خبراء متخصصون يعكفون على معالجة صيغة عصرية للاستثمار في الأوقاف

تتمثل في تأسيس صناديق استثمارية وقفية مكتملة شرعا ونظاما

جامعة الإمام محمد بن سعود التي تضم مقر كرسي الشيخ راشد بن دايل لدراسات الأوقاف («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف نخبة من الخبراء المتخصصين في مجال الأوقاف في العاصمة السعودية الرياض غدا على معالجة صيغة جديدة عصرية للاستثمار في الأوقاف، تخدم كل شرائح المجتمع، تتمثل في تأسيس صناديق استثمارية وقفية مكتملة من الجانب الشرعي والنظامي والفني، بحيث تتوافق هذه الصيغة مع الأنظمة واللوائح المعمول بها في السعودية، وفق الضوابط المتسقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ويتولى فريق بحثي متخصص في الأوقاف، بكرسي الشيخ راشد بن دايل لدراسات الأوقاف، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إنجاز مشروع بحثي يوجه لرسم صيغة حديثة لاستثمار الأوقاف، برئاسة الدكتور عبد الله بن محمد الدخيل، وسلطان بن محمد الجاسر، وذلك لبحث ومعالجة الصناديق الاستثمارية الوقفية.

وفي هذا السياق أوضح الدكتور عبد الله العمراني، أستاذ الكرسي، أن الأوقاف القائمة على تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، على مر عصور التاريخ الإسلامي وحتى هذا الوقت، أدت دورا مهمّا في تطوير المجتمع الإسلامي وتلبية حاجاته في كل نواحي الحياة بجوانبها المختلفة الدينية والعلمية والاجتماعية والصحية والإنسانية، بما في ذلك تشجيع العلم والعلماء وإنشاء المكتبات والمعاهد التعليمية وتحفيظ القرآن الكريم ودعم البحث العلمي في شتى مناحي الحياة.

وقال العمراني لـ«الشرق الأوسط»: «إن الصندوق الاستثماري يعرف بأنه وعاء يتكون من مجموعة من الوحدات الاستثمارية المملوكة لأشخاص، تحت إدارة شخص مرخص له من هيئة السوق المالية، أما الصندوق الاستثماري الوقفي فإنه وعاء يتكون من مجموعة من الوحدات الوقفية المسبل ريعها، تحت إدارة شخص مرخص له من هيئة السوق المالية».

وأفاد بأن المشروع البحثي الذي يتناوله الكرسي غدا بمقره بجامعة الإمام يبحث معالجة الصناديق الاستثمارية الوقفية من الجانب الشرعي، من خلال البحث في عدد من المسائل الفقهية ذات العلاقة بالموضوع، ومنها تعزيز أركان الوقف وتطبيقها على المنتج الوقفي، كذلك بحث الضوابط الشرعية المتعلقة بتأسيس الصندوق الاستثماري الوقفي وصيغته، بجانب بحث الأحكام الشرعية المتعلقة بنظارة الوقف، وتحديد ناظر الوقف ما إذا كان المعني به مدير الصندوق أو مجلس الصندوق، أو كليهما.

فضلا عن ذلك، يبحث المشروع آلية التكييف الفقهي للصندوق الاستثماري، وطرح الاكتتاب واشتراكات المشتركين بما يتفق مع الضوابط الشرعية للوقف، بالإضافة إلى طبيعة المال الموقوف والوحدات الموقوفة، ومعرفة ما إذا كانت تخرج على وقف المشاع أو وقف النقد.

أما المسائل المتعلقة بالاستبدال والتداول، وفق العمراني، فهي تتعلق باستبدال الصناديق الاستثمارية الوقفية، واستبدال الوحدات الوقفية، بجانب استبدال وتداول الأدوات الاستثمارية للوحدات الوقفية، واستثمار الوحدات الوقفية، ومعرفة الأثر الفقهي للوقف الجزئي للصناديق الاستثمارية الوقفية.

ومن المؤمل أن يحدد المشروع البحثي جدلية «هل مدير الصندوق شريك أم أجير؟»، كما يبحث الريع لهذه الصناديق والأحكام الشرعية المتعلقة بصرفه، بجانب التكييف الفقهي لأطراف التعاقد، سواء من المكتتبين مع المدير ومجلس الصندوق أو المكتتبين بعضهم مع بعض، إلى غير ذلك من المسائل الشرعية.

ويسعى المشروع البحثي إلى تحديد طبيعة الولاية على الوقف وتخصيصه، فضلا عن تبيان حكم استثمار أصول الوقف، وحكم استثمار ريع الوقف، بالإضافة إلى تحديد حكم الاستثمار بجزء ريع الوقف لتنمية أصله، فضلا عن معرفة أثر إنهاء الوقف في الصناديق الاستثمارية المفتوحة والمغلقة، بالإضافة إلى الضوابط الشرعية للوقف الجماعي.

ووفق العمراني فإن الفريق البحثي يقوم غدا بدارسة هذه القضايا وتأصيلها من الناحية الشرعية، بما يتفق مع المقاصد والأحكام الشرعية للوقف، كما تتطرق هذه الدراسة إلى الجانب النظامي بدراسة عدد من الأنظمة واللوائح في مجال الأوقاف والصناديق الاستثمارية. ومن هذه الأنظمة التي تتم مراعاتها في الدراسة: نظام مجلس الأوقاف الأعلى وتعديلاته، ونظام لائحة تنظيم الأوقاف الخيرية، بالإضافة إلى نظام المرافعات الشرعية، ونظام السوق المالية. كذلك من الأنظمة: لائحة الصناديق الاستثمارية ولائحة صناديق الاستثمار العقاري، الصادرتان عن مجلس هيئة السوق المالية، إضافة إلى لائحة أعمال الأوراق المالية، ولائحة طرح الأوراق المالية، الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية، فضلا عن قائمة المصطلحات المستخدمة في لوائح هيئة سوق المال وقواعدها الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية.

أما من الجانب الفني فيهتم المشروع البحثي بحصر التجارب في الصناديق الوقفية، كصناديق الأوقاف الموجودة على المستوى المحلي والعالمي، والصناديق الاستثمارية المعمول بها في مجال الاستثمار والدمج بينها، للخروج بمنتج الصناديق الاستثمارية الوقفية.

وتهدف الدراسة إلى الخروج بمنتج وقفي في مجال الصناديق الاستثمارية، يخدم الواقفين ويحقق مقاصد الشارع في الأوقاف، بحيث يتميز بكونه صيغة جديدة عصرية في مجال الأوقاف تهدف إلى الاستفادة من الخبراء والمختصين في مجال الاستثمار وتوظيفهم في خدمة الأوقاف الخيرية بما يحقق مصالح عدة للأوقاف. ومن هذه الفوائد بسط الشفافية في إطلاع أطراف الوقف على البيانات والتقارير والاستثمار والريع لأوقافهم، وخضوع هذا المنتج لنظام الحوكمة بما يحقق مصالح الوقف، والسهولة والمرونة في الإجراءات سواء في الاستثمار أو الاستبدال أو صرف الريع، إلى غير ذلك من المزايا المبينة بشكل تفصيلي في الدراسة.

وتقام حلقة عن المشروع في جامعة الملك عبد العزيز بحضور كل من الدكتور عبد الله بن محمد العمراني أستاذ الكرسي، والهيئة العلمية الاستشارية للكرسي والفريق البحثي، ومجموعة من المتخصصين في المجال الشرعي والاستثماري والاقتصادي والنظامي، لعرض المشروع البحثي وتلقي المقترحات، التي تعود بالنفع على المشروع البحثي. وتأتي هذه الحلقة ضمن الخطة التشغيلية لكرسي الشيخ راشد بن دايل لدراسات الأوقاف لعام 2012م، وتقام بالتعاون مع الوقف العلمي بجامعة الملك عبد العزيز، الذي يشرف على إدارته التنفيذية الدكتور عصام بن حسن كوثر عضو الهيئة العلمية للكرسي.