجير التمويلي.

* إذا كنتم تنوون التوسع في مجال الاستثمارات المالية، فهل لديكم نية لإنشاء بنك استثماري؟

ـ بالفعل، هذا الموضوع قيد الدراسة، وما شجعَنا عليه أن عمل البنوك الاستثمارية مطابق للشريعة الإسلامية، ونهدف من خلاله إلى تقديم خدمات استشارية، إلى جانب خدمة الوساطة في الأوراق المالية، والاستثمارات المباشرة.

* كم يبلغ حجم المديونيات للبنك حاليا؟ وهل تمت تسويات مع بعض العملاء؟

ـ بلغ حجم الديون المتعثر استردادها للبنك عام 2007 نحو 5 مليارات جنيه، وتم عمل تسويات مع بعض العملاء، وتحصيل بعضها، كما أخذنا مخصصات من البعض الآخر، ويجري التفاوض حاليا مع الصفدي، وهو من أكبر المدينين للبنك.

* ما موقفكم من الضريبة العقارية الجديدة وتطبيقها على البنك؟ وكيف سيؤثر ذلك على البنك؟ ـ بالنسبة إلى الأصول العقارية التي آلت ملكيتها إلى البنك من تسوية مديونيات فنقوم حاليا ببيعها، وقمنا ببيع عقارات خلال هذا العام بنحو 75 مليون جنيه، ولدى البنك عقارات تقدر بنحو 90 مليون جنيه نرغب في بيعها إذا تم تقديرها بهذا الثمن.

أما بالنسبة إلى أصول البنك العقارية، فهي غير واضحة حتى الآن ومدى تأثيرها على البنك، لأن تلك الأصول تم بيعها لشركة، ثم تقوم الشركة بتأجيرها للبنك مرة أخرى، وتنتهي بتملك البنك لتلك العقارات، ونتبع تلك الاستراتيجية حتى يتم توفير سيولة في البنك لاستعمالها في أغراض أخرى، وموقف الضريبة العقارية منها ليس واضحا.