«سابك» تتجه إلى استخدام صيغ إسلامية في تعاملاتها المالية

وقعت اتفاقية إنشاء كرسي مع جامعة «الإمام محمد بن سعود الإسلامية».. والجامعة تعلن عن مسابقة لتطوير منتجات متوافقة مع الشريعة

TT

كشف مسؤول رفيع في الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» أن شركته تتجه إلى تحويل جميع معاملاتها المالية، مؤكدا أن الشركة كانت سباقة في عملية التعامل بالصيغ الإسلامية عبر إصدار صكوك وغيرها.

وقال الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان، رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، لـ«الشرق الأوسط»، إن تعاملاتها الإسلامية دفعتها إلى أن تتبنى إنشاء «كرسي (سابك) لدراسات الأسواق المالية الإسلامية» مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مشيرا إلى أن مجالات التمويل الإسلامية الحالية هي الأفضل، وأنهم يتطلعون إلى أن تتوسع هذه المجالات.

وكان الأمير سعود يتحدث بعد توقيع عقد إنشاء الكرسي في الجامعة، بحضور مديرها الدكتور سليمان أبا الخيل، ومحمد الماضي الرئيس التنفيذي لـ«سابك» في مقر الجامعة الأحد الماضي.

ويهدف كرسي «سابك» إلى تهيئة المناخ الملائم للبحث والتطوير في مجال الأسواق المالية الإسلامية على نحو يعزز للتنمية المستدامة في السعودية، وفرص نمو الاقتصاد القائم على المعرفة، وربط مخرجات البحث العلمي في الجامعة بحاجات المجتمع، وغيرها من الأهداف.

ويعمل الكرسي على تحقيق أهدافه من خلال الكثير من الآليات، بما في ذلك إنتاج ونشر الأبحاث التطبيقية في مجال الأسواق المالية الإسلامية، وتحفيز الممارسين في المؤسسات المالية والباحثين في الجامعات، ومراكز الأبحاث لابتكار أدوات مالية جديدة تسهم في تطوير السوق المالية في السعودية.

من جهته، ثمن الدكتور سليمان أبا الخيل مبادرة الشركة في دعم الصناعة المالية الإسلامية، مؤكدا أن ذلك ليس بمستغرب على الشركة الرائدة والمتميزة في صناعة البتروكيماويات محليا وعالميا.

من جانب آخر، طالب خبراء ومصرفيون في السعودية بألا يكون توجه أبحاث ودراسات الكرسي نحو معالجة كثير من معوقات العمل المصرفي الإسلامي خلال الفترة الحالية.

وجاءت مطالبات الخبراء والمصرفيين خلال ورشة العمل التأسيسية لكرسي الشيخ محمد الراشد لدراسات المصرفية الإسلامية، والتي عقدتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تم التطرق إلى إمكانية الاستفادة من كرسي البحث في حل مشكلات كثيرة، منها ندرة المتخصصين في العلوم الشرعية، إضافة إلى عدم وجود جيل من المصرفيين السعوديين يجمعون بين العلم الشرعي والخبرة المصرفية، إلى جانب الضعف الواضح في العاملين في كثير من المؤسسات المالية الإسلامية وحاجتهم للتدريب.

وخلال الورشة التي دشنها السبت الماضي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل، استمع المسؤولون عن الكرسي إلى مداخلات الحضور، يتقدمهم الدكتور يوسف الشبيلي، أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء في الجامعة. وتطرق الشبيلي في مداخلته إلى أهمية أن يكون هناك تميز لدى الكرسي، خاصة مع انتشار الكثير من مراكز البحث في العالم في مجال المصرفية الإسلامية.

ولم تخل الورشة من المطالبة بحل معظم إشكاليات الصناعة المالية الإسلامية، حتى وصلت إلى طلب أن يكون هناك دور للكرسي في حل إشكالية تعلم اللغة الإنجليزية لدى خريجي الشريعة، وكذلك التفريق بين البنوك التجارية والاستثمارية والتأمين الإسلامي، حيث يرى البعض أن الكرسي لم يحدد أين توجهه، بالإضافة إلى «أسلمة» خزائن البنوك التقليدية التي تقدم فروعا في المصرفية الإسلامية.

واستهل الدكتور بندر الحجار، نائب رئيس مجلس الشورى، مداخلته بالتعقيب على بعض المداخلات، موضحا أن الكرسي رؤيته واضحة ورسالته مدونة في المنشورات التي تم توزيعها على الحضور.

في المقابل، رأى الدكتور محمد السحيباني، أستاذ الكرسي وعميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في الجامعة، أن الكرسي ينطلق من رؤية ورسالة تركز على البحث عن التميز والابتكار، وتقديم الحلول المالية في الوقت الحاضر، مشيرا إلى أن الكرسي يسعى لتوفير بيئة بحثية ذات جودة عالية تستقطب أفضل الكفاءات في مجال التمويل الإسلامي.

وبين السحيباني أن البعض فهم أن الكرسي قادر على تقديم حلول سريعة لبعض التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية، في حين أنه يأتي ضمن جهود مشتركة في أكثر من مكان لأن تكون السعودية خلال سنوات قليلة قادمة من الدول ذات الريادة في هذا المجال مع النمو المتواصل لهذه الصناعة.

وكان مدير الجامعة قد أكد في بداية اللقاء أهمية مثل هذه الكراسي البحثية، وأن تكون أنموذجا للتميز والإبداع يكون قدوة للآخرين، مشيرا إلى أن الجامعة تتميز بمنسوبيها الأكاديميين من المتخصصين في مجالات مثل الاقتصاد الإسلامي.

ويهدف كرسي دراسات المصرفية الإسلامية إلى الاستفادة من الخبرة المتراكمة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مجال الاقتصاد والتمويل الإسلامي، في تطوير صيغ جديدة للمصرفية الإسلامية، تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية العملية، والإسهام في تطوير البيئة التنظيمية والمؤسسية الداعمة لها. ويسعى الكرسي لتوفير البيئة الملائمة للبحث والتطوير في مجال المصرفية الإسلامية؛ بما يدعم التنمية المستدامة في السعودية، وتعزيز فرص نمو الاقتصاد القائم على المعرفة، وربط مخرجات البحث العلمي في الجامعة بحاجات المجتمع من خلال إيجاد بيئة تقوم على الشراكة بين الجامعة، والجهات الحكومية والأهلية وغير الربحية المحلية والدولية.

وتتوقع الجامعة أن يصبح الكرسي متميزا دوليا في إنتاج ونشر أبحاث رائدة في مجال المصرفية الإسلامية، وتشجيع الممارسين في المؤسسات المالية والباحثين على ابتكار منتجات جديدة تسهم في تطوير وتحسين كفاءة صناعة الخدمات المالية الإسلامية، وتقديم برامج تدريبية في هذا المجال، والإسهام مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بتنظيم وتقديم الخدمات المالية؛ لجعل السعودية مركزا ماليا دوليا للخدمات المالية الإسلامية.

ومن المتوقع أن تنصب نشاطات الكرسي على البحوث التطبيقية الموجهة لدعم صناعة الخدمات المالية في السعودية، من خلال ابتكار أدوات وحلول مالية، مما يتيح للمصارف الإسلامية المرونة الكافية للاستجابة للحاجات المتنوعة للممولين والمستثمرين، وللظروف الاقتصادية المستجدة. بالإضافة إلى ذلك ستكون هناك محاولة للمساهمة في طرح منتجات جديدة بدلا من بقاء المصرفية الإسلامية رهينة منتجات مالية محدودة مثل الإجارة والمرابحة، التي ستبقى صالحة للتطبيق، لكن ضمن دوائر محددة، وستظل هناك حاجات تمويلية واستثمارية قائمة بحاجة إلى ابتكار حلول جديدة وأدوات مالية ملائمة، تتيح للمصارف الإسلامية وعملائها المرونة الكافية للاستجابة لمتطلبات المتغيرات الاقتصادية.

وأعلنت الهيئة العلمية للكرسي عن تخصيص مسابقة سنوية لتطوير منتجات المصرفية الإسلامية، تركز في العام الأول على موضوع صيغ التمويل الاستهلاكي، إلى جانب تمويل خمس منح بحثية تدخل في صميم عمل الكرسي وفق معايير وشروط محددة.

ويهدف الكرسي كذلك إلى الإسهام مع الجهات الحكومية المعنية بتنظيم المصرفية الإسلامية؛ لجعل السعودية مركزا ماليا دوليا للخدمات المالية الإسلامية، وإثراء المكانة العلمية والبحثية للمملكة على المستوى العالمي، وتشجيع العلماء والباحثين السعوديين على الإسهام في الحضارة الإنسانية.

ويركز الكرسي في موضوعات بحثه على عدد من المواضيع المهمة، منها صيغ التمويل القائمة على الدين مثل الإجارة والمرابحة والاستصناع، وصيغ التمويل القائمة على الشراكة مثل المضاربة والمشاركة، وإدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، والأنظمة والمعايير المحاسبية الداعمة للمصرفية الإسلامية، والمؤسسات الداعمة للمصرفية الإسلامية مثل مؤسسات تبادل المعلومات الائتمانية، والأسواق المالية، وصيغ تمويل رأس المال العامل، وتسعير عقود التمويل الإسلامية، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.

يشار إلى أن الهيئة العلمية للكرسي تضم الدكتور بندر الحجار، نائب رئيس مجلس الشورى، والدكتور أحمد الغامدي، المدير التنفيذي في شركة «الجميح» القابضة، والدكتور خالد سعد المقرن، وكيل جامعة الإمام لشؤون الطالبات، والدكتور سامي السويلم، نائب مدير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب في البنك الإسلامي للتنمية، والدكتور محمد السحيباني أستاذا للكرسي.

وتوجت جهود الجامعات السعودية في التعاون مع القطاع الخاص بإنشاء كرسي محمد الراشد لدراسات المصرفية الإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ،ومجموعة كراسي صالح بن عبد الله كامل في الصيرفة الإسلامية.