باحث شرعي يستخدم أساليب توضيح مختلفة للمصرفية الإسلامية للتعامل مع الغرب

ناصر الزيادات لـ «الشرق الأوسط» : التمويل الإسلامي يستند إلى مبادئ إيجابية ليست مقتصرة على المسلمين

TT

«المال كوسيلة»، «الجدارة»، «العدالة»، «الواقعية» هي مجموعة من المبادئ قدمها خبير مصرفي خلال محاضرة ألقاها في ندوة للتعريف بالتمويل الإسلامي للبعثات الدبلوماسية إلى العاصمة القطرية الدوحة.

وبرر ناصر الزيادات، مدير التخطيط الاستراتيجي في شركة «المشورة والراية للاستشارات المالية» في الكويت، استخدامه لهذه العبارات للتعبير عن مبادئ التمويل الإسلامي بأن هذه العبارات تعبر عن أسلوب إيجابي في الطرح يمكن استيعابه من قبل غير المسلمين، لا سيما أولئك الذين يعيشون في مجتمعات متحررة التي يسود نموذجها في الدول الغربية.

وقال الزيادات في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن من يكون له احتكاك بأفراد مثقفين من الغرب، أو من يدرس في الجامعات الغربية، يدرك أن المجتمعات في تلك الدول التي تتميز بالعلمانية تؤمن بقيمة «الحرية» التي لا يجب أن تقيد. وعليه فإن أسلوب الخطاب في تقديم التمويل الإسلامي لأفراد من تلك المجتمعات لا بد أن يكون مستندا إلى المنطق الذي يتناسب مع طريقة التفكير السائدة هناك.

وأضاف الزيادات أن الدين الإسلامي بجله يستند إلى المنطق والإيجابية في الطرح فالأحرى بأسلوب الخطاب مع غير المسلم أن يكون متناسبا مع ثقافة المتلقي. وعندما نستشعر أن ثقافة وقيم المتلقي الغربي لا تتقبل الكلمات التي تستند إلى «التحريم» وعدم الجواز بحكم أنها تقيد قيمة «الحرية» التي يؤمن بها، فلا بد من إيجاد بدائل إيجابية في الطرح.

ورأى الزيادات أن الكثير ممن يحاولون الترويج للتمويل الإسلامي في الدول غير الإسلامية يقدمون «تحريم الربا» في بداية شروحاتهم على اعتبار أنه من أهم المبادئ التي يستند إليها التمويل المتوافق مع الشريعة الغراء، مما يؤدي إلى إغلاق الكثير من المنافذ الذهنية منذ الوهلة الأولى عند المتلقي وبالتالي فإنه يتوجب على مقدم التمويل الإسلامي أن يطرح قضية تحريم الربا بطريقة أخرى مثل «مبدأ المال كوسيلة» حيث إن من أهداف تحريم الربا ألا يكون المال هدفا بحد ذاته، بل وسيلة لخلق منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة ترتبط بالاقتصاد الحقيقي وتشجع على ردم الهوة بين معدلات نمو الديون ومعدلات نمو الاقتصاد الحقيقي وهو ما قدمه على أنه مبدأ «الواقعية» كأحد المبادئ التي يستند إليها التمويل الإسلامي.

وفي هذا الصدد ساق الزيادات مثل الأزمة المالية العالمية على أنها انبثقت أساسا من اتساع الفجوة بين الديون التي مثلتها منتجات وخدمات كان يظن أصحابها أنها مبتكرة رغم أنها ليست ذات إسهام حقيقي في الاقتصاد.

وقدم الزيادات «مبدأ تحريم الغرر» لجمهور الحاضرين على أنه «مبدأ الجدارة» في استحقاق المال ومعرفا الغرر في أوسع تعريفاته على أنه «أي معاملة يمكن أن تكون نتائجها خفية» وبالتالي فإن عدم بيان النتائج أو عدم السعي لبيانها أو القبول بعدم بيانها يؤدي بالضرورة إلى تصرفات لا أخلاقية في مفهوم المجتمعات الغربية وربما محرمة شرعا وفقا لما نعتقد، نحن المسلمين، مثل الغش والخداع والتحايل، والمقامرة وما إلى ذلك. وعليه كما يصف الزيادات، فإن «الجدارة» في استحقاق المال إنما تستند إلى مبادئ أخلاقية يؤمن بها المسلمون وغير المسلمين لأن من يفتقد إلى تلك المعايير الأخلاقية ليس جديرا بالحصول على المال من خلال تعاملاته المضللة للمتعاملين.

وتطرق الزيادات إلى بعض المفاهيم الخاطئة عن التمويل الإسلامي التي يتعامل معها الغرب على أنها حقائق في كثير من الأحيان ومنها ما يشاع بأن البنوك الإسلامية هي الوجه الآخر للبنوك التقليدية، مشددا على أن الإطار النظري لنموذج أعمال البنوك الإسلامية يختلف جوهريا عنه في البنوك التقليدية، إلا أن انخراط البنوك الإسلامية ضمن النظام القانوني الوضعي المرتبط أساسا بالرأسمالية يحتم على تلك البنوك أن تتصرف في بعض الأحيان بطريقة مشابهة.

وأوضح الزيادات أن من المفاهيم الأخرى التي تشتمل على مغالطات حول التمويل الإسلامي هي أن هناك اعتقادا سائدا في الغرب مفاده أن غالبية المجتمعات المسلمة ترغب في التعامل بالتمويل الإسلامي.

وقال الزيادات إن التمويل الإسلامي في الخليج العربي لا يشكل أكثر من 25 في المائة من إجمالي النظام المالي وهذا بحد ذاته يدل على أن التعامل بالتمويل الإسلامي ليس خيار الأغلبية، مضيفا أن هناك بالفعل فئة من المجتمعات المسلمة تؤمن بالتمويل الإسلامي وترى ضرورة التعامل به وليس بغيره، إلا أنه بالمقابل هناك فئة أخرى ترى ضرورة التعامل بالتمويل التقليدي ولا ترى التعامل بغيره.

وشدد الزيادات على أنه ما بين هاتين الفئتين تقع فئة الأغلبية التي يمكن تصنيفها على أنها الفئة «المتأرجحة» التي تبحث عن جودة المنتج وتكلفته قبل اتخاذ القرار بالتعامل مع التمويل الإسلامي أو التقليدي مع تفضيل أكثر للتمويل الإسلامي بحكم القيم والأعراف السائدة.