مستثمرو السوق يفضلون البنوك التقليدية.. وحملة الودائع يتجهون للمصارف الإسلامية

في تقرير اقتصادي يشرح حال التنافسية بين بنوك الكويت

يمكن الجزم بأن البنوك التقليدية تحتل موقعا يفوق البنوك الإسلامية من حيث التنافس والقدرة على جذب الودائع
TT

توقع تقرير صدر حديثا أن يستمر تفوق البنوك الإسلامية الكويتية في جذب الودائع في نهاية 2011، مقابل البنوك التقليدية الكويتية، دون وجود أحداث فردية، وذلك على اعتبار أن توزيعات عوائد الودائع في البنوك الإسلامية كانت أعلى من التقليدية في 2010.

وعلى الرغم من ذلك توقع التقرير الصادر عن شركة «المشورة والراية» للاستشارات المالية الإسلامية في الكويت أن تستمر البنوك التقليدية الكويتية أيضا في تفوقها بجني الأرباح المنعكسة على القيمة السوقية، إذا ما استمرت مخصصات البنوك الإسلامية بالارتفاع، بالإضافة إلى توزيع عوائد أعلى لحملة الودائع على حساب حملة الأسهم.

وفي ذلك يرى ناصر الزيادات، خبير التمويل المصرفي، أن هذا التقرير يشير إلى أن هناك فرقا شاسعا بين الأمس القريب واليوم في الكويت، مبينا أنه وفقا لإغلاق سوق الكويت للأوراق المالية يوم الاثنين 31 ديسمبر (كانون الأول) 2007 بلغ سعر سهم البنوك الكويتية الإسلامية مجتمعة 6.32 دولار، في الوقت الذي كان فيه سعر سهم البنوك التقليدية مجتمعة 5.85 دولار بحسب التقرير.

وما بين 2007 و2010، والحديث للزيادات، يبدو أن الحال تبدلت وأصبحت البنوك التقليدية أكثر ربحية من البنوك الإسلامية، وهو أمر جعل مستثمري السوق المالية يفضلون اقتناء أسهم البنوك التقليدية كانعكاس واضح لنمو قيمتها السوقية. فقد حققت البنوك التقليدية الكويتية عائدا على حقوق مساهميها بلغ 10 في المائة، وعائدا على إجمالي موجوداتها بلغ 1.5 في المائة في عام 2010، في حين أن البنوك الإسلامية الكويتية حققت عائدا على حقوق مساهميها بلغ 6 في المائة، وعائدا على إجمالي موجوداتها بواقع 0.08 في المائة.

وحتى يكون التحليل أكثر دقة، يعتقد الزيادات أنه يمكن الافتراض أن النتائج المالية للبنوك في سنة ما تؤثر على قرارات المستثمرين أو المودعين في السنة التالية (أي أن النتائج المالية تقود قرار الاستثمار أو الإيداع)، وعليه فإنه يمكن الافتراض أن النتائج المالية في عام 2009 هي التي أثرت في قرارات المستثمرين والمودعين في 2010.

ووفق الزيادات تظهر النتائج التي خرج بها التقرير أيضا أن البنوك التقليدية الكويتية تفوقت على نظيراتها الإسلامية في 2009 من حيث تحقيقها لمعدل عائد على حقوق مساهميها بلغ 8 في المائة، ومعدل عائد على إجمالي موجوداتها بلغ 8 في المائة، في حين بلغ معدل العائد على حقوق مساهمي البنوك الإسلامية 3 في المائة، ومعدل العائد على إجمالي موجوداتها 0.04 في المائة.

وقد انعكست تلك النتائج على القيمة السوقية للبنوك التقليدية في عام 2010 لتنمو بمعدل سنوي 47 في المائة، وبفارق يزيد عن 6 مليارات دينار عن القيمة السوقية في عام 2009.

أما القيمة السوقية للبنوك الإسلامية فقد نمت بمعدل سنوي بلغ 30 في المائة وبفارق 3 مليارات دينار عن عام 2009، وذلك وفقا لسعر الإغلاق في آخر يوم تداول من السنتين المذكورتين، حيث إن هذه النتائج تدل على أن المتعاملين نظروا إلى أن البنوك التقليدية في 2009 و2010 كانت أفضل أداء ماليا لحملة الأسهم من البنوك الإسلامية.

وعلى الرغم من ذلك لا يمكن الجزم بأن البنوك التقليدية تحتل موقعا يفوق البنوك الإسلامية من حيث التنافسية، فهناك مؤشرات أخرى تخص طبيعة عمل البنوك يمكن النظر إليها ومنها القدرة على جذب الودائع.

وفي هذا الصدد تشير بيانات شركة «المشورة والراية» للاستشارات المالية الإسلامية إلى أن البنوك الإسلامية تفوقت على البنوك التقليدية في جذب الودائع، ما انعكس على أحجام ومعدل نمو تلك الودائع عام 2010.

إلى ذلك، نمت ودائع البنوك الإسلامية بفارق واضح عن نظيراتها التقليدية خلال عامي 2009 و2010، واللافت في الأمر أن إجمالي الودائع في البنوك التقليدية انخفض بطريقة سالبة وبواقع - 268.3 و - 735.8 مليون دينار كويتي في العامين المذكورين على التوالي لتحقق معدلات نمو سالبة بواقع - 1 في المائة و - 3 في المائة وتصل إلى إجمالي ودائع 24.1 و23.4 مليار دينار كويتي في العامين المذكورين. وفي المقابل نمت ودائع البنوك الإسلامية بمعدلات 8 في المائة و12 في المائة وبواقع 740.1 مليون دينار و1.3 مليار دينار لتصل إلى إجمالي قدره 10.5 و11.9 مليار دينار خلال عامي 2009 و2010 على التوالي. مع العلم أنه لم يتم احتساب ودائع البنك الأهلي المتحد لا مع الإسلامي ولا مع التقليدي (بل تم احتسابها فقط في إجمالي الودائع في البنوك الكويتية قاطبة)، نظرا لتحوله خلال العام الماضي للعمل الإسلامي، وذلك لضمان سلامة التحليل من أي انحراف.

ومن المحتمل من منطق التحليل أن يكون هناك أحداث منفردة أدت إلى التأثير على الحجم الإجمالي لودائع البنوك الإسلامية، إلا أن البيانات تشير إلى أن كل البنوك التقليدية الكويتية دون استثناء قد انخفضت ودائعها في عام 2010، في حين أن كل البنوك الإسلامية ارتفعت ودائعها في ذات العام باستثناء بنك واحد، وهذه الحقيقة تقلل من احتمالية وجود تأثير لأحداث منفردة رغم أن بيت التمويل الكويتي (اللاعب الأقدم في المصرفية الإسلامية في الكويت) قد حقق منفردا نموا في ودائعه بحجم 1.1 مليار دينار وبواقع 13 في المائة في عام 2010 عن عام 2009.

من جهة أخرى هناك تحليل آخر يقلل من احتمالية وجود آثار لأحداث فردية، وهو أن ودائع البنوك التقليدية انخفضت بواقع - 735.8 مليون دينار في عام 2010، كانت قد ذهبت لبنوك إسلامية في الوقت الذي زاد فيه عرض النقد (إم 3) بما يربو على 595 مليون دينار كفارق بين بيانات البنك المركزي بين شهري ديسمبر 2009 وديسمبر 2010.

وقال الزيادات: «ولو جمعنا حجم انخفاض ودائع البنوك التقليدية إلى حجم الزيادة في عرض النقد (إم 3) لكان الرقم يربو على 1.3 مليار دينار، وهو مساوٍ لحجم النمو في ودائع البنوك الإسلامية».

لكن السؤال الذي طرحه في ظل هذه المعطيات: «لماذا تزيد الودائع في البنوك الإسلامية وتقل في البنوك التقليدية على الرغم من أن البنوك التقليدية كانت أفضل ربحا وكفاءة في عامي 2010 و2009 وعلى الرغم من تفوقها في نمو القيمة السوقية؟»، مبينا للإجابة على هذا السؤال أن هناك مؤشرا يمكن النظر إليه ببعض من التبصر، وهو العوائد التي حصل عليها المودعون في البنوك الإسلامية والتقليدية في عام 2009، والتي جعلتهم يتخذون قرارات سحب أو إبقاء ودائعهم في بنوكهم.

وحيث إن الحصول على مجموع ما تم توزيعه من قبل البنوك على مودعيها أمر صعب نظرا لتباين الإفصاحات، فإنه من الممكن الوصول إلى ما تم توزيعه بالمجمل من خلال بعض العمليات الحسابية على إجمالي الدخل. فقد حققت البنوك الإسلامية دخلا إجماليا بواقع 849 و826.5 مليون دينار كويتي في عامي 2009 و2010 على التوالي، في حين حققت البنوك التقليدية دخلا إجماليا قدره 1.1 مليار دينار كويتي في كلا العامين المذكورين. وعند خصم مخصصات التمويلات والقروض المتعثرة وانخفاض القيم السوقية للاستثمارات فإنه يتبقى من إجمالي دخل البنوك الإسلامية 532 و598 مليون دينار كويتي، في حين يتبقى 560 و752 مليون دينار كويتي من إجمالي دخل البنوك التقليدية في عامي 2009 و2010 على التوالي.

وعند الأخذ بعين الاعتبار أن البنوك الإسلامية مجتمعة أعلنت عن صافي دخل قدره 59 و123 مليون دينار كويتي في الوقت الذي أعلنت فيه البنوك التقليدية عن صافي دخل 283 و413 مليون دينار كويتي في عامي 2009 و2010 على التوالي، فإن هذا يعني أن ما تبقى من إجمالي الدخل مخصوما منه المخصصات سيتم توزيعه بين النفقات التشغيلية والتوزيعات لحملة الودائع.

وقال الزيادات إن المتبقي من تلك الحسبة هو 473 و474 مليون دينار كويتي للبنوك الإسلامية بالمقارنة مع 277 و333 مليون دينار كويتي للبنوك التقليدية في عامي 2009 و2010 على التوالي. وعند الأخذ بعين الاعتبار أن حجم البنوك الإسلامية كمجموعة أقل من حجم البنوك التقليدية كمجموعة فإن النفقات التشغيلية للبنوك الإسلامية لا بد أن تكون أقل منها في التقليدية. وعليه يمكن القول إن البنوك الإسلامية وزعت لحملة ودائعها عوائد أكثر من التي حصل عليها حملة ودائع البنوك التقليدية.

واستنادا إلى تلك الحقائق الرقمية فإنه من المتوقع أن تستمر البنوك الإسلامية في تفوقها في جذب الودائع على البنوك التقليدية في نهاية 2011 دون وجود أحداث فردية، وذلك على اعتبار أن توزيعات عوائد الودائع في البنوك الإسلامية كانت أعلى من التقليدية في 2010. وفي المقابل فإنه من المتوقع أن تستمر البنوك التقليدية في تفوقها في الربح المنعكس على القيمة السوقية إذا ما استمرت مخصصات البنوك الإسلامية بالارتفاع، بالإضافة إلى توزيع عوائد أعلى لحملة الودائع على حساب حملة الأسهم.