أوباما يؤكد أن أي عمل عسكري في سوريا لن يكون «مثل ليبيا أو كوسوفو»

خاطب شعبه ليؤكد مجددا عدم حسم قرار ضربة للرد على استخدام السلاح الكيماوي

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال خطابه حول سوريا من القاعة الشرقية في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أن بلاده لن تخوض عملا عسكريا مطولا في سوريا، حتى وإن اختار قرارا لإطلاق ضربة عسكرية على سوريا. وفي خطاب استمر 16 دقيقة مساء أمس أوضح: «لن أضع جنودا أميركيين في سوريا. لن أدخل في عمل مفتوح مثل العراق وأفغانستان. لن أطلق عملية جوية مطولة مثلما حدث في ليبيا وكوسوفو». وأضاف أنه في حال تمت الموافقة على ضربة عسكرية، «ستكون ضربة لتحقيق هدف واضح، وهو منع استخدام السلاح الكيماوي وتقليص قدرات الأسد». وبعد أن كان من الواضح أن إدارة أوباما لن تغزو سوريا مثل العراق وأفغانستان، كان الكثير من المحللين يتوقعون عملا عسكريا على غرار كوسوفو وليبيا، إلا أن أوباما أكد أن ذلك لن يحدث.

ووجه أوباما خطابه للشعب الأميركي في وقت تسارعت فيه التطورات الدبلوماسية حول مقترح بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية وتدميرها مقابل عدم توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، كرد على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية خارج دمشق 21 أغسطس (آب) الماضي.

واعتبر أوباما الوقت ما زال مبكرا لمعرفة ما إذا كانت الخطة الروسية لضمان أمن الأسلحة الكيميائية السورية يمكن أن تجنب هذا البلد ضربة عسكرية أميركية، لكنه تعهد بإعطاء الدبلوماسية فرصة مع إبقاء «الضغط» العسكري. وكان من الواضح أمس أن أوباما لم يحسم أمره فيما إذا كان سيوجه ضربة عسكرية للرد على استخدام السلاح الكيماوي.

وقدم أوباما في خطابه أوضح رد عرضه حتى الآن على هجوم بالأسلحة الكيميائية استهدف مدنيين الشهر الماضي في ريف دمشق، بعد عدة أيام من الدبلوماسية المترددة والرسائل المتناقضة التي صدرت عن إدارته. وقال متوجها إلى الأميركيين الذين أقر بأنهم سئموا الحملات العسكرية الدامية في الخارج، إنه لا يمكنهم الاكتفاء بتحويل أنظارهم فيما يجري قتل مدنيين وأطفال أبرياء بالغازات السامة في هجوم ألقى بمسؤوليته على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، سواء لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو بالمبادئ الأخلاقية. وأضاف: «إن مشاهد هذه المجزرة مثيرة للاشمئزاز: رجال، نساء وأطفال ممددون في صفوف، قتلوا بالغازات السامة، آخرون تخرج الرغوة من أفواههم يحاولون التقاط أنفاسهم، والد يحمل أطفاله القتلى ويتوسل إليهم أن ينهضوا ويسيروا».

وتعهد أوباما بإبقاء القوات الأميركية في مواقعها قبالة السواحل السورية لإبقاء الضغط على نظام الأسد فيما تتواصل المساعي الدبلوماسية.

وقد يكون هذا التحذير الحازم موجها أيضا إلى روسيا للتأكيد على أن الولايات المتحدة لن تقبل بتكتيك يهدف إلى المماطلة أو بدبلوماسية طويلة الأمد يعتبر البعض أنها ستكون نتيجة محتومة لمبادرة موسكو.

وتحدث أوباما بعدما عدل خطابه في اللحظة الأخيرة على ضوء الخطة الروسية المستجدة والقاضية بوضع ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية تحت إشراف دولي لإتلافها. وقال أوباما متوجها إلى الأميركيين من القاعة ذاتها التي أعلن منها لمواطنيه مقتل أسامة بن لادن في عملية نفذتها وحدة كوماندوز أميركية في مايو (أيار) 2011، إنه «من المبكر القول ما إذا كان هذا الطرح سيكلل بالنجاح، وعلى أي اتفاق أن يتحقق من التزام نظام الأسد بتعهداته». وتابع: «لكن هذه المبادرة يمكن أن تؤدي إلى إزالة خطر الأسلحة الكيميائية من دون اللجوء إلى القوة، خصوصا أن روسيا هي من أقوى حلفاء الأسد». وأكد أنه سيرسل وزير الخارجية جون كيري إلى جنيف لبحث المسألة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف غدا. كما تعهد بالعمل شخصيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تتسم علاقته معه بالفتور في ظل تراجع العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

والاقتراح الروسي في حال نجح سيمنح الرئيس فرصة للخروج من مأزق سياسي خطير يواجهه؛ إذ قد يضطر إلى إصدار أمر بشن ضربة عسكرية على سوريا من دون موافقة الكونغرس ولا تأييد الرأي العام الأميركي، ولا حتى دعم حلفاء أساسيين مثل بريطانيا والأمم المتحدة.