صناديق الاستثمار الإسلامية

لاحم الناصر

TT

ذكر التقرير الرابع للصناديق الاستثمارية الصادر عن «إرنست أند يونغ» أن أصول الصناديق الاستثمارية الإسلامية قد بلغت في العام الماضي 52.3 مليار دولار، مما يشير إلى نمو طفيف عن العام الذي سبقه 2008 الذي بلغت فيه أصول الصناديق 51.4 مليار دولار، إلا أنها إذا ما قورنت بأصول الصناديق التقليدية البالغة 22 تريليون دولار فتعتبر نقطه في بحر. كما شهد عام 2009م إطلاق 29 صندوقا جديدا مما يعوض عن الصناديق التي صفيت في عام 2008م والبالغة 27 صندوقا. وهذه العوامل في مجملها تشير إلى تحسن المناخ الاستثماري خصوصا في منطقة الخليج. كما تشير إلى سرعة تعافي الصيرفة الإسلامية مما أصابها نتيجة الأزمة المالية وقدرتها على امتصاص الصدمات وتغيير استراتيجيتها بناء على المعطيات المستجدة.

إلا أن صناعة الصناديق الاستثمارية، من وجهة نظري، ما زالت تعاني من الضعف والقصور في العديد من جوانبها مما يحد من نموها وقدرتها على التوظيف الأمثل للأموال المتاحة للاستثمار وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي قدرها التقرير بـ«480 مليار دولار» جلها من منطقة الخليج. ولعل من أهم جوانب الضعف لديها ما ذكره التقرير وهو صغر حجمها حيث لا يتجاوز حجم 70% منها «75 مليون دولار» وهو ما يرفع التكاليف على مديري هذه الصناديق كما أنه يحد من قدرتها على اجتذاب المديرين الأكفاء إضافة إلى محدودية الفرص الاستثمارية التي يمكن لها الدخول فيها، مما يحد من قدرتها على تنويع أصولها ومن ثم إدارة مخاطرها بصورة جيدة. ولعل السبب في لجوء الشركات الاستثمارية خصوصا في المملكة العربية السعودية إلى طرح الصناديق الاستثمارية صغيرة الحجم هو تفضيل الجهات الرقابية ممثلة في هيئة السوق المالية لهذا الحجم من الصناديق حيث ترى أنها بذلك تحد من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البيئة الاستثمارية في المملكة. ويمكن لي أن أعزو هذا التفضيل لعاملين مهمين من وجهة نظري هما ضعف ثقة الجهات الرقابية في مهنية المؤسسات والكوادر القائمة على هذه الصناديق، ورغبة الجهات الرقابية في العمل وفق القدرات المتاحة لها من كفاءات مهنية مؤهلة وبيئة تنظيمية ما زالت تحت الاختبار ولم تكتمل بعد. إلا أن دوام الحال على هذه الصورة من المحال حيث إن الاستثمار صناعة نشطة زاخرة بالفرص والتحديات والتنوع والإبداع وإن لم تجارها الهيئات الرقابية والمؤسسات الاستثمارية فسوف نفقد فرصة الاستفادة من هذه الأموال التي تبحث اليوم عن قنوات استثمارية لها وإن لم تجدها عندنا فسوف تهاجر إلى الأسواق التي توفر لها ذلك كما في السابق. ومن ثم فإن على الجهات الرقابية اليوم أن تعيد النظر في أسلوب عملها وسياساتها المتبعة مع سرعة التحرك في تطوير ذاتها وتطوير المؤسسات المالية التي تعمل تحت مظلتها ومن ذلك السعي لتشجيع الشركات الاستثمارية على الاندماج أو الاستحواذ مع رفع الحد الأدنى لرأس المال المطلوب للترخيص للشركات الاستثمارية الجديدة. كما يجب عليها التشدد في تطبيق معايير الحوكمة خصوصا فصل الملكية عن الإدارة حيث أصبح دور الكثير من المديرين التنفيذيين في الكثير من الشركات الاستثمارية لا يزيد عن دور المنسق أو ساعي البريد حيث إن من يدير الشركة هم أعضاء مجلس الإدارة المتنفذون وهم في الحقيقة غير مؤهلين لذلك. ولعل السبب في هذا السلوك من قبل أعضاء مجالس الإدارات هو إحساسهم بضعف التأهيل والخبرة لدى الكثير من هؤلاء المديرين التنفيذيين. كما أن الهيئات الرقابية مطالبة بإعداد أدلة إرشادية للاستثمار وأنواعه ومخاطره مع عقد الندوات وورش العمل التي تسلط الضوء على مستجدات السوق الاستثمارية مثل طرح نماذج عمل للعديد من الصناديق الاستثمارية الجديدة مثل صناديق تصكيك الديون وصناديق تمويل الأسهم وصناديق رأس المال المخاطر، وذلك نظرا لكونها تعمل في أسواق ناشئة فجزء من عملها هو التعليم وتوجيه النصح كما أسلفت في مقالات سابقة. والله من وراء القصد.

* مستشار في المصرفية الإسلامية.