خبراء: «التجديد» بات مطلبا مهما لمنتجات المصرفية الإسلامية في السعودية

دعوا مؤسسة النقد العربي السعودي للعمل على تطوير العمل المصرفي الإسلامي

TT

في الوقت الذي تشهد فيه المنتجات المصرفية الإسلامية في السعودية نموا في الطلب من قبل المستهلكين وتعميم خدمة المصرفية الإسلامية في غالبية القطاعات المالية والمصرفية، باتت الحاجة ماسة لضرورة تطوير تلك المنتجات التي توقفت على مدى 3 إلى 4 أعوام.

ودعا خبراء في المصرفية الإسلامية مؤسسة النقد العربي السعودي - البنك المركزي - كجهة إشرافية ورقابية وتشريعية، بأن تبادر بدفع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية للاتجاه نحو تطوير منتجاتها الإسلامية، لصناعة صيغ إسلامية أخرى جديدة تستوعب معطيات ومتغيرات العصر.

وقال الخبير المصرفي عبد الرحمن الجدعان، إن تجربة السعودية في المصرفية الإسلامية مع عراقتها وقوتها إلا أنها لم تطور نفسها منذ ثلاثة إلى أربعة أعوام مضت، مبينا أنه ما زال هناك تكرار لنفس المنتجات والصيغ المصرفية الإسلامية، وموضحا أن المؤسسات والبنوك الإسلامية في حاجة لتطوير ولعمل مؤسساتي أكثر من حاجتها لعمل تجاري، لافتا إلى وجود حالات نسخ ولصق للعقود الإسلامية التي لا يتم تغيير فيها غير أسماء الأطراف المتعاقدة.

ولم يعف الجدعان مؤسسة النقد عن دورها كجهة إشرافية ورقابية وتشريعية في مسألة تطوير العمل المصرفي لدى البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ذات الصلة، معزيا عدم التطوير لعدم وجود أنظمة واضحة تستطيع أن تضبط عمل المصرفية الإسلامية، لتصبح هي الأخرى ملزمة لدى الأطراف الأخرى التي تتعامل معها.

وأكد أن الأزمة المالية العالمية عززت مكانة وأهمية المصرفية الإسلامية ولفتت الأنظار إلى تجربة السعودية في ذلك، بالإضافة إلى مثيلاتها من دول العالم الإسلامية التي تطبقها، ومع ذلك هناك حاجة لمراجعة وضعها، وفق قوانين واضحة وبنود تحدد طبيعة التعامل والأموال والمنتجات الائتمانية وطريقة التعامل معها، ومشيرا إلى دخول قطاع المنتجات التموينية والسيارات وقطاع الأقمشة في قطاع المنتجات المصرفية الإسلامية تجنبا عن بيع النقد بالنقد، وهذا نظام مصرفي قائم بنظام الصيرفة الإسلامية وبالذات في أقسام القروض البنكية.

وبحسب الخبير المصرفي، فإن تجربة السعودية في الصيرفة الإسلامية التي بدأت إلى ما يقرب من نحو ربع قرن من عن طريق التجار الذين أخذوا على عاتقهم هذا العمل - جديرة بأن تكون منطلقا حقيقيا للتجارب المصرفية الحديثة التي قد تظهر في بعض البلاد الأوروبية والآسيوية، مشيرا إلى أن تبني هذه التجربة ليس فقط وقفا على بنوك دلة البركة ومؤسسة الملك فيصل المالية، مبينا أن بنك «الجزيرة» تبنى هذه الفكرة بجانب شركة «الراجحي للاستثمار» أو «مصرف الراجحي» الذي أخذ على عاتقه التعامل بالصرافة الإسلامية.

وأضاف الجدعان أن على البنك مؤسسة النقد السعودي وهيئة سوق المال، بالإضافة إلى المعهد المصرفي واجب دراسة هذه الأوضاع، داعيا إلى تفعيل المعهد المصرفي وتحويله إلى مركز أبحاث حتى يضيف إلى رسالته المحصورة في تدريب موظفي البنوك التجارية على جميع الأنظمة والوسائل المصرفية وعلى التعامل مع إشكاليات البنوك، في ظل توافر عدد من الإمكانات التي لو تضافرت لأمكن لكل جزء منه أن يؤدي واجبه من خلال تفعيل الأنظمة وخلق أنظمة جديدة حتى يكون هناك تفاعل أيضا بين السوق والمؤسسات.

وحذر الخبير المصرفي من اتباع سياسة عدم الاكتراث لتعثر القوانين التي تتبعها هي الأخرى عثرات كثيرة وكبيرة، مع أهمية الإلمام بما يجري في الساحة المالية العالمية للتأكد من صحة المسيرة المصرفية السعودية، مبينا أن النظام المالي أو المصرفي العمل الوحيد الذي يستمد سيطرته من السوق ، حيث إن تغير أنظمة أي نظام مالي يكون لتغيرات السوق، لأن الأخير هو الذي يجير المتعاملين وهذا يتطلب وجود رقابة قوية على ما يدور وفي نفس الوقت مقدرة.

وعلى صعيد نظام المداينة والقروض الآجلة، قال الجدعان: «إن ذلك ما تتميز به بطاقات الائتمان القائمة على العمل المصرفي الإسلامي، حيث لا تتضاعف الفوائد بتأخر السداد مما يجعل بطاقات الائتمان الإسلامية قوية وجيدة»، مؤكدا أن «بطاقات الائتمان لها ضرورة وليس من بنك لا يرحب بها وبوجودها بل العكس، لأنها على الأقل تنهي الحاجة الماسة لوجود المال في ظرف معين، كما أنه ليس لدى الشركات الإسلامية صعوبة في تحديد المقترف، مما يعني أن هذه البطاقات هي الوسيلة الوحيدة للقرض القصير ومرتب بالشكل الذي يخدم المتعاملين مع الصرافة الإسلامية في الوقت الحالي».

من جانبه، أكد الخبير المصرفي الدكتور بندر العبد الكريم، أن الأثر المتبقي للأزمة المالية الإسلامية، أثبت بشكل لا لبس فيه أن تجربة المصرفية الإسلامية في السعودية قوية، ومن المؤمل أن تكون نواة التجربة المصرفية الرائدة لعامة التجارب المثيلة في أنحاء العالم الأخرى.

وأفاد بأن البنوك التقليدية أخذت تتبنى تجربة المصرفية الإسلامية على هيئة مؤسسات صغيرة وأخرى على هيئة منشآت كبيرة في بنوكها البارزة بالذات في المحافظ الاستثمارية والحسابات الإسلامية في بقية البنوك الأخرى.

وأوضح أن هناك اهتماما شبه دولي بدراسة أسباب وآثار الموجات الاقتصادية السلبية العارمة التي أضرت بالاقتصاد العالمي بوجه عام قبل حدوث الأزمة المالية العالمية مؤخرا، وبالذات في الفترات 1983 وحتى 1995، حيث بدأ تدافع اقتصادي نحو حصار غلاء غير منتظر في المنتجات، بالإضافة إلى تضخم مالي وارتفاع أسعار السلع التموينية والعقار والمساكن.

وبرأي العبد الكريم، أن ذلك الواقع أدى إلى هبوط في الفوائد وإلى خسارة أحيانا في بعض الحسابات المفتوحة، مما أضر بمستقبل التعامل مع الحسابات التي فتحت على طريقة الصرافة الإسلامية، مستدركا أن الشرح الجيد لمعطيات هذه الحقبة أعطى درسا بأن البلاء يكون عاما وأنه عندما تكون هناك عمليات انخفاض في مستويات الأسعار فهذا لا يعني خللا في المنظومة المصرفية، غير أن هنالك حسابات مفتوحة على النظام المصرفي التقليدي ولم تتأثر بالموجة الاقتصادية، وهذا مرده يعود لطبيعة التعامل التي تعطي البنوك مقدرة على أنها تعطي المستهلك حقه دون المساس به مهما كانت الآثار السلبية من تطويق مفهوم الصراف الجديد.

والذي ظهر من خلال هذا التعامل والحديث للعبد الكريم، هو تعامل المصارف بوضع النسبة الحسابية للإيداعات، مبينا أن هناك نسبة حسابية لا يمكن أن تتأثر حتى وإن كان المودع قد وقع مع البنك اتفاقية تشمل الربح والخسارة، كما أن هناك حدا نقديا يصل إليه الحساب بعدها لا يتعرض إلى الانخفاض ولا إلى الفائدة، ولكن يحقق الفائدة عندما يدخل في إطار المضاربات المالية والاستثمارات ويحقق أيضا الخسارة عندما يدخل بالكامل وفقا لرغبة المستفيد. وأضاف: «هناك أيضا طرق للتعامل مع الحسابات الجارية بأن يكون هناك رأي لصاحب الحساب عندما تصل الأرقام في الهبوط إلى وضع قد يوحي بخسارة كل المبلغ»، مشيرا إلى أن هذا النوع من التعاملات أعطى انفراجا في مفهوم الصرافة الإسلامية وأنه ليس بالكامل محققا لفشل مرتقب.

وفي معرض تعليقه عن التحديات التي تواجه صناعة المصرفية الإسلامية بالسعودية، أكد العبد الكريم، أن التحدي الحقيقي الذي تواجهه جميع أنواع الصرافة هو كيفية تحقيق رغبة المستهلك أو المستثمر ومكاسبهما الكبرى، موضحا أنه لا يمكن حماية المنتجات الإسلامية من التحريف والتأويل إلا من خلال اعتماد دراسة أكاديمية متخصصة فيها، مشيرا إلى أن النظام المصرفي الإسلامي يتطور بتطور العاملين فيه، وذلك بأن تكون هناك جامعات تدرسه بأسلوب أكاديمي وتعمم هذه الدراسة على كثير من المؤسسات ويعمم خريجوها على البنوك للقيام بدور المراقب لها، في وجود المجالس الشرعية التي تستطيع الحكم على نوعية المنتجات المصرفية ومدى موافقتها للشرع.

وزاد: «ما استجد في هذه الحرفة وهذا الفن من قوانين وأنظمة جديدة هي في أمس الحاجة إليها»، معتقدا أن تعميم هذا الفن والدراسة وتطويعه من قبل الأكاديميين القادمين والتنفيذيين سيخلق جوا وجهدا يمكن هذا الفن من أخذ مكانه الطبيعي في عالم الصرافة العالمي، مستدركا أن «التنفيذ ليس بالضرورة أن يكون متفقا مع القاعدة أو النظام، وذلك لاختلاف التفاسير من شخص إلى آخر».