ثقة المدخرين بالصكوك الإسلامية ترجح نمو استثماراتها إلى 30%

ندوة «البركة» تطلق أعمال دورتها الـ32 بتدشين الإصدار الأول لموسوعة فقهية إلكترونية

بيسبيسبي
TT

توقع خبير مصرفي أن تحقق استثمارات الصكوك الإسلامية نموا قد يصل إلى 30% خلال الفترة المقبلة، بعد أن نالت ثقة المدخرين خلال الأعوام القليلة الماضية، مرجحا زيادة في الإقبال على الاستثمار في الصكوك الإسلامية، إلا أنه استدرك تطورات الأزمة المالية العالمية التي ما زالت ملازمة للاقتصاد الأميركي وبعض الدول الأوروبية؛ حيث قال إن ذلك من شأنه التأثير سلبا على النمو في أصول الصكوك.

وقال الدكتور أحمد محيي الدين، مدير إدارة التطوير والبحوث في «مجموعة البركة المصرفية» المدير التنفيذي لندوة البركة، لـ«الشرق الأوسط»: إن الصكوك الإسلامية حققت نموا متسارعا خلال الأعوام الماضية حتى وصل حجم أصولها إلى معدلات مرتفعة بين 800 مليار دولار وتريليون دولار، مرجحا أن تبقى عند هذه المستويات بسبب التأثيرات الاقتصادية العالمية، في حين توقع زيادة في الإقبال على الاستثمار في هذه الأصول إذا استمرت الثقة في الصكوك الإسلامية وخلوها من المحظورات الشرعية.

وأوضح الدكتور أحمد محيي الدين أن ندوة البركة السنوية التي تعقد نهاية الأسبوع المقبل في مدينة جدة (غرب السعودية)، ستركز على موضوع إصدار الصكوك لما يمتلك من أهمية بعد التوجهات الأخيرة لكثير من المشاريع الاستثمارية نحو طرح الصكوك، إضافة إلى ثقة المدخرين التي بدأت ترتفع في الصكوك الإسلامية، مبينا أن الندوة ستبحث عددا من المعاملات المالية المستجدة وبعض المواضيع الاقتصادية الأخرى من منظور إسلامي، مثل زكاة المال العام والتأمين على الودائع والاستثمارات والصكوك والتعامل مع مؤسسات الضمان الحكومية والخاصة.

وبيَّن مدير إدارة التطوير والبحوث في «مجموعة البركة المصرفية» أن محور «إصدار الصكوك بمراعاة المقاصد والمآلات» أول المحاور في ندوة البركة، سيقدم الدكتور حامد ميرة، الأمين العام للهيئة الشرعية لشركة «سوليدارتي السعودية للتكافل»، من خلالها تعريفا بالصكوك وشرح مفرداتها وإبراز خصائص الصكوك ونوع العلاقة بين مصادرها وحاملها وما يميزها عن سائر الأوراق المالية لأخرى، ومنها السندات باعتبارها أقربها علاقة، كما سيستعرض دوافع الاهتمام بالصكوك ودورها في دعم النشاط الاقتصادي، وينتقد الشروط الواردة في بعض نشرات إصدارها.

وأضاف الدكتور أحمد محيي الدين أن الدكتور حسين حامد، رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، سيتناول من خلال بحث له عبر الندوة، ضرورة الأخذ في الاعتبار المقاصد الشرعية عند النظر إلى المحاولات التي تقوم بها بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لتجعل من الصكوك أداة تمويل منخفضة المخاطر، وأن المقصد الأساسي هو حفظ المال؛ حيث سيبدي رأيه في عدد من الصيغ المطروحة في التعامل بالصكوك كأداة مالية من أدوات النظام الاقتصادي الإسلامي التي أخذ استخدامها يتعاظم في الوقت الحاضر.

يأتي هذا الاهتمام بالصكوك التي فرضت نفسها كأداة من الأدوات المالية الإسلامية الأكثر جذبا للمؤسسات المالية الخليجية والعربية والإسلامية والأجنبية، خصوصا أن الصكوك الإسلامية ظهرت كواحدة من الأدوات الإسلامية المبتكرة خلال السنوات القليلة الماضية لإصداراتها، سواء أكانت صكوكا سيادية من حكومات أم صكوكا عادية من شركات؛ حيث أصبحت القناعة بأهميتها كأداة تمويلية تتميز بكونها مدعومة بأصول حقيقية وذات مخاطر منخفضة، ومن ثم فهي أداة جذب للمستثمرين ومصدر مهم لضخ الأموال في المشاريع والتوسعات الكبيرة.

كانت أسواق قد شهدت رواجا كبيرا لمنتجات المالية الإسلامية في الفترة الأخيرة بفضل وفرة سيولة فوائض النفط، وقد تم توظيفها في استثمارات كبيرة لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ونظرا لكبر حجم هذه السيولة تسعى المصارف الإسلامية والعالمية إلى إصدار الصكوك الإسلامية لتمويل المنتجات المهيكلة في هذه الأسواق، إضافة إلى ذلك بدأت صناديق التحوط وبنوك الاستثمار التقليدي في حيازة هذه الصكوك إما لأغراض زيادة العائد وإما لتنويع نشاطاتها.

وتعمل هذه المنتجات المالية على نحو شبيه بالأوراق المالية التقليدية المضمونة بأصول، لكنها مبنية على مبادئ التمويل الإسلامي، وتؤكد أن يكون الدخل في شكل أرباح تنتج من عمل تتم فيه المشاركة في المخاطر، ويعود السبب في ذلك إلى وجود بند حول التعهد بإعادة شراء الصك بحسب قيمته الاسمية، وهو ما يضمن أن أي مخاطر حول السداد تظل تتحملها الجهة المصدرة للصك وليست ضمن الأوراق المالية الصادرة والموجودات الضامنة لها، وعليه فإن إعطاء وعد من هذا القبيل يعتبر خرقا لمفهوم اقتسام المخاطرة والأرباح، وهو المفهوم الأساسي الذي يقوم عليه مبدأ الصكوك، وهو ما أوقع الشك في كثير من المستثمرين فيها، خاصة المصارف العاملة في الدول الغربية.

وتشترط الشريعة الإسلامية أن يكون مستثمر الصكوك مالكا للأصل الأساسي عن طريق إحدى المؤسسات الاستثمارية، على أن تقوم هذه المؤسسات المالية بتمويل المدفوعات المستحقة للمستثمرين من عائد الاستثمار في نشاط اقتصادي يجيزه المشرع؛ لذا يجب على هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية إقرار هذه الأنواع من الصكوك؛ لأن هذه الصكوك تعتمد على شكل واحد من الأشكال الثلاثة المشروعة في التمويل الإسلامي وهي: «المرابحة، المشاركة، والمضاربة» أو الإجارة.

ومن المنتظر أن تشهد ندوة البركة نقاشا مهما عن الصكوك الإسلامية، بعد أن كثر الحديث مؤخرا عن مدى شرعية الصكوك واختلاف الآراء حولها وحول استثماراتها؛ حيث سيتم بحث المآلات والمقاصد الشرعية بحيث تكون الصكوك خالية من الربا والعمليات المحرمة.

وستنعقد الندوة في دورتها الـ32 برئاسة صالح عبد الله كامل، رئيس مجلس إدارة «مجموعة البركة المصرفية»، وسط مشاركة واسعة من كبار العلماء والخبراء في الاقتصاد الإسلامي، كما يحضر مناقشات الندوة عدد يفوق الـ700 من المسؤولين في البنوك المركزية بالدول الإسلامية والرؤساء التنفيذيين والمديرين العامين للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والمهتمين بقضاياها من مختلف أنحاء العالم.

وتدور محاور الندوة في دورتها الحالية حول المواضيع التالية:

1- إصدار الصكوك بمراعاة المقاصد والمآلات.

2- زكاة المال العام مع الأخذ في الاعتبار لشرطي الملك والنماء.

3- التأمين على الودائع والاستثمارات والصكوك والتعامل مع مؤسسات الضمان الحكومية والخاصة.

4- تمويل العقارات بالتأجير لجهات غرضها مشروع مع ممارسات محرمة.

وعن تمويل العقارات بالتأجير لجهات غرضها مشروع مع ممارسات محرمة، قال الدكتور أحمد محيي الدين، مدير إدارة التطوير والبحوث في «مجموعة البركة المصرفية» المدير التنفيذي لندوة البركة، لـ«الشرق الأوسط»: إنه سيتم النقاش حول ذلك للوصول إلى نتائج حيال الجواز أساسا للاستثمار في فنادق يكون من ضمن استثماراتها محرم مثل المطاعم والمقاهي التي تقدم المأكولات والمشروبات المحرمة في الفنادق التي من الممكن استهدافها بالاستثمار، مبينا أنه إذا تم جواز ذلك سيتم التباحث حول كيفية استخراج الربح الحلال وتطهير العوائد الاستثمارية من الشوائب المحرمة، ومدى جواز ذلك من عدمه.

من جهته، أعلن عدنان أحمد يوسف، الرئيس التنفيذي رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لـ«مجموعة البركة المصرفية»، عن طرح مشروع رائد يهدف إلى توسيع نطاق الاستفادة من توصيات وفتاوى ندوات البركة الاقتصادية وتيسير الوصول إليها من مصادرها بوسائل تقنية متطورة، بعد أن تمكنت ندوة البركة خلال دوراتها المتتالية منذ انطلاقتها الأولى عام 1983 من إصدار الكثير من التوصيات والفتاوى الشرعية في كثير من المعاملات المالية المستحدثة والمواضيع الاقتصادية التي تحتاج إلى تأصيل وإصدار حكم شرعي بشأنها.

وأوضح عدنان يوسف أن المشروع الجديد يتمثل في إصدار موسوعة فقهية إلكترونية تضم البحوث التي طُرحت في ندوات البركة السابقة وما صدر عنها من فتاوى وتوصيات، إضافة إلى ما صدر عن المجموعة من كتب ودراسات عن النظام الاقتصادي.

ومن المتوقع، بحسب عدنان يوسف، أن يتم تدشين الإصدار الأول لهذه الموسوعة الفقهية التي تصدر في إطار التعاون بين «مجموعة البركة المصرفية» و«الشركة السعودية لتقنية المعلومات»، خلال ندوة البركة الـ32، على أن تتوالى إصداراتها كل عام بحيث تضم كل ما صدر عن المجموعة من بحوث ودراسات وفتاوى جديدة تتعلق بالنظام الاقتصادي الإسلامي من جانبيه النظري والتطبيقي.