جون ساندويك: معالجة الفاقد في الاستثمار الإسلامي مرهون بدمج المهنية الدولية بالقوانين الإسلامية

قال إن حجم الأصول المدارة عالميا يبلغ 80 تريليون دولار منها 3 تريليونات دولار إسلامية الأصل

جون ساندويك رئيس شركة «إدارة الثروات الإسلامية في جنيف» والمدير عام لشركة «صفا لخدمات الاستثمار» («الشرق الأوسط»)
TT

لفت خبير دولي في مجال المصرفية الإسلامية وإدارة الثروات الإسلامية، إلى أن الفاقد في استثمار أصول إسلامية يبلغ حجمها 3 تريليونات دولار يكاد يقترب من المبلغ نفسه، بسبب غياب المهنية والاحترافية في إدارتها على النحو الذي تدار به أصول العالم الأخرى، مشيرا إلى أن حجم الأصول التي تدار فنيا في جميع أنحاء العالم حتى الآن، يبلغ حجمها نحو 80 تريليون دولار.

وقال جون ساندويك رئيس شركة «إدارة الثروات الإسلامية» في جنيف والمدير عام لشركة «صفا لخدمات الاستثمار» لـ«الشرق الأوسط»: «اللافت في الأمر أن الـ3 تريليونات من الدولارات والتي هي ضمن الثروات الإسلامية، لا شيء منها تقريبا مستثمر بما يوافق الشريعة الإسلامية؛ حيث استثمار الكثير منها يدخل في استثمارات دارت في فلك وواقع الأزمة المالية العالمية».

وقال، «ما تحتاج إليه الصناعة المصرفية الإسلامية هي خدمة مهنية، مستقلة ومنضبطة، وإزالة الآثار السلبية لتوزيع الأصول بشكل عشوائي. إن الاستثمار حسب الشريعة يعني الامتثال الأخلاقي للقوانين العادلة، الذي يعد قيمة في كل الأديان»، مشيرا إلى أنه مثل كل الأنشطة المهنية، يحكم ممارسة إدارة الأصول نظريات أساسية، أبرزها نظرية المحفظة الحديثة التي نالت كثيرا من جوائز نوبل.

وتابع ساندويك: «لم تكن يوما قوة مدخرات المسلمين مستخدمة على نحو مناسب على المستوى العالمي لإعطاء أقصى فائدة لأصحابها والمستفيدين منها، لذلك سوف نركز على الأوقاف الإسلامية والتكافل على وجه الخصوص؛ لأن هذا النوع من المدخرات في أمس الحاجة إلى الاحترافية والاستفادة من نظرية المحفظة الحديثة والتي تظهر بشكل قاطع أن تركيز الأصول في فئة واحدة هو مثل وضع كل البيض في سلة واحدة. الجميع مدرك الآن لتلك المخاطر، وهنا تأتي صفا لمساعدة المستثمرين على فهمها وتفاديها».

وجدد الخبير الدولي رغبته الأكيدة في المساهمة في إدخال عنصر الاحترافية والمهنية في إدارة الأوقاف في منطقة الخليج بما في ذلك السعودية، وذلك مع الاستعانة بعدد من المتخصصين الرائدين في مجال الخدمات المصرفية والمالية في السعودية.

وقال، إن «المنطقة الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص تتمتع بحجم كبير من الأصول الوقفية والتي تقدر بمليارات الدولارات، الأمر الذي فتح شهيتنا في الإسهام في إدارة بعضها بشكل يليق بحجمها وأهميتها».

وأضاف أن الاستراتيجية التي تقوم عليها شركته تتجه نحو التوسع في خدمات وإدارة الأصول ذات السيولة السريعة على مستوى العالم، مضيفا: «مناخ الاستثمار في السوق السعودية مشجع»، متوقعا أن يحقق نسبة نمو متزايدة خلال الشهور المقبلة.

ونوه إلى أنه استفاد من سياسة دمج الممارسات المتقدمة لإدارة الأصول بشكل متوافق مع أحكام الشريعة، في إكساب المهنية والحرفية في إدارة الأصول والأوقاف التي تلقاها في بيئات ومصارف عالمية، شيئا من القوة والمنعة والتي يعول عليها في تطوير نوع الخدمة التي تسمح للمسلمين المستثمرين بالاستفادة من الاستثمارات العالمية من دون التضحية بمعتقدات الإسلام الحنيف.

وزاد ساندويك أن الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، تعني تجميع الأصول المنتجة التي تفيد المجتمع والاقتصاد، مبينا أن هذا يعني تجنب تلك التي تضر في نهاية المطاف في الاقتصاد العالمي، إضافة إلى اكتشافنا أن أرباح الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية متفوقة مقارنة بتلك التقليدية.

وأوضح أن هناك تجارب لا يصفها بالفاشلة، قامت بها بعض الشركات المالية، التي تحاول تقديم خدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، غير أنه يرى أن بها بعض التشويش في منتجاتها الإسلامية وعليها خلاف، فضلا عن فقدان الرؤية الاحترافية لإدارتها، متوقعا أن تتعالج مثل هذه المسائل لتساهم في ازدهار وضعها مستقبلا.

ويعتقد أن كثيرا من البنوك والشركات الاستثمارية، تنتج وتبيع منتجاتها الاستثمارية الموافقة للشريعة الإسلامية، ومع ذلك في رأيه حتى اليوم لم توجد إدارة أصول إسلامية تشتري «أفضل فئة» من الأصول في كل الفئات بشكل مستقل وحكيم وتتبع «مبدأ الرجل الحكيم».

وأوضح أن إدارة الأصول هي ممارسة مهنية راسخة، تنطوي على تقييم احتياجات العملاء بعناية، والاستثمار بطريقة تعزز استثمارات العميل وتحمي مصالحه، مبينا أن المعني بالزبائن هم الأفراد، الأسر، صناديق التقاعد، الجمعيات الخيرية، الأوقاف، خزائن الشركات، شركات التأمين وغيرها من الكيانات التي تحتاج إلى الادخار على المدى الطويل.

ونوه إلى أن إدارة الأصول تقدم من قبل البنك أو المؤسسات المالية وتنظم من قبل الوكالات الحكومية، مبينا أنه عادة ما تعمد البنوك العالمية الكبيرة بخلق كيان منفصل مخصص فقط لإدارة الأصول، «على سبيل المثال جي بي مورجان بنك لديه فرع جي بي مورغان لإدارة الأصول».

وقال: «المفهوم الرئيسي في إدارة الأصول هو (مبدأ الرجل الحكيم)؛ حيث لا يسمح لمدير الأصول بالاستثمار في استثمارات لن يقوم بها لنفسه. هذا يعني أن المدير الذي أعطي التفويض بالاستثمار نيابة عن العميل لا يمكنه القيام باستثمارات من شأنها أن تضر بمصلحة العميل. المنظمون الحكوميون يرعون هذا المبدأ في كل مكان.

ووفق ساندويك، يعمل مديرو الأصول نيابة عن العملاء كليا. ونتيجة لذلك، يجب على إدارة الأصول شراء أصول العملاء التي تمثل «أفضل فئة» في كل فئات الأصول. لا يسمح لمدير أصول بيع منتجات خاصة به إلى العميل إلا إذا كان على استعداد لإثبات أن هذه المنتجات هي «أفضل» في كل حالة من الحالات. الاستقلالية في اختيار الأصول الأكثر ملاءمة لحسابات العملاء شرط أساسي في صناعة إدارة الأصول.