الخزاعلة: «العولمة المصرفية» ستضمن تمدد البنوك الإسلامية دوليا

رئيس «بنك الأردن - دبي الإسلامي» لـ «الشرق الأوسط»: النموذج المالي الإسلامي مطالب بتحسين المنتجات وتعزيز الاندماج في هذه المرحلة

TT

أكد سالم الخزاعلة، رئيس مجلس إدارة «بنك الأردن - دبي الإسلامي»، أن الأزمة المالية العالمية ساهمت في تعزيز الثقة في النموذج المالي الإسلامي وقدرته على الاستدامة، متوقعا أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية، ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول وسط تنامي «العولمة المصرفية».

وأضاف الخزاعلة في حوار مع «الشرق الأوسط» أن البنوك الإسلامية في حاجة إلى تحسين نوعية خدماتها وتطوير مشاريع مناسبة لتواكب العولمة يكون فيها العميل هو المستفيد الأكبر، وقد لعبت الابتكارات التكنولوجية دورا كبيرا ومهما في التكامل المالي والعولمة. وقال إن ارتفاع عدد البنوك الإسلامية في الأردن سيكون له الأثر الإيجابي على المتعاملين من حيث توفير منتجات متعددة ومختلفة، إضافة إلى أن ازدياد عددها سيكون إيجابيا على قطاع البنوك الإسلامية نفسها حيث سيساعد ذلك على تطوير البيئة التشريعية والرقابية الخاصة بالبنوك الإسلامية.

وعن «بنك الأردن - دبي الإسلامي»، قال الخزاعلة إنه يهدف إلى زيادة حجم نشاط الصيرفة الإسلامية من خلال طرح منتجات جديدة للعملاء الأفراد والشركات لم تكن متوافرة في السوق الأردنية من قبل، وخاصة فيما يتعلق بأدوات التحوط الإسلامية من المخاطر وطرح منتجات تمويلية جديدة لتلبية رغبات العملاء كافة وفق صيغ مبتكرة بما يوافق الشريعة الإسلامية. مشيرا إلى أن الإيداعات لدى البنك وصلت إلى 100 مليون دولار.

إلى مزيد من التفاصيل في الحوار التالي:

* هل ترى أن النظام الإسلامي ممثلا في البنوك الإسلامية هو البديل الأمثل للنظام الاقتصادي العالمي المعمول به حاليا؟

- لقد استطاعت المصارف الإسلامية أن تفرض نفسها لتصبح رقما صعبا في تركيبة الدورة المالية والاقتصادية في العالم، بدليل النمو المتسارع الذي حققته خلال الثلاثين عاما الماضية من عمرها، ومما لا شك فيه أن الأزمة المالية العالمية قد ساهمت في تعزيز الثقة في الأنموذج المالي الإسلامي وقدرته على الاستدامة، لذلك نتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية، ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول.

وخير دليل على ذلك هو تحول البنوك التجارية إلى تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، الأمر الذي يعني اعترافا منها بالتنافسية العالية التي أصبحت تحققها المصارف الإسلامية، خاصة في منطقة الخليج حيث نشطت البنوك التقليدية في فتح نوافذ إسلامية أو إقامة بنوك إسلامية مستقلة، وهذا بهدف الحفاظ على شريحة مهمة من جمهورها من خلال توفير البديل المصرفي الإسلامي.

* هل ترى أن النظام المالي الإسلامي قادر على الانتشار في مختلف أرجاء العالم؟

- النظام المصرفي الإسلامي بدأ بالفعل في الانتشار بقوة على المستوى العالمي، فالمصرفيون الغربيون ينظرون إلى التمويل الإسلامي باعتباره أمرا مثيرا للاهتمام، وأقدام مؤسسات التجزئة المالية الإسلامية أصبحت راسخة حاليا في عدد من الدول الغربية، بما في ذلك «بنك بريطانيا الإسلامي»، و«بنك الاستثمار الإسلامي الأوروبي»، و«بنك لاربا» في كاليفورنيا. كما أن المصارف الدولية الرائدة كافة، بما في ذلك مصرف «سيتي بنك»، و«إتش إس بي سي أمانة»، و«دويتشه بنك»، و«يوبي إس» السويسري، تقدم ودائع إسلامية وتسهيلات تمويلية مطابقة للشريعة الإسلامية. فالبنوك الإسلامية دخلت في شراكات مع هذه البنوك من أجل إصداراتها من الصكوك الإسلامية وبغرض ممارسة الأعمال المصرفية الاستثمارية الأخرى، بما في ذلك التمويل المشترك وخدمات إدارة الخزانة. والتمويل الإسلامي ليس متطابقا مع الرأسمالية الغربية ولا الاشتراكية، بل نشأ كنوع مختلف، وهو الرأسمالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

* هل الاقتصاد العالمي مؤهل لتقبل دخول النظام المالي الإسلامي كعنصر أساسي في منظومته الاقتصادية، وخاصة أن معظم البلدان ما زالت تعاني من الأنظمة الاقتصادية الخاصة بها؟

- أعتقد حدوث زيادة كبيرة في منافسة البنوك التقليدية في المستقبل القريب بسبب العولمة، وأقصد بـ«العولمة» زيادة الاعتماد الاقتصادي المتبادل للبلدان على نطاق عالمي من خلال تزايد وتنوع حجم المعاملات التي تتم عبر الحدود في البضائع والخدمات والتدفق الدولي لرؤوس الأموال، وكذلك من خلال الانتشار المتزايد للتكنولوجيا، ونظرا إلى سياسة التحرير فإن الأسواق العالمية تتقارب بسرعة للتلاقي في سوق واحدة، ويتيح ذلك فرصا للبنوك الإسلامية بقدر ما يمثل تحديات لها، فمن ناحية ستتيح العولمة قدرا أكبر من تنوع المحفظة مما يقلل من المخاطرة في صيغ المشاركة في الأرباح، وسيشكل ذلك فرصا للبنوك الإسلامية في فتح المزيد من الفروع في البلدان غير الإسلامية، وفرص قيام البنوك الإسلامية بحشد المزيد من الإيداعات هي الأكبر في هذا المجال، خاصة بين المجموعات المسلمة في هذه البلاد.

* إلى أي مدى سيساهم «بنك دبي الإسلامي» في زيادة حجم نشاط الصيرفة الإسلامية في الأردن؟

- نهدف إلى زيادة حجم نشاط الصيرفة الإسلامية من خلال طرح منتجات جديدة للعملاء الأفراد والشركات لم تكن متوافرة في السوق الأردنية من قبل، وخاصة فيما يتعلق بأدوات التحوط الإسلامية من المخاطر. وأيضا طرح منتجات تمويلية جديدة لتلبية رغبات العملاء كافة وفق صيغ مبتكرة بما يوافق الشريعة الإسلامية.

* ما هي الأهداف التي يسعى البنك إلى تحقيقها في المجالين الاقتصادي والمصرفي؟

- التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية، حيث تقوم المصارف الإسلامية بدراسة جدوى المشاريع وتبدأ في تمويلهـا، الأمـر الذي ينطوي عليه تحمل المخاطر سواء من حيث مدى نجاح المشاريع، أو من حيث مدى تأثر السيولة بتدفق هذه الأموال خارجا وداخلا. وتتفاوت درجة المخاطرة من صيغة إلى أخرى من صيغ الاستثمار، إذ تعتبر المخاطرة في أعلى حد لها في صيغة المضاربة، وتكون في أدنى حد لها في صيغة بيع المرابحة للآمر بالشراء. ومن جهة أخرى، فإن الاستثمار بمـا ينطوي عليه من تعاون مثمر بين عنصـري رأس المـال والخبـرة البشرية هو أفضل أنموذج لحفظ ثروة المجتمع.

* يؤخذ على البنوك الإسلامية ارتفاع أسعار المرابحة مقارنة بأسعار الفائدة في البنوك الأخرى، إضافة إلى التشدد في شروط التمويل والمبالغة فيها. هل لديكم استراتيجيات معينة بهذا الخصوص.. أي تخفيض أسعار المرابحة وتخفيف شروط الإقراض؟

- لدى البنك خطط طموحة لتقديم الكثير من المنتجات الإسلامية التمويلية ولن يكون الاقتصار على المرابحة فقط، فهنالك صيغ التمويل بالمضاربة والمشاركة وبيع السلم والاستصناع والإجارة وما إلى ذلك من المنتجات الإسلامية.

* ما هي خططكم المقبلة في سوق الصيرفة الإسلامية في الأردن التي بدأت تشهد منافسة واضحة؟

- إلى هذه اللحظة تم افتتاح أربعة فروع في جبل عمان والبيادر وشارع المدينة المنورة والشميساني، ولدى البنك خطة لافتتاح عشرة فروع مع نهاية السنة الحالية 2010، ومع نهاية 2012 سيبلغ عدد الفروع 20 فرعا موزعة على مختلف مناطق الأردن.

* هل تعتقد بقدرة البنوك الإسلامية على خدمة الاقتصاد الوطني بصورة أفضل؟

- نعم، لأن البنوك الإسلامية تهدف إلى الاستثمار فـي مشاريع حقيقية وتقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية لها وهذا يؤدي إلى توليد الدخـول، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات فيؤدي ذلك إلى زيـادة الإنتـاج، وزيادة الطلب على العمالــة، وذلك يؤدي إلى النمـو في الاقتصاد الوطني.

* هل ستؤثر البنوك الإسلامية وارتفاع عددها في الأردن على البنوك الأخرى؟

- إن ارتفاع عدد البنوك الإسلامية في الأردن سيكون له الأثر الإيجابي على المتعاملين من حيث توفير منتجات متعددة ومختلفة، إضافة إلى أن ازدياد عددها سيكون إيجابيا على قطاع البنوك الإسلامية نفسها حيث سيساعد ذلك على تطوير البيئة التشريعية والرقابية الخاصة بالبنوك الإسلامية. هناك مقارنة دائمة بين البنوك الإسلامية والمصارف الأخرى تتعلق بطول الإجراءات وتعقيداتها.

وأود الإشارة إلى أن الخدمات الإسلامية ترتكز على عمليات بيع حقيقي لها ضوابطها وإجراءاتها التي يجب الالتزام بها وبالتالي من غير المقبول مقارنتها بعملية الإقراض العادي التي لا تعدو كونها تعاملا نقديا محضا ولا تتطلب الضوابط الشرعية التي تلتزم بها المصارف الإسلامية والتي تكون المرجعية لها دوما هي هيئة الرقابة الشرعية. ونحن في «بنك الأردن - دبي الإسلامي» نعمل، وبالتنسيق والتوجيه من قبل هيئة الرقابة الشرعية، على توحيد الإجراءات للمنتجات النمطية، وذلك توفيرا للوقت والجهد في تنفيذ المعاملات ما أمكن، وكذلك هنالك تعاون تام مع «مؤسسة دار الشريعة» ومقرها دبي في هيكلة المنتجات، وكذلك العمل على تدريب وتأهيل الموظفين من جميع المستويات الإدارية وبشكل مستمر.

وأود أن أشير مرة أخرى إلى أن طول الإجراءات، إن وجد، مرده حرص البنوك الإسلامية على تحري الحلال في تعاملاتها وتجنب الوقوع في المخالفات الشرعية.

* هل لدى البنوك الإسلامية في الأردن رغبة ومصلحة في المنافسة على السندات الحكومية؟ وهل تطالبون الحكومة بإصدار صكوك إسلامية والإسراع فيها؟

- فيما يتعلق بالسندات الحكومية التقليدية، نحن لا نستطيع التعامل بها لكونها لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، أما بخصوص الصكوك الإسلامية فبكل تأكيد نحن مهتمون بأن تقوم الحكومة و«البنك المركزي الأردني» بتوفير أدوات مالية (صكوك إسلامية) تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية.

ويعتبر توجه الحكومة في هذا الخصوص توجها مباركا ونتطلع إليه بكل إيجابية، حيث إن قيام حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بإصدار صكوك إسلامية لتمويل احتياجاتها وفقا لأي من الهيكليات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية يعتبر فرصة في غاية الأهمية للبنوك الإسلامية الأردنية، ويعطيها المجال لتوظيف السيولة الفائضة لديها وتصبح عملية مقارنة الأداء مع البنوك التقليدية أكثر منطقية.

من جانب آخر نتطلع إلى إنشاء سوق مالية إسلامية، وذلك لما لهذه الخطوة من أهمية قصوى في تسهيل تعاملات المستثمر المسلم، وعلى وجه الخصوص تحديد أي الأدوات وأي الشركات التي يستطيع الاستثمار فيها دون عناء البحث عن تطبيق معايير مختلفة ومتعددة لتحديد أي منها يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية في الأسواق المالية (العادية).

أما الأدوات التي يمكن إصدارها للتداول في هذه السوق فأعتقد أنه في المرحلة الأولى، ولضرورة إنشاء وبدء التعامل في سوق مالية إسلامية، أن تكون هذه الأدوات متعلقة بالأدوات المالية الأساسية، كالأسهم للشركات التي يكون قد تم إقرارها من قبل المرجعية المعنية بأنها تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأدوات الدخل الثابت سواء أكانت قصيرة الأجل أم طويلة الأجل (صكوك)، وسواء أكانت صادرة عن حكومات أم شركات.

* هل تشكل التشريعات عائقا أمام تعزيز التعاملات الإسلامية المختلفة؟

- التشريعات الناظمة لعمل البنوك الإسلامية تحتاج إلى مراعاة الخصوصية المرتبطة بعمل هذه البنوك من حيث إن البنوك المركزية تستخدم المعايير والأدوات نفسها التي يتم تطبيقها على المصارف التقليدية في عمليات الرقابة، وذلك على الرغم من اختلاف هيكلة مصادر واستخدامات الأموال وكذلك طبيعة الإيرادات، إضافة إلى المخاطر التي تتضمنها منتجات المصارف الإسلامية، كذلك يبرز القصور بشكل واضح عند النظر إلى كيفية التعامل مع موضوع السيولة لدى المصارف الإسلامية، سواء كان ذلك يتعلق بتوفير أدوات مالية لتوظيف السيولة الفائضة لدى المصارف الإسلامية أو عدم تلبية احتياجاتها من السيولة عند الضرورة، مما يدفع المصارف الإسلامية للاحتفاظ بسيولة زائدة على الحدود الطبيعية المطلوبة، وذلك تحسبا لأي طارئ، وهذا بطبيعة الحال يؤثر سلبا على الإيرادات التي تنعكس على المساهمين والمودعين.

* كيف تقيم البدايات الأولى للبنك بعد افتتاحه رسميا؟

- تعتبر بدايات البنك قوية وقد فاقت التوقعات من حيث الإقبال على التعامل مع البنك، حيث وصلت الإيداعات إلى 70 مليون دينار، ونحن ماضون في تنفيذ الخطط المرسومة من حيث التوسع والانتشار وتزويد المتعاملين بمنتجات إسلامية متعددة تلبي احتياجاتهم.

* يثير البعض مخاوف من عمليات التسنيد والإقبال عليها.. هل تشاركهم هذه المخاوف؟

- هذه المخاوف مردها إلى ثلاث نقاط أساسية تتعلق بعملية التسنيد (التوريق)، وتتمثل في وجود توجهات لدى الحكومة لإصدار قانون يسمح بـ«التوريق»، و«التسنيد» عبارة عن البذرة الرئيسية التي تشكل الفقاعة المالية، وبالتالي اعتبارها السبب الكامن وراء الأزمة المالية العالمية، و«التسنيد» أيضا عبارة عن طريقة تستخدمها البنوك (جهة الإصدار) للتخلص من القروض المتعثرة لديها من خلال هذه الأداة التي يسميها البعض بالأداة الخداعة.

وللوقوف على حيثيات أي موضوع قيد الطرح فلا بد من النظر إلى محاور الإيجابيات والسلبيات المتعلقة به، وعليه فلا بد من البداية بتعريف عملية «التسنيد»، فهي عبارة عن عملية تجميع لقروض متجانسة ذات نمط معين وإصدار تسنيد أوراق مالية مقابل هذه القروض تعتمد في أدائها من حيث العائد والمخاطر على شروط الإقراض الأصلية المبنية عليها والضمانات الفعلية المرتبطة بها، وبالتالي اللجوء إلى استخدام التوريق يعتبر أداة فعالة تساند البنوك على إدارة موجوداتها ومطلوباتها بشكل سليم وإضفاء نوع من المرونة على ميزانيات البنوك، مما يساعدها على توفير السيولة اللازمة عند الحاجة وتوزيع وتنويع المخاطر الائتمانية، وتجنب التركز في قطاع معين، وفي الوقت نفسه فإن توافر مثل هذه الأداة في السوق يكون مصدرا مناسبا للاستثمار لجهات ومؤسسات مختلفة، كل حسب سياسته الاستثمارية ومستوى المخاطر المقبولة لديه.