دول آسيوية وأوروبية تتحرك لاستقصاء تجربة الخليج في إصدار الصكوك

مدير التمويل الإسلامي في «موديز» لـ «الشرق الأوسط»: تركيا واليابان وبريطانيا تتجه للاستفادة من الإجراءات التنظيمية والتشريعية في المنطقة

مشاريع تنموية تنتظرها دول الخليج العربية مع توقعات بإصدارات جديدة من الصكوك الإسلامية (رويترز)
TT

كشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عن توجه دول آسيوية وأوروبية نحو مبادرات لمشروعات تنظيمية وتشريعية لاستكشاف فرص سوق الصكوك العالمية لإصدارها مستقبلا، مشددة على رغبة في تأهيل الصكوك وقدرتها على منافسة السندات.

وأبلغت «الشرق الأوسط» مؤسسة تصنيف ائتماني عالمية أن العديد من المبادرات التشريعية في بعض الدول ومنها: بريطانيا وتركيا واليابان تنظر في الإجراءات التنظيمية (في العديد من دول الخليج) التي تتمحور حول تمكين الصكوك من أن تصبح هيكلا مؤهلا في قدرته على منافسة السندات التقليدية.

وقال فيصل حجازي مدير تطوير الأعمال في الشرق الأوسط والتمويل الإسلامي في وكالة «موديز» إن المبادرات المعنية تتعلق بالمساواة في المعاملة الضريبية والأطر القانونية لصون حقوق المستثمرين، متوقعا أن يصل حجم الصكوك العالمي بين 25 - 30 مليار دولار في ظل حلول مرضية لدائنين لأزمة «دبي العالمية» - بحيث تساعد على طي شكوك المستثمرين.

وأضاف حجازي أن الأحجام المتوقعة المبدئية تتراوح ما بين 500 مليون دولار في اليابان وعدة مليارات من الدولارات في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن أزمة صكوك «نخيل دبي» أثرت على المزاج العام ورغبة المصدرين في التوسع في إصدار الصكوك في ظل تكاليف مرتفعة وخاصة للإصدارات الكبيرة وتحديدا لمعدل التغطية.

وقالت وكالة «موديز» في تقريرها الصادر أخيرا، إن إصدارات الصكوك أو السندات الإسلامية يتوقع أن تستفيد من العديد من المبادرات التشريعية والتنظيمية خلال السنوات القليلة المقبلة. لكن في الوقت الراهن، يبدو من المرجح أن يتوافق حجم إصدارات الصكوك للعام 2010 مع حجم إصدارات الصكوك للعام الماضي، مع توقع طرح معظم الإصدارات في النصف الثاني من هذا العام، مع هيمنة الكيانات الدولية والكيانات السيادية والكيانات المرتبطة بالحكومة على سوق الصكوك. وهنا يرى فيصل حجازي أن العامل الرئيسي وراء هيمنة الكيانات السيادية والكيانات المرتبطة بالحكومة لسوق الصكوك أخيرا، هي حاجتها لطرح مجموعة متنوعة من البرامج المالية لمواجهة تراجع النشاط الاقتصادي والعجز المالي وانخفاض أسعار الطاقة والسلع.

ونظرا لضعف الظروف الاقتصادية، فإن الشركات أثبتت أنها أقل قدرة وأقل رغبة في أن تكون الجهات المصدرة الرئيسية للصكوك الجديدة، على الرغم من أن عددا ضئيلا من الشركات ذات التصنيفات المرتفعة قد استفادت من سوق الصكوك في الإصدارات الضخمة.

وتعمل عدة سلطات تشريعية في عدد من الدول بالفعل على تطوير حزمة من المبادرات التشريعية والتنظيمية التي من شأنها أن تعزز قدرتها على استكشاف سوق الصكوك لأول مرة. كما أن إمكانية طرح هذه الجهات لإصدارات صكوك جديدة، لا سيما من الأسواق الجديدة في آسيا خاصة اليابان وكوريا وتايلاند (وأوروبا) على الأرجح في المملكة المتحدة ستكون المحرك الرئيسي لتزايد إصدارات الصكوك عالميا.

ويضيف حجازي في السياق نفسه أن هذه التحركات ستدفع سلطات تشريعية في دول عديدة أخرى تعمل وفقا لأطر تنظيمية مماثلة، لمواصلة بذل جهود مماثلة في هذا الاتجاه.

وعلاوة على ذلك، يرجح أن تخضع أسواق الصكوك التي أصبحت أكثر رسوخا، لا سيما أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، للمزيد من التطورات التشريعية والتنظيمية، التي تترتب عليها آثار مفيدة لإصداراتها.

وعلى وجه الخصوص، ستعمل الخطوات التشريعية مثل إنشاء سوق لتداول السندات المالية والصكوك تشرف عليه شركة السوق المالية السعودية «تداول»، وقرب صدور نظام الرهن والتمويل العقاري في المملكة، وصدور تشريع جديد لإنشاء هيئة أسواق المال التي طال انتظارها، والتي تختص بإدارة سوق الكويت للأوراق المالية، على تحسين احتمالات أن تصبح الصكوك هيكل إصدار جاذب، لا سيما بالنسبة للمستثمرين المحليين والدوليين.

وأظهرت مثل هذه المبادرات نجاحا في ماليزيا العام الماضي، مع ارتفاع حجم إصدارات العملة المحلية بنسبة 100 في المائة تقريبا مقارنة مع مستويات إصدارات الصكوك في العام الذي قبله 2008.

وتعتقد «موديز» أن سوق الصكوك تتمتع بإمكانات معقولة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا سيما السعودية والكويت وقطر والإمارات التي لا تزال متخلفة عن الركب فيما يتعلق بإصدارات الصكوك مقارنة بحجم سوق أوراقها المالية واحتياجاتها الاستثمارية للعديد من قاعدتها الكبيرة نسبيا من المصدرين والمستثمرين في الأعمال المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما تعتبر الوكالة في تقريرها أنه على المدى القصير، فإن خطة إعادة الهيكلة التي أعلنت عنها شركة «دبي العالمية» أخيرا، تعد تطورا إيجابيا لسوق الصكوك الإقليمي، مع مقترحاتها الإيجابية للدائن والقبول الواسع النطاق من جانب السوق الذي سيساعد على فتح شهية المصدرين لإصدارات جديدة، نظرا لانخفاض هوامش مخاطر الائتمان وتحسن المزاج الاستثماري.

وبالنسبة لخصائص وسمات سوق الصكوك، يقول حجازي إنه في الوقت نفسه، فإن سوق الصكوك يكتسب تدريجيا خصائص النضج، لا سيما تنوع قاعدة المستثمرين التي تشمل كلا من المستثمرين من المؤسسات والمستثمرين الدوليين ومديرو الصناديق على حد سواء. وإضافة إلى ذلك، فإن تنوع الإصدارات عبر سلطات تشريعية مختلفة وسلم أو نطاق التصنيف يساعد في تهيئة بيئة مواتية لإصدار الصناديق الاستثمارية وإدارة الأصول.

وتعتقد وكالة التصنيف أن تنويع الإصدار «المضمون مقابل غير المضمون»، وشهية المستثمرين أو العزوف عن الإصدارات المحلية والعالمية المحفوفة بالمخاطرة ستكون أحد العوامل المحددة لحجم الإصدارات في المستقبل.

وتعتبر شركة «دار الأركان» التي تحمل تصنيف من الفئة Ba2 مستقر، هي الشركة الأولى التي استفادت من سوق الإصدار غير المضمون في هذا العام، حيث قامت بطرح صكوك إسلامية بقيمة 450 مليون دولار.

واستنادا إلى العامين الماضيين، ترى «موديز» أن المستثمرين سيكونون حذرين بشأن تحليلاتهم لواقع المخاطر التي ترتبط بالفرص التي تتيحها الإصدارات المختلفة.

ويستعرض التقرير كذلك التحسن الواضح الذي شهده سوق الصكوك عام 2009 مقارنة بالتراجع الذي شهدته إصدارات الصكوك في عام 2008، حيث بدأت مناطق عديدة الشعور بتأثير الأزمة المالية العالمية، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا والمحيط الهادي.

وارتفعت إصدارات الكيانات السيادية والكيانات المرتبطة بالحكومة على وجه الخصوص، مما ساعد على ارتفاع حجم الإصدارات العالمية على أساس سنوي بنسبة تتجاوز 50 في المائة.