خبير مصرفي: التأمين الإسلامي أقل القطاعات تضررا من الأزمة المالية العالمية

مدير عام شركة «التأمين الإسلامية الأردنية» لـ «الشرق الأوسط»: اللجوء إلى شركات إعادة التأمين التقليدية سابقا بسبب عدم توافر البديل

أحمد صباغ
TT

أكد مسؤول تأميني أن شركات التأمين الإسلامية أثبتت قدرتها على تجاوز الأزمة العالمية بكل اقتدار ودفع الشركات العالمية إلى التوجه صوب هذا المنتج، الذي وفر كل المتطلبات اللازمة لتوفير وسائل الرخاء لها.

وأوضح أحمد صباغ، مدير عام شركة «التأمين الإسلامية الأردنية» أن النجاح المستمر الذي حققته الشركات الإسلامية خلال العقود الماضية، شيء يدعو إلى الاعتزاز والفخر والمباهاة. وبيّن صباغ في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الكثير من الدول أصدرت التشريعات اللازمة لاعتماد نظام التأمين وإعادة التأمين الإسلامي كبديل عن نظام التأمين التجاري.

* برأيك، هل استطاعت شركات التأمين الإسلامية منافسة المصارف الإسلامية؟

- تمثل صناعة التأمين الإسلامي ركنا أساسيا من أركان الاقتصاد الإسلامي، وهي نتائج الصحوة المرتكزة على الشريعة الإسلامية المتمثلة بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وشركات التأمين و، والأسواق المالية الإسلامية، وصناديق الزكاة، والوقف، حيث تحتل المصارف الإسلامية مركز الصدارة بين المؤسسات المالية الإسلامية وتليها مباشرة شركات التأمين الإسلامية.

وتعتبر شركات التأمين الإسلامية جزءا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في بلدها، وتحتاج إلى الدعم المستمر بعد أن أثبتت قدرتها على الاستمرار في ظل جميع الظروف الاقتصادية سواء في أوضاع الرخاء أو الشدة.

* ولكن، ألم تؤثر الأزمة الاقتصادية العالمية في المصارف وشركات التأمين الإسلامية؟

- أثبت الاقتصاد الإسلامي وجوده وقدرته على مواكبة واحتواء جميع متطلبات الحياة الاقتصادية وقدرته على مواجهة الأزمات، وكانت المؤسسات التي تعمل وفق مبادئ ونظام الاقتصاد الإسلامي أقل المؤسسات الاقتصادية تضررا بالأزمات الاقتصادية، التي أصابت العالم أخيرا، وذلك نتيجة لالتزامها بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء القائمة على مبادئ العدل والإنصاف والصدق في التعامل والبعد عن المعاملات التجارية التي نهى عنها الإسلام.

إن النجاحات الباهرة والمتلاحقة التي حققتها صناعة التأمين الإسلامي وإعادة التأمين الإسلامي والتطور الكبير الذي حققته خلال العقود الماضية، لشيء يدعو إلى الاعتزاز والفخر والمباهاة، حيث أصبح التأمين الإسلامي حديث الساعة في الكثير من المنتديات والمجالس، وأصدرت الكثير من الدول التشريعات اللازمة لاعتماد نظام التأمين وإعادة التأمين الإسلامي كبديل عن نظام التأمين التجاري.

* ألا تعتبر عمليات التأمين التجاري مخالفة لما ورد في التعاليم الدينية؟

- ربما، ولكن شركات التأمين الإسلامية حرصت على تلافي جميع المآخذ التي تم تسجيلها على الشركات، التي تمارس أعمال التأمين التجاري وقامت بكل ما من شأنه أن يزكِّي أموال صندوق حملة الوثائق وأموال المساهمين من أي شبهة توقع شركات التأمين الإسلامية في شبهة الحرام، ومنها أن عقد التأمين يخلو من الربا بشتى صوره إيداعا واقتراضا واستثمارا، كما أن عقد التأمين التعاوني الذي يقوم على أساس التبرع المتبادل بين المشتركين فيه، ومن المقرر شرعا أن عقود التبرعات تصح مع الغرر أو الجهالة لقيامها على الإحسان والبرِّ طمعا في الأجر والثواب، وبذلك يلغي عقد التأمين التعاوني أي أثر للغرر أو الجهالة فيه. كما حرصت شركات التأمين الإسلامية على تنظيم العلاقة التي تربط حملة الوثائق بعضهم ببعض وربط المساهمين بحملة الوثائق، بحيث أصبحت مجموعة هذه العلاقات منظمةً تنظيما قانونيا وشرعيا دقيقا وسليما، ويحسن في هذا المجال أن أشير إلى المنجزات منها، أن التأمين الإسلامي يحظى بقبول فطري من جمهور المتعاملين مع شركات التأمين الإسلامية في بلاد المسلمين، وقد عززه المصداقية التي تتعامل بها شركات التأمين الإسلامية من حيث إعطاء كل ذي حق حقه وعدم المماطلة في دفع هذه الحقوق والمحافظة على حقوق حملة الوثائق. ولقد أثبتت التجارب العملية على مدى السنوات الماضية التزام شركات التأمين الإسلامية بالتعامل وفق الأسس والمبادئ التي نشرتها واعتبرتها دستورا لها لا يمكنها مخالفة أي نص أو بند ورد فيه والتي تتمثل في الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاتها.

* ما أبرز التحديات التي تواجه شركات التأمين الإسلامية؟

- تسعى الدول المتقدمة أو النامية دوما إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الرفاه الاقتصادي لمجتمعاتها بالمحافظة على رؤوس الأموال واستثمارها وإيجاد الوسائل والنظم للمحافظة على هذه الأموال. وبعد أن تجذّرت الثقة الراسخة بأن استمرار وضمان «الدورة النقدية» هي العنصر الأساس في بقاء أي اقتصادٍ قويا معافى يعتمد كليا على قوة الدعم المتبادل بين أعمال التأمين والأعمال المصرفية. وقد تجلّى ذلك عندما لجأت المجموعات المصرفية في عصرنا هذا إلى تأسيس أو الإسهام في تأسيس شركات تأمين تكون لها عونا وسندا وضمانة لسلامة أعمالها النقدية والمصرفية المتشعبة.

ولم يقفْ تقييم رجال المال والاقتصاد لأهمية سلامة ومتانة العلاقة بين شركات التأمين والمصارف إلى حدِّ اعتبارهما وجهين لعملة واحدة، بل إنهم تجاوزوا ذلك في أوائل التسعينات، بأن قاموا بالتنسيق مع شركات التأمين من أجل تحقيق التكامل الهادف إلى قيام المصارف بتسويق ما أمكنها من أعمال التأمين من خلال استحداث آلية داخلية مشتركة تقوم شركات التأمين بموجبها، أيضا، بتسويق بعض الأعمال المصرفية وحمايتها في آن واحد وهو ما يُعرف حاليا بالتأمين المصرفي، فالعمليات المصرفية بمجملها، سواء أكانت تسهيلات مالية لأغراض الاستيراد والتصدير أم الصناعة، أم منح القروض أم لأغراض الاستثمار فإنها جميعا تحتاج إلى الضمان أو التأمين اللازم. هذا بالإضافة إلى حاجة المصارف الملحة إلى التأمين على موجوداتها من أموال ثابتةٍ ومنقولةٍ، حتى تطمئن إلى استمرارية ممارستها لأعمالها وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها بأمان.

لقد أصبح من أهم السمات التي يتميز بها الاقتصاد الراقي لأي بلد، مدى التناغم والترابط القائمين بين قطاع التأمين والقطاع المصرفي، وذلك من خلال السياسات والقوانين الموضوعة لهذا الشأن، التي لها الدور الكبير في التأثير في مدى النجاح، الذي يحققه كل من قطاع التأمين وقطاع المصارف، حيث تتحدد ملامح هذين القطاعين تبعا لطبيعة القوانين التي تنظم أعمالهما، مرورا بتحقيق استمرار تنمية روافد هذا الاقتصاد، زراعيا وتجاريا وثقافيا، وصولا إلى اقتصاد متين متكامل.

وشهد عالمنا العربي تطورات اقتصادية ومالية خلال القرنين الماضيين وحتى يومنا هذا، فنجد في الأردن مثلا ظهور نهضة عمرانية ومجمعات سكنية وتجارية ومصانع لم نكن نشاهدها في الماضي وتمتاز بقيمها المرتفعة جدا مما استدعى وجود شركات تأمين ذات ملاءة مالية عالية لتكون قادرة على استيعاب وتحمّل مخاطر هذه التأمينات.

وفي السعودية ونتيجة للتطورات التي امتدت خلال الأربعة عقود الماضية، مما أفسح مجالا لوجود صناعة تأمين متطورة تسير جنبا إلى جنب مع هذا التطور، ونتيجة للقفزة النوعية في التطور والنمو، استدعت هذه الظروف السائدة إلى وجود زخم تأميني كبير مما أدى إلى نشوء الشركات العملاقة لتلبي الحاجات والمستجدات التأمينية. وفي هذا الخضم من التطور المالي في عالمنا العربي والإسلامي، برزت شركات التأمين الإسلامية تلبية لرغبة صادقة من قِبَل أشخاص حريصين على أن تكون جميع معاملاتهم وأعمالهم وفق أحكام الشريعة الإسلامية ممن يتحرجون من التعامل مع شركات التأمين التجارية ولديهم من الممتلكات والنشاطات الاقتصادية التي يلزمهم التأمين عليها، ولكن مع وجود الموانع الشرعية لا يُقدِمون على تأمينها ما لم يكن التأمين إلزاميا بموجب القوانين والأنظمة السائدة في الكثير من الدول.