مشروع قانون المناطق الاقتصادية يثير جدلا ساخنا في مصر وسط تحفظات على عدم تكافؤ الفرص للمستثمرين

مطالبات بنظام استثماري يحد من الروتين والبيروقراطية لدعم الإنتاج المحلي والتصدير

TT

تتناقض الرؤى حول قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، حتى داخل مجتمع رجال الاعمال المنطوين تحت عباءة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم نفسه، فشعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية التي يرأسها النائب محمد أبو العينين رئيس لجنة الاسكان بالبرلمان تتحفظ على المشروع، وترى أهمية تعميم ما فيه من تيسيرات، على جميع المستثمرين في ربوع البلاد، في الوقت ذاته يذهب أحمد عز، عضو الأمانة العامة للحزب الوطني ورئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان في تأييده للمشروع الى آخر الشوط، ويرى انه لا بد من منطقة قاطرة لعملية التصدير والتحديث التكنولوجي والاداري، على أن تعقبها بعد ذلك مناطق أخرى، والمعروف ان المنطقة التي سيطلقها المشروع هي منطقة شمال غربي خليج السويس، التي شارك الصينيون في مخططها العام، ويخايل واضعو المشروع المصري طوال الوقت، صورة المناطق الشبيهة في الصين ذاتها.

أما محمد فريد خميس رئيس لجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشورى فيميل الى معارضة المشروع بوضعه الراهن ويركز على انه ينبغي ان تكون للمنطقة أهداف تصديرية لا يجوز التحلل منها، كما يفصل بين المشروع كعمل فني، يقبل النقاش قبولا ورفضا، وبين المشروع كحالة لها بعد سياسي، ويقول: ان انعكاسات المنطقة الاقتصادية الخاصة على القضايا القومية الكبرى يجب أن تدرس ببالغ العناية. ويرى فريق رابع من الحزب الوطني ومن مراكز البحث شبه الليبرالية المرتبطة بالحكومة بشكل أو بآخر، ان العيب الجوهري في القانون هو انه سيحول مناخ الاستثمار في مصر الى فسيفساء فيه من كل طيف وسيوجد حالة من حالات عدم التكافؤ في المزايا والفرص والتسهيلات والاعفاءات، بين كل اللاعبين في السوق. ومع هذا الرأي تتفق قوى معارضة يمينية ويسارية، لكن الأخيرة تذهب الى حد رفض القانون مطلقا ولأسباب أخرى على اعتبار انه سيخلق دولة داخل الدولة ويخلخل كل تشريعات العمل والأجور والضرائب والجمارك والتقاضي والتحكيم التي يراد لها ان تستقر، وفي هذا الخضم يبرز صوت لديه حيثية مخالفة لكل ما تقدم، اذ يرحب بالقانون ولكن دون ان يرحب بصدوره، انه صوت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، اذ تشير الى ان من أهداف القانون الأساسية: جذب الاستثمارات الجديدة ذات التوجه التصديري والتي تتخذ من مصر قاعدة انتاجية تصديرية لها، وتلافي الكثير من الاجراءات الادارية التي تتسم بالبيروقراطية، وتعدد الأنظمة الاستثمارية أمام المستثمرين لاختيار النظام الذي يناسبهم ويتفق مع توجهاتهم وفكرهم.

وترى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ان مشروع قانون المناطق الاقتصادية الخاصة يجب ان يكون نموذجا ثالثا في قانون الاستثمار بحيث يصبح في مصر ثلاثة نماذج للاستثمار وهي: نظام الاستثمار الداخلي ونظام الاستثمار في المناطق الحرة ونظام الاستثمار في المناطق الاقتصادية ذات الصيغة الخاصة، وذلك بتعديل قانون الاستثمار وليس بعمل قانون جديد.

معروف ان من مزايا القانون كما يقول مقدموه انشاء وحدة واحدة للادارة وانشاء مركز لتسوية المنازعات داخل المنطقة الاقتصادية للتخفيف من حدة الروتين والبيروقراطية خاصة تلك التي ترتبط بالجمارك والضرائب والتغلب على بطء اجراءات التقاضي مما يؤدي الى توفير الوقت والجهد والمال للمستثمرين حتى يتفرغوا للعملية الانتاجية، واعطاء المفوض العام سلطات رئيس مجلس الوزراء مما يعد ميزة اضافية يتضمنها مشروع قانون المناطق الاقتصادية، وهذا يحقق أن تكون ادارة المنطقة ادارة مستقلة مما يمكنها من حل كل المشاكل والعقبات التي تعترض اللجوء الى جهات أخرى، وذلك كفيل بأن يعطي دفعا كبيرا لعملية الانتاج والتصدير داخل المنطقة الاقتصادية.

كما ان موقع المنطقة الاقتصادية شمال غربي خليج السويس يعتبر ميزة اضافية، بما هي منطقة تفرد ملاحي وجغرافي وتنموي.

وفي البرلمان يتوقع المراقبون ان تتحول المناقشات الى فنية بحتة في النهاية، اذا رأى نواب الاغلبية ان الحكومة مصممة على تمرير المشروع، وذلك عند بدء مناقشة القانون مع التركيز على ضرورة ربط المزايا المعطاة بالتوجه التصديري للمشروع للأسواق الخارجية وقدرته على توفير فرص عمل حقيقية، وكذا قدرته على نقل التكنولوجيا المتقدمة وحسن استخدام المورد والخامات المتاحة محليا.