رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي: آن الأوان لتصحيح وضع نظام التمويل الإسلامي

توقع أن يصل إجمالي أصول الصناعة إلى نحو 1.3 تريليون دولار في الخليج مع حلول 2020

د. معبد الجارحي رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد خبير مصرفي بارز أن القائمين على صناعة المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي على وجه الخصوص، أهملوا الجوانب الأخلاقية فيه. واصفا عمل النظام بالاستدارة حول نفسه، وتوجهه في النهاية إلى التقارب مع النظام التقليدي.

وقال الدكتور معبد الجارحي، رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»: «إن نظام التمويل الإسلامي خفت قبضته على معاييره الأخلاقية وآن الأوان لتصحيح وضعه». مشيرا إلى الكثير من التحديات الكبيرة التي تواجه التمويل الإسلامي، وتأتي في مقدمتها قلة الموارد البشرية، وغياب حوكمة هيئات الرقابة الشرعية.

وتوقع الجارحي أن ترتفع حصة الصناعة إلى 40 في المائة في ما يتعلق بالأصول، نتيجة الأزمة المالية العالمية، وأن يصل إجمالي الأصول إلى نحو 1.3 تريليون دولار في الخليج مع حلول عام 2020. وإلى نص الحوار..

* ما هو أكثر شيء يشغلك في مسألة التمويل الإسلامي؟ وهل تعتقد أنه وصل إلى مرحلة النضج؟

- أستطيع القول إن التمويل الإسلامي وصل إلى مرحلة النضج، ومن هنا تأتي محاولتنا تعريف أخلاقيات التمويل الإسلامي والسلوكيات التي يجب أن يتقيد بها كل من ينخرط في هذا الميدان، وليس من السهل شرح أخلاقيات التمويل الإسلامي، بينما هذا التمويل قد نبع من مصدر أخلاقي في حد ذاته، ألا وهو الإسلام، وبالتالي فإن الحديث عن أخلاقيات التمويل الإسلامي يقتضي التزام القائمين على تطبيقه بأخلاقيات الإسلام. ولتجنب الخوض في أخلاقيات القائمين على تطبيق قواعد الشريعة، نركز على المبررات الأخلاقية للنظام، وجوانب النجاح والفشل في تحقيق النظام للأخلاقيات التي جاء ليحققها. وأنا أرى أنه قد حان الوقت للنظر في أخلاقيات التمويل الإسلامي بعد 35 عاما من التطبيق في مشارق الأرض ومغاربها، كما أن هناك الاحتمال الوارد في أن العاملين على تطبيق النظام أهملوا جوانبه الأخلاقية المهمة، وهذا من الممكن أن يضع النظام على حافة الهاوية، ويوجهه الوجهة الخاطئة، بحيث يقوم النظام بالاستدارة حول نفسه، متجها في النهاية إلى التقارب مع النظام التقليدي، وأنا أرى أن نظام التمويل الإسلامي قد خفت قبضته على معاييره الأخلاقية، ومن ثم فلا بد من محاولات جادة لإعادة المياه إلى مجاريها الصحيحة.

* كيف تنظر إلى التمويل الإسلامي من حيث التطورات والتحديات؟

- يلاحظ أن قطاع التمويل الإسلامي قد أخذ في النمو والتوسع الكبيرين على مستوى العالم قاطبة، وحاولت بعض العواصم أن تؤهل نفسها لتكون مراكز للتمويل الإسلامي، بما فيها كوالالمبور، وسنغافورة، ولندن، والبحرين ومدينة دبي، ولقد ظلت أصول التمويل الإسلامي تنمو بمعدل أعلى من 30 في المائة سنويا منذ عام 2000 حتى 2008، مقارنة بـ16 في المائة للتمويل التقليدي. كما زادت حصة أصول الصناعة المالية الإسلامية في السوق من نسبة 7 في المائة خلال عام 2000 إلى 17 في المائة خلال عام 2008. وكان نمو هذه الحصة بمعدل 11 في المائة سنويا. ومع نهاية سنة 2008 وجدت الصناعة المالية الإسلامية نفسها تدير ما قيمته 228 مليار دولار من الأصول، وبناء على سيناريو متحفظ نتيجة الأزمة المالية العالمية حتى عام 2010، نتوقع أن ترتفع حصة الصناعة إلى 40 في المائة من الأصول، وأن يصل مبلغ إجمالي الأصول إلى نحو 1.3 تريليون دولار في الخليج مع حلول عام 2020. وأود أن أشير هنا إلى تفوق نمو التمويل الإسلامي في الخليج على نمو التمويل التقليدي في مجالات الموجودات، والودائع، والأسهم والأرباح، وكان من بين عملائه نسبة كبيرة من غير المسلمين، خاصة في دول مثل ماليزيا والإمارات.

* هل التمويل الإسلامي بمنأى عن التحديات الكبيرة؟

- لا بالتأكيد.. فهناك الكثير من التحديات الكبيرة التي تواجه التمويل الإسلامي، وتأتي في مقدمتها قلة الموارد البشرية، وغياب حوكمة هيئات الرقابة الشرعية.

* أين نجد الأثر الملموس لهذه التحديات التي ذكرتها؟

- هذه التحديات نجم عنها انتشار عدد قليل من أفراد غير متخصصين في الشريعة على الإطلاق في عدد كبير من هيئات الرقابة الشرعية، في الوقت الذي نجد فيه أن بعض أعضاء الرقابة الشرعية غير مؤهلين، حيث إنهم قد تخرجوا في جامعات لا يعتد بها كثيرا، وليست لهم خلفية سابقة في التدريس أو البحوث المحكمة المنشورة، كما أن معظم هيئات الرقابة الشرعية ليس لديها مستشار اقتصادي للرجوع إليه. كما انتشرت منتجات سيئة السمعة، التي هي في الحقيقة منتجات تقليدية في لباس منتجات إسلامية، وكأمثلة على ذلك، منتجات التورق، من خلال عقود البيوع والسلم، ومنتجات مبنية على بيوع العينة، ومنتجات المتاجرة في المخاطر، مبنية على الخيارات، ومنتجات تصكيك الديون والنقود، وقد فرضت هذه التحديات تساؤلات أخلاقية خطيرة على عضوية هيئات الرقابة الشرعية.

* هل لنا أن نتعرف على بعض جوانب التمويل الإسلامي كنظام؟

- أعتقد أن مسألة منظومة الأخلاقيات تأتي في مقدمة التعرف على جانب من جوانب التمويل الإسلامي كنظام، حيث تشمل منظومة الأخلاقيات في التمويل الإسلامي الأخلاقيات المتعلقة بمنظومة التمويل نفسه، التي تضم 6 عناصر: التطور الذي يصل النظام من خلاله إلى غاية أهدافه، وأصحاب الأموال، ومستخدمي الأموال، والجهات الرقابية، والهيئات الشرعية، ومؤسسات التمويل التقليدية التي تقدم منتجات مالية إسلامية.

* ما المقصود بأخلاقيات تطور النظام؟

- يلاحظ أن نظام التمويل الإسلامي هو جزء صغير من نظام أشمل، وهو الإسلام نفسه كأسلوب حياة متكامل، ولكنه لم ينشأ مع تطبيق الإسلام ككل، لوجود عقبات سياسية تمنع التطبيق الشامل لأسلوب الحياة المتكامل، وإنما نشأ وحيدا فريدا، من خلال مبادرات فردية، كانت متفائلة بخصوص نتائج تطبيقه. وقد استهدف النظام للوصول إلى التوافق مع الشريعة كمرحلة أولى أو كهدف مرحلي، تمهيدا للوصول تدريجيا إلى الهدف الأخير، وهو الحلال المحض دون رخص أو استثناءات.

* وما الآثار التي ترتبت على ذلك؟

- هناك عدد من الآثار التي نتجت عن ذلك، ففي سبيل تطبيق أحكام الشريعة على مجالات التمويل، لا يسعى النظام إلى الوصول إلى هدف الحلال المحض فورا، الذي يعترف العاملون فيه بأن تحقيق ذلك لا بد أن يتم بالتدرج. وفي هذا السياق، يتم السماح ببعض الرخص المبنية على قاعدة الضرورة، وتقديم بعض التنازلات طبقا للظروف. وهذا يتطلب الإقرار بأن الفتاوى ستظل مؤقتة، حتى يتم التمكن من الوصول إلى المرحلة التي تقل عندها الاستعانة بالرخص إلى الحد الأدنى اللازم. وقبل الوصول إلى هذا الهدف، فإن ما يصدر من فتاوى سوف يكون قابلا للتعديل والمراجعة. لكن الفهم السائد يختلف عن ذلك، فإذا تم صدور الفتوى يتم التعامل معها على أنها ملزمة ولا تقبل التعديل. فمثلا، منذ ظهور صيغة الإجارة المنتهية بالتمليك لم تتغير، على الرغم من القضايا الشرعية الكثيرة بشأن الرخص والتنازلات ذات العلاقة بالمنتج. ومثال آخر هو نسبة المديونية المسموح بها في الحيازة والمتاجرة في الأسهم. كما أن غياب التصحيح المستمر لمسار التمويل الإسلامي للوصول تدريجيا نحو هدف الحلال، الصرف يعني أن التمويل الإسلامي يمكن أن يظل في مكانه دون القدرة على التقدم، وقد يكون ذلك سببا في اقترابه على المدى المتوسط من التمويل التقليدي.

* هل نستطيع القول إن التمويل الإسلامي لم يبلغ مداه من أخلاقياته بعد؟

- الإجابة وبكل صراحة مختلطة إلى حد كبير، ففي الجانب الإيجابي كثيرا ما يعمل التمويل الإسلامي من غير قانون ينظم أعمال المصارف الإسلامية، وفي بعض البلدان يعمل التمويل الإسلامي في ظل قوانين تعرقل الالتزام التام بالشريعة الإسلامية، حيث لا تكتفي السلطات الرقابية في تلك البلدان، بغض النظر عن مراقبة مدى توافق الخدمات التمويلية مع أحكام الشريعة، بل كثيرا ما تسعى إلى الإيقاع بالعاملين به ووضع العراقيل أمامهم. وقد ظهرت توجهات في الصناعة المالية الإسلامية بالاقتراب من النمط الربوي التقليدي، وفي بعض البلدان تضاءلت المسافة بين التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي، حتى صعب على الكثيرين التعرف على الفرق بينهما. كما تزايد تورط التمويل الإسلامي في المنتجات سيئة السمعة. ومبدئيا تقدر قيمة معاملات التورق في التمويل الإسلامي بالسعودية بنسبة كبيرة قد تصل إلى 60 في المائة، ويبدو أن بعض أعضاء هيئات الرقابة الشرعية هناك لا يبالون كثيرا بالقرارات الباتة والصريحة الصادرة من المجمعين الفقهيين الكبيرين، مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، والتي تحرم صراحة كل صور التورق. وتقدر قيمة معاملات التورق في الإمارات العربية المتحدة بنحو 40 في المائة نتيجة استمرار بعض البنوك الإسلامية في العمل بالتورق، وهذا يسيء إلى سعي الإمارات لأن تكون رائدة التمويل الإسلامي في العالم من حيث الكم والكيف.

* ولكن هل التورق هو المنتج المشبوه الوحيد؟

- ليس التورق هو المنتج المشبوه الوحيد، فهناك منتجات مشبوهة أخرى مثل بيع الديون والعينة والمتاجرة في المخاطر، ومن الواضح أن التورق وغيره من المنتجات سيئة السمعة يعتبر مخالفة صريحة للواجب الشرعي الخاص. ولقد تجرأ بعض أنصار التورق بالإعلان عن أنهم يعارضون علنا وصراحة قرارات مجمعين فقهيين كبيرين، وأنهم لا يلزمون أنفسهم بتلك القرارات، الأمر الذي يثير مسألة أخلاقية ذات بعد خطير، بخصوص وجوب الالتزام بالاجتهاد الجماعي، حفاظا على وحدة الكلمة بين علماء المسلمين. ويعتبر قيام حملة الأسهم بضم أعضاء غير مؤهلين في الكثير من هيئات الرقابة الشرعية، تعبيرا صريحا عن عدم اهتمامهم بأخلاقيات التمويل الإسلامي، وقلة حرصهم على الأخذ في الاعتبار الوازع الأخلاقي المبني على القيم الدينية.

* هل تعني أن مؤسسات الرقابة والإشراف الذاتي التي أوجدتها صناعة التمويل الإسلامي لم تكن أخلاقية؟

- بالفعل.. فإن مؤسسات الرقابة والإشراف الذاتي التي أوجدتها صناعة التمويل الإسلامي لتساعد في توجيهها الوجهة الصحيحة، لم تصل بعد إلى درجة الكمال الأخلاقي، ومن أمثلة ذلك إصدار هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي) معيارا للتورق، كما تجاهل مجلس الخدمات المالية الإسلامية وضع قواعد لحوكمة هيئات الرقابة الشرعية يمكن أن تستأصل الأعضاء غير المؤهلين، كما أن أعضاء هيئات الرقابة الشرعية ذوي الأسلوب الخاص الذين يصرون على أنهم ليسوا ملزمين بقرارات المجامع الفقهية لا يزالون على عضويتهم في مؤسسات الاجتهاد الجماعي، والأولى بهم أن يخرجوا منها ليتسق كلامهم مع أفعالهم. وللأسف فإن بعض أعضاء الهيئات الشرعية الذين أحسبهم من ذوي الكفاءات المعتبرة، يولون اهتمامهم الأكبر للصحة الشكلية في العقود، تاركين للمقاصد والمآلات درجة أقل من الاهتمام. وقد قام بعضهم بإغماض عينيه عن معاملات تستخدم فيها جملة من عقود البيع، كل منها صحيح على حدة، لكنها في جملتها تجعل المعاملة بيع نقد حاضر بنقد مؤجل. ولا يزال هذا الاتجاه الآلي الذي يعطي الصحة الشكلية الأهمية القصوى، وصحة الغرض والمقاصد الأهمية الدنيا، يسيطر على تفكير الكثير من فقهاء التمويل الإسلامي.

* في ما يتعلق بعملية إصدار الفتاوى، هل هناك إجراء محدد المسار؟

- ليس هناك تقسيم للعمل معترف به، بين فقهاء الشريعة وعلماء الاقتصاد، فإذا افترضنا، على سبيل المثال، أننا أوكلنا إلى الفقهاء الاهتمام بالتحقق من الصحة الشكلية للعقود، بينما قام الاقتصاديون بتركيز جهودهم لاستكشاف الآثار الاقتصادية للمعاملة، ومآلاتها، ومدى تحقيقها للمقاصد الشرعية أو تعارضها معها. كمعيار لتحديد مشروعية المعاملة. ففي هذه الحال يمكن أن تتضمن عملية إصدار الفتوى 3 خطوات، الخطوة الأولى تقييم مدى التوافق مع أحكام الشريعة من الناحية الشكلية، أو الصحة الشكلية، وذلك باستخدام المعرفة الشرعية، أما الخطوة الثانية فهي تقييم صحة المقاصد والغايات، باستخدام المعرفة الاقتصادية، للنظر في الآثار الاقتصادية الكلية والجزئية، في حين أن الخطوة الثالثة ضم الرأيين في صورة فتوى واحدة تصدر بعد تبادل الآراء ووجهات النظر المختلفة بين العلماء الشرعيين والاقتصاديين. ومن الممكن أن يجرى إتمام الخطوة الثانية قبل أن يقوم علماء الشريعة بإصدار فتواهم بمشروعية المسألة.

* هل ترى من ضرورة في عملية إضافة التدقيق الشرعي إلى الرقابة المصرفية، وكيف يمكن تحقيق ذلك؟

- أعتقد أن على الجهات الرقابية أن تضيف إلى مهامها الرقابية مهمة العناية بالتدقيق الشرعي على البنوك الإسلامية، وهذا يمكن تحقيقه بإحدى طريقتين، الأولى أن تقوم السلطة الرقابية بإنشاء مكتب للإشراف والتدقيق الشرعي على البنوك الإسلامية، أما الطريقة الثانية فهي أن تطلب السلطة الرقابية تقريرا من مكتب تدقيق شرعي خارجي. وفي كل الأحوال، يجب أن تصر السلطة الرقابية على وجود تدقيق شرعي داخلي، وأن تتأكد من كفاءة المدققين، ونظام التدقيق المستخدم. وأن ترسل إلى السلطة الرقابية نسخا من تقارير التدقيق الداخلي ورد إدارة البنك بشأنها، ويجب على التدقيق الشرعي لدى الجهات الإشرافية أن يعتني بمراجعة صياغة المنتجات وإجراءات العقود والوثائق، وأهلية أعضاء هيئات الرقابة الشرعية، ومدى قدرة وفاعلية قسم التدقيق الشرعي الداخلي، والالتزام بقرارات المجمع الفقهي الإسلامي الدولي.

* ما رؤيتك تجاه إدراج الجوانب الشرعية في نظام تصنيف المؤسسات المالية الإسلامية؟

- من الضروري أن تأخذ وكالات التصنيف في عين الاعتبار الجوانب الشرعية للمنتجات المالية الإسلامية في تصنيفها للمؤسسات المالية الإسلامية، وتضم عدة جوانب، منها الأهلية العلمية والمهنية لأعضاء هيئة الرقابة الشرعية، وتكوين الإدارة الشرعية ودورها في مساندة أعمال هيئات الرقابة الشرعية، بالإضافة إلى الحجم والأهلية العلمية والمهنية لوحدة أو قسم التدقيق الشرعي الذي يعمل تحت هيئة الرقابة الشرعية، مع ضرورة الانتباه لخلاصة تقارير هيئات الرقابة الشرعية وما دونته بخصوص الالتزام والتطبيق.

* كثيرا ما نسمع عن الانتقال من مرحلة التنظيم التلقائي إلى التنظيم المتوازن، ما المقصود بذلك؟

- أعتقد أنه لم يسبق أن اقترح أحد أن يكون تنظيم التمويل الإسلامي تلقائيا، غير أن التنظيم التلقائي حصل نتيجة الفجوة التي وقعت بسبب موقف البنوك المركزية، حيث أصر معظمها على حالتين، إما أن تطبق نفس اللوائح على كل من البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية، أو عدم تطبيق أي لوائح عليها على الإطلاق.

* وهل ترى ضرورة ترك عملية تنظيم التمويل الإسلامي لقطاع التمويل الإسلامي وحده؟

- لا أرى ذلك، بل العكس. إن عملية تنظيم التمويل الإسلامي لا ينبغي أن تترك لقطاع التمويل الإسلامي وحده، بل يجب أن يتم تنظيمها بحيث يكون لعدة أطراف دور فيها، مثل جهات رقابية قومية، وأقصد بها البنوك المركزية وسلطات الخدمات المالية، كذلك المجامع الفقهية، وهيئة خدمات المؤسسات المالية الإسلامية، والمجلس العام للبنوك الإسلامية، والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، بالإضافة إلى المنظمة العالمية للاقتصاد الإسلامي. وأشير هنا إلى ضرورة أن تقوم كل هيئة رقابية بالإشراف على أداء التمويل الإسلامي، حسب صلاحياتها، مع أهمية قيام مجلس مكون من كل هذه الجهات بالاجتماع بشكل دوري لفحص تفاصيل المعلومات والبيانات وتقديم مقترحاته للجهات الرقابية القومية، أما الإشكالية الكبرى التي تتعلق باختيار أعضاء الرقابة الشرعية والقرارات التي تحكم هيئات الشريعة، فيجب أن يكون أعضاء هيئات الرقابة الشرعية معتمدين لدى هيئة خدمات المؤسسات المالية الإسلامية. كما أرى أهمية أن تشكل هيئة خدمات المؤسسات المالية الإسلامية مجلسا أكاديميا يضم 3 من عمداء كليات شرعية مختارين من الـ10 الأوائل من كليات الشريعة على مستوى العالم و3 اقتصاديين من حملة شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من خريجي أعلى 50 كلية اقتصادية على مستوى العالم، ويرأس هذا المجلس الأمين العام لمجمع الفقهي الإسلامي الدولي.

* وما أهمية هذا المجلس؟

- يقوم المجلس بالمصادقة على المرشحين كأعضاء هيئات الرقابة الشرعية، إما بصفتهم علماء شرعيين أو علماء اقتصاديين، وتعتمد هذه المصادقة والموافقة على المؤهلات الأكاديمية (النوعية ومدى علاقة شهادات الدكتوراه، والخبرات المتراكمة في التدريس والبحث العلمي)، بالإضافة إلى مقابلات شخصية تجرى على المرشحين. وتفرض البنوك المركزية على حملة الأسهم أن لا يعينوا أحدا كعضو في هيئة الرقابة الشرعية إلا المرشحين من قبل هيئة خدمات المؤسسات المالية الإسلامية.

* ما أهمية وضع هيكل تأسيسي للتعليم والتدريب في مجال التمويل الإسلامي في هذه الحالة؟

- بالتأكيد فإنه حري بهيكل تأسيسي للتعليم والتدريب في مجال التمويل الإسلامي تقديم المعارف والمهارات اللازمة للمشتغلين في مجال التمويل الإسلامي، ويجب في هذا الصدد التمييز بين هذا العمل والجهود التي تبذل في محاولة تأصيل العلوم المختلفة شرعيا، وتعتبر تجربة وحدة التدريب لدى مصرف الإمارات الإسلامي فريدة ومفيدة في نفس الوقت، إذ يجب صياغة المناهج التعليمية، كما يجب أن تغطي كل جوانب التمويل الإسلامي، وأن يقوم بتدريس وتقديم المواد التدريبية أشخاص من حملة شهادة الدكتوراه، إما في الشريعة أو في الاقتصاد، حسب المادة موضوع الدراسة والتدريب، كما يمكن إضافة مواد اقتصادية، محاسبية وإدارية لتكوين مرحلة دراسية بمستوى الدبلوم أو الماجستير.