السعودية: إصدار وثيقة تأمين متوافقة مع المعايير الإسلامية

د. الشبيلي لـ «الشرق الأوسط»: الوثيقة شاملة لجميع أنواع التأمين.. وراعت الجوانب الشرعية

TT

اعتمدت مؤسسة النقد العربي السعودي وثيقة تأمين تعاوني جديدة متوافقة مع المعايير الشرعية الإسلامية، متيحة الخيار أمام شركات التأمين العاملة في سوق التأمين السعودية، وهي 34 شركة، للاستفادة من الوثيقة الجديدة التي غطت جميع أنواع التأمين بمعايير وضوابط إسلامية تمكن الشركات الراغبة في تقديم تأمين إسلامي.

وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن مؤسسة النقد السعودي أجازت وثيقة التأمين التعاوني الجديدة بعد أن قامت بدراستها شرعيا وقانونيا، في حين أن الوثيقة التي قام بإعدادها فريق عمل يضم علماء شرعيين وخبراء تأمين وبإشراف بعض الشركات العاملة في حقل التأمين، تعتبر شاملة ووافية، حيث تمت مراعاة جميع الجوانب الشرعية في مجالات التأمين كافة، ما يجعلها جاهزة للتطبيق والاستفادة منها.

الدكتور يوسف الشبيلي أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، عضو مجمع فقهاء الشريعة بأميركا، عضو مجلس أمناء موقع الفقه الإسلامي، قال: إن وثيقة التأمين التعاوني المجازة من قبل مؤسسة النقد جاءت شاملة ووافية لجميع أنواع التأمين، مشيرا إلى أن أي شركة تستطيع الاستفادة منها، وربما تضيف عليها بعض الأشياء التي تحتاج إليها، مستدركا: «لكنها لو اقتصرت عليها تعد كافية، وهي عامة لأي نوع من أنواع التأمين، حيث من الممكن للشركة أن تكتفي بتطبيقها أو تجعلها أساسا تضيف عليها بعض النقاط والمواد التي لا تتعارض مع لائحة التأمين والضوابط الشرعية».

وأوضح الدكتور يوسف الشبيلي لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة التي تمت إجازتها تأتي امتدادا لوثائق تأمين سابقة ترفع من قبل شركات التأمين إلى مؤسسة النقد السعودي لإبداء الملاحظات والموافقة عليها، مضيفا أن هذه الوثيقة تمت مراجعتها من قبل خبراء شرعيين وخبراء تأمين، حيث شكلت مؤسسة النقد فريق عمل قام بدراستها، وإبداء التعديلات والملاحظات، ليتم بعد ذلك إجازتها واعتمادها لتتمكن من تطبيقها أي شركة تأمين ترغب في تقديم خدمات تأمين متوافقة مع معايير الشريعة الإسلامية، إذ إنها ليست ملزمة للشركات.

وعن مدى تأثير الوثيقة الجديدة في سوق التأمين في السعودية، قال الشبيلي إن هذه الوثيقة وغيرها من الوثائق التي تتوافق مع التأمين الإسلامي الصحيح ستكون بلا شك فيصلا في معرفة التأمين التعاوني المنضبط مع المعايير والضوابط الشرعية، والتأمين التعاوني غير الحقيقي، مضيفا: «لأنه أحيانا قد تختلط الحقائق بالأسماء فيطلق على نوع من التأمين بأنه تعاوني وتكافلي وهو في الحقيقة بعيد كل البعد عن أن يكون تأمينا تعاونيا وتكافليا، ولذلك لا بد من التأكد من تحقق المعايير الشرعية التي من أهمها الفصل ما بين أموال حملة الوثائق وأموال المساهمين في شركة التأمين».

وعن استغلال بعض الشركات لمصطلح إسلامي على منتجات غير إسلامية، قال الدكتور الشبيلي إنه من الأهمية بمكان إلزام الشركات من قبل مؤسسة النقد وهيئة سوق المال والجهات المعنية بمراعاة الجانب الشرعي وأن لا يسمح لأي شركة بمزاولة أي نشاط إلا إذا كان متوافقا مع الأحكام الشرعية، مشددا على التدقيق والتحقق من مطابقة المعايير الشرعية لأي منتجات تقدم على أنها إسلامية.

وتأتي إجازة الوثيقة الجديدة في الوقت الذي يقدر فيه نمو سوق قطاع التأمين في السعودية بـ12%، حيث بلغت قيمة أقساط التأمين المكتتب بها في سوق التأمين السعودية 16.4 مليار ريال (4.3 مليار دولار) في 2010، مقابل 14.6 مليار ريال (3.8 مليار دولار) في 2009، وبلغت نسبة الارتفاع 12.2% مقابل 33.8% في 2009، في حين يبلغ عدد شركات التأمين في السعودية 34 شركة، 31 منها فقط مسجلة في هيئة السوق المالية «تداول».

وبحسب آخر تقرير أصدرته مؤسسة النقد العربي السعودي، فقد ارتفع مستوى إنفاق الفرد على الخدمات التأمينية بزيادة سنوية متوسطة بلغت 20% في الفترة من 2006 إلى 2010، في حين سجل العام 2010 وحده ارتفاعا في إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها بلغ 1.77 مليار ريال (472 مليون دولار).

وأورد تقرير مؤسسة النقد أن التأمين الصحي حافظ على مكانته باعتباره أكبر أنشطة التأمين في عام 2010، حيث ارتفعت حصة التأمين الصحي في إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها من 50% في عام 2009، إلى 53% في عام 2010، وانخفضت حصة التأمين العام في قطاع التأمين من 43% عام 2009 إلى 41% 2010. وأوضح التقرير أن حصة التأمين الصحي بلغت في عام 2010 ما يقارب 1.39 مليار ريال (370 مليون دولار) من الزيادة الإجمالية التي بلغت 1.77 مليار ريال وتمثل ما نسبته 78.6% من الارتفاع الذي شهده إجمالي أقساط التأمين المكتتب به، في حين حافظ نشاط تأمين الحماية والادخار على مرتبته من حيث كونه أقل أنشطة التأمين حجما، حيث بلغت حصته في إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها 6% في عام 2010، وهذا يمثل انخفاضا في أقساط التأمين المكتتب بها بنسبة 3.1% 2010.

وذكر التقرير أن نسبة كثافة تأمين الحماية والادخار ظلت عند مستوى منخفض بوجه عام مقارنة بالتأمين العام والتأمين الصحي حيث بلغت تلك النسبة 36 ريالا (9.6 دولار) للفرد، في الوقت الذي يمثل التأمين على المركبات والتأمين الصحي 73% من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها في 2010.

كما أفاد التقرير أن التأمين الصحي الإلزامي وغير الإلزامي حافظ على مكانته كأكبر نشاط تأميني، حيث بلغت حصته 53% من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها 2010، بينما احتل التأمين على المركبات الإلزامي وغير الإلزامي المرتبة الثانية بنسبة 20% من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها في 2010، إضافة إلى أن أقساط التأمين المكتتب بها لتأمين الطيران ارتفعت بنسبة 75% في العام نفسه.

وأبان تقرير مؤسسة النقد أن التأمين الصحي حافظ على مستوى أدائه من حيث كونه ثاني أسرع نشاطات التأمين نموا، حيث بلغ معدل نموه 19%، في حين انخفضت أقساط التأمين المكتتب بها لتأمين الحياة والادخار بنسبة 3%.

وفيما يتعلق بإجمالي الدخل الناتج عن الاكتتاب في قطاع التأمين، فأورد التقرير أنه بلغ 1.23 مليار ريال (328 مليون دولار) في عام 2010، بزيادة قدرها 10% مقارنة بالعام الذي قبله.

أما الدخل الاستثماري فقد بلغ بحسب التقرير 159 مليون ريال (42 مليون دولار) في العام الماضي مقابل 65 مليون ريال (17 مليون دولار) في 2009. كما شهدت الأرباح الصافية لسوق التأمين ارتفاعا من 1.06 مليار ريال (282 مليون دولار) في 2009 إلى 1.07 مليار ريال (285 مليون دولار) في 2010 بزيادة قدرها 1%.

وفي العام الماضي حققت أكبر 8 شركات تأمين 71.1% من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها في سوق التأمين مقابل 67.6 في عام 2009، بينما حققت بقية الشركات الواردة في التقرير التي يبلغ عددها 26 نسبة 28% من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها.

ورغم النمو الذي يشهده سوق التأمين في السعودية، فإن شق التكافل التعاوني الذي يشهد الإقبال الأكبر ما زال يعاني من خلاف بين شركات التأمين التي تطلق على خدماتها اسم «التكافل التعاوني»، وخبراء الشريعة من علماء وأكاديميين لم ترق لهم أساليب شركات التأمين وسياساتها، معتبرين أنها لا تزال تعاني من الكثير من المخالفات الشرعية. وبحسب خبراء، فإن التأمين الإسلامي لا يزال قطاعا ناشئا في دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى أن السوق الآن بحاجة ملحة إلى إنشاء هيئة حكومية منفصلة، وتثقيف الجمهور وتوعيته بجدوى التأمين التكافلي وفائدته على ضوء الشريعة الإسلامية.

كما انتقد خبراء شرعيون سياسة معظم شركات التأمين التكافلي في استثمار أموال المشاركين في الصناديق التأمينية، لا سيما ما لا يتوافق منها مع أحكام الشريعة الإسلامية، مستغلة عدم وجود ضوابط محددة للتأمين التعاوني في السعودية، حيث قالوا إن شركات التأمين لا تستثمر أموال المشاركين وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، إذ إنها تجاهلت مبدأ منح أصحاب رأس المال نسبة محددة من أرباح الاستثمار مقابل إدارتهم للشركة.

وأضافوا أن الملاك انفردوا بالتصرف بأموال المشاركين في صناديق التأمين، في استثمارات وصفقات تجارية، تكون الأرباح المخصصة منها للمشاركين أقل من 10%، مرجعين السبب في ذلك إلى أن شركات التأمين لا تصرف للمشتركين سوى 10% من الأرباح كحد أقصى، بينما تبقى الـ90% من الأرباح تجارية.

ويصف بعض المراقبين المنافسة بين شركات التأمين بالمنافسة التجارية البحتة، حيث إن أخطاء شركات التأمين باتت كثيرة، في الوقت الذي يعتبر موقف المالك لشركة التأمين أقوى من عامة الناس، الذين يفتقدون لممثلين يقومون بالدفاع عن حقوقهم.

كما برزت في الآونة الأخيرة مطالبات من بعض المهتمين بالشأن التأميني في السعودية، بأن تصدر مؤسسة النقد بيانا لعامة الناس، توضح فيه مدى التزام شركات التأمين بأحكام الشريعة الإسلامية، معتبرين أن المؤسسة تمتلك دورا كبيرا في طمأنة الناس تجاه توافق برامج شركات التأمين مع الشريعة الإسلامية، حيث إن الشركات المرخص لها تعمل بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وفق اللائحة التنظيمية لسوق التأمين في السعودية.