باحث شرعي لـ«الشرق الأوسط»: معظم المصارف الإسلامية تفتقد التدقيق الشرعي

قال: الجهات الإشرافية لم تستطع أن تضع معايير ملائمة لتعزيز الرقابة الداخلية

الدكتور عبد الرحمن الأطرم الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل خلال مشاركته في ملتقى مشروع معالجة الديون الشخصية في الرياض الأسبوع الماضي (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

أكد باحث شرعي بارز أن السواد الأعظم من المؤسسات المالية الإسلامية تفتقد أدنى درجات الاستعداد لممارسة التدقيق الشرعي المتوافق شكلا ومضمونا مع الشريعة الإسلامية في غالبية المنتجات المصرفية التي تنتجها، مشيرا إلى أن الجهات الإشرافية لم تستطع أن تضع معايير ملائمة في مطالبة الجهات التي تعلن أنها تطبق الشريعة حتى الآن.

وأبدى الدكتور عبد الرحمن الأطرم، الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أسفه لظاهرة ممارسة خداع العملاء، مع تغييب الدور الرقابي والذي من شأنه أن يفضي إلى شفافية ومصداقية لدى المستهلك. وأضاف الأطرم أنه لا بد للهيئات الشرعية في البنوك والمؤسسات المالية، أن يكون لها دور رئيسي في مسألة إجازة المنتج ثم الرقابة على مرحلة تنفيذ وتطبيق المنتج فيما بعد، معيبا على بعض المصارف محاولة محاصرة مهمة الهيئة عند الإجازة فقط، مما يترتب عليه أن لا يخرج التطبيق بالشكل الشرعي السليم.

وأكد الدكتور عبد الرحمن الأطرم أن ذلك من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه لممارسة نوع من التساهل لدى منفذي الخدمة المصرفية المعينة، مطالبا بضرورة أن يتم تحويل أي قرار شرعي إلى إجراء قابل للتنفيذ، مقترحا إسناد ممارسة الرقابة إلى جهة معينة ذات صلة مباشرة بالهيئة الشرعية لذلك المصرف أو المؤسسة بغرض الوقوف على سير إنفاذ المنتجات بشكل شرعي.

وبالمقابل يرى الأطرم ضرورة إضافة التدقيق الشرعي إلى الرقابة المصرفية، كنوع من مهمة العناية بالتدقيق الشرعي على المؤسسات والمصارف الإسلامية، وهذا يمكن تحقيقه، في رأيه، بإحدى طريقتين، الأولى أن مطالبة السلطة الرقابية بتأسيس جهة إشرافية تقوم بمهمة التدقيق الشرعي على المنتجات التي تقدمها هذه المؤسسات والمصارف للعملاء أو الاستعانة بجهة رقابية شرعية خارجية وذلك لمراجعة وصياغة المنتجات، موضحا أن ذلك يعتمد في كفاءته على إجراءات العقود والوثائق وأهلية أعضاء هيئات الرقابة الشرعية، ومدى قدرة وفاعلية قسم التدقيق الشرعي الداخلي، والالتزام بقرارات المجمع الفقهي الإسلامي الدولي والذي يتمتع بقدرة فائقة على دراسة وصناعة المعايير المؤطرة لكل هذه العملية.

وفيما يتعلق برؤيته تجاه إدراج الجوانب الشرعية في نظام تصنيف المؤسسات المالية الإسلامية، يعتقد الأطرم أنه من الأهمية بمكان أن تلتزم وكالات التصنيف بما يتوافق مع الجوانب الشرعية للمنتجات المالية الإسلامية لدى تصنيفها للمؤسسات المالية الإسلامية، وعدد منها، التأهيل العلمي والمهني لكافة أعضاء هيئة الرقابة الشرعية، وتكوين الإدارة الشرعية ودورها في مساندة أعمال هيئات الرقابة الشرعية، بالإضافة إلى الحجم والأهلية العلمية والمهنية لوحدة أو قسم التدقيق الشرعي الذي يعمل تحت هيئة الرقابة الشرعية، مع ضرورة الانتباه لخلاصة تقارير هيئات الرقابة الشرعية وما دونته بخصوص الالتزام والتطبيق. ولم يخف الأطرم رؤيته حول عملية استغلال بعض البنوك لأعضاء لجانها الشرعية بأن تكشف لهم عن منتجاتها وصفاتها ثم ما تلبث أن تسوق منتجا آخر مخالفا للشرع، الأمر الذي جعل من العميل ضحية هذا الاستغلال، محملا مسؤولية غياب الأجهزة الرقابية لدى البنوك التي تحاول أن تصبغ على منتجاتها صبغة المنتجات الإسلامية، لمؤسسة النقد العربي السعودي كجهة إشرافية، في الوقت الذي لم يعف فيه العلماء من أعضاء اللجان الشرعية بالبنوك من مسؤولية التدقيق في مسألة التطبيقات الشرعية السليمة في تلك المنتجات، مؤكدا صعوبة تصحيح وضع المصرفية الإسلامية ما لم يقم معها جهاز رقابي يضبطها.

ونصح الأطرم أصحاب ودائع الاستثمار والادخار بأن يولوا اهتماما بمسألة عضوية هيئة الرقابة الشرعية ودرجة التوافق للمنتجات المالية التي يتم إنتاجها باستخدام أموالهم، وبصفة عامة يجب تحقيق الشفافية الكاملة بخصوص مصداقية هيئات الرقابة الشرعية. ولفت إلى أنه يشترك أصحاب ودائع الاستثمار وودائع الادخار مع المساهمين في تحمل المخاطر، رغم أن حملة الأسهم هم أصحاب القرار، مشيرا إلى أنه ليست هناك من وسيلة متفق عليها لحماية أموال أصحاب الودائع من إهمال وتقصير إدارات البنوك، التي تقوم بدور المضارب. ويبدو أن المسؤولية عن ذلك بحسب الأطرم تتركز في جانبين، أولهما يلاحظ بأن عقود المضاربة والوكالة، والتي على أساسهما تدار ودائع الاستثمار والادخار، لا تسمح بالمشاركة في الإدارة؛ لكنها تسمح بالمتابعة والمراقبة. وهنا يعتقد الأطرم أنه يجب على الجهات الإشرافية أن تتدخل بوضع خطط كفيلة لجعل المودعين على علم بأحوال ودائعهم في البنك، وتمكينهم من المتابعة المستمرة والفعالة. وقال «يتحتم على مستخدمي الأموال أن يولوا الجوانب التالية جل اهتمامهم، القيام بالمقارنة بين صيغ التمويل البديلة والمتاحة من حيث، مطابقة المنتجات المالية لأحكام الشريعة، واحتمال أن تؤدي إلى التورط في منتجات سيئة السمعة، ومعرفة كيفية معالجة حالات الإعسار المؤقت». وأضاف «عند استخدامنا لصيغة التمويل المبني على المشاركة في الأرباح والخسارة، يجب تحفيز مستخدمي الأموال بمزاولة الشفافية، وكشف كامل للأرباح، وتجنب التشكيك في المتعامل».