دراسة مصرفية: تطوير آليه إدارة الائتمان بشكل جذري لم يعد موضوعا يحتمل التأجيل

بعد أن ارتفع حجم التسليف إلى مستويات جديدة عالية

TT

أوضحت دراسة مصرفية صادرة حديثا أن تطوير تكنيك إدارة الائتمان تطويرا جذريا لم يعد موضوعا يحتمل التأجيل، بعد أن ارتفع حجم التسليف إلى مستويات جديدة عالية، بيد أنه لا غنى عن الإشارة إلى أن التحليل الائتماني لا يعطي فوائده ما لم يستند إلى أرقام حقيقية تمثل واقع حال المؤسسات تمثيلا صادقا.

ولفتت الدراسة إلى أن بعض الميزانيات المقدمة للبنوك تخلو أحيانا من البيانات اللازمة، وأن بعضها الآخر لا يوقع من مدققي الحسابات، وأنه ليس ثمة تشريع يضع قواعد مهنة هؤلاء المدققين ويوفر ثقة أكبر في صحة البيانات المالية التي يوقعونها.

ونوهت الدراسة التي أعدها الباحث الصادق إدريس، وجاءت تحت عنوان «أهمية التحليل الائتماني في تلافي الخسائر»، بأن هذا الواقع أفرز وضعا ينطوي على العديد من الخسائر التي تترتب على القروض القائمة عليها، مصنفة هذه الخسائر إلى نوعين، النوع الأول منهما الخسائر الناتجة عن تسهيلات منحت بعد إجراء تحقيقات وتحاليل ائتمانية وافية. وفي هذا الصدد، لفتت الدراسة إلى أنه في حالة تكون هناك خسائر عادية، تمثل المخاطر الاعتيادية للأعمال المصرفية التجارية، وفي حالة تنشأ عن اتصال للمصرف غير وثيق بزبونه، ففي هذه الحالة تجعله بمنأى عن معرفة ظروف الأسواق التي تنعكس على تجارة ذاك الزبون، مشيرة إلى أنها قد تنشأ عن توقعات للمصرف غير صائبة عن حال زبونه وتطوره عبر عدد من المراحل.

أما النوع الثاني من الخسائر، وفق الباحث إدريس، فهي التي تكون ناتجة عن تسهيلات، منحت بناء على تحقيقات وتحاليل ائتمانية ناقصة، منوهة بأنها تكون غالبا كبيرة، مبينة أنها في مثل هذه الحالات غالبا ما تكون قد نشأت عن عدة أسباب، منها الجهل بكون البنوك الأخرى أوثقت تسهيلاتها بضمانات، أو أن الرأسمال العامل لا يكفي لسداد أوراق الدفع والذمم الدائنة، أو أن الذمم المدينة تتضمن مبالغ هالكة ذات شأن، وما إلى ذلك من أسباب شبيهة.

ووفق الدراسة فإنه في مثل هذه الحالة تكمن الوسيلة المناسبة والوحيدة لتجنب مثل هذه الخسائر في طريقة ومهنية وحرفية تدريب المعتمدين على الاستعلامات بشأن المخاطر الائتمانية، بالإضافة إلى التحاليل الخاصة بها أيضا. ولفتت الدراسة إلى أن هناك نوعا من الخسائر، التي تكون ناتجة عن قروض يمنحها المسؤولون الكبار في البنوك لخاصتهم، ولمؤسسات لهم فيها مصلحة خاصة قريبة أو بعيدة، أو لمؤسسات تابعة للبنوك نفسها، منوهة بأن هذه الخسائر غالبا ما تكون كبيرة، ما لم تجر دراسة طلب القرض دراسة دقيقة جدا، مشيرة إلى أن المسؤولين في مثل هذه الحالات ينساقون بسهولة إلى مخاطر كبيرة في القروض المقدمة إلى من لهم صلة وثيقة بالمصرف.

وقال إدريس «إن طلبات التسهيلات التي ترافقها اعتبارات اجتماعية أو شخصية، أو تكون غير مقتصرة على اعتبارات الأعمال التجارية وحدها، تتطلب أكبر قدر من الدراسة، من خلال تحليل حسابي للمتاجرة والأرباح والخسائر، ودراسة حجم النشاط، مع حساب المبيعات إلى صافي الأصول، حيث تحسب هذه النسبة بقسمة المبيعات الصافية، بعد طرح المرتجعات، على صافي الأصول في نهاية العام». وأضاف أن المبيعات قد تكون أحيانا كبيرة جدا بالنسبة إلى صافي الأصول، مما ينتج عنه اضطرار المؤسسة إلى الاعتماد على أموال الدائنين بنسبة مرتفعة لتمويل حجم المبيعات الزائد، وبالتالي ترتفع ديونها ويصبح أحيانا من الصعب عليها أن تواجه الالتزامات في استحقاقاتها، مبينا أن هذا السلوك يسمى توسعا يقاس مدى التوسع، بمقارنة هذه النسبة بمثيلاتها في مؤسسات ناجحة تعمل في الحقل نفسه.

وفي المقابل لا ترى هناك أي مدلول في حالة حاسب مقارنة، المبيعات إلى الموجودات الثابتة، إلا بمقارنتها مع نسب شركات أخرى تعمل في الحقل نفسه، وذلك لمعرفة ما إذا كانت الموجودات الثابتة تزيد عن حاجات المؤسسة أم لا، أو ما إذا كانت المبيعات أقل مما يجب.

وأما إذا كانت نسبة المبيعات إلى الرأسمال العامل منخفضة جدا، وفق الباحث، فمعنى ذلك أن المؤسسة لا تستعمل رأسمالها العامل بفعالية كافية لإنتاج الدخل، في حين أنه إذا كانت النسبة مرتفعة كثيرا، بما يعني أن المؤسسة متوسعة في العمل على التوسع، وأنها تتكل اتكالا زائدا على الاستدانة، فإن هذه النسبة تختلف بحسب نوعية الأعمال، مشيرة إلى أنها تتراوح عادة بين 4 و6 في المائة في غالبية الأعمال.

وهناك حسابات أخرى مهمة في هذه الحالة الحالة، منها معرفة تكلفة المشتريات والمواد الأولية، بجانب معرفة أجور المستخدمين والعمال ومقارنتها مع مجموع كلفة المواد الأولية، مع أهمية معرفة كل بند من بنود مصاريف التصنيع، ويمكن أن يقاس إلى مجموع مصاريف التصنيع، وإلى أجور التصنيع، وإلى مجموع الكلفة العام، مع أهمية دراسة نسبة أجور اليد العاملة ومصاريف التوزيع والدعاية والمصاريف الأخرى على أساس مئوي أو نسبي آخر.

واعتبر الباحث أن المقدرة على الربح أمر في غاية الأهمية من خلال حساب الأرباح الصافية إلى صافي الأصول، أو من خلال حساب الأرباح الصافية إلى المبيعات، من خلال حساب الأرباح الصافية إلى الرأسمال العامل، أو حساب الأرباح الصافية إلى المطلوبات غير المتداولة، مشيرا إلى أن الديون الطويلة الأمد تسدد مبدئيا من أرباح المؤسسة، لذلك لا بد أن تكون هذه الأرباح كافية لمواجهة الأقساط التي تستحق من أصل القرض الطويل الأمد مع فوائده.

ويعتقد الباحث أنه في حالة حساب نسبة الأرباح المعدة للتوزيع أو المسحوبات الشخصية إلى الأرباح الصافية، فإن الأرباح لا يجوز أن تعادل الأرباح الصافية أو تزيد عنها. وأوضح أن هناك ما يعرف بالتحليل المقارن، مبينا أن هناك صنفين منه، الأول يعرف بالتحليل بالمقارنة الداخلية، ويكون بمقارنة ميزانية مؤسسة لعام معين مع ميزانيتها لعام سابق أو ميزانياتها لأعوام سابقة، وكذلك يكون الأمر بصدد حسابات الأرباح والخسائر ونسب التحليل، إذ تقارن بمثيلاتها للعام السابق أو الأعوام السابقة.

والصنف الثاني، وفق الباحث، هو التحليل بالمقارنة الخارجية، ويكون بمقارنة ميزانية مؤسسة ما ونتائجها ونسبها المالية مع ميزانيات ونتائج ونسب مؤسسات أخرى تتعاطى النشاطات نفسها. ومن موجبات التحليل بالمقارنة الداخلية أن تكشف الميزانية عن الأوضاع المالية لمؤسسة ما، كما هي تلك الأوضاع بنهاية يوم معين، ولا تمثل أوضاع المؤسسة إلا كما هي في نهاية ذلك اليوم وحده، مبينا أن حسابات الأرباح والخسائر تمثل نتائج المؤسسة خلال مدة مالية معينة، ولا تكشف عن نتائج مدد مالية سابقة أو لاحقة.

ووفق الباحث فإنه في سبيل التحقق من أوضاع المؤسسة ونتائج أعمالها واتخاذ موقف إزاءها، لا بد من إجراء دراسة تجاه تلك الأوضاع والنتائج خلال عدة أعوام. ويعتقد أن التحليل بالمقارنة الداخلية من الأهمية بمكان، مبينا أنه يتم من خلال عدة طرق، منها طريقة الزيادة والنقص التي تهتم باستخراج الفرق الملحوظ في بند من بنود الميزانية، زيادة كان أو نقصا، بين عام وآخر، وكذا بصدد حسابات الأرباح والخسائر ونسب التحليل المالي.

وثمة طريقة أخرى كطريقة نسب الاتجاه المئوية، وهذه تتم باعتبار أرقام كل بند من بنود الميزانية في عام معين، حيث يعتبر العام الأساسي يشكل نسبة مئوية قدرها 100 في المائة، ويتم حساب أرقام الأعوام الأخرى بالقياس إليه وعلى أساس مئوي.

ولكن على الرغم من ذلك أورد الباحث تحفظات بشأن طرق التحليل بالمقارنة الداخلية من حيث فوائد المقارنة الداخلية، مبينا أنها يؤخذ عليها أنها لا تكشف عن نوعية الموجودات، وإنما عن اتجاهها فقط، بالإضافة إلى أنها تعطي صورة عن الاتجاه غير دقيقة، فيما إذا كانت أرقام بند من البنود لعام معين صغيرة الحجم لا يصح أخذها أساس للمقارنة. وفي هذا الصدد لم يغفل الباحث أهمية التحليل بالمقارنة الخارجية، مبينا أن الفائدة من التحليل بهذه الطريقة تكمن في معرفة ما إذا كانت مؤسسة ما في أوضاع أفضل من أوضاع مؤسسة مماثلة أو أفضل من المعدلات الوسطية لأوضاع مجموعة المؤسسات المماثلة.

وعددت الدراسة طرق المقارنة الخارجية، مبينا أنها تتم بأكثر من طريقة، منها اتباع أسلوب مقارنة النسب المالية لأوضاع مؤسسة ما بالنسب المالية لمؤسسة مماثلة، أو بمقارنة النسب المالية لتلك المؤسسة بالمعدلات الوسطية للنسب المالية لمجموعة مؤسسات مماثلة، مشيرة إلى أنه يحصل ذلك حيثما تتوافر المعدلات الوسطية. وهذه الطريقة نفسها لم تنج من تحفظات بشأن طرق التحليل بالمقارنة الخارجية، ذلك أن المقارنة قد تكون غير دقيقة من جراء التباين في نوعية العمل، ويمثل ذلك أن بعض المصانع تقوم بدور كامل في تحويل المواد الأولية إلى بضاعة جاهزة، في حين أن مصانع أخرى لا تستخدم لهذا الغرض إلا المواد نصف المصنعة.

كذلك من أسباب التحفظ على طريقة التحليل الخارجية عدم دقة حساب التباين في طبيعة الإنتاج، ومثل ذلك أن يكون هناك مصنع ينتج بضائع ذات جودة عالية، في حين أن مصنعا آخر لا ينتج إلا البضاعة المتوسطة الجودة.

ورصدت الدراسة أيضا بعض أسباب التحفظ الأخرى، ومنها حدوث اختلاف في التقييم والتدقيق بسبب اختلاف مراكز الإنتاج والتوزيع وقربها أو بعدها من مصادر المواد الأولية أو من مراكز التصريف، مشيرة إلى أن سببا آخر من التباين يأتي عن طريق الاختلاف في طرق المحاسبة.