رئيس البنك الإسلامي: ندرس التوسع في إصدار صكوك بعملات مختلفة في حال توفر الظروف المناسبة

د. أحمد محمد علي لـ «الشرق الأوسط»: توجد مشروعات لإعادة إعمار العراق لم تنفذ لعدم مصادقة مجلس النواب عليها

د. أحمد محمد علي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية، أن البنك يعمل على توفير الضمانات الكافية لإنجاح المشروعات التي يسهم البنك في تمويلها بالدول التي تشهد حالات عدم استقرار، موضحا أن البنك ملتزم بخطوط إرشادية لضمان تنفيذها وسيرها بنجاح، حتى في الظروف الاستثنائية.

وكشف رئيس البنك الإسلامي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن البنك يتطلع إلى إصدار صكوك بعملات أخرى، كالجنيه الإسترليني، أو اليورو، على غرار الإصدار الأول للصكوك في كوالالمبور بمبلغ 400 مليون رينجت ماليزي، وذلك في حال توفر الظروف المناسبة. وحول دور البنك في إعادة إعمار العراق، قال علي إن هناك عدة مشروعات لم يتم نجاح تنفيذها على أرض الواقع، وهي تأتي ضمن البرنامج الخماسي لإعادة إعمار العراق، مضيفا «أنه للأسف هناك بعض العقبات التي حالت دون البدء في تنفيذ هذين المشروعين، تتعلق بتوقيع الاتفاقيات والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب العراقي». وأضاف علي «أن حجم الزيادة السنوية في تمويلات البنك بمقدار 30 في المائة سنويا، اعتبارا من عام 2009 حتى عام 2012 تعزز وتدعم السيولة لدى المصارف والمؤسسات الإسلامية، مشيرا إلى أن البنك ماض قدما في تأسيس وإنشاء مؤسسات جديدة، سيتم الإعلان عنها في حينه، لتعزيز نمو وتوسع الصناعة المالية الإسلامية، وفي ما يلي نص الحوار:

* البنك الإسلامي للتنمية يسهم في تمويل آلاف المشاريع التنموية في الدول الأعضاء، لكن بعض تلك الدول ما زال يعاني من عدم الاستقرار، فكيف يضمن البنك نجاح تلك المشاريع؟

- منذ بدء نشاطه التمويلي في عام 1975، قام البنك الإسلامي للتنمية بإعداد خطوط إرشادية لضمان نجاح تنفيذ المشاريع، حتى في الظروف الاستثنائية التي تشيرون إليها، وتصاحب تنفيذ أي مشروع من البداية إلى اكتماله عدد من الخطوات، كالتأكد من ورود طلب رسمي مصحوب بدراسة الجدوى للمشروع، وذلك للتأكد من إعطاء الحكومة الأولوية لهذا المشروع، وتمكين البنك من تقييم المشروع من جوانب اقتصادية ومالية وتقنية وغير ذلك من جوانب هذا المشروع، بالإضافة إلى التأكد من استدامته، وإيفاد بعثة لإعداد تقرير مبدئي عن المشروع، وجمع ومناقشة المعلومات المتوفرة حوله، كما يتم إيفاد بعثة من البنك لتقييم المشروع وكل ما يلزمه، وزيارة موقع المشروع، ومناقشة ترتيبات التنفيذ، وتقييم قدرة الهيئة المنفذة على تنفيذ المشروع وفق أفضل الشروط، فإذا كانت قدرة الهيئة المنفذة غير مكتملة أو ضعيفة، فإن البنك يقوم بتوفير الدعم اللازم لقدرات الهيئة، عن طريق توفير المهارات الناقصة والمعدات اللازمة، ويتم اختيار خبير استشاري متخصص في مجال هذا المشروع، والتعاقد معه لإعداد التصاميم التفصيلية للمشروع، والتأكد من توفير خدمات استشارية مستقلة تتولى الإشراف على التنفيذ الفني للمشروع، وبالتوازي مع كل ما سبق يقوم موظفون البنك المختصون بمتابعة تنفيذ المشروع، والتأكد من تنفيذه وفق أفضل المواصفات، كما يقوم البنك بتعيين ممثلين ميدانيين لمتابعة تنفيذ المشاريع التي يمولها البنك في الدول الأعضاء للمساعدة على تحديد وتذليل أي معوقات قد تعطل تنفيذ المشروع. وبعد اكتمال المشروع، يقوم البنك بالتعاقد مع خبير مستقل لإعداد تقرير إكمال المشروع، والهدف الأول هو الوقوف على الدروس المستفادة من هذا المشروع للاستفادة منها في تنفيذ المشاريع المستقبلية, والهدف الثاني هو تقديم توصيات لتلافي أي أعطال محتملة على تحقيق أهداف المشروع المتوقعة.

وخلال فترة تنفيذ أي مشروع فإن كل عمليات الشراء والصرف تخضع لإجراءات، هدفها ضمان الجودة وتنفيذ المشروع بكفاءة وفعالية.

* ما زال خطر الجفاف والمجاعة يهدد عددا من الدول الأعضاء، لا سيما تلك الدول التي تقع جنوب الصحراء الأفريقية، فما هي خطط البنك لمعالجة هذه المشكلة والوصول إلى حلول أكثر عملية؟

- منذ بدء النشاط التمويلي، أولى البنك اهتماما كبيرا بتعزيز تعاونه مع مؤسسات التمويل الدولية والهيئات المتخصصة ذات الصلة، من أجل دعم وتطوير قطاع الزراعة في الدول الأعضاء من خلال التمويل المشترك للمشاريع الزراعية، ولتحقيق هذا الهدف قام البنك في فبراير (شباط) الماضي، وعلى هامش انعقاد منتدى جدة الاقتصادي، بتوقيع اتفاق إطاري مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، تصل قيمته الإجمالية إلى 1.5 مليار دولار.

وبموجب هذا الاتفاق يقوم البنك والصندوق باستخدام المبلغ المتفق عليه كتمويل مشترك للمشاريع الزراعية ذات الأولوية في الدول التي تتمتع بعضوية مشتركة في كلا المؤسستين، وذلك في إطار البرنامج الإقراضي لكل منهما للفترة الممتدة من 2010 حتى 2012، كما سيقوم البنك والصندوق بالتعاون والتنسيق لتكثيف جهودهما من أجل زيادة وتحسين الإنتاجية، كما سيساعد الجمع بين التمويل المتناهي الصغر وبناء القدرات ونقل المعرفة والتكنولوجيا مئات الآلاف من المستفيدين من المشروعات على القيام بأعداد كبيرة من المشاريع الزراعية الصغيرة والأنشطة المدرة للدخل.

وسبق ذلك، وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمدينة روما، توقيع اتفاق إطاري آخر بين البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو)، حيث سيسهم البنك بموجب هذا الاتفاق، بمبلغ مليار دولار، في تمويل مشروعات التنمية الزراعية في الدول الأعضاء الأقل نموا بالمؤسستين للفترة الممتدة من 2010 حتى 2012.

ويمكن الرجوع إلى إعلان جدة الصادر عن مجلس محافظي البنك في ختام اجتماعاته السنوية، التي عقدت بمدينة جدة في يونيو (حزيران) 2008، حيث تقرر قيام البنك بتخصيص 1.5 مليار دولار، لصالح برنامج مدته خمس سنوات بهدف دعم الدول الأعضاء الأقل نموا في مواجهة أزمة الغذاء العالمية، والعمل من أجل تحقيق الأمن الغذائي في الدول الأعضاء على المدى المتوسط والمدى البعيد، وفي ما يخص الإجراءات العاجلة ضمن البرنامج المذكور على المدى القصير، خصص البنك مبلغ 30 مليون دولار، كمنحة لشراء البذور وإعادة تكوين المخزون الغذائي، ودعم المشاريع الزراعية الصغيرة في 25 دولة من الدول الأعضاء الأقل نموا، مع التركيز على الدول الأفريقية الأعضاء (جنوب الصحراء)، وفي إطار إعلان جدة قدم البنك تمويلات ميسرة بلغ إجماليها حتى تاريخه نحو 350 مليون دولار، لصالح الدول الأعضاء الأكثر تضررا من الأزمة الغذائية العالمية.

وامتدادا لإعلان «واغادوغو» الصادر عن مجلس محافظي البنك في أكتوبر (تشرين الأول) 2002، بشأن تعاون مجموعة البنك الإسلامي للتنمية مع أفريقيا، الذي خصص له البنك أكثر من ملياري دولار على مدى خمس سنوات (2002 - 2007) لدعم التنمية في الدول الأفريقية الأعضاء الأقل نموا. كما قام البنك في عام 2008، بالإعلان عن رصد أربعة مليارات دولار، لتنفيذ برنامج خاص للتنمية في أفريقيا على مدى خمس سنوات (2008 وحتى عام 2012).

* رغم مساهماتكم في الكثير من الدول التي عانت من أتون الحروب والصراعات بمساعدتها في مشروعات إعادة الإعمار، إلا أننا نرى غيابا لدور البنك في إعادة إعمار العراق.. لماذا؟

- هذه مقولة منافية للحقيقة.. فواقع الأمر أن البنك الإسلامي للتنمية كان، ومازال، من أوائل المبادرين لدعم العراق؛ حيث أعلن في مؤتمر مدريد لإعادة إعمار العراق عام 2003 عن تخصيص برنامج خماسي لإعادة إعمار العراق بمبلغ إجمالي قدره 500 مليون دولار، شملت مخصصات هذا المبلغ نحو 50 مليون دولار، عبارة عن قروض ميسرة لتمويل مشروعات الخدمات كالتعليم والصحة، و245 مليون دولار لتمويل مشروعات البنية التحتية، و200 مليون دولار لتمويل عمليات التجارة الخارجية، و5 ملايين دولار عبارة عن منح للدعم المؤسسي وبناء القدرات، بجانب المعونات الخاصة لأعمال الإغاثة الإنسانية، إضافة لذلك فإن البنك شارك بفعالية في كافة الاجتماعات الدولية المخصصة لإعادة إعمار العراق. وعن تنفيذ هذا البرنامج الخماسي فقد بدأ البنك بمشروعين في قطاع التعليم هما مشروعا التعليم الابتدائي والتعليم المهني، حيث اعتمد لكل منهما قرضا حسنا بمبلغ 12.5 مليون دولار، ومنحة بمبلغ 380 ألف دولار. لكن للأسف هناك بعض العقبات التي حالت دون البدء في تنفيذ هذين المشروعين، وهي تتعلق بتوقيع الاتفاقيات والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب العراقي. وفي مجال المنح والمعونات الخاصة (جهود الإغاثة)؛ فإن عمليات البنك في هذا المجال لم تتوقف، وقد بلغ إجمالي المنح المعتمدة لمساعدة وإغاثة النازحين واللاجئين العراقيين داخل وخارج العراق أكثر من 2.2 مليون دولار. والجدير بالذكر أن وفدا عراقيا عالي المستوى قد زار مقر البنك في جدة خلال الفترة 1 - 3 مارس 2010، وتباحث حول سبل تفعيل التعاون مع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ونأمل في أن تتحقق تطورات إيجابية في القريب العاجل.

* هل تعتقدون أن مشروعات إعادة إعمار إقليم دارفور سيكون لها دور في إحلال السلم بالإقليم المنكوب، خاصة في ظل التنافس وعدم الوفاق القائم بين الحركات المسلحة في الإقليم؟ وما هو الدور الذي قام به البنك الإسلامي للتنمية خلال انعقاد مؤتمر المانحين الذي عقد أخيرا في القاهرة؟

- هناك تنسيق تام بين البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة المؤتمر الإسلامي حول موضوع إعادة إعمار إقليم دارفور، فالبنك والمنظمة عضوان فاعلان في اللجنة التحضيرية لتنظيم مؤتمر المانحين، إلى جانب ممثلين من الدول الأعضاء بالبنك، وهم: السعودية، ومصر، وتركيا، وقام البنك بمراجعة دقيقة للمشاريع والبرامج التي تم عرضها في المؤتمر، وأسهم كذلك في تغطية تكاليف الإعداد لهذا المؤتمر.

ولدى تنفيذ المشاريع المقترحة لإعادة إعمار الإقليم، سيؤدي ذلك لعودة السلم والاستقرار في الإقليم من خلال 6 مجالات مهمة، وهي: الإسكان والتخطيط العمراني، والزراعة، والثروة الحيوانية، والغابات، وصناعة الإسمنت، والطرق، والتصنيع الزراعي، والتنمية الريفية، وتنمية المرأة، ونأمل أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار لتنطلق عجلة التنمية في تنفيذ المشاريع والبرامج التي ستسهم بشكل فاعل في تعزيز الاستقرار على الأرض.

كما أن البنك تعهد بنحو ثلث إجمالي التعهدات المعلنة في ختام مؤتمر المانحين الدولي لتنمية وإعمار إقليم دارفور، الذي عقد الشهر الماضي في القاهرة، حيث بلغت القيمة الإجمالية لتعهدات المانحين نحو 850 مليون دولار، منها 355 مليون دولار التزم بتقديمها البنك الإسلامي للتنمية على مدى السنوات الخمس القادمة، وذلك من خلال الإسهام في تمويل مشروعات ضمن القطاعات الستة المذكورة آنفا بالتعاون والتنسيق مع الحكومة السودانية.

* هل يخطط البنك حاليا لإصدار صكوك مشابهة لتلك التي تمت أواخر عام 2009، وتضمنت إصدار صكوك بمبلغ 200 مليون دولار سنغافوري؟

- قام البنك الإسلامي للتنمية العام الماضي بعمليتي إصدار للصكوك بعملات محلية (غير الدولار الأميركي) ناجحتين، حيث تمثل الإصدار الأول للصكوك في كوالالمبور بمبلغ 400 مليون رينجت ماليزي، وذلك في إطار برنامج للصكوك قيمته الكلية مليار رينجت ماليزي، وكان الإصدار الثاني لصكوك البنك في سنغافورة بمبلغ 200 مليون دولار سنغافوري، وذلك في إطار برنامج آخر للصكوك تصل قيمته الكلية إلى نحو 1.5 مليار دولار سنغافوري، ويتطلع البنك لإصدارات مماثلة بهدف تعبئة المزيد من الموارد المالية اللازمة، وتنويع مصادر التمويل لدعم متطلبات التنمية المتزايدة في الدول الأعضاء، وقد يقوم البنك بإصدار صكوك مماثلة بعملات أخرى كالجنيه الإسترليني أو اليورو، وذلك في حال توفر الظروف المناسبة.

* كيف تقيمون سوق المصارف الإسلامية وتوسعها في الأسواق الأوربية؟

- المصرفية الإسلامية في أوروبا تتقدم باستمرار، وعدد البنوك أو النوافذ الإسلامية في أوروبا يقدر بنحو 30 بنكا، وهي مرشحة للازدياد، وهذه الدول تتقدم باستمرار في مجال تهيئة البيئة التنظيمية والتشريعية لكي تلائم المصرفية الإسلامية والمنتجات الإسلامية، وكما هو معروف فإن الصيرفة الإسلامية لا تختص بالمسلمين أو الجالية المسلمة في أوروبا، بل هي للجميع، والمبادئ التي تقوم عليها المصرفية الإسلامية مشتركة بين الأديان السماوية كلها.

* تحدثت بعض التقارير الصادرة عن البنك عن توجيه دعم أكبر لأسواق المصارف الإسلامية.. ما هي خطط البنك في هذا الاتجاه؟

- يأتي دعم وتطوير الصناعة المالية الإسلامية ضمن أولويات البنك الاستراتيجية، ويسعى البنك لتحقيق ذلك، إما عن طريق التدريب والتأهيل، أو الاستثمار والتأسيس، أو الدعم المباشر أو غير المباشر. وفي ظل قرار البنك الذي صدر العام الماضي برفع حجم الزيادة السنوية في تمويلاته بمقدار 30 في المائة سنويا، اعتبارا من عام 2009 حتى عام 2012، فإن هذه الزيادة تتم من الأدوات المالية الإسلامية، سواء الصكوك أو غيرها من الأدوات، التي تعزز وتدعم السيولة لدى المصارف والمؤسسات الإسلامية. كما أن البنك ماض قدما في تأسيس وإنشاء مؤسسات جديدة سيتم الإعلان عنها في حينه تعزز نمو وتوسع الصناعة المالية الإسلامية.

* يقوم البنك بتقديم منح ومعونات خاصة لصالح المجتمعات المسلمة المنتشرة في كافة أرجاء العالم، فكيف يضمن البنك عدم اعتراض بعض الدول على تقديم مساعداتها في ظل الأجواء المستنفرة عالميا لمكافحة الإرهاب؟

- على مدى 35 سنة مضت، ومنذ بدء نشاطه التمويلي، تميز البنك الإسلامي للتنمية بالشفافية المطلقة في تنفيذ كافة أنشطته وعملياته التمويلية سواء في الدول الأعضاء أو في الدول غير الأعضاء، وهو ما أكسب البنك سمعة ومصداقية وثقة على مستوى العالم أجمع. وفي حين يخص تقديم المنح أو المعونات الخاصة للمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، فإن مساهمات البنك تكون في مجالات معروفة ومحددة مثل المساهمة في دعم جهود التعليم كبناء وتأسيس المدارس أو قطاع الصحة، مثل بناء وتجهيز المراكز الصحية، أو في قطاع التأهيل والتدريب المهني. ويطلب البنك عادة من الجهة المستفيدة، وهي غالبا ما تكون جمعية خيرية إسلامية في دولة غير عضو بالبنك، توفير عدد من الوثائق القانونية، لعل من أهمها: أن تكون تلك الجمعية مسجلة رسميا ومعترف بها في البلد الذي تتواجد فيه، وأن يكون لها الحق في إنشاء المؤسسات التعليمية أو الصحية الخاصة بها، ولديها الإمكانات الفنية والمادية لذلك، كما أن البنك في حال إقرار الدعم يقوم بإبلاغ السلطات المعنية في تلك الدول بمساهمة البنك، علاوة على أن كافة إجراءات البنك المالية تتمتع بالشفافية الكاملة.

* هل من جديد في ما يخص جهود إعادة بناء مرافق البنية التحتية المدمرة في قطاع غزة؟ وما هي المعوقات التي تعترضكم في هذا الشأن؟

- فور انتهاء الحرب الغاشمة الأخيرة على قطاع غزة، سارع صندوق الأقصى الذي يديره البنك الإسلامي للتنمية لتشخيص الاحتياجات على الأرض في القطاع المنكوب، أوفد البنك الإسلامي للتنمية بعثة هندسية لتقدير حجم الأضرار، ودراسة سبل الاستجابة العاجلة، وعمل البنك على بلورة مجموعة من المشاريع التي يمكن إنجازها بالإمكانات المتاحة في ظل الحصار المفروض على القطاع، وهنا أتحدث عن الاستجابة، وهي على مرحلتين: مرحلة التأهيل السريع، ومرحلة الإعمار، في ما يتصل بالتأهيل السريع، أطلق صندوق الأقصى برنامجا بنحو 30 مليون دولار، لمواجهة عدد من احتياجات التأهيل السريع، وضمن هذا البرنامج يتم الآن تأهيل وترميم عدد من المستشفيات وتزويدها بالأجهزة والمعدات الطبية، كما استقدم الصندوق فريقا طبيا لإسناد الطواقم المحلية، وقد شرع الدكتور مروان الصادق استشاري جراحة القلب المفتوح ورئيس الفريق، في إجراء سبع عمليات قلب مفتوح بالمستشفى الأوروبي في قطاع غزة، ويبشر نجاح هذه الخطوة بتخفيف المعاناة عن كاهل المرضى الذين منعهم الحصار والإغلاق من الخروج لتلقي العلاج خارج قطاع غزة.

وفي القطاع التعليمي، جرى ترميم وتجهيز الكثير من المدارس والجامعات. وتعاون صندوق الأقصى مع مكتب الشيخة موزة المسند حرم أمير دولة قطر، في مجال تمكين الطلاب الفقراء أبناء الأسر المحتاجة من الدراسة، كما تم إصلاح بعض الأضرار التي لحقت بشبكات المياه وحفر عدد من الآبار المهمة، وإصلاح شبكات الصرف الصحي، والتدعيم الإنشائي للأبنية، وإزالة الأنقاض الخطرة، وفتح الطرق.

وفي ما يتصل بإعادة الإعمار فقد اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي برنامجا لإعادة إعمار قطاع غزة بقيمة 1.64 مليار دولار.

* على ضوء المخاوف من انهيار النظام البيئي، ما هي المساهمات التي يقدمها البنك لتمويل مشروع الطاقة النظيفة في الدول الأعضاء؟

- يعتبر توليد الكهرباء، الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على الوقود الأحفوري (كالفحم، والغاز، والنفط)، واحدا من أهم العوامل المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحـتباس الحراري، وتدهور أحوال البيئة، وإدراكا منه لذلك، وضع البنك المساهمة في مشروعات لتعزيز كفاءة الطاقة وإنشاء مرافق لتوليد الطاقة المتجددة ضمن أبرز أولوياته، بوصفها أحد أهدافه الاستراتيجية الرامية لتشجيع التنمية المستدامة بيئيا في الدول الأعضاء بالبنك، ومن المعلوم أن تحسين كفاءة الطاقة من أسرع السبل الكفيلة بتحقيق أمن الطاقة، وخفض مستوى الانبعاثات الكربونية الناجمة عن البنية التحتية للطاقة في بلد ما، وتضم قائمة جزئية بمشاريع تعزيز كفاءة الطاقة التي يمولها البنك ما يلي: محطة كهرباء «المحمدية» في المغرب، ومحطة كهرباء «جنوب ذات الدورة» المركبة في أذربيجان، ومحطة كهرباء «ديرعلي» في سورية، ومحطة كهرباء «عبدان» في إيران، كما يدرس البنك تمويل مشروع لاستخدام الفضلات في توليد الطاقة في أذربيجان، من شأنه أن يقلص معظم الانبعاثات الكربونية الضارة «المقترنة بالفضلات».

* من المعلوم أن نحو نصف الدول الأعضاء في البنك مصنفة عالميا على أنها من الدول الأقل نموا في العالم، كيف يتعامل البنك مع هذا الواقع الصعب؟

- البنك الإسلامي للتنمية يـدرك أن من أعضـائه دولا مصنفة دوليا على أنها من ضمن الدول الأقـل نموا على مستوى العالم، والبنك يتعامل مع هـذا التحـدي من خـلال عـدة تدابير، منها: توطيـد العلاقات الثنائية، وتبادل الخبرات بين كافة الدول الأعضاء، كما يعطي البنك أولوية للدول الأعضاء الأقل نموا في مجال تقديم الدعم المؤسسي، وتعـزيز قدرات هذه الدول على مواجهة التحـديات التنموية، كما يعطي البنك أولوية بشـكل ملحوظ لتقديم تمويلاته الميسرة للدول الأعضاء الأقـل نموا لتخفيف أعبـاء الديـون عليها، مع استفادتها في الوقـت نفسه من الحصول على الخدمات التنموية الضرورية، وقام البنك بإنشاء برامج خاصة مصممة خصيصا لمساعدة الدول الأعضاء الأقـل نموا.