خبير إدارة ثروات إسلامية يدعو السعوديين إلى اتباع نظرية المحافظ الحديثة لإدارة الأوقاف

جون ساندويك: توجيه الأوقاف إلى العقارات بنسبة 100% أكبر خطأ وقفي

جون ساندويك مدير الثروة الإسلامية وشركة «إدارة الأصول»
TT

دعا خبير دولي في إدارة الثروات الإسلامية المسؤولين ومديري الأوقاف في السعودية، بضرورة النظر في طريقة جديدة متطورة للاستثمار في الأصول، والابتعاد عن قرارات الاستثمار، التي ليست في مصلحة أولئك، الذين بحاجة إلى الاستفادة من الأرباح، التي نتجت عن الوقف على حد زعمه.

ونصح جون ساندويك، مدير الثروة الإسلامية، وشركة «إدارة الأصول» بجنيف بسويسرا، بأهمية اتباع الطريقة التي تدار بها مؤسسة غيتس وأوقاف جامعة هارفارد، في إدارة أوقافهم في السعودية والخليج، مبينا أن أحد الطرق للاستثمار في أصول الوقف، هي اتباع «نظرية المحافظ الحديثة».

واقترح الخبير الدولي، أن يتم في هذه الحالة، توزيع الأصول الوقفية في السعودية، بواقع 5 في المائة بالنسبة للأوراق النقدية والودائع «المرابحة»، و45 في المائة بالنسبة للدخل الثابت أي الصكوك، و35 في المائة بالنسبة للأسهم، أس الأسهم العالمية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، و5 في المائة في الاستثمارات البديلة أي السلع، و10 في المائة في العقارات.

وزاد أنه إذا تم اتباع وقف وفق «نظرية المحفظة الحديثة»، فإنه ستولد مجال، يمكن الاستفادة منه في تنويع الأصول، ومن شأن ذلك تعزيز الاتجاه العالمي، نحو الاستثمار في صناديق المرابحة وصناديق الصكوك وصناديق الأسهم، التي تستثمر في الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وشدد خبير إدارة الثروات الإسلامية، بضرورة التفات الجهات المعنية بالأوقاف في السعودية، نحو استثمار بما حباهم الله من ثروة وقفية كبيرة، تقدر بمليارات الدولارات، وذلك من خلال الاهتمام بشكل أكثر فاعلية بإدارة الأصول الوقفية المهنية.

ولفت، إلى أنه في عام 2010، قامت شركة «إرنست آند يونغ» بتقدير قيمة الأوقاف في السعودية ومنطقة الخليج، مبينة أنها تتجاوز 400 مليار ريال سعودي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه وجدت تقديرات غير رسمية من بعض الخبراء بأنها تتجاوز 1 تريليون ريال سعودي.

وقال ساندويك في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مهما كان العدد، من الواضح أن الأوقاف، تمثل ثروة وطنية في السعودية، لذلك فإن الأرباح الناتجة عن الأوقاف، ضرورية لتشجيع الأعمال الخيرية، ومساعدة أولئك الذين يحتاجون إليها».

وأضاف أنه مثل كل الثروات الوطنية، تتطلب الأوقاف الرعاية المهنية والإدارية، مشددا على ضرورة أن تدار الأوقاف من قبل الأشخاص الذين لديهم مهارات وخبرات قوية، للمحافظة على المنافع طويلة الأجل وحمايتها وإنتاج أوقاف أخرى، مبينا أن هناك أوجه شبه في مجتمعات أخرى، حيث إن المؤسسات الخيرية جزء من الثقافة الوطنية، موضحا أن أشهر الأمثلة على هذه المؤسسات الخيرية عي مؤسسة بيل غيتس وزوجته الخيرية ومشروع أوقاف جامعة هارفارد.

وقال: «بيل غيتس وزوجته أسسا مؤسسة خيرية يبلغ حجمها 33.5 مليار دولار وقد تبرع لها رجل الأعمال المشهور وارين بافي بمعظم ثروته دعما لهذه المؤسسة، حيث قدمت مؤسسة غيتس حتى 2011، أكثر من 29 مليار دولار لتغذية الأطفال وبناء المساكن للفقراء، وتمويل البحوث لمكافحة الأمراض المستعصية».

ويعتقد ساندويك، غيتس يوفر نحو 3 مليارات دولار في العام للجمعيات الخيرية، مبينا أن حجم «أوقاف جامعة هارفارد» بلغ نحو 32 مليار دولار في نهاية العام المالي الماضي، بينما بلغ متوسط الربح السنوي لأوقاف الجامعة نحو 12.9 في المائة خلال الـعشرين السنة الماضية، في الوقت الذي تقدم الأوقاف، ما نسبته 33 في المائة من الميزانية السنوية للجامعة، وتقدم أيضا منحا دراسية، لأكثر من 60 في المائة من طلاب هارفارد.

وزاد: «ما هو مثير للاهتمام حول هذه المؤسسات والأوقاف، أنهم ما يعادل الأوقاف، تماما مثل وقف أنشئت لتوفير التمويل الدائم للأعمال الخيرية، حيث يمكن للمرء أن يتصور أن بيل غيتس ووارين بوفي من المستثمرين ذوي الخبرة. ويمكن أن يتصور المرء أيضا أن هؤلاء الرجال لديهم المال دفع تكاليف إدارة الأصول الأكثر تقدما في العالم، وغني عن القول فإن جامعة هارفارد، تعتبر أحد المصادر الرئيسية للمعارف النظرية والتمويل والاستثمار».

غير أنه برأي سنادويك، هناك الكثير من الناس الذين، يحتجون ضد مهارات وخبرات غيتس، بافي وهارفارد عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات، ذلك أنه ينبغي أن النظر إلى كيفية استثمار غيتس، بافي وهارفارد أصولهم كأوقاف. قد يكون هناك معلومات مفيدة للمديرين والمسؤولين عن الأوقاف في المملكة العربية السعودية.

وقال: «ما نعرفه أن تستثمر هذه المؤسسات الكبيرة وفقا لنظرية الحافظات الحديثة، وهي الأساس للاستثمار المحترف في جميع أنحاء العالم وتقول النظرية يجب تنويع الاستثمارات كافة، وألا تتركز في فئات أو أصول واحدة، حيث تشدد النظرية بضرورة تنويع الاستثمارات كافة، وألا تتركز في فئات أو أصول واحدة».

يشار إلى أن استثمارات مؤسسة غيتس، تمت إدارتها على أساس 1 في المائة أوراقا نقدية وودائع آجلة، و36 في المائة عبارة عن الدخل الثابت أي السندات، و58 في المائة عبارة عن أسهم، و5 في المائة عبارة الاستثمارات البديلة، العقارات صفر في المائة، مع ملاحظة أن مؤسسة غيتس لا تستثمر في العقارات وأن صانعي القرار في المؤسسة، أقاموا أبحاثا واستنتجوا أن العقارات، ليست الأصول المناسبة للمؤسسات الخيرية.

أما جامعة هافارد، جعلت الاستثمارات هبات، دون تحديد أي نسبة للأوراق النقدية والودائع الآجلة، مع تحديد 13 في المائة كدخل ثابت أي سندات، و36 في المائة عبارة عن أسهم، و42 في المائة عبارة عن الاستثمارات البديلة، فيما يخصص 9 في المائة للعقارات.

وهنا لاحظ ساندويك، أن «أوقاف جامعة هارفارد» تقدر بـ9 في المائة، من إجمالي الاستثمارات في العقارات، في حين أن 91 في المائة من الاستثمارات في أسواق رأس المال العالمية، موضحا أن هناك فرقا كبيرا بينها وبين الأوقاف السعودية، حيث تستثمر الأخيرة تقريبا 100 في المائة في منها العقارات، لافتا إلى أنه مختلف جدا عن الاستثمارات، التي قدمتها مؤسسة غيتس وأوقاف جامعة هارفارد.

وخلص الخبير الدولي إلى ضرورة الوقوف عند تجربة الأوقاف في البلاد الغربية، والتجارب الغربية الشخصية، في إشارة إلى تجربة بيل غيتس، مبينا أن المفهوم يتلخص في التوقف عن ملكية الفرد لشيء وإعطائها إلى الأبد لجهات خيرية، موضحا أن الوقف هو عقد، ومثل جميع العقود، يستلزم الاحترام، مشيرا إلى أنه يتم إنشاء هذه الأوقاف، للتأكد من حصول الفقراء والمحتاجين، على فوائد الأرباح على الأصول، التي قدمت لهذه العقود بشكل دائم.