تباين الإحصائيات يثير الشكوك حول دقة تقديرات حجم بيانات المصرفية الإسلامية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: تضارب الإحصاءات ناجم عن عدم وضوح الرؤية وانعدام الشفافية

TT

أثارت التنبؤات الإحصائية المتضاربة من مؤسسات مصرفية إسلامية وتقليدية الشكوك حول دقة تقديرات البيانات الواردة حول نمو وحجم المصرفية المتوافقة مع الشريعة، وسط تأكيدات من متخصصين بأن تلك التقديرات تواجه بين الحين والآخر انتقادات من البعض بأنها أرقام غير دقيقة ولا تحكي الواقع.

وتشكل الأرقام والبيانات المتواردة التي تصدرها بعض الجهات المتخصصة مصدر حيرة وقلق من عدم وضوح الرؤية حول الأرقام والإحصائيات المتعلقة بصناعة المصرفية الإسلامية التي صارت مقصدا لكبرى الدول الغربية قبل الإسلامية.

ويرى بعض الخبراء والمتخصصين في المصرفية الإسلامية أن تضارب الأرقام عائد إلى عدم الوضوح والرؤية في تعاملات البنوك وشركات الاستثمار، إلى جانب ضعف الجانب الرقابي وعدم انتهاج مبدأ الشفافية والإفصاح لدى بعض المؤسسات المالية الإسلامية.

هذا بالإضافة إلى أن كثيرا من الناس بات لا يعرف الفرق بين البنوك الإسلامية والتقليدية، خاصة أن الأخيرة استحدثت نوافذ إسلامية قد تكون غير مدرجة في أرقام الجهات الدولية المتخصصة في تحليلات الأسواق العالمية، أو قد تدرج البعض منها في الوقت الذي تستبعدها جهات تحليلية أخرى.

ويرى الدكتور عز الدين خوجة الأمين العام للمجلس العام للبنوك الإسلامية، أن الإشكالية الكبيرة بخصوص تضارب الإحصاءات الخاصة بالصناعة المالية الإسلامية هو وجود أكثر من جهة تعطي أرقاما متضاربة، لأن البعض لا يقومون بإحصاء وتغطية شاملة لكل المؤسسات وإنما يقومون بجمع بيانات المؤسسات العشر أو العشرين الأولى، ثم بعد ذلك يعممون نسبة النمو على كامل الصناعة. وإن هذا المنهج الذي يكون جزئيا في تغطية المعلومة يجعل تضارب الإحصاءات.

وأضاف خوجة أن المجلس العام للبنوك الإسلامية يعتمد طريقة مختلفة تماما في تحليل الصناعة المالية الإسلامية، فنحن لا نقوم بتوقعات للأرقام وإنما نقوم بجمع الأرقام الخاصة بكل المؤسسات، وبذلك تبقى البيانات العامة التي لدينا يمكنك تجزئتها من أي مؤسسة في أي دولة رغبت في أرقامها الجزئية، فنحن نعطي المعلومة من الأسفل إلى الأعلى، وهذا ليس عملا سهلا بل شاقا ويحتاج إلى متابعة وتحديث. وتابع أنه لذلك في المجلس العام للبنوك الإسلامية لا نقدم إحصاءات عن كل الصناعة المالية الإسلامية بل نركز على أجزاء معينة حتى نستطيع تغطيتها بالكامل بأرقام صحيحة، ولذلك لا نستطيع تغطية الصناديق والصكوك والأصول وغيرها، ومن ثم نقدم أرقاما تقريبية، موضحا أنهم اقتصروا في البيانات على المؤسسات المالية الإسلامية فقط، حتى إننا استبعدنا النوافذ الإسلامية الموجودة في بعض البنوك التقليدية، لأن الكثير لا يعطي أرقاما متكاملة وصحيحة، ونحن اقتصرنا على ما يمكن أن يكون شاملا بنوكا إسلامية كاملة وشركات التمويل وشركات الاستثمار.

وبين الأمين العام أن المشكلة قد تكون في عدم وجود الإفصاح والشفافية لدى البنوك التي لديها نوافذ إسلامية، ولكن من وجهة نظر شخصية فإن المشكلة الحقيقية هي عدم وجود جهات متخصصة ومتفرغة لجمع وتحليل البيانات، والجهات الخاصة لا تحتمل ذلك لأنه جهد كبير جدا.

ومن جهته، يعتقد الدكتور يوسف الزامل الخبير الاقتصادي ونائب الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، أن تضارب الأرقام المتعلقة بالمصرفية الإسلامية ليس موجودا فقط في هذه الصناعة بل في كثير من الصناعات وبخاصة في الدول النامية من حيث عدم دقة البيانات والأرقام التي تعلن، وأن هناك جهات محدودة في البحرين تقدم بيانات في المصرفية الإسلامية.

وبين الدكتور الزامل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن كثيرا من الإحصائيات فيها نوع من التقدير، مشيرا إلى أن عدم جاهزية المؤسسات التي ترعى المؤسسات المصرفية الإسلامية قد يكون سببا في تباين الأرقام المعلنة.

وضرب الزامل مثلا في ماليزيا والبحرين التي توجد فيها إدارات متخصصة في المصرفية الإسلامية داخل البنك المركزي، بينما في السعودية والتي تعتبر الأولى أو الثانية في حجم أصول المصرفية الإسلامية لا توجد إدارة متخصصة في هذه الصناعة في مؤسسة النقد السعودي وهي الجهة التي ترعى القطاع المصرفي، وبالتالي تصبح الأرقام غير واضحة أو دقيقة.