عقاريون: ندرة التشريعات المنظمة للمنتجات العقارية أضعفت حضورها اقتصاديا

الرياض: ندوة بحثت موقع التمويل العقاري ما بين الاستثمار والادخار

جانب من منصة المشاركين في ندوة التمويل العقاري بين الاستثمار والإدخار، في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

اتفق عقاريون على أنه لا يمكن معالجة أي مشكلة متعلقة بالتمويل العقاري إلا من خلال سياسات تساهم في معالجة تلك المشكلة، ومنها تحديد الاحتياجات المتزايدة على المساكن وأفضل الطرق التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك، مشددين على ضرورة إعادة هيكلة نظام التمويل العقاري وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

وتقول تقديرات إن حجم الطلب على المساكن في السعودية يصل بنهاية عام 2020م إلى ما يقارب 4 ملايين وحدة سكنية، الأمر الذي يعني ضرورة تحديد عدد الوحدات السكنية المطلوب توفيرها في كل عام، مع اعتبار أن هذا العدد يتزايد بشكل تدريجي، إذ إن تحديد حجم عدد المساكن المطلوب توفيرها سنويا يساعد كثيرا في معالجة هذه المشكلة.

وأقامت شركة «أملاك» العالمية للتطوير والتمويل العقاري ندوة تحت عنوان «التمويل العقاري بين الاستثمار والادخار»، ضمن سلسلة الندوات التوعوية التي أطلقتها الشركة في الجيل الجديد من منتجات والتمويل العقاري المتوافق مع الشريعة الإسلامية، التي تم ابتكارها لدعم احتياجات مختلف شرائح المواطنين، وتلبية تطلعاتهم لامتلاك وحدات سكنية وفق شروط ميسرة تتلاءم مع مختلف الإمكانات.

وكشفت الندوة عن المنتجات التمويلية المصممة للمطورين والمستثمرين العقاريين، لتحفيزهم نحو المضي بتنفيذ مشاريعهم العقارية وتغذية السوق المحلية بالمزيد من الوحدات السكنية لمواجهة الطلب المتزايد، لا سيما لذوي الدخل المتوسط والمحدود، كما تناولت المفهوم الاستثماري للتمويل العقاري والإسكاني في السعودية، بجانب أحدث المنتجات التمويلية المبتكرة ضمن قطاع التمويل العقاري والإسكاني الموجهة للأفراد والشركات وفقا للصيغ الشرعية المجازة من كبار العلماء والمتخصصين الشرعيين.

وشارك في الندوة رئيس وأعضاء الهيئة الشرعية لشركة «أملاك العالمية» الدكتور عبد الستار أبو غدة والدكتور محمد بن علي القري وراشد الغنيم، قدموا خلالها شرحا تفصيليا لأبرز منتجات التمويل العقاري المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، في حين استعرض عبد الله الهويش العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة منتج «الإجارة الموصوفة بالذمة» المخصص لقطاع الأفراد، ومنتج «الاستصناع والإجارة الموصوفة في الذمة» المخصص لقطاع الشركات، اللذين تم ابتكارهما من قبل «أملاك» العالمية، وشهدت تلك المنتجات إقبالا من الشرائح المستهدفة بالنظر إلى القيمة الاستثمارية والادخارية المضافة التي تتمتع بها، وانسجامها مع احتياجات وتطلعات العملاء.

وألقى كل من المهندس إياد البنيان المدير العام لشركة «بيوت الأرجان» للتطوير العقاري، والمهندس حسام الرشودي المدير التنفيذي لشركة «مسكن» العربية، وماجد الحقيل المدير التنفيذي لشركة «رافال» للتطوير العقاري، الضوء على التجارب الناجحة التي حققتها مبادرة «أملاك» العالمية في إقامة شراكات استراتيجية بين المطورين والممولين العقاريين، على اعتبار أن هذه الشراكات ساهمت إلى حد كبير في تخطي عقبة التمويل التي تبرز كإحدى أهم التحديات أمام المطورين العقاريين للتوسع في إقامة المشاريع العقارية وزيادة حجم المعروض من الوحدات السكنية.

وهناك عدد من الفئات السكانية لكل منها طريقتها في الحصول على شكل التمويل العقاري، ومنها الفئة السكانية متوسطة الدخل، والفئة السكانية محدودة الدخل والفئة السكانية الفقيرة، التي يعني لها السكن مشكلة رئيسية تواجهها وتضعها في خط الفقر، ما يعني ضرورة تأهيلها بشكل من أشكال الإنقاذ العقاري.

أما بالنسبة لمعالجة مشكلة الإسكان للفئتين متوسطة الدخل ومحدودة الدخل فإنه يقع على القطاع العقاري الدور الأكبر في التمويل العقاري في ظل دور تقوم به الدولة في نظام السوق المفتوحة، وذلك بالاقتصار على دور الحارس على النشاط الاقتصادي، والتدخل فقط لمعالجة أوضاع الحاجة للسكن، مع أهمية أن تقوم الدولة بتقديم خدمة التمويل العقاري وتوفير المساكن.

وهناك بعض الطرق الخاصة بحل مشكلة الإسكان بالنسبة لفئتي محدودي ومتوسطي الدخل، ومنها مساهمة القطاع الخاص في التمويل العقاري عن طريق إقامة مساكن وبيعها للمستفيدين بأقساط طويلة الأجل تصل إلى خمس عشرة أو عشرين سنة وبأرباح مقبولة للبائع والمشتري وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، كما أنه يمكن للبنوك تملك العقار بهدف المساهمة في تمويل إقامة المشاريع والوحدات السكنية وبيعها بأقساط مريحة، شريطة أن تتم العملية وفق أحكام الشريعة.

ودعا المشاركون إلى أهمية تنظيم عمل صندوق التنمية العقاري في تحصيل القروض، وقصر تقديم القروض على متوسطي ومحدودي الدخل مع أخذ الضمانات الكافية، وتنظيم منح القروض لإعطاء فرصة أكبر في منح القروض لذوي الدخل المحدود، وضرورة أن تتوسع الدولة في إقامة المجمعات السكنية على غرار المجمعات القائمة، وذلك لانخفاض قيمة الوحدات السكنية في تلك المجمعات.

كما دعوا القطاع الخاص إلى أهمية منح قروض سكنية من دون فوائد لمنسوبيه على غرار ما هو قائم في بعض الشركات السعودية الكبيرة، ومن ثم التوسيع في ذلك ليشكل عددا أكبر من الشركات الخاصة، لما في ذلك من تخفيف الضغط على الصندوق العقاري، وتقديم ميزات إضافية لمنسوبي تلك الشركات.

ورأوا بضرورة سن التشريعات التي تساهم في حل مشكلة الإسكان، كأحد أهم السياسات في حل المشكلات التي يواجهها العملاء العقاريون، مشددين على ضرورة تفعيل إصدار بعض التشريعات التي تخدم هذا الهدف، ومنها إصدار التمويل العقاري، حيث إن إصدار نظام للتمويل العقاري يتضمن تنظيم العلاقة بين المؤسسات والشركات العقارية وبين المستفيدين من برامج بناء المساكن وتمليكها بالتقسيط وضمان حقوق كل من الطرفين وإيجاد نصوص نظامية تسهل الاقتراض لتملك المساكن.

ويمكن للبنوك أن تلعب دورا فعالا كمحصل للقروض العقارية بين الشركات العقارية من جهة والمستفيدين من جهة أخرى، خصوصا أن تلك الشركات تعاني من زيادة القروض المتعثرة مما يجعلها تبالغ في زيادة نسبة الأرباح، مع مراعاة أن يتوافق ذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

ورأوا أن إصدار نظام الرهن العقاري، يعد من الضمانات التي تكفل حقوق شركات ومؤسسات التمويل العقاري، وتجعل الاستثمار في هذا المجال أكثر أمانا، مما يجعل المنافسة في هذا المجال تتزايد يوما بعد يوم، ذلك لأن هذا النظام يكفل للشركة الممولة للمسكن أن يتم رهن ذلك المسكن لصالحها حتى يتم دفع جميع الأقساط المستحقة على المسكن بعد ذلك يتم إنهاء الرهن.

وكانت دراسة علمية أعدها الدكتور رائد بن منصور الدخيل عضو هيئة التدريس بكلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود تحمل عنوان «تمكين الأسر السعودية من تملك السكن»، رصدت ثلاثة تحديات رئيسة تنظيمية واقتصادية واجتماعية تقف حجر عثرة أمام التملك السكني في المملكة وتساهم في تراجعه.

ووفقا للدراسة فإن نسب التملك السكني في السعودية تتراوح ما بين 30 في المائة إلى 40 في المائة، في الوقت الذي حققت فيه الدول المتقدمة نسب التملك السكني ما بين 60 إلى 70 في المائة، مشيرة إلى أن حجم الطلب على المساكن في السعودية يصل بنهاية عام 2020م إلى ما يقارب 4 ملايين وحدة سكنية.

وأشارت الدراسة إلى التحديات التنظيمية التي تواجه التملك السكني، ومنها تأخر إقرار وتطبيق البيئة التشريعية والتنظيمية الخاصة بسوق العقار مثل أنظمة الرهن العقاري، تملك الأجانب، أنظمة ومشتقات التمويل، التسجيل العيني للعقار، بالإضافة إلى تأخر الهيئة السعودية للإسكان في إعداد خطة شمولية للإسكان مبنية على قاعدة معلومات دقيقة تطبق من خلالها استراتيجية واضحة بشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية للتعامل مع المعضلة والتنسيق بين أطراف المنظومة لتمكين المواطن من الحصول على السكن المناسب.

كما أن تأخر تطوير أنظمة البناء والتخطيط وتقسيمات وتجزئة الأراضي بما يتناسب مع الاحتياجات الحالية والتعقيدات والخطوات الكثيرة اللازمة لإصدار التراخيص الخاصة بالمشاريع، بجانب التأخر في صدور الموافقات والتراخيص اللازمة وتعدد الجهات المرخصة، يؤثر سلبا على الجدوى الاقتصادية للمشاريع ويرفع من تكلفة الوحدات السكنية على المستفيد.

ومن التحديات التي تواجه المطور العقاري تأخر تطبيق الكود السعودي المناسب لاحتياجات الأسرة السعودية وتحديد الحد الأدنى لمواصفات مواد البناء وتجهيزات البناء التي تحمي المواطن والمخزون السكني للبلاد.

وأشارت الدراسة إلى قلة موارد التمويل من قبل مصادر متعددة وبشروط ميسرة للمستثمرين، وتقلص دور صندوق التنمية العقاري، وعدم تطويره من خلال التنوع في أدوات الإقراض واستقبال الاستثمارات والتعاون مع جهات التطوير، وشح السيولة، وذلك مع توفر موجودات عالية في المصارف السعودية، واحترازها من الإقدام لإقراض المشاريع العقارية، في ظل ضعف قدرات وإمكانات الخدمات الفنية الداعمة للقطاع مثل الخدمات الهندسية والمقاولات وصناعة مواد وتجهيزات البناء.

وأرجعت هذا الضعف لمجموعة من الأسباب، أهمها ندرة التشريعات الحامية أو المنظمة لهذه الخدمات، بالإضافة إلى ندرة الأبحاث الداعمة للأنشطة، وحداثة صناعة التطوير، والتأخر في تشجيع الشركات المتخصصة في توفير المشاريع السكنية الميسرة، مع تركيز شركات التطوير الحالية على تجاهل الشرائح الكبرى ذات الاحتياج الفعلي، والتركيز في التنافس على نسبة قليلة من الفئات ذات الدخول المرتفعة، وعدم وجود الرؤية الواضحة والعمل المؤسسي في صناعة البناء والتشييد الذي يساعد على تقليص التكلفة ورفع الجودة.

وأوضحت الدراسة أن حجم الطلب على الوحدات العقارية يتأثر بمجموعة من العوامل، أهمها عدد السكان ومعدل النمو السكاني، والتركيبة العمرية للسكان، والناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد منه، وحجم الإنفاق التنموي على مشاريع البنية التحتية، والقروض المقدمة إلى القطاع من قبل البنوك والجهات المختصة بالتمويل العقاري، والنسبة المقتطعة من الدخل، وثقة المستهلك، وقدرة الأسرة على تحمل التكاليف المتزايدة للوحدة.