خبراء في صناعة التأمين: تحديات تواجه التكافل الإسلامي

أكدوا الحاجة لتأسيس جهة تشرف على الصناعة مشيرين إلى ضعف الكوادر البشرية

دعا الخبراء إلى ضرورة تأسيس اتحاد يشرف على صناعة التأمين التعاوني (رويترز)
TT

كشف خبراء في قطاع المصرفية الإسلامية عن مستقبل ينتظر صناعة التأمين التكافلي، على الرغم من التحديات التي تواجهها، خاصة أن ثقافة التأمين التكافلي الإسلامي بدأت تغزو العالم الغربي، بعد خروج المؤسسات المالية والمصارف الإسلامية بأقل الخسائر من الأزمة المالية العالمية.

وأقرّ بعض الخبراء بعدد من التحديات التي تواجه هذه الصناعة، يأتي في مقدمتها ضرورة استنباط آليات تأمينية إسلامية تستوعب المستجدات والمتغيرات الاقتصادية العصرية المتسارعة، بجانب التأهيل والتدريب ونشر الوعي بها، مشيرين إلى أن هذه الصناعة أصبحت ضرورة يفرضها الواقع، ولا بد من التعامل معها بما يتوافق والشريعة الإسلامية ومعايير المحاسبة والمراجعة في نفس الوقت، حتى لا تتخلف عن ركب التنمية.

ودعا الخبراء إلى ضرورة تأسيس اتحاد يشرف على صناعة التأمين التعاوني، ويدير ضوابطه الشرعية في الدول الإسلامية، مثله مثل المجلس العام للبنوك الإسلامية، كما دعوا إلى توحيد هيئات الرقابة الشرعية في هيئة عليا تعنى بجمع الفتوى وتنقيتها ووضعها في إطار معايير تكمل معايير المحاسبة والمراجعة، مع ضرورة العمل على تدريب الكادر العامل في هذا المجال، وتأسيس كليات ومعاهد وأقسام في الجامعات للتخصص في هذا المجال، مع عدم إغفال العمل على توعية المجتمع بأهمية التأمين ومزاياه. وقال محمد حمزة، الخبير في التأمين، إن فقهاء الشريعة أقرّوا بأن التأمين التكافلي يستند على مبادئ التعاون المتبادل والمسؤولية المشتركة والضمان المشترك، موضحا أن هذه المبادئ هي ضرورة تعاون حملة وثائق التأمين «التكافل» مع بعضهم بعضا من أجل مصلحتهم, دون استغلال حقوق الآخرين.

وأوضح حمزة أن الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها السلبية على صناعة التأمين بشكل عام، وبالتأمين التعاوني بشكل خاص، مثلها مثل المصارف والمؤسسات المالية الأخرى، من خلال تأثيرها على محافظ الاستثمار للشركات، مبينا أن شركات التأمين الإسلامية تحصر نشاطها مع المؤسسات التي تتقيد بالتعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، الأمر الذي جعل انتشارها سابقا محدودا نسبة لقلة الوعي بأهميتها، في ظل نشاط الشركات التأمينية التقليدية المتزايد، على الرغم من المنافسة التي بدت ساخنة بينهما.

وعن رأيه حول تعدد الآراء والفتاوى حول التأمين وصناعته، أفاد حمزة بأن التباين جاء لتوضيح وضع التأمين من حيث الحرمة والحلال، وأن بعض الفقهاء أحله شريطة الابتعاد عن الربا، ومنهم من قال إن التأمين التجاري حرام والتعاوني حلال، ومنهم من حرم كلا منهما. وأشار إلى الحاجة الماسة إلى تأسيس اتحاد يشرف على صناعة التأمين التعاوني ويدير ضوابطه الشرعية في الدول الإسلامية، مثله مثل المجلس العام للبنوك الإسلامية. كما دعا إلى توحيد هيئات الرقابة الشرعية في هيئة عليا تعنى بجمع الفتوى وتنقيتها من الشوائب، ووضعها في إطار معايير تكمل معايير المحاسبة والمراجعة، مع ضرورة العمل على تدريب الكادر العامل في هذا المجال، وتأسيس كليات ومعاهد وأقسام في الجامعات للتخصص في هذا المجال، وعدم إغفال العمل على توعية المجتمع بأهمية التأمين ومزاياه.

أما الخبير الدكتور مراد زريقات، المدير الإقليمي للمنطقة الوسطى لشركة التأمين العربية التعاونية، فيرى أن ثقافة التأمين وصناعته منذ ميلادها لأول مرة في السودان، وهي تلفت انتباه العالم، وأنها تطورت خلال الثلاثين الماضية، حيث ازداد عدد الشركات الناشطة في هذا المجال من شركتين في عام 1979 إلى 173 شركة حتى عام 2008، مشيرا إلى أن هناك 23 دولة اعتمدت نظام التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية ضمن نشاطها التأميني.

ويعتقد زريقات أن الأزمة المالية العالمية أثبتت كفاءة النظام التأميني الإسلامي, خاصة في منطقة الخليج, متوقعا أن يصل إلى حجم قطاع شركات التكافل الخليجية بنهاية 2010 إلى عشرة مليارات دولار، بمعدل نمو هائل يصل إلى 70 في المائة، وأن حجم المساهمات يتجاوز 8.8 مليار دولار خلال العام الحالي, مرجعا ذلك لازدهار البناء، ومشاريع التنمية، والبنى التحتية، والدعم الحكومي لدعم نمو الصناعة وتطبيق إلزامية التأمين الصحي والتأمين على المركبات، كما الحال في كل دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال زريقات إنه وفقا لتقرير شركة «أرنست آند يونغ» حول التكافل العالمي لعام 2010، الذي تم الكشف عنه في مؤتمر القمة السنوية العالمية الخامس للتكافل 2010، فإن حجم المساهمات الإجمالي في السعودية وصل إلى 2.9 مليار دولار في عام 2008، بينما بلغ 900 مليون دولار في ماليزيا.

وعزى زريقات تأخر هذه الصناعة في العالم العربي إلى انشغال المستثمرين في الاستثمار في القطاعات الخدمية الرئيسية، كالإسكان والنقل والاتصالات، الأمر الذي يفسر أن نسبة الاختراق المتحققة في السوق العربية لا تتجاوز خمسة في المائة من النسبة العالمية. وأضاف أن هناك بعض الدول التي قامت بتطوير هذه الصناعة منذ فترة زمنية، كالأردن والمغرب والكويت على سبيل المثال لا الحصر، لكن مقارنة مع الدول المتقدمة ما زالت هذه الصناعة متأخرة نوعا ما، وفي السعودية ما زالت الصناعة حديثة جدا، نظرا لصدور التشريعات والأنظمة في عام 2004، وما زال الكثير من الشركات العاملة تعمل جاهدة لتحقيق متطلبات هذا القانون الجديد.

وأشار إلى عدد من التحديات تواجه صناعة التأمين، جملها في عدم قدرة الشركات على تطبيق مواد وبنود اللائحة التنفيذية التي صدرت عن مؤسسة النقد العربي السعودي، حيث إن هذه اللائحة، بحسب زريقات، تتضمن الكثير من المواد التي تصب في نهاية الأمر لمصلحة جميع أطراف العلاقة التأمينية. بالإضافة إلى ذلك، فهناك ضعف في نشر الثقافة والتوعية التأمينية من خلال شركات التأمين، حيث يشكل هذا الموضوع تحديا حقيقيا في كيفية إيصال الفكرة المطلوبة للتأمين لجميع المواطنين، وبمختلف توجهاتهم الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ومن مختلف مناطق المملكة، وهذا يتطلب تضافر جهود جميع أطراف هذه الصناعة من شركات وجهات رقابية حكومية ومزودي الخدمة التأمينية بمختلف أشكالها.

وتابع أن ضعف تدريب وتأهيل العاملين في هذه الصناعة يعتبر تحديا هو الآخر، حيث يعتري صناعة التأمين النقص الشديد في الخبرات التأمينية المؤهلة للقيام على تنفيذ سير العملية التأمينية بمختلف مراحلها، من ناحية الاكتتاب والمطالبات والتسويق وخدمات ما بعد البيع وتسوية الخسائر وتقديرها، وهذا يتطلب وجود متخصصين، مما يتطلب قيام معاهد متخصصة، سواء في الجامعات أو المعاهد الخاصة.

كما أن هناك تحديا آخر يتمثل في مدى قدرة تعاون الجهات والقطاعات العامة والخاصة في تنفيذ بنود اللوائح الخاصة بتنظيم صناعة التأمين في السعودية، من أجل الرقي في خدمة العملية التأمينية، حيث إن لكل طرف من هؤلاء واجبات وحقوق ويتوقف تنفيذ هذه الخدمة على مدى قيام هذه الأطراف بواجباتها، كإدارة المرور ومكاتب العمل ووزارة الصناعة والتجارة والمراكز الطبية وغيرها، بالتزاماتها اتجاه المؤمن لهم من أجل ثقة متبادلة مع المواطنين، من أجل تنمية هذا القطاع.