هل انتهى عهد الدولار القوي؟

TT

لندن ـ رويترز: استمر اقبال المستثمرين على شراء اصول مقومة بالدولار على مدى سبعة اعوام شهدت نشوب حرب وحالة من الكساد وتراجع اسعار الاسهم والاحتيال في حسابات شركات بل وحتى خلال ما يقرب من شهر استغرقه تحديد اسم الفائز في انتخابات الرئاسة الاميركية.

ويقود هذا الطرح السؤال التالي: لماذا تواجه العملة الاميركية بالرفض الان؟

يقول محللون ان الادوات الاستثمارية الاميركية فقدت بريقها وجاذبيتها لدى المستثمرين، اذ تبدو الاسهم باهظة الثمن بينما لا تبدو اسواق السندات التي اجتذبت اكبر حجم استثمارات في العام الماضي، في حال افضل في مواجهة ارتفاع اسعار الفائدة.

ويضيف محللون ان الولايات المتحدة لا يمكنها في ظل هذه الظروف ان تواصل جذب رأس المال لتمويل العجز الهائل في ميزانها للمعاملات الجارية الذي بلغ بالفعل 400 مليار دولار ويتسع يوميا.

وخلال الاسبوع الماضي نزل الدولار لأدنى مستوى له في ثلاثة اشهر ونصف شهر مقابل اليورو وأدنى مستوى في ثلاثة اشهر مقابل الاسترليني وأدنى مستوى في اربعة اشهر مقابل الفرنك السويسري والدولار الكندي واقل مستوى في 14 شهرا مقابل الدولارين الاسترالي والنيوزيلندي.

ولا يبدو غريبا ان يتغير حال العملة الاميركية في نفس الاسبوع الذي اعلنت فيه مجموعة «ايه. او. ال. تايم وارنر» الاعلامية العملاقة انها منيت بخسائر بلغت 54.2 مليار دولار في الربع الاول مما يعكس تراجع قيمة صفقة شراء «ايه. او. ال» لـ«تايم وارنر» بمبلغ 106 مليارات دولار.

وفي يناير (كانون الثاني) 2000 كانت هذه الصفقة القياسية رمزا لاعجاز الاقتصاد الاميركي، ولكن بعد اكثر من عامين هبط مؤشر داو جونز الصناعي 15 في المائة فيما يبدو النمو السريع لقطاع الانترنت الذي دفع المستثمرين لضخ الاموال في الولايات المتحدة، امرا عفا عليه الزمن.

ولم يتأثر صعود الدولار بانهيار بورصات الاسهم اذ حول المستثمرون اهتمامهم لأسواق السندات في عام 2001، كما ان خفض مجلس الاحتياطي الاتحاد (البنك المركزي الاميركي) اسعار الفائدة 11 مرة لأدنى مستوى في 40 عاما عند 1.75 في المائة، زاد من الاقبال عليها.

والان فان السندات فقدت جاذبيتها كملاذ امن فيما يتردد الحديث عن الانتعاش الاقتصادي العالمي على ألسنة الجميع، اضافة الى توقعات بأن يبدأ مجلس الاحتياطي الاتحادي في رفع اسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.

وقال ايان ستانارد محلل العملة في «بي. ان. بي. باريبا» ان «السؤال هو: هل ما زالت الأوعية الاستثمارية الاميركية مغرية كما كانت قبل عام؟».

وفي الشهر الماضي اوصى عدد من البنوك الاستثمارية عملاءهم بشراء اسهم اوروبية على حساب الاسهم الاميركية.

وقال ستانارد: لقد اخذ بالفعل الانتعاش في الولايات المتحدة في الحسبان لذا فان المستثمرين يبحثون عن القيمة في اماكن اخرى.

وقال محللون ان مجرد توقف المستثمرين عن ضخ اموال جديدة سيضر بالدولار، وان الامر لا يحتاج لبيع اصول اميركية، فسوف ينهار الدولار مع نمو حجم العجز في المعاملات الجارية.

وبدأ مسؤولون اوروبيون بصفة خاصة الحديث عن خطورة العجز في المعاملات الجارية في الولايات المتحدة.

ويوم الجمعة قال كلاوس ليبشر عضو مجلس البنك المركزي الاوروبي ان حجم العجز الكبير اثار قلق الناس، فيما دعا وزير المالية الفرنسي لوران فابيوس لاتخاذ اجراء ازاء ذلك. كما حذر الان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياطي ووليام ماكدونو رئيس مجلس الاحتياطي في نيويورك من ان نمو العجز لا يمكن ان يستمر لأجل غير مسمى. كما أبدى صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قلقهما.

وربطت الحكومة الاميركية بشكل محدد بين قرارها بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والعجز في المعاملات الجارية وبين قوة الدولار.

وفي الماضي تدخلت مجموعة السبع، اذ ادى القلق بشأن عجز ميزان المعاملات الجارية وما تلاه من اجراءت حمائية لاتفاق بلازا الشهير في عام 1985 وتدخلت المجموعة بمقتضاه، الى خفض سعر الدولار.

وقال جيرارد ليونز كبير الاقتصاديين في ستاندرد شارترد «توقعوا ان تلتزم السلطات الاميركية بسياستها الخاصة بقوة الدولار، ولكن هذه المرة قد لا يلقون آذانا صاغية من المستثمرين الدوليين».