المدير التنفيذي للبنك الإسلامي الآسيوي: نواجه ندرة في الكفاءات المصرفية الآسيوية المتخصصة في المالية الإسلامية

أوكونور لـ «الشرق الأوسط»: آسيا بحاجة للتعريف بالمصرفية الإسلامية

توبي أوكونور المدير التنفيذي للبنك الإسلامي الآسيوي
TT

كشف مسؤول رفيع في البنك الإسلامي الآسيوي, الذي يتخذ من سنغافورة مقرا له وتمتلك العائلات الخليجية ما يقارب نصف أصوله, أنه يعاني من تحديات جسيمة تتمثل في ندرة الكفاءات المصرفية الآسيوية المتخصصة في المالية الإسلامية, فضلا عن حاجته الماسة لتثقيف السوق المصرفية والعملاء بمنتجات الصيرفة الإسلامية.

وقال توبي أوكونور، المدير التنفيذي للبنك الإسلامي الآسيوي لـ«الشرق الأوسط»: «إن البنك الإسلامي الآسيوي قد قرر منذ السنة الماضية التقليل من التركيز على أنشطة صيرفة الشركات، وعليه، فلن يواصل تقصي فرص تمويل المشاريع التي تلوح في أفق المنطقة».

وعن الديون المتعثرة التي عانى منها البنك من عملائه الخليجيين, أوضح توبي أن البنك لا يزال ينظر في خياراته المتعلقة بتحصيل هذه الديون، التي تشمل إعادة هيكلة التسهيلات المالية.

كما كشف المدير التنفيذي للبنك الإسلامي الآسيوي، عن توجه البنك للمساهمة بقوة في تعزيز وتشجيع العالم على الاستعانة بالمصرفية الإسلامية وصناعتها، من خلال العمل ضمن منظومة من الشركاء والعملاء لتعريف العالم بهذه الصناعة.

* هلا أعطيتنا فكرة عن البنك الإسلامي الآسيوي من حيث نشأته وحجم موجوداته وأهدافه وإنجازاته؟

- تم تأسيس البنك الإسلامي الآسيوي (آي بي) كنتاج لمشروع تجاري مصرفي مدمج ما بين بنك (دي بي إس) وعدد من المستثمرين الخليجيين البارزين، وذلك في مايو (أيار) 2007، وعمل هذا البنك كقوة دفع مالية ضخمة مصحوبة بكل الخبرات المصرفية في آسيا، المتبصرة برؤية تقنية عالية مستفيدة من كل إمكانيات وأعمال الشبكة العنكبوتية لكبار المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط، حيث كان بمثابة جسر لتسهيل انسياب رؤوس الأموال بين آسيا ومنطقة الشرق الأوسط.

* ما شكل وعدد أهم المنتجات الإسلامية التي تطرحونها أو تلك التي تعملون عليها؟ وما أكثرها أمنا وسلامة من غيرها في الوقت الراهن على الأقل؟ وهل يقوم عليها البنك وحده أم يستعين بخبرات أخرى عليها من الخارج؟

- في الأصل يركّز البنك الإسلامي الآسيوي على الأنشطة المصرفية والتجارية الأكثر أمانا وسلامة، مشتملا على أعمال الأسواق الكبيرة، والاستثمار المباشر وتقديم الخدمات الإشرافية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهذه الأنشطة التي يقوم البنك بإدارتها لم تغفل العمل في مجال الاستثمار في تجارة الأسهم خاصة، بالإضافة إلى الأصول والمنتجات الإسلامية الجديدة والتأمين وسندات التأمين والاستثمار في مبيعات عروض الأسهم، فضلا عن التخطيط والاستثمار الكلي والخدمات الإشرافية على كل المعاملات المصرفية. كما يقوم البنك بالاستعانة بالقوانين الإسلامية في تطوير المنتجات المصرفية بشكل مستمر، وإدارة الودائع المصرفية بمهنية عالية، كما يتولى أمر الدمج بين أي مجموعة تجارية وأخرى بشكل حرفي.

* طالما أن أبرز شركاء البنك الإسلامي الآسيوي من كبار المستثمرين الخليجيين، هل فكرتم في استخدام كوادر مؤهلة من لخليج في إدارة البنك في كل المجالات؟

- بالطبع، عندما قام البنك الإسلامي الآسيوي قام على فريق عمل كبير ومؤهل لدرجة كبيرة في كل الأعمال المصرفية، التي تتمتع بخبرات كبيرة أيضا في احتياجات المستثمرين وإدارة الأعمال، فضلا عن المهارات الأخرى ذات الصلة. وللبنك مكتب يمثله في منطقة الخليج يتخذ موقعا له في مملكة البحرين، ولذلك من البديهي أن يقوم على إدارته وتسيير أعماله خبرات خليجية ذات كفاءة بجانب الأجنبية.

* صدر في العام الماضي تقرير عن أن البنك الآسيوي السنغافوري يفيد بأنه أخذ حصة كبيرة من حصة شركائه من المستثمرين الخليجيين الذين لم يفوا بما عليهم، كيف كان استعدادكم لتحمل ذلك؟ وهل كانت هناك اتفاقية تضمن لكم كل الحلول؟

- منذ انطلاقته، كان البنك الإسلامي الآسيوي يسعى دوما لإيجاد خيارات متعددة ومختلفة لتغطية وسد أي ثغرة من المحتمل أن تخلقها الأصول التي لا يتم الإيفاء بها من حصة الشركاء، مشتملا على القدرة على استحداث منتجات جديدة فيما يتعلق بالتسهيلات المالية، حيث كانت هناك حزمة معالجات تغطي ثغرات كل مراحل العجز الذي قد يحصل نتيجة لعدم إنجاز ما كان يفترض إنجازه، فضلا عن ذلك، فالبنك سيستمر في إدارة وضبط ورصد الأصول التي لم يتم الحصول عليها بعد بشكل محكم للغاية.

* يعتبر البنك الإسلامي الآسيوي من البنوك الرائدة في مجال البيع بالجملة، هل هناك تحوطات كافية لمنافسة البنوك التي تنشط في البيع بالتجزئة والتي تحظى بكمّ كبير من العملاء؟

- بطبيعة الحال فإن العمل المالي في مجال البيع بالجملة يعود على قدرة واستنباط وتركيز البنك الإسلامي الآسيوي على العملاء من الشركاء بشكل أساسي، ذلك أن البنك لا يغذي معاملات ومنتجات قنوات البيع بالتجزئة، وما يتعلق بها من خدمات المر الذي لا يدع هناك أي نوع من التنافس بيننا وبين الآخرين من بنوك التجزئة.

* هل لديكم أي توجه لتعاقدات أو عمل مشترك مع مؤسسات إسلامية أخرى بما في ذلك البحث عن شركاء خليجيين جدد؟ وماذا عن متأخرات بعض شركائكم الخليجيين؟

- منذ 2010 والبنك الإسلامي الآسيوي يشدد على ضرورة التأني في مسألة الدخول في شراكات في مجال الأنشطة المصرفية والتجارة، ولذلك من المبكر الحديث عن السعي لاستحداث شراكات جديدة أو خلق فرص استثمارية مصرفية جديدة، حيث قرر البنك منذ السنة الماضية التقليل من التركيز على أنشطة صيرفة الشركات، وعليه، فلن يواصل تقصي فرص تمويل المشاريع التي تلوح في الأفق في المنطقة.

ومع أن العائلات الخليجية تمتلك ما يقارب نصف ملكية البنك, إلا أنه يعاني مسألة تعثر الديون من قبل بعض الشركاء الخليجيين وهو لا يزال ينظر في خياراته المتعلقة بتحصيل هذه الديون، التي تشمل إعادة هيكلة التسهيلات المالية.

* كيف تنظر إلى الجهود التي تقوم بها سلطة النقد السنغافوري (البنك المركزي السنغافوري) في سبيل دعم وتشجيع صناعة المصرفية الإسلامية؟

- لعبت سنغافورة أيضا دورا مهما ومحفزا لإطلاق المنتجات التجارية والاستثمارية في آسيا، بعد أن استطاع البنك المركزي السنغافوري أن يصمم مساحة إطارية على مستوى كبير لسنح الفرصة لإدارة وعقد صفقات مصرفية ومالية إسلامية بحرية تامة، فضلا عن أن البنك المركزي السنغافوري تبنى توجها لاعتماد مبادئ فوق العادة تسمح للصفقات المالية الإسلامية، التي هي قيد الاستعمال، وأخرى منطلقة بشكل متسارع لأن تزيد من مساحة حقول الاهتمام بها بطريقة منظمة تعالج مسألة التعامل بالفائدة بالتوازي مع الصفقات المالية والمصرفية التي تقوم بها البنوك التقليدية هناك. كما أن البنك المركزي السنغافوري يسعى لدعم وتأسيس سوق مصرفية إسلامية في سنغافورة، في الوقت الذي أرسل تطمينات داعمة ومهمة للبنوك الإسلامية لتنطلق بقوة.

* وهل يمكن القول بالفعل إن سنغافورة ستكون قريبا مركزا للمصرفية الإسلامية في العالم كما يشاع؟

- بالطبع، فإن سنغافورة كدولة آسيوية متقدمة دأبت على وضع الخطط الصحيحة والمهمة في مجال صناعة المصرفية بشكل عام، ولذلك لم يكن مستغربا منها؛ ليس فقط الاستعانة بالأدوات الإسلامية في المصرفية، بل المساهمة والمشاركة الفعالية في صناعة المصرفية الإسلامية وابتداع الجديد من مركباتها ومنتجاته. وسنغافورة تمضي قدما في سبيل الارتقاء بالمصرفية الإسلامية وتطويرها من خلال اعتمادها بشكل رسمي وإطلاق التشريعات الإسلامية التي تمكنها من الانطلاق بقوة، جنبا إلى جنب مع المصرفية التقليدية دون أدنى مستوى من الحساسية التي تبديها بعض البلاد الأخرى في تعاطيها مع المصرفية الإسلامية، فضلا عن أن سنغافورة هي عضو فعال في مجلس الخدمات المالية الإسلامية، الذي يتخذ من ماليزيا مقرا رئيسيا، وسبق أن استضافت أحد أهم مؤتمراتها، حيث كان قد تم انعقاد المؤتمر السادس للمجلس مطلع سبتمبر من عام 2009. كذلك من الحسنات التي تقوم بها سنغافورة ضمن خططها الرائعة التأسيس لإطلاق معاهد مالية للمصرفية حتى تسد الطلب المتزايد على المصرفية الإسلامية، من خلال إطلاقها بعض الحلول المالية المصرفية الإسلامية التي تحتاجها الشركات، بالإضافة إلى قيادة وإدارة الأعمال والمال والعمليات التجارية بمختلف أنشطتها على المستوى المحلي والمستوى الإقليمي. وعليه، أستطيع أن أقول إن سنغافورة استطاعت أن تؤسس لبنية تحتية لصناعة المصرفية الإسلامية في هذا البلد المهم من آسيا مواكبة بذلك النمو المتسارع للمصرفية الإسلامية، في ظل الطلب المتصاعد لها من قبل شتى دول العالم، بما فيها دول أوروبية وأميركية وغيرها. ومن هذا المنطلق فإن سنغافورة استعدت لتكون مفتاحا عالميا الإدارة المصرفية والتأمينية وإدارة الثروات وكل أنشطة المال والأعمال بقلب وعقل مفتوح ومسنود برؤية إسلامية مواكبة.

* بعد هذه المسيرة الناجحة لسنغافورة وللبنك الإسلامي الآسيوي، هل هناك تحديات تراها ذات خصوصية تقف حجر عثرة في طريق تطوير هذه الصناعة؟

- لا شك أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه عملية تطوير صناعة المصرفية الإسلامية ونشرها بقوة في العالم، وهي ندرة الكوادر المؤهلة المحترفة وصاحبة الخبرة الكبيرة، التي لها إمكانية الجمع ما بين علوم الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية من جهة وبينها وبين العلوم الشرعية المتعلقة بهذا الجانب في هذا الإقليم، أضف إلى ذلك الحاجة الماسة لنشر الثقافة المصرفية الإسلامية والتعريف بها في أوساط المهتمين بعالم المال والأعمال، وما توفره نظم المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامية من فرص كبيرة في هذا المجال، مع الحاجة للتطوير والتجديد في المنتجات الإسلامية لتوسيع دائرة الاهتمام بها.

* ما أهم التحديات التي تواجهكم بشكل خاص في عملية تطوير المنتجات المصرفية الإسلامية؟

- أعتقد أن من أهم الصعوبات التي تواجهنا في عملية تطوير المنتجات الإسلامية قلة الكوادر المحترفة في المجال في محيطنا الإقليمي، مع حاجتنا الماسة للآلية المناسبة التي تساعدنا في نشر ثقافة التعاطي مع المصرفية الإسلامية، بجانب تعريف الأسواق التي نلعب في مساحتها بطبيعة المنتجات الإسلامية، وميزاتها وقدرتها على التكيف وامتصاص الأزمات التي تحل بالاقتصادات على المستويين الإقليمي والدولي.

* هل هناك رؤية في تطوير صناعة المصرفية الإسلامية على المستوى الدولي بشكل واسع أم يقف حد الاهتمام في هذا الشأن على مستوى محيطكم الإقليمي؟

- يعتزم البنك الآسيوي الإسلامي المساهمة بقوة في تعزيز وتشجيع العالم على الاستعانة بالمصرفية الإسلامية وصناعتها، من خلال العمل ضمن منظومة شركائنا وعملائنا لتعريف العالم بهذه الصناعة.

* كيف تنظر إلى عمل الهيئات الشرعية والقوانين المالية الإسلامية في الإقليم الآسيوي كأداة تغيير لطبيعة النظام الرأسمالي السائد فيها والذي ما زالت تمارسه؟

- كما يبدو، فإن النظام المالي الإسلامي يُنظر إليه كخطة برمجية مالية للمنتجات ضمن النظام المالي العالمي كمنافس قوي على طول خط العمل بالنظام المالي التقليدي، حيث إن عددا من الدول الآسيوية، بما فيها الدول الإسلامية وغير الإسلامية، يُلاحظ عليها نوع من الجدية في مسألة الأخذ بالتجربة المالية الإسلامية ومحاولة تجريب تطبيق القوانين الإسلامية من أجل توسيع دائرة عروضها من المنتجات المختلفة؛ سواء كانت مالية أو غير مالية.

* برأيك ما المطلوب بشكل ملحّ سواء داخل سنغافورة أو في محيطها الخارجي من أجل المضي قدما في العمل في مجال المنتجات الإسلامية؟

- أعتقد علينا جميعا محاولة زيادة تحسين وتطوير المنتجات الإسلامية بشكل مستمر ومن ثم العمل على توسيع دائرة الاهتمام بالنظام المالي الإسلامي، إذ إن سنغافورة بشكل خاص وآسيا بشكل عام في حالة لاختبار نفسيهما بشكل جاد في مجال الابتداع والابتكار في هذا المجال، وبعد ذلك تأتي ضرورة إزالة التحديات التي تخلقها القصور في المهارات والخبرات نتيجة عدم الإلمام الكافي بقوانين الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها وإنجاز منتجاتها بشكل مضبوط دون أي انحراف، كما أن هناك حاجة لتشجيع العملاء والشركاء للمشاركة في صناعة أفضل الأوضاع المطلوبة لبنية تحتية قوية في دول أخرى لها رغبة في التعامل مع المصرفية الإسلامية وصناعتها.