تجمع دولي في جدة يفرض حلولا إسلامية لإشكالية صرف العملات الآجلة

علماء شرعيون يطالبون بتوحيد عملة الوعاء الاستثماري

د. عبد الستار أبو غدة (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

فرضت حلول إسلامية نفسها على إشكالية صرف العملات الآجلة، واضعة حدودا شرعية للتعامل مع صرف العملات، وكيفية الوفاء بالالتزامات، دون أن يكون هناك تأثير سلبي على الأرباح، من خلال عملية تبادل القروض، التي تحول دون أي مخاطر صرف عملة أو مبادلتها عند شراء مصرف ما لأي بضاعة بالآجل، التي عادة ما تكون متعرضة لظلم، يغير أسعار صرف العملة.

وقال الدكتور عبد الستار أبو غدة، رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية، لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع الهيئة الشرعية الموحدة، طرح موضوعا مهما للنقاش عن صرف العملات وكيفية التعامل فيها والوفاء بالالتزامات، مبينا أن الاجتماع خرج بتوصية تتمثل في الاستعاضة عن الوفاء بالالتزامات المؤجلة التي من الممكن أن يدخل فيها الحرام بسبب تغير سعر صرف العملة بين يوم الشراء ويوم الأداء، وذلك من خلال تبادل القروض.

وأوضح الدكتور أبو غدة أنه إذا كان البنك قد اشترى بضاعة، وليس مطلوبا منه أن يدفعها فورا، وإنما بعد فترة، فمن الممكن أن يتغير سعر العملة بين يوم الشراء ويوم الأداء، مما يؤثر على الأرباح، إلا أن هناك حلولا وبدائل، مثل تبادل القروض، حيث يستخدم عملة واحدة فقط خلال عملية الشراء؛ بأن يقترض البنك بعملة الشراء ويسددها في الحال، ويقرض الطرف الآخر عملة مختلفة، ويجري العملية، ثم يعيد القرض، فلا يدخل في عملية صرف العملة ولا مبادلتها.

وأضاف رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية: «أما إذا كان البنك يملك المبلغ بعملة غير العملة التي سيدفع بها، فيشتري سلعا ويبيعها بالمرابحة، أي يبيعها بالتكلفة والربح، ثم عندما يأتي وقت السداد، يكون قد قبض ثمن المرابحة الذي يمثل التكلفة والربح، وإذا كان فيه تغير في العملة فالربح الذي حصل عليه يسد هذا الفرق، ويتفادى بها صرف العملة».

كما ذكر الدكتور عبد الستار أبو غدة، أن المجتمعين في اجتماع الهيئة الشرعية الموحدة، توصلوا إلى عدم جواز وجود عملتين مختلفتين في وعاء استثماري واحد، لأن اختلاف القيمة يؤدي إلى نوع من عدم العدالة بين المستثمرين، مطالبين بتنفيذ حلول للاستثمار العادل والسليم في الوعاء الاستثماري، التي تتمثل في اقتصار الاستثمار في أي وعاء استثماري على عملة واحدة، وفي حال وجود رغبة البعض في الاستثمار بعملات أخرى تختلف عن عملة الوعاء يتوجب عليهم قبل الاستثمار صرف العملة بعملة الوعاء الاستثماري.

ومن جانب آخر، دعا أبو غدة إلى إعداد أجيال متعاقبة لأعضاء الهيئات الشرعية، وأن يكون هناك خط أول وثان وثالث ورابع لأجيال متعاقبة لهذه الصناعة، مضيفا أن هذا العلم يحمله السلف للإخوة الخلف، وأنه لا بد أن ينتشر هذا الفقه، وأن تجتهد المصرفية الإسلامية في تثبيته وانتشاره كثقافة عامة يحتاج إليها كل مسلم.

وقال أبو غدة: «من الواجب على علماء الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية أن يحتضنوا من يخلفهم و(من يخلف من يخلفهم)، وأن يجعلوا ذلك من الإعداد المبكر لبقاء هذه المصرفية الإسلامية»، مطالبا بتكثيف عمليات التدريب وعقد دورات دورية شرعية دائمة للعاملين في المؤسسات حتى يتعلموا بها المعايير الشرعية.

وذكر غدة، رئيس الهيئة الشرعية الموحدة، في حديث خص به «الشرق الأوسط»، أنه من الأهمية بمكان أن تتكون طاقات شابة جديدة حتى تريح الأعضاء الحاليين نظرا لقلتهم، في حين أن هذا الجانب يعد عملة نادرة تحتاج خبرة طويلة وممارسة، مضيفا: «ونحن الآن في كل هيئة شرعية نجد بعض الشباب أعضاء، ولو كانوا جددا، وقد تكون الاستفادة منهم محدودة ولكن هم يستفيدون لأن يصبحوا خلائف للمستقبل».

ولفت الدكتور عبد الستار أبو غدة إلى ضرورة أن تعي الهيئات الشرعية أهمية الأخذ بالمبادئ الكلية والمقاصد والمآلات، وما صدر عن المجامع الفقهية والمجلس الشرعي لهيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية وغيرهما من جهات الفتوى الجماعية.

كما دعا أبو غدة إلى إيجاد هيئة شرعية موحدة لكل بلد، للوصول إلى التنسيق والتقارب في التصورات، لا سيما أن دولا عدة بدأت في ذلك، وينبغي للسعودية أن تقوم بذلك.