قانونيون ومصرفيون لـ «الشرق الأوسط»: عقود البيع بثمن آجل مخالفة لنشاط البنوك

طالبوا بإيقاف ألاعيب تمارسها البنوك تحت عنوان التمويل الإسلامي

TT

أكد خبراء قانونيون ومصرفيون وشرعيون أنه في حال إجراء عقود الإقراض فإن أحكام عقد القرض هي ما ينبغي أن يتم تطبيقها حتى وإن سمي عقد بيع، مبينين أنه عند تطبيق أحكام عقد القرض على هذه العلاقة فإنه ينظر إليها من قبيل الغبن والتحقق من مدى وجود خلل في المعادلة الاقتصادية بين الطرفين ومدى عدالة الفوائد التي تم احتسابها.

وأوضح الخبراء أن الحكم ببطلان هذه العقود قد يكون واردا قانونيا ما دام قد ثبت أن هذه العقود هي عقود صورية الهدف منها التحايل على تحريم الفائدة غير الشرعية، مضيفين أن «عقود البيع بثمن آجل مخالفة لنشاط البنوك، بل تعد تجاوزا لحدود الترخيص الممنوح لها بممارسة النشاط المصرفي إلى نشاط البيع له بها، ولا يعد هذا العمل من قبيل الأعمال المصرفية، كما لا تختص بالنظر فيه لجان تسوية المنازعات المصرفية، وبذلك يعد ذلك تحايلا من جهة هذه المصارف».

وطالب الخبراء البنوك المركزية والهيئات الشرعية في البنوك ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، بوضع معايير وشروط لضبط مثل هذه الألاعيب التي تتم باسم التمويل الإسلامي، مع عدم اللجوء إلى القرارات القائمة على تبرير ما هو معمول به في الغرب بأن هذا شرعي أو غير شرعي، مع ضرورة ابتكار منتجات تمويل إسلامية صرفة قائمة على حقيقة واحدة وهي المشاركة في الربح والخسارة أو ما يسمى بالمضاربة.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير القانوني الدكتور فهد بن حمود العنزي، أن الهدف من ببيع العقود الآجلة أو العاجلة في السعودية بشكل خاص، وفي الخليج بشكل عام، هو الحصول على تمويل، وبما أن التمويل لا يمكن الحصول عليه بشكل مباشر نتيجة لوجود محظور شرعي متعلق بالفائدة غير الشرعية، فإن العقود الأخرى برأي العنزي، هي التي تؤطر هذه العلاقة بين المقرض والمقترض. وزاد أن هذه العلاقة، تأخذ شكلا من أشكال البيع، حيث يقوم الممول بعرض سلعة معينة ليقوم بشرائها من يرغب في الحصول على هذا التمويل ثم يقوم الممول بشرائها بعد ذلك منه بسعر أقل ليكون هذا السعر هو مبلغ التمويل الفعلي الذي يحصل عليه المقترض، يضاف عليه بالطبع فارق القيمة بين البيع والشراء مرة أخرى ليقوم المشتري بسداد هذا المبلغ على شكل أقساط آجلة، مضيفا أنه قد لا يشتري الممول السلعة، وإنما يحصل على توكيل من المشتري ببيع هذه السلعة في السوق.

وقال: «وإذا تجاوزنا النقاش حول مدى صحة هذه المعاملة في أصلها ومدى صحة أن يكون الممول بائعا ووكيلا في نفس الوقت، فإن اللافت للنظر أن عملية البيع بعد التوكيل تتم بشكل سريع ووقت قياسي بحيث يحصل المشتري المقترض على القيمة في وقت سريع جدا مما يضع تساؤلا مهما حول حقيقة هذه المعاملة، والحقيقة أنا أترك مثل هذه المسائل للمختصين بالشريعة وإن كان الأمر بالنسبة لي يمثل تساؤلا كبيرا من حيث شكل هذه العقود ومن حيث صوريتها والغاية التي يرمي إليها كل طرف وهي الحصول على تمويل لا أكثر ولا أقل». وعن استغلال بعض المؤسسات التمويل الإسلامي حاجة العميل ببيعه عقودا آجلة ثم شرائها منه مرة أخرى بسعر أقل بحجة تدني الأسعار. أكد العنزي أن السبب في وجود مثل هذه المعاملات هي المحاذير الشرعية المتعلقة بالفائدة غير الشرعية ومحاولة بعض المختصين بالشريعة إيجاد بدائل عن الفائدة غير المتوافقة مع الشريعة من خلال هذه العقود.

وقانونيا، يرى العنزي أنه بما أن قضية الفائدة غير الشرعية هي قضية شرعية، فإن العبرة في القانون هي في حقيقة هذه العلاقة بين المقرض والمقترض وإن اتخذت شكل بيع سلعة فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، مبينا أنه إذا ثبت أن هذه العقود هي عقود إقراض فإن أحكام عقد القرض هو ما ينبغي تطبيقها حتى وإن سمي عقد بيع، موضحا أنه عند تطبيق أحكام عقد القرض على هذه العلاقة فإنه ينظر في هذه الحالة إلى مسألة الغبن ومدى وجود خلل في المعادلة الاقتصادية بين الطرفين ومدى عدالة الفوائد التي تم احتسابها.

وبالنسبة للأنظمة القانونية التي تعمل في ظل الشريعة الإسلامية، أوضح العنزي أن الحكم ببطلان هذه العقود قد يكون واردا ما دام قد ثبت أن هذه العقود هي عقود صورية الهدف منها التحايل على تحريم الفائدة غير الشرعية.

وفيما يتعلق بالتمويل عن طريق المصارف فهناك برأي العنزي، إشكالية حقيقية مفادها أنه إذا ثبت أن هذه العقود هي عقود بيع بثمن آجل فإن هذا مخالف للنشاط الذي يقوم به البنك لأن البنك برأيه تجاوز الترخيص الممنوح له بممارسة النشاط المصرفي إلى نشاط البيع له به وقام بالمتاجرة بالسلع كالحديد، وما إلى ذلك، وبالتالي لا يعد هذا العمل من قبيل الأعمال المصرفية، كما لا تختص بالنظر فيه لجان تسوية المنازعات المصرفية، وإن اعتبرناه عقد تمويل مصرفي فإن عقد البيع في هذه الحالة هو عقد صوري غير حقيقي وهذا يعد تحايلا من جهة هذه المصارف.

وأضاف أن تسمية الأشياء بغير أسمائها أو بغير أوصافها هو من قبيل التحايل على الواقع واستغلال حاجة الناس للتعاملات الشرعية النظيفة وحاجتهم للاقتراض وبالتالي استثمار كل هذه الأمور لتحميل هؤلاء المقترضين مبالغ طائلة وفوائد مركبة تحت مسمى المصرفية الإسلامية، مبينا أن هذا الأمر أدى ببعض المقترضين للتعثر في السداد أو اللجوء إلى قروض أخرى ليتمكن من سداد هذه القروض، مما جعل البعض مهددا بالسجن، وهذا زاد من نسبة الديون المعدومة ومن ارتفاع تكاليف القروض، وهذا بدوره له تداعيات اجتماعية واقتصادية معتبرة.

ويعتقد العنزي أن المصرفية الإسلامية بحاجة إلى إعادة نظر وإعادة هيكلة وألا يكون دورها عبارة عن تهذيب المنتجات الغربية غير المتوافقة مع الشريعة، وتقديمها بلباس جديد، أو اللجوء للحيلة عن طريق عقود لا تعبر عن حقيقة العلاقة بين الأطراف، مبينا أن الأمر يحتاج إلى منطلقات مستقلة وأن ننطلق من مسألة مفصلية وأساسية وهي حساسية القواعد الشرعية للأجل وموقف الإسلام الواضح والصريح من الأجل واهتمامه بالتجارة الحاضرة، داعيا لأخذ العبرة مما حصل للاقتصاد الرأسمالي الغربي القائم على فكرة الأجل وما قادت إليه الديون التي تضخمت بسبب تراكم الفوائد والإقراض القائم على الأجل دون اعتبار لقدرة المقترضين على السداد أو قدرة الرهونات على الوفاء بهذه الديون فكان الأجل الذي اعتمد الجميع عليه لإثبات القدرة على السداد هو الورقة الخاسرة في نهاية المطاف. وأكد أن المطلوب قانونيا من قبل الهيئات الشرعية ومن البنوك المركزية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية لوضع معايير أو شروط لضبط مثل هذه الألاعيب باسم التمويل الإسلامي، هو وقفة جادة وعدم اللجوء إلى القرارات القائمة على تبرير ما هو معمول به في الغرب بأن هذا شرعي أو غير شرعي، مع ضرورة ابتكار منتجات تمويل إسلامية صرفة قائمة على حقيقة واحدة وهي المشاركة في الربح والخسارة أو ما يسمى بالمضاربة.

ويعتقد العنزي أن الكل له دور في هذا المجال، مؤكدا أن المصرفية الإسلامية لن تتقدم من دون تعاون وتكامل أدوار هذه الجهات، مؤمنا على أن الهيئات الشرعية هي حجر أساس في هذه الصناعة ما دامت قد فهمت الدور المطلوب منها والذي لا يقتصر على دراسة ما يقدم إليها والحكم عليه بأنه شرعي أو غير شرعي.

ويشدد على أن الأهم هو الابتكار والعمل بعيدا عما أفرزته بيروقراطية العمل المصرفي الغربي، فالبنوك برأيه تقدم لهذه الهيئات عملها المصرفي، بينما الأفضل أن تقدم هذه الهيئات مشروع عمل مصرفيا إسلاميا للبنوك لتعمل هذه الأخيرة على ضوئه. وعن أبرز التحديات التي تواجه إمكانية تطبيق الرقابة والحد من العقود الآجلة للبيع، يعتقد العنزي أن أكبرها هو أن الجهة الإشرافية المصرفية لا يمكن لها أن تراقب هذه العقود لعلمها بأنها عقود غير حقيقية، لأن الهدف منها كما هو معلوم هو تسهيل الأعمال المصرفية القائمة على مثل هذه المفاهيم، ولذلك فالغبن الذي يحصل للعميل يكون بمنأى عن عين الرقيب، مؤكدا أنه لو تم تطبيق قواعد الغبن في البيع لكان ذلك واضحا بسبب الفارق الكبير بين سعر الشراء وسعر البيع مرة أخرى، مشيرا إلى أن وزارة التجارة لا تتدخل في مثل هذه العقود لأنها ليست عقود بيع حقيقة حتى تكون ضمن نطاق اختصاصها.

أما الباحث نواف يوسف أبو حجلة، المحاضر في المصرفية الإسلامية، فأشار إلى أن المؤسسات المالية الإسلامية تقوم ببعض عملياتها الاستثمارية بأساليب مختلفة، كالبيع الآجل، أو البيع بالتقسيط، أو البيع بثمن آجل، وذلك بالتوازي مع عمليات بيع آجل أخرى، كبيع المرابحة للآمر بالشراء، أو بيع المساومة. وتختلف الضوابط الشرعية والإجراءات التنفيذية لهذه العمليات من مصرف لآخر برأيه، مبينا أن البيع الآجل هو أن يبيع الرجل الشيء بثمن مؤجل السداد وهو عكس البيع النقدي، أي تسليم الشيء المبيع الآن وسداد ثمنه بعد أجل معلوم مرة واحدة أو على أقساط، مثال ذلك أن تشتري سيارة من معرض للسيارات وتتسلمها وتسدد ثمنها للمعرض بعد فترة زمنية أو على أقساط حسب الاتفاق.

وأشار إلى أن جمهور الفقهاء أجازوا البيع بالأجل لحاجة الناس إليه، مبينا أن بيع الأجل لن يكون صحيحا ونافذا، إلا إذا استكمل أركان البيع وشروطه والتي من أبرزها، تعيين الثمن والأجل، موضحا أنه إذا تراضى الطرفان - البائع والمشترى - على الثمن والأجل المحددين كان البيع صحيحا نافذا.

كما أجاز الفقهاء، والحديث لأبو حجلة، أن يكون ثمن البيع بالأجل أعلى من ثمن البيع النقدي الحال. وأستند إلى قولهم: «إن هذا البيع صحيح، حيث لا يوجد دليل شرعي معتبر ينص على حظره أو منعه، حيث إن الأصل في المعاملات الإباحة، والأصل براءة الذمة حتى يأتي الحاظر أو المانع، كما أن الإنسان له مطلق الحرية في معاملة الأشخاص فيبيع لمشتر معين بثمن يختلف عن الثمن الذي يبيع به لمشتر آخر، فله مطلق الحرية في أن يبيع بالنقد بثمن يختلف عن ثمن الأجل أو التقسيط، وهذا كله يدخل في عموم قوله تبارك وتعالى: «وأحل الله البيع وحرم الربا» (البقرة: 275).

وذكر أبو حجلة عدة صور رئيسية للتعامل مع بيع الأجل منها، أن التاجر يبيع نقدا وبالأقساط بنفسه لنفسه، حيث يقوم بعض التجار بعرض سلعتهم نقدا بثمن، ومؤجلا بثمن أكثر حسب مدة التأجيل، لافتا إلى أن هناك أمرين، الأول هو أن الزيادة على التأجيل هي غالبا نفس الزيادة المعمول بها في البنوك التقليدية، والثاني أن هذه الصورة الأولى هي الصورة البسيطة التي يشترك فيها البائع والمشتري فقط، فالتاجر هنا يبيع لنفسه، وهو الذي يتقاضى الدين لنفسه، ولا يدخل طرفا ثالثا.

وأوضح أبو حجلة أن الفرق الحقيقي بين مرابحة البنوك الإسلامية وربا البنوك التقليدية، أن البنك الإسلامي يشتري السلعة ويتملكها وتدخل في ضمانه ثم يبيعها للعميل بالأقساط، وبالتالي يتحمل أي مسؤولية عن الشيء الذي اشتراه قبل أن يبيعه إلى العميل ويسلمه إياه، أما البنك التقليدي فهو يقرض العميل لكي يقوم العميل بنفسه بشراء شيء ما مثلا، ولا يشتري هو هذا الشيء ولا يتملكه ولا يدخل في ضمانه وبالتالي لا يتحمل أي مسؤولية عنه أبدا، وهذا الفرق الجوهري بين المعاملة الإسلامية والمعاملة غير المتوافقة مع الشريعة هو الذي جعل ربح البنك الإسلامي جائزا لأنه ناتج عن عملية بيع وشراء وضمان، أما البنك التقليدي فالفائدة حرام لأنه مقابل عملية الإقراض فقط.

أما التشابه في مقدار الربح والفائدة برأي أبو حجلة، فهو تشابه في الصورة لا يلغي أبدا الاختلاف في الجوهر، فقد تكون طريقة حسبة الأرباح هي نفسها طريقة احتساب الفائدة الربوية لأن هذا غير ممنوع أصلا ويعمله التجار العاديون، ولكن هذا لا يعني أننا أمام عقد واحد والتزامات واحدة، ثم إن أرباح البنك الإسلامي لا تقبل الزيادة خلال فترة تقسيط الثمن، غير أنه في عقود القرض غير المتوافقة مع الشريعة. أبان أبو حجلة أن هناك شرطا موجودا لا ينتبه له البعض ينص على أن الفائدة قابلة للتعديل خلال سداد أقساط القرض غير المتوافق مع الشريعة، مستدركا أن هذه الزيادة لا تظهر على القسط الثابت، وإنما تظهر بزيادة قسط أو جزء منه في آخر المدة، وبالتالي لا يشعر العميل بتغير الفائدة لأن القسط ثابت، وقلما ينتبه أنه في آخر المدة أضيف عليه قسط جديد مثل قسطه أو أقل، وهو ما لا يمكن أن يحدث في البنك الإسلامي.

من جهته، قال المصرفي الشرعي عثمان بن ظهير، المتخصص في المصرفية الإسلامية: «إن عقود البيع الآجل بحسب الصيغ المستخدمة في مؤسسات التمويل هي محل خلاف معروف بين أهل العلم، ولذلك لن نتعرض لها من وجهة نظر المانعين، ولكن لو تعرضنا لها من وجهة نظر المجيزين، فإن الوضع الحالي لا شك أنه أفضل بكثير مما كان عليه في السابق، وذلك عند انطلاقة المصرفية الإسلامية في المنطقة، أما الوضع الحالي فإن درجة الاطمئنان في التطبيقات عالية، خاصة مع تفعيل دور الرقابة الشرعية في المصارف، وإن كنا لا ننكر وجود بعض الملاحظات في بعض المؤسسات والتي نأمل أن يتم القضاء عليها في أسرع فترة ممكنة».

وأضاف بن ظهير أن مسألة استغلال بعض المؤسسات التمويل الإسلامي حاجة العميل ببيعه عقود آجلة ثم تشتريها منه فيما بعد بسعر أقل بحجة تدني الأسعار، تسمى ببيع العينة التي ورد النهي عنها في الحديث الشريف، نافيا بحسب علمه وجود مؤسسة مالية في منطقة الخليج تعمل بمثل هذا الأمر، حيث إن الفتوى في هيئات المصارف الخليجية بتحريم بيع العينة، وإنما توجد مثل هذه الممارسات في بعض المصارف في ماليزيا نظرا للقول بجوازها استنادا إلى قول في مذهب الإمام الشافعي، رضي الله عنه.

أما في الخليج فيعوض بحسب بن ظهير عن هذا بما يسمى بالتورق، مبينا أن السلعة تباع فيه إلى طرف ثالث غير من باعها وهذه أجازها الكثير من العلماء إلا أن التطبيقات الخاطئة في فترة مضت، موضحا أن بعضها للأسف وإن كان قليلا إلا أنه موجود جعل مجمع الفقه يصدر فتواه بتحريم تطبيقات التورق، كما رأى بعض العلماء أنها شبيهة بالعينة وكأنها عينة ثلاثية أو رباعية.

وأكد بن ظهير أن جهود الهيئات الشرعية ما زالت مستمرة في القضاء على مثل هذه الممارسات، مبينا أن كثيرا من عمليات التمويل بدأت تتجه الآن نحو تمويل الأسهم والذي يتفادى الكثير من المآخذ على البيوع الآجلة بالسلع والمعادن، مؤملا أن تتجه من الأفضل إلى الأفضل.

وقال: «انتشار الدين في المجتمع أمر غير محمود، ولذلك دائما نقول إن على المصارف الإسلامية أن تقلل من التمويل بالبيوع الآجلة قصيرة الأجل، خاصة البيوع بالسلع والمعادن التي تنقص قيمتها بعد بيعها للعميل في جميع الحالات، ولذلك فإن الاستيعاض عنها بالأسهم كان أفضل منها، نظرا لكونها محل ارتفاع السعر وانخفاضه، لكن نعود فنقول إن على المصارف الإسلامية أن تتجه إلى المنتجات المالية التي تقوم على فلسفة المشاركة وتبتعد عما يغرق المجتمعات في الديون».

أما فيما يتعلق بالضرر الذي يمكن أن تلحقه مثل هذه العقود الآجلة بالنسبة لصناعة المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي، فأوضح بن ظهير أن، هذه العقود خاصة عند عدم تطبيقها بالشكل الصحيح، ستؤثر ولا شك على سمعة المصرفية الإسلامية على المدى البعيد، ولذلك انتبه لهذا الأمر القائمون على المصرفية الإسلامية، مؤكدا أنهم يبذلون جهودهم لتفادي مثل هذا الأمر، مقرا بأن الحاجة تتزايد لمضاعفة الجهد.

وعن دور الهيئات الشرعية وبنوك ومن البنوك المركزية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية لوضع معايير أو شروط لضبط مثل هذه الألاعيب باسم التمويل الإسلامي، أكد بن ظهير أن الجهود التي قامت بها هيئة المحاسبة والمراجعة في المعايير الشرعية هي كنز عظيم للمصرفية الإسلامية ويبقى على المصارف الإسلامية أن تلتزم بمثل هذه المعايير التي هي خلاصة اجتهادات كبيرة من قبل علماء أجلاء، مشيرا في نفس الوقت إلى أن أي أمر عرضة لأخطاء والقائمون يحاولون إصلاحه.

أما عن حجم التحديات التي تواجه إمكانية تطبيق الرقابة والحد من العقود الآجلة للبيع، يعتقد بن ظهير أن أهمها عدم قدرة بعض المصارف المركزية تبني مسألة الرقابة الشرعية، مبينا أن المراقبين الشرعيين هم موظفون في الإدارة ويؤدون دورا كبيرا لا يمكن إنكاره، مستدركا في نفس الوقت ضرورة إيجاد المراقب الخارجي لأنه الأقوى.

وأضاف أن المنافسة الزائدة التي قد تصل للطمع في الربحية بين المصارف يجعلها تتجه إلى تلك العمليات التي تتدنى مخاطرها وتعظم أرباحها كبيوع الأجل، كما أن نقص تأهيل المراقب الشرعي أمر يؤثر أيضا على مثل هذه الأمور، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة تقع على عاتق الجامعات.