مستشار مصرفي: انعدام الرؤية الموحدة ينمي الشكوك حول أداء المصارف الإسلامية

توفيق البشير لـ «الشرق الأوسط» : يجب الالتزام بقرارات المجلس الفقهي

TT

دعا مصرفي بارز في قطاع الصيرفة الإسلامية إلى ضرورة انعقاد مؤتمر جامع لكل الهيئات الشرعية في جميع مصارف العالم، تتفق فيه حول ضوابط الفتاوى والقرارات الفيصلية للخدمات، ومن ثم يترك للهيئات الفردية مسؤولية تنظيم ما يصدر قرار موحد بمشروعيته بشكل تفصيلي.

وأوضح الدكتور توفيق البشير، مستشار «المصرفية الإسلامية»، أنه لا تزال هناك خدمات يقوم اعتمادها وتكييفها الشرعي على الاجتهادات الفردية أو الجماعية، التي تعتمد على الفقيهين والثلاثة، ولم تكن هناك رؤية واضحة أو نظام يحكم قرارات هذه الهيئات أو جهودها.

وبين أن هذه الازدواجية تسبب تضاربا في الخدمات المصرفية الإسلامية المقدمة في مصرف دون الآخر وبأساليب أو ممارسات تتفاوت بين الجواز وعدمه، الأمر الذي يتطلب وبشكل حاسم تفعيل دور الهيئات المعنية بالمصارف الإسلامية، وتعيين هيئة شرعية عليا تكون قراراتها على نسق مجمع الفقه الإسلامي تصدر بعد عقد مؤتمرات مكثفة حول الخدمات المراد تكييفها على أن تكون قراراتها ملزمة للجميع.

وأبان البشير أن هذه المصارف تعمل بطرق فردية في تبرير وتكييف خدماتها وتلتزم بقرارات هيئاتها الشرعية، حتى لو كانت هذه القرارات متعارضة مع قرارات أخرى صادرة من جهات رسميه مثل مجلـس المجمـع الفقهـي الإسلامـي برابطة العالم الإسلامي في دوراته التي تنعقد من حين لآخر، وتنظر في أمور مهمة تدخل الخدمات المصرفية في إطارها.

وأعطى الخبير المصرفي مثالا واقعيا بواحدة من هذه الخدمات، وهي التورق المصرفي المنظم الذي تتعامل به معظم المصارف الإسلامية، ما أدى إلى بروز شكوك حول أداء هذه المصارف من الناحية الشرعية، معتبرا أن «المصرفية الإسلامية» من أهم التحولات التي انتظمت المعاملات اليومية على رقعة واسعة من العالم، بما يتفق مع الشريعة الإسلامية.

وقال البشير، إن «المصرفية الإسلامية» قدمت للمسلمين في جميع أنحاء العالم أنموذجا مشروعا باعتباره أبرز المنقذين له من الأزمة المالية وانعكاساتها التي هددت مفاصل العالم المالية، لأنه يبعد عنه شبح الربا في المعاملات المالية اليومية، حيث قدمت له بديلا شرعيا لكل ما يحتاجه من تعاملات وخدمات مصرفية، مؤكدا أنها أحدثت بذلك نقلة نوعية ظلت، حتى النظريات المالية الوضعية، تنظر إليها بعين الجد والاعتبار، وتحاول الاستفادة منها من خلال نوافذ متعددة المنتجات.

وأشار البشير إلى أن هذه الأعمال المصرفية الإسلامية تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ما جعل من الممكن ممارسة جميع الأنشطة المصرفية وفق ضوابط الشريعة الإسلامية، سواء تلك المعاملات المالية العادية القائمة على الادخار، أو تلك القائمة على الائتمان، أو المشاركة، أو الخدمات المصرفية البحتة.

وأوضح البشير أن جميع المصارف الإسلامية القائمة التزمت باعتماد عدد من الفقهاء والعلماء المعروفين والمتفق على تمتعهم بالخبرة اللازمة والعلم الشرعي الكافي لتكييف المعاملات التي يقوم بها المصرف، وتنقيحها من أي شوائب تتعارض مع الشريعة الإسلامية.

وعلى هذا الأساس، والحديث للبشير، انطلقت هذه المصارف في جميع أنحاء العالم وقدمت نماذج مدهشة، وارتفعت أصولها بشكل غير متوقع، وفرضت نفسها على الساحة المصرفية بكل كفاءة واقتدار.

ولكن على الرغم من هذه الجهود المقدرة والاهتمام الدقيق من الهيئات الشرعية أو إدارات الرقابة المنتشرة في هذه البنوك، فإن البشير يرى أنه لا تزال هناك خدمات يقوم اعتمادها وتكييفها الشرعي على الاجتهادات الفردية أو الجماعية التي تعتمد على الفقيهين والثلاثة، ولم تكن هناك رؤية واضحة أو نظام يحكم قرارات هذه الهيئات أو جهودها، مما يجعل هناك تضاربا في الخدمات المصرفية الإسلامية المقدمة في مصرف دون الآخر، أو في المصرفيـن ولكن بأساليب أو ممارسات تتفاوت بين الجواز وعدمه.

وتابع أن الأمر يتطلب وبشكل حاسم تفعيل دور الهيئات والمؤسسات المشرفة على المصارف الإسلامية وتعيين هيئة شرعية عليا تكون قراراتها على نسق مجمع الفقه الإسلامي تصدر بعد عقد مؤتمرات مكثفة حول الخدمات المراد تكييفها، على أن تكون قراراتها ملزمة للجميع.

ويعتقد البشير أن قيام مثل هذا الهيئة العليا ليس من شيء يعيقه، وخاصة إذا ما قورن ذلك بالمصرفية التقليدية التي تعتمد على قانون موحد وخدمات متماثلة في جميع أنحاء العالم بسبب التنظيم الدقيق لتشريعاتها، وعلى أسوأ الفروض يطالب البشير بهيئة شرعية عليا في كل دولة توجد بها مصارف إسلامية، يطبق هذا الأمر حاليا في بعض البلاد الإسلامية. وبالنظر إلى واقع المصارف الإسلامية اليوم، أبان البشير أن هذه المصارف تعمل بطرق فردية في تبرير وتكييف خدماتها، وتلتزم بقرارات هيئاتها الشرعية، حتى لو كانت هذه القرارات متعارضة مع قرارات أخرى صادرة من جهات رسميه مثل مجلـس المجمـع الفقهـي الإسلامـي برابطة العالم الإسلامي في دوراته التي تنعقد من حين لآخر وتنظر في أمور مهمة تدخل الخدمات المصرفية في إطارها. وأعطى البشير مثالا واقعيا بواحدة من هذه الخدمات، وهي التورق المصرفي المنظم الذي تتعامل به معظم المصارف الإسلامية، باعتباره أمرا أجازته الهيئات الشرعية الموجودة في إطار تنظيم هذه المصارف، وما زالت تتعامل به، استنادا إلى مثل هذه الفتاوى الداخلية، على الرغم من أن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد أصدر في دورته السابعة عشرة، المنعقـدة في مكـة المكرمـة عام 2003، قرارا بعدم الجواز.

وقال «الأمر المحزن أن بعض المصارف الإسلامية لا تزال تعتمد على قرارات هيئاتها الشرعية، التي تجيز التورق باعتبارها هيئات معتمدة، وبالتالي يؤدي مثل هذا التعارض إلى بروز شكوك حول أداء هذه المصارف من الناحية الشرعية».

وعليه، يأمل البشير أن تجتمع إدارات هذه الهيئات الشرعية في جميع مصارف العالم، وتعقد مؤتمرا تتفق فيه حول ضوابط الفتاوى والقرارات الفيصلية للخدمات، ثم يترك للهيئات الفردية مسؤولية تنظيم ما يصدر قرار موحد بمشروعيته بشكل تفصيلي.