نائب رئيس بنك غايتهاوس لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا تصدير المصرفية الإسلامية لأوروبا وأميركا

خالد البعيجان: زاد حجم أصوله المدارة إلى مليار دولار في كل من أميركا وبريطانيا

جانب من بنك غايتهاوس في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

أبدت بريطانيا غير رصيفاتها الأوروبية، مرونة كبيرة في تعاطيها مع صناعة المصرفية الإسلامية، حيث عمدت على توفر بيئة خصبة للاستثمار والتعامل الإسلامي من خلال اهتمامها بالقوانين الإسلامية، وتوفير الكثير من التمويلات على الفكر الإسلامي وغيرها للكثير من البنوك العاملة في هذا المجال.

وفي هذا السياق، قال خالد وليد البعيجان، نائب رئيس مساعد في إدارة الثروات في بنك غايتهاوس البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: «إن البيئة القانونية لبريطانيا من أهم الركائز التي انطلق منها بنك غايتهاوس، حيث حقق نجاحات كبيرة، إذ استطاع خلال الأربعة والخمسة أعوام الأخيرة أن يزيد من حجم الأصول المدارة إلى مليار دولار في أعماله في كل من أميركا وبريطانيا».

وأضاف أن بنك غايتهاوس يقدم خدماته للراغبين في الاستثمار الإسلامي في أكثر من شق، أبرزها إدارة وحفظ الثروات، والاستثمارات العقارية والاستثمار في أنشطة الخزانة، كما أنه حدد أهدافا معينة أولها تصدير المصرفية الإسلامية للمملكة المتحدة وبلاد أوروبا الأخرى وغيرها من بلاد العالم والغرب بشكل عام.

وعلى الرغم من أن بنك غايتهاوس تزامنت فترة تأسيسه برأسمال يبلغ 907.5 مليون ريال (242 مليون دولار)، مع حلول الأزمة المالية، فإنه بدأ يتغلب على انعكاساتها ويحقق أرباحا مجزية، وبرز ذلك جليا في العام الماضي والنصف الأول من هذا العام، حيث بلغت 36.3 مليون ريال (9.6 مليون دولار).

* في بداية هذا اللقاء ليتك تحدثنا عن بنك غايتهاوس من حيث التأسيس والأهداف ورأس المال الذي يعمل به؟

- بنك غايتهاوس هو بنك إسلامي تم تأسيسه في 2008 برخصة من البنك المركزي البريطاني وهيئة أسواق المال البريطانية ليخدم عملاءه الذين لديهم شهية ورغبة في الاستثمار الإسلامي في أكثر من شق، وأبرزها إدارة وحفظ الثروات، والاستثمارات العقارية والاستثمار في أنشطة الخزانة، ومنذ ذلك الوقت حدد بنك غايتهاوس أهدافا معينة أولها تصدير المصرفية الإسلامية للمملكة المتحدة وبلاد أوروبا الأخرى وغيرها من بلاد العالم والغرب بشكل عام، أما رأسمال البنك فهو يبلغ 907.5 مليون ريال (242 مليون دولار).

* ولماذا بريطانيا تحديدا وهل استطاع أن يحقق من خلالها نجاحات واضحة وإلى أي حد تأثر بالأزمة المالية العالمية؟

- طبعا، بريطانيا توفر بيئة خصبة للاستثمار والتعامل الإسلامي، كما أن البريطانيين متعاونون جدا في التعاطي مع القوانين الإسلامية، حيث توفر الكثير من البنوك تمويلات على الفكر الإسلامي وغيرها، أما النجاحات التي حققها البنك، يمكن إجمالها في أنه استطاع خلال الأربعة والخمسة أعوام الأخيرة أن يزيد من حجم الأصول المدارة إلى مليار دولار في أعماله في كل من أميركا وبريطانيا، كما أنه يخدم عملاءه في السعودية والكويت بجانب عملائه المؤسساتيين في بريطانيا وفي سويسرا وفي ماليزيا وفي غيرها من بلاد العالم الأخرى، سواء كان ذلك في منطقة الخليج العربي أو الشرق الأوسط، أما بخصوص انعكاسات الأزمة المالية العالمية عليه كانت واضحة في بداياته لأنها تزامنت مع فترة تأسيسه، ولكن بعد حين من حلول الأزمة المالية بدأ البنك يتغلب على انعكاساتها ويحقق أرباحا مجزية وبرز ذلك جليا في العام الماضي والنصف الأول من هذا العام، حيث بلغت 36.3 مليون ريال (9.6 مليون دولار).

* كيف تغلب بنك غايتهاوس على المتغيرات الاقتصادية التي أفرزتها أزمة ديون منطقة اليورو بجانب الأزمة المالية؟

- طبعا، نحن ما زلنا نتعافى من الأزمة المالية التي حدثت في 2008 و2009 والتي أثرت في قطاع الصيرفة العالمي والإسلامي وغيره، ولكن بنك غايتهاوس يركز على برنامج حماية نفسه من المخاطر، بمعنى أنه يركز على حفظ الثروات للمستثمرين، وذلك من خلال التجزئة وبتوزيع المخاطر على أصول مختلفة وبوجود أصول ثابتة لمستأجرين ذوي ملاءة مالية عالية وغير متعرضين للأزمات المالية، فعلى سبيل المثال نستثمر في أصول يحتاج لها الإنسان بحيث لا نعرض المستثمرين لدينا لضغط اقتصادي.

* ما أبرز منتجات بنك غايتهاوس الإسلامية وهل لديه هيئة شرعية وما هي التحديات التي تواجهه فيما يتعلق بالتشريعات؟

- يركز بنك غايتهاوس على منتجات الخزانة والتي تعني الوديعة وتوفير الخدمات المالية من ناحية تحويل العملات، غير أن التركيز الرئيسي للبنك هو الاستثمار في العقار في كل من بريطانيا وأميركا، ذلك لأن العقارات مدرة للدخل للمستثمرين بشكل شهري، بجانب أنه يدر عائدا مغريا يناسب حوائجهم الاستثمارية، أما من الناحية الشرعية، فللبنك هيئة شرعية ولديه إدارة شريعة داخل البنك والتي تقوم بمراقبة نشاط البنك اليومي وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، كما أن الهيئة الشرعية تصدق أو ترفض أو تبدي ملاحظتها على أي من قرارات البنك قبل اتخاذها، لمعرفة الموقف الشرعي منها، فلأن لم يكن شرعيا لا يستطيع أن يتعامل معه بالأساس، وأما من ناحية البيئة التشريعية البريطانية للتعامل مع النشاط الإسلامي، فإن لندن وبريطانيا عموما لديهما مرونة في استقطاب الاستثمار الإسلامي ومشجعة جدا على مستوى هيئة أسواق المال والبنك المركزي والحكومة البريطانية، والتي تشجع دائما المستثمرين الذين يتعاملون بأحكام الشريعة الإسلامية على استقطابهم، ولذلك قدمت تسهيلات من ناحية بساطة إنشاء البنوك الإسلامية وتوفير عقود بشكل إسلامي تمكن البنوك من التعامل في مجالات التمويل والاستثمار بشكل قانوني وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

* ما التحديات التي تواجه صناعة المصرفية الإسلامية ومنتجاتها في بريطانيا وغيرها من البلاد الغربية؟

- طبعا، لا شك أن المصرفية الإسلامية بشكل عام، لا تزال في طور النشأة رغم أن حجمها حاليا تجاوز التريليون دولار في العالم، حيث إن هناك الكثير من المنتجات والأدوات الاستثمارية والتمويلية والمصرفية، والتي لم يطرق بابها التمويل الإسلامي أو الصيرفة المتطابقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بشكل دقيق، فعلى سبيل المثال نسمع أن هناك ما يسمى «هاجفندس» أي صندوق يستثمر في أكثر من أداة استثمارية كالأسهم والعقارات والسندات والصكوك وغيرها، ولكن لا نراهم تحت مظلة «هاجفندس» إسلامي حقيقي وطبعا هذا يعود لأكثر من جانب، فأما الجانب الأول هو الجانب القانوني، خاصة أن العالم أصبح أصغر من غرفة صغيرة، ومع أن بريطانيا مستقطبة للاستثمار الإسلامي ولكنها بشكل عام لا تزال تعاني من تحديات في بريطانيا وغيرها من دول أوروبية أخرى، بالإضافة إلى أميركا ذلك لأن أغلب الاستثمارات الإسلامية تكون في العادة داخل القطاع العقاري، غير أنني متفائل بأن هذه التحديات سوف تزول مع الوقت ونمو البنوك ونمو الاستثمارات، في ظل استعداد المستثمرين للتطلع لرؤية ودراسة الاستثمارات الإسلامية، خاصة أننا نجد ابتكارات جديدة يوما بعد يوم في مجال الصيرفة الإسلامية.

* أليس من تحديات أخرى وما هو التحدي الرئيسي من بينها؟

- نعم، هناك تحديات أخرى تبرز في ضعف المهنية والاحترافية والتدريب لدى بعض المستثمرين الإسلاميين، إذ لا يزالون في حاجة لمزيد من التعلم والتدريب في أدوات الاستثمار الإسلامي وأغلبها تعود لطريقة تعامل البعض معها من خلال التجزئة، غير أنني أعتقد أن التحدي الرئيسي والأكبر الذي يواجه الصيرفة والاستثمار الإسلامي في منطقة الخليج والعالم، هو عدم وجود سياسة بنك مركزي إسلامي شامل، مع أننا نرى محاولات شبيهة في ماليزيا وإن كانت ناجحة، ولكن تظل هناك حاجة ماسة لدعم دولي بالأخص في منطقة الشرق الأوسط، لتهيئة البيئة المصرفية واستعدادها لدعم الصيرفة الإسلامية بإنشاء بنوك مركزية إسلامية أو إعطاء البنوك المركزية القائمة أهمية للمصرفية الإسلامية أكثر مما هو عليه.

* وبرأيك ماذا ستوفر سياسة البنك المركزي الإسلامي التي ينشدها؟

- يمكن للبنك المركزي الإسلامي أن يوفر للبنوك الإسلامية، حلولا لها للتعامل بأدوات إسلامية، كمنح القروض على أساس منهجية إسلامية، من خلال التشريعات الإسلامية وضوابطها ورقابتها والتدقيق فيها، مع أنني لا أعرف كيف يمكن تأسيس بنك مركزي إسلامي دولي، غير أنني أعتقد أن هناك تقدما كبيرا فيما يتعلق بما تقدمه الحكومات والدول لتهيئة البيئة القانونية، والذي يمثل التحدي الرئيسي لأن أحكام الشريعة الإسلامية لها تفاصيلها بحسابات القانون والعقود وغيرها، وذلك بأن توفر البيئة الخصبة للمستثمرين والمصارف في تأدية أعمالهم بشكل إسلامي.

* (مقاطعا).. أنت طالبت بدعم دولي لإنشاء بنك مركزي إسلامي.. ما شكل الدعم الذي تطالب به؟

- لا، ليست مطالبة، وإنما هناك حاجة لمساعدة دولية، وكل ما وددت قوله إن الدول والحكومات، بدأت تتعامل مع المصرفية الإسلامية بجدية وتقدم ملحوظ في جميع دول العالم، حيث نلاحظ انتشار واستقطاب للصيرفة الإسلامية، ولكن بحكم نشأتها وحداثتها وبحكم أنها تعتبر شيئا جديدا للكثير من الدول، فلا بد من فسح الفرصة لها كاملة لتطبيقاتها والاعتراف بها دوليا للمساعدة في نشرها وتطوير آلية عمل أنظمتها.

* هل تتوقع أن يكون هناك تعاون استراتيجي بين البنك الدولي أو أي بنك مركزي إسلامي أو حتى بنك غايتهاوس على وجه التحديد بهدف تسويق وتشارك المنتجات الإسلامية؟

- طبعا، أنا أعتبر أن بنك التنمية الإسلامي هو البنك الرائد في هذا المجال والذي يقوم مقام سفير المصرفية الإسلامية في العالم، ولذلك هو أنسب من يحضر لنقاشات ومطالبات على أعلى مستويات البنك الدولي وقادة الاقتصاد العالميين بخصوص تطوير الصيرفة الإسلامية وإنشاء بنك مركزي إسلامي عالمي.

* ما تقييمك لتجربة بنك غايتهاوس في صناعة وإصدار الصكوك الإسلامية؟

- بالطبع، فإن سوق الصكوك أو السندات الإسلامية، سوق مهمة جدا لسوق الصيرفة والاستثمار الإسلامي بشكل عام، ولذلك يسعى بنك غايتهاوس إلى أن يكون رائدا في صناعة وتصدير الصكوك للشركات البريطانية، ومع أن المناخ والبيئة القانونية لا تزال بعيدة عن هذه الخدمة بالشكل المطلوب، إلا أن البنك، له نشاطات في الصكوك الإسلامية في منطقة الخليج العربي وفي شرق آسيا ولا يزال على أمل الاستمرار في هذا النشاط.

* ما خطة بنك غايتهاوس الاستراتيجية للمستقبل؟

- وضع بنك غايتهاوس خطة استراتيجية محكمة، ساعدته في اجتياز الأزمة المالية بامتياز، بل عبرت به نحو المرحلة التي تلتها بأرباح جيدة ومستمرة لنفسه ولعملائه ولشركائه الاستراتيجيين، وحاليا البنك بصدد التوسع بقوة في مجال الاستثمارات في بريطانيا وفي أميركا، وأيضا التوسع من ناحية حماية وحفظ ثروات المستثمرين المؤسساتيين والشركات العائلية والأسر والمستثمرين في مجال الاستثمار الإسلامي.

* بما أنك تدير الاستثمار العقاري في بنك غايتهاوس.. كيف ترى واقع العقار في السعودية وفي الخليج وفي أوروبا؟

- يلاحظ أن الحكومات والمستثمرين استثمروا في مجال العقار في منطقة الخليج في العقد الماضي، بشكل هائل في مجال البنى التحتية، وساعد على ذلك زيادة نسبة النمو في التعداد السكاني، كما أنهم مستمرون في الاستثمار فيه في المستقبل القريب على نحو مماثل، والذي يساعد فيه بالطبع الاستقطاب الخارجي لمواطنيهم الذين يعيشون في الخارج، للمشاركة في خدمة كل هذه المتطلبات، كما يلاحظ أيضا أن الطلب والعرض هما اللذان يتحكمان في حركة العقار، حيث إن الطلب أكثر من العرض الموجود في السوق من ناحية الحاجة لمزيد من بنايات المكاتب والمساكن وغيرها، ولذلك دائما نجد مشاريع جديدة بالأخص في السعودية والتي تعتبر رائدة في مجال الاستثمار العقاري بحكم احتياجها ومتطلباتها الهائلة المستمرة، لتتماشى مع خطط التنمية الاقتصادية الهائلة، والتي تحتاج لأن تحتوي كل هذه الخطط والاستثمارات الرهيبة بشكل معاكس أو مواز، أما الاستثمار في العقار في بريطانيا ليس كمثيلاته في البلاد الأوروبية الأخرى مع أنها جزء من أوروبا، وذلك لأن النمط الاقتصادي والعقاري في بريطانيا، يختلف عن مثيلاته في أوروبا، بحكم خصوصية استثماراتها والتي تنبع من كونها جزيرة صغيرة في أوروبا، بمعنى أن الأراضي فيها قليلة لو لم تكن نادرة، الأمر الذي يزيد الطلب عليها في ظل ندرة المعروض منها، كما أنها بحكم لغتها العالمية وأهميتها الجغرافية وبيئتها السياسية والقانونية فإنها تستقطب كل الشركات والسياح والمشغلين في العالم بسبب اهتمام وانشغال البريطانيين بشكل عام بمجالات كثيرة وفرص متنوعة، مما أدى إلى وفرة في فرصها الاستثمارية المتنوعة، وعموما فإن أوروبا لا تزال تتعافى من الأزمة الاقتصادية الأوروبية لأسباب تذبذب استقرار العملة الأوروبية، بجانب مشكلة السندات، غير أن الوقت كفيل بأن يعطي إيضاحا أكثر فيما يتعلق بذلك.

* حدثنا عن شراكة بنك غايتهاوس مع شركة «سدرة» المالية؟

- إننا في بنك غايتهاوس وشركة «سدرة» المالية كحلفاء استراتيجيين، قررنا إنشاء صندوق يستثمر في قطاع العقار البريطاني، وهو صندوق مرخص من قبل هيئة السوق المالية السعودية وهيئة الخدمات المالية في جيرزي، حيث تقوم استراتيجيته الصندوق على تقديم عائد ثابت طوال مدة الصندوق مع حماية نسبية لرأس المال، ويستفيد المستثمر من نمو متوقع متواضع لرأس المال يتناسب مع نسبة ويهدف الصندوق إلى استثمار ما مجموعة 100 مليون جنيه إسترليني من حقوق مساهمين أي ما يعادل 600 مليون ريال تقريبا، حيث قام حتى الآن بالاستحواذ على ثلاثة عقارات كبيرة مؤجرة لشركات عالمية كبيرة بعضها أميركية وبعضها أوروبية توجد في بريطانيا، ويوزع الصندوق للمستثمرين حاليا من إيجارات العقارات المستحوذة نحو 7 في المائة سنويا، بالإضافة إلى نمو متوقع لرأس المال بنسبة عائد سنوي مركب بقيمة 10 في المائة عند التخارج.

* ماذا يميز هذه الشراكة؟

- تتميز هذه الشراكة بأنها لا تقوم فقط على تأسيس صناديق استثمارية عقارية فقط كتلك الموجودة في السعودية، بقدر ما هي تعنى بجلب الخبرة البريطانية للسوق السعودية، حيث تتعلق الخطوة التالية بإنشاء صندوق مماثل في السعودية للشركات السعودية، ذلك أن الهدف منها استراتيجي أكثر من كونه صندوقا للتمويل والاستثمار فقط، كما أن هذه الشراكة تلامس حاجة السوق السعودية والخليجية عامة، وتتواكب مع متغيرات المرحلة الاقتصادية، خاصة أن بنك غايتهاوس ينظر دائما إلى هذه السوق باعتبارها السوق الأولى للبنك في المنطقة بحكم أنها السوق الإسلامية الرائدة في العالم، علما بأن علاقة البنك مع السعودية وطيدة واستراتيجية ومهمة.