رئيس البنك الإسلامي يدعو المصارف الإسلامية للابتعاد عن الجدل حول الإسلام في فرنسا

أحمد محمد علي يوقع بروتوكول تعاون مع المعهد الفرنسي للتمويل

لقطة لمسجد باريس في العاصمة الفرنسية (رويترز)
TT

دعا مسؤول رفيع في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إلى ضرورة أن تنأى المصرفية الإسلامية عن الجدل الدائر حول الإسلام في فرنسا، لأن المصرفية الإسلامية في نهاية المطاف نظام بنكي قائم على أداء الأعمال بطريقة شفافة وحصيفة.

وجاءت هذه الدعوات من الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي، عقب توقيع بروتوكول التعاون بين البنك الإسلامي للتنمية والمعهد الفرنسي للتمويل والذي أنشئ أخيرا لتشجيع دخول المصرفية الإسلامية إلى فرنسا، وذلك خلال المنتدى الثالث للتمويل الإسلامي الذي عقد في فرنسا.

وجاء انعقاد المنتدى في وقت يدور فيه جدل كبير حول الهوية الوطنية في فرنسا، وقضايا الحجاب وغيرها من القضايا الساخنة في المجتمع الفرنسي. ووجد المناصرون لتقديم التمويل الإسلامي أنفسهم، في مواجهة تساؤلات عديدة من دوائر مختلفة في المجتمع الفرنسي، حول مدى تأثير السماح للمصرفية الإسلامية للنفاذ في المجتمع الفرنسي على الهوية الوطنية الفرنسية. ولذا فإن التساؤلات التي تثار قصد منها التحذير من تأثير مثل المصرفية الإسلامية والمبادئ التي تقوم عليها على علمانية المجتمع الفرنسي وهويته الوطنية.

من جانب آخر أثارت وسائل الإعلام التي حضرت المنتدى العديد من التساؤلات عن تأثير أزمة ديون دبي على الاقتصاد العالمي، وعلى مستقبل الصيرفة الإسلامية محاولين الربط بين هذه الأزمة والمصرفية الإسلامية، بما يوحي بأن هذه الأزمة أثبتت هشاشة المصرفية الإسلامية وعدم قدرتها على الاستمرارية في ظل التعثر المتوقع للصكوك وغيرها.

والواقع أنه بالرغم من تطمينات المشاركين في المنتدى بأن أزمة ديون دبي هي أزمة عارضة ولا ينبغي تحميلها أكثر مما تتحمل فيما يتعلق بتأثيراتها العميقة على الاقتصاد العالمي، فإن الربط بين أزمة الديون والمصرفية الإسلامية يبدو أنه قصد منه إثارة الشكوك حول المصرفية الإسلامية ودورها في الأزمات. وبالرغم من أن العالم لا يزال يتحدث عن أن المصارف الإسلامية بشكل عام تجاوزت الأزمة وهي بشكل أفضل من المصارف التقليدية، وهو ما استرعى اهتمام العالم، فإن أزمة ديون دبي مثلت فرصة لدى بعض المعارضين للمصرفية الإسلامية للإيحاء بعدم قدرة المصرفية على الاستمرارية.

من جانبه أبدى الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية ارتياحه لتوقيع بروتوكول التعاون مع المعهد الفرنسي للتمويل الإسلامي، مشيرا إلى أن توضيح الصورة الحقيقية للمصرفية الإسلامية ودورها كفيل بكسب المؤيدين لها.

وأوضح الدكتور محمد علي أن الدور الذي قامت وتقوم به فرنسا من جهود إصلاح النظام المالي العالمي من دعوتها إلى المزيد من الشفافية، ووضع القواعد المنظمة التي تحد من تنامي سلطة البنوك الكبيرة وتأثير قراراتها على اقتصاديات دول العالم هو دور مشهود، وأن المصرفية الإسلامية التي تدرس فرنسا السماح لها ستمهد الطريق أمام المزيد من الإصلاحات في النظام العالمي.

وأشار الدكتور محمد علي إلى أنه ينتظر من فرنسا أن تساهم أيضا في تطور المصرفية الإسلامية وقواعدها المنظمة، وأن إدخال المصرفية الإسلامية سيكون له أبعاد كبيرة في أوروبا والعالم.

من جانب آخر، دعا خالد محمد العبودي الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في كلمته في المنتدى، إلى تفهم أكبر للمصرفية الإسلامية في فرنسا، مشيرا إلى أن رغبة فرنسا في الاستفادة من السيولة الموجودة في المصارف والنظام الإسلامي هو أمر مشروع، إلا أن المصرفية الإسلامية هي ليست فقط سيولة ولكن هناك فوائد من تطبيقاتها تتجاوز ذلك.

واستعرض العبودي على سبيل الخصوص إمكانيات الدعم الكبير الذي تلقاه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم من النظام المصرفي الإسلامي، لافتا إلى أن هذه المؤسسات التي تفتقر في المعتاد إلى ضمانات تمكنها من الحصول على تمويل من المصارف التقليدية، تجد في المصرفية الإسلامية خير مناصر باعتبار أن المصرفية الإسلامية في نهاية المطاف قائمة على مبدأ تمويل الأصول، وبالتالي فإن الأصول التي يتم تمويلها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم هي نفسها بمثابة ضمانات مما يسهل أمام هذه المؤسسات الحصول على التمويل ومواصلة دورها في التنمية.

وأشار إلى أنه من شأن ذلك تفعيل قطاعات متعددة في المجتمع ونقلها من خارج الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي وتعزيز دورها وكذلك تشجيعها على النمو، مؤكدا أهمية المصرفية الإسلامية في تعزيز اندماج الأقليات في المجتمع الفرنسي، بتوفير تمويل لا يستجيب لمتطلباتها فحسب، ولكن يساعد صغار المؤسسات والمنظمين من الشباب في تحسين فرص عيشهم وبالتالي تحويلهم إلى عناصر منتجة.

وتابع الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص أن أهداف التنمية تخدم بشكل أفضل من خلال المصرفية الإسلامية، داعيا إلى إعطائها الفرصة لأنها في النهاية للجميع ومجال عملها هو كافة قطاعات العمل وليس فقط المسلمين.

وبات من الواضح أن رغبة الحكومة الفرنسية في إدخال المصرفية الإسلامية تصب في الاستفادة من هذه السيولة المتوفرة عبر النظام، وكذلك تعزيز دور فرنسا المالي وهو دور قد يلقى نجاحا كبيرا باعتبار تأثيرات فرنسا الاقتصادية والثقافية على دول عديدة خاصة في أفريقيا.