الأردن: ورشة عمل توصي بالإسراع في سن قوانين لانتشار الصكوك الإسلامية

المشاركون أكدوا على ضرورة تشكيل لجنة عليا لدراسة معوقات الإصدارات

المشاركون في الورشة أكدوا على ضرورة سن القوانين التي تسهل من انتشار الصكوك الإسلامية في الأردن («الشرق الأوسط»)
TT

أوصى خبراء ومختصون في صناعة المصرفية الإسلامية في الأردن بتشكيل لجنة عليا لدراسة معوقات إصدارات الصكوك في البلاد تمهيدا لتسهيل تلك الإصدارات، وذلك خلال الفترة المقبلة التي تشهد نموا وإقبالا على تلك الأداة والآلية حول دول العالم.

وأكد المشاركون في ورشة عمل «الصكوك الإسلامية.. تحديات تنمية وممارسات دولية» التي اختتمت أعمالها في العاصمة الأردنية ضرورة تذليل العقبات التشريعية بما يتناسب مع احتياجات إصدار الصكوك، مؤكدين في الوقت نفسه أهمية تشكيل لجنة من علماء الشريعة والاقتصاد والقانون لدراسة الصكوك ووضع الضوابط الشرعية والقانونية اللازمة لها ومتابعة ملف الصكوك.

وأشار الخبراء إلى أهمية العمل على تشكيل لجنة شرعية عليا (مركزية) تابعة للبنك المركزي الأردني على غرار التجارب الناجحة، يكون من مهامها الإشراف وتنظيم عمل الهيئات الشرعية، والمستشارين الشرعيين المستقلين للمؤسسات المالية الإسلامية، مع اعتماد آلية للتواصل فيما بينها وبين الهيئات الشرعية التابعة لكل مؤسسة مالية إسلامية.

ودعا المشاركون إلى الاستفادة من التجربة السودانية في حل الأمور التنظيمية والإجرائية والضوابط التقنية المحيطة بإصدارات الصكوك على غرار حل موضوع الأدوات ذات الأهداف الخاصة في السودان وكذلك المعالجة للديون الحكومية.

كما طالب المشاركون بتكامل الجهود المعنية من أجل إصدار الصكوك الإسلامية ومتابعة ملفاتها، والاهتمام باستغلال الوقت إيجابيا لصالح متطلبات المرحلة، بالإضافة إلى الالتزام بالقرارات التي يصدرها مجمع الفقه الإسلامي بحيث تكون المرجعية لهيئات الرقابة الشرعية فيما يتعلق بالتمويل الإسلامي.

وشددوا على ضرورة تطوير ودعم الشراكة بين القطاع العام والخاص فيما يتعلق بتطوير العمل المصرفي الإسلامي، وكذلك العمل على إيجاد مراكز بحثية متخصصة في الاقتصاد الإسلامي يهدف إلى بناء وعي عام متكامل تجاه التمويل الإسلامي.

كما دعا المشاركون إلى تأسيس هيئة عليا من القطاعين العام والخاص والمتخصصين لتشكيل فريق يهدف لوضع خطة استراتيجية تتبعها إجراءات تهدف إلى الارتقاء بالعمل المالي الإسلامي بالإضافة إلى أدواته التمويلية، ودعم إنشاء سوق ثانوية لتداول الصكوك لإنجاح عملية الإصدارات، بالإضافة إلى العمل على تشكيل هيئة تنظيمية مسؤولة عن ترخيص وتنظيم عمل المستشارين الشرعيين.

وطالبوا المؤسسات المالية والإسلامية بإنشاء منبر إعلامي مسموع ومرئي متخصص في الاقتصاد الإسلامي ليعمل على رفع نسبة وعي الجمهور بأدوات التمويل الإسلامي، بالإضافة إلى ضرورة وجود نظام محاسبي فعال للمساعدة في عمليات الاكتتاب والتصفية وتحديد الأرباح بصورة دقيقة، وكذلك الالتزام بالمعايير الصادرة من الهيئات الدولية الإسلامية – هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، مجلس الخدمات المالية الإسلامية، السوق المالية العالمية الإسلامية، بنك التنمية الإسلامي.

وأكدوا على ضرورة وجود إصدارات مستثمرة متنوعة وتقنيات وآجال مختلفة لتلبية متطلبات الأنواع المختلفة من المستثمرين، بالإضافة إلى قيام وكالات تصنيف إسلامية لتصنيف وتقييم الصكوك المصدرة بواسطة الدول الإسلامية، وإعداد مؤشر «منحى العائد»، يتم بموجبه تحديد القيمة الحقيقية للصكوك المصدرة.

وكان الدكتور عبد السلام العبادي وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن الذي رعى ورشة العمل التي نظمتها شركة «بي دي أو الأردن» قد أكد أن الصكوك الإسلامية تعد موضوعا حيويا وهاما بات يفرض نفسه على الساحة الاقتصادية العالمية، خاصة في ظروف الأزمة المالية الدولية الحالية. وأوضح العبادي أن على المعنيين في الحكومة الأردنية الإسراع في تشريع واستخدام الصكوك الإسلامية في الأردن، مشيرا إلى أنه ذات منافع كثيرة في حياتنا الاقتصادية لما يتمتع به من ميزات عملية واضحة ولما يقدمه في مجال التمويل والاستثمار من صيغ عملية أثبتت نجاحها الاقتصادي، بالإضافة إلى أنها صورة من صور الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في مجالات تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.

وشدد الوزير العبادي على أن الحاجة ماسة لمزيد من الدراسات لموضوع الصكوك، وخاصة في التطبيق العملي للمحافظة على أدائها الاقتصادي في ظلال الشريعة الإسلامية ومراعاة الظروف الاقتصادية المتطورة.

وقال «نتطلع أن تفيد هذه الورشة في اتخاذ خطوات عملية نحو تبني هذا الأسلوب التمويلي الشرعي المتقدم في الممارسات الاستثمارية ومعالجاتنا الاقتصادية هنا في الأردن، لا سيما أننا كنا سباقين في هذا المجال بصدور قانون سندات المقارضة سنة 1981، والمقصود به صكوك المضاربة، وهي أحد أنواع الصكوك الإسلامية المهمة فقد لفتنا بذلك نظر العالم الإسلامي لأهمية هذه الأداة التمويلية».

وتابع «استطعنا في هذا القانون أن نبين البنية الفنية والعملية لها ومعالجة الكثير من أوضاعها وتفصيلاتها من هدي أحكام الشريعة الإسلامية، بدراسة هذا القانون عند الإعداد من لجنة الإفتاء ومجلسه في الأردن».

وكان البحث الوحيد المقدم له في هذا الموضوع والذي على ضوئه نظم المجمع بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية ندوة علمية متخصصة حول موضوع سندات المقارضة كانت توصياتها أساسا لقرار المجمع الشامل في دورته الرابعة التي عقدت في جدة سنة 1987، والتي تعتبر هي وما سبقها من بحوث ودراسات حول هذا الموضوع الأساس في الاهتمام الإسلامي العالمي بموضوع الصكوك.

وأعرب العبادي عن أمله بأن تبلور ورشة العمل بشكل واضح الصفات الأساسية للصكوك الإسلامية وأنواعها ومكونات كل نوع، وقال «نتطلع إلى مشاهدة نماذج عملية لتطبيقات هذا الأسلوب على المستوى العالمي والتقويم الدقيق لها لتكون بين يدي متخذ القرار لتطبيقها على أن يتبع ذلك جهود علمية على نماذج نشرات الإصدار وآليات العمل وآليات العمل والتعدد المطلوبة في إطار من الالتزام بأحكام الشريعة حتى لا يقع في التطبيق أي مخالفة تسيء للصورة المشرقة لهذه الصكوك».

وأضاف: «يؤسفني أن أقول إن أخطاء وقعت في بعض صور التطبيق مما أوجد لغطا حول بعض جزئيات هذا الموضوع».

وأكد الدكتور حمزة جردات الخبير الاقتصادي المستشار في وزارة المالية على أهمية موضوع الصكوك الإسلامية كمصدر أخر للتمويل، قال «إن هذا الجانب قد يسهم في معالجة الكثير من الاختلالات الموجودة في الأنظمة المالية»، مشيرا إلى أن لدى البنوك فوائض من السيولة تقدر بنحو 3.5 مليار دينار (5 مليارات دولار)، وهي معطلة تماما، وبين أن 400 مليون دينار من هذا المبلغ موجود لدى البنوك الإسلامية.

وأكد المشاركون في الورشة على أن الصكوك الإسلامية هي الحل الأمثل والبديل لوسائل التمويل التقليدية، خاصة أنها تعالج كثيرا من المشكلات المالية بشكل أمثل، وأنه لا بد من تكامل الجهود المعنية من أجل إصدار الصكوك الإسلامية ومتابعة ملفاتها والاهتمام باستغلال الوقت إيجابيا لصالح متطلبات مرحلة تطبيق الصكوك الإسلامية.

وقال مجدي محمد الحسن مدير دائرة الدراسات والأبحاث في سوق الخرطوم للأوراق المالية إن تجربة الصكوك الإسلامية حققت الكثير من الإنجازات في السودان، خاصة أنها ساهمت في إنشاء أكبر سد في شمال أفريقيا «سد مروى».

وأضاف الحسن أن تطبيق مبدأ الصكوك الإسلامية ساهم في إنشاء عدد كبير من المشاريع الضخمة مثل المعدات الطبية لبعض المستشفيات، إضافة إلى تزويد الكثير من الجامعات الطبية بالمعدات اللازمة.

وأشار الحسن إلى أن الصكوك الإسلامية أدت إلى تحسن وتطور كبير في الوضع المالي السوداني وزيادة نسب السيولة المالية بالإضافة إلى انخفاض نسب التضخم وجذب السيولة.

من جانبه قال الدكتور بدر الدين قرشي مصطفى مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية إن تجربة الصكوك الإسلامية نجحت بشكل كبير في السودان، خاصة أنها ساهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى أنها نجحت في تمويل عدد كبير من المشاريع الحكومية.

وأضاف قرشي مصطفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الصكوك ساهمت في تطوير البنية التحتية لعدد من المشاريع السودانية، وتطور مستوى كثير من الخدمات، بالإضافة إلى تطور مشاريع الصحة والتعليم والمياه.

ويتوقع إقامة تعاون مشترك بين الأردن والسودان على مستوى المستثمرين والأوراق المالية والتعاملات النقدية والمالية، إضافة إلى تعاون بين السلطات النقدية في مجال الصكوك الإسلامية.

أما الدكتور علاء الدين زعتري أستاذ الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي عضو الهيئة الاستشارية الشرعية السورية فأكد أن تطبيق مبدأ الصكوك الإسلامية ضروري للارتقاء بالمستوى المالي للدول، وأنه لا بد من تعاون كثير من الجهات الاقتصادية المسؤولة لتطبيق مبدأ الصكوك الإسلامية والعمل على محاولة إبدالها مع وسائل التمويل التقليدية.

من جانبه قال الدكتور خالد أمين عبد الله الوزير الأردني الأسبق إن ورشة العمل جاءت كخطوة أولى لتطبيق مبدأ الصكوك الإسلامية، خصوصا أنها ناقشت كثيرا من الأمور المهمة التي تخص تعريف الصكوك وإمكانية تطبيقها.

وأضاف «حتى تنجح تجربة الصكوك الإسلامية لا بد من إيجاد المحفزات للشركات في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إيجاد الإطار التشريعي المناسب لتطبيق مبدأ الصكوك».

على صعيد متصل أوضح موسى عبد العزيز شحادة نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام للبنك الإسلامي الأردني أن دعم مثل هذه اللقاءات التي تعقد لأول مرة في الأردن لنشر فكرة الصكوك الإسلامية التي أصبحت أداة تمويلية استثمارية مهمة حيث تعتبر من أهم موجودات الصناعة المالية الإسلامية.

وأضاف أن «مشاركة البنك الإسلامي الأردني تتمثل بدعم الجهود التي تبذل في التعريف بالصكوك الإسلامية وأهميتها، واستعراض التحديات التي تواجه إصدارها من خلال التعرف على تجارب دول أصدرت صكوكا إسلامية، وتناولت آلية التعامل معها وتلبية الاحتياجات التمويلية للمشاريع الوطنية، التي يتم تمويلها بواسطة الصكوك، والبيئة التشريعية المواتية لإصدارها وعوامل نجاحها، داعيا إلى الاستفادة من هذه التجارب في العمل بها في الأردن لتكون رافدا للاقتصاد الوطني ومساندا لدور الصيرفة الإسلامية ونجاحها في التنمية الاقتصادية.

وكانت الورشة التي استمرت لمدة يومين تضمنت 3 جلسات، ركزت فيها على تجربة السودان في إصدار الصكوك، إضافة إلى التعرف على الصكوك السيادية ومشاريع وطنية مولتها الصكوك وإدارة وإصدار الصكوك الحكومية في السودان. كما تضمنت محاور الورشة مناقشة عوامل نجاح إصدار الصكوك الإسلامية تحدث فيها عدد من الخبراء في مجال الصكوك الإسلامية.